خبير نفطي سعودي: اتفاقية «كيوتو» قد تضع عبئا غير متكافئ مع الإنتاج السعودي للنفط

TT

إذا كانت المملكة العربية السعودية تحتل موقع الصدارة في إنتاج النفط، فانه من الطبيعي توقع عدم الاهتمام بالبيئة من حيث كمية الغازات المنبعثة الى الجو، خصوصا مع انتشار استخدام الغازولين كوقود للسيارات. لكن محمد الصبّان، المستشار الاقتصادي في وزارة البترول والثروة المعدنية، يؤكد أن السعودية تأخذ القضايا المتعلقة بالبيئة بشكل جدي.

في هذا الصدد، قال الصبّان في مقابلة مع مجلة «سعودي ريفيو»: «نحن نبذل أقصى جهودنا لتحقيق حماية البيئة في العربية السعودية، ونحن نشارك في جميع المؤتمرات المعنية بمواضيع البيئة عالميا. وكبلد بدأ في عملية التصنيع حديثا، نحن نأخذ بنظر الاعتبار مسائل البيئة عند تخطيط وتنفيذ المنشآت الصناعية، وهذا ما جعلنا واحدة من أفضل الدول في ميدان حماية البيئة».

وكانت السعودية قد وقعت على اتفاقية كيوتو في سنة 1997، وتهدف هذه الاتفاقية إلى تقليص كميات الغاز المنبعثة إلى الجو، بنسبة 5،2 بالمائة سنويا، للوصول إلى مستوى سنة1990، بحلول سنة 2012، لكن المملكة السعودية نفذت ذلك مع قدر من التحفظ، بما يخص تكاليف تنفيذ إجراء كهذا. وأضاف الصبان في المقابلة أن «السعودية على استعداد للمشاركة في حماية البيئة عالميا، لكن اتفاقية كيوتو قد تضع عبئا غير متكافئ مع إنتاجنا، لتحديد درجة استهلاكنا للنفط. هناك انحياز قائم حاليا ضد النفط، من خلال فرض ضرائب عالية عليه، بالمقارنة مع الدعم المالي المقدم للفحم الحجري المنتج في العديد من البلدان. وإذا كانت السعودية قد تبنت اتفاقية كيوتو فان هناك بعض الفقرات التي تستوجب التنفيذ الكامل كي تحمى مصالحنا، فإزالة المعونات الحكومية للقطاعات الصناعية التي تنتج غازات مضرة بالبيئة، في بريطانيا وألمانيا على سبيل المثال، مسألة ضرورية، وإلا أصبح العبء يقع على النفط فقط».

وإذا كانت اتفاقية كيوتو قد رفضت من قبل الولايات المتحدة، بحجة أن البلدان النامية غير ملزمة بتنفيذ نفس الأهداف، وهذا ما سيجعل العبء الأكبر يقع عليها، فإن الاتفاقية قد وضعت أهدافا وجدولا زمنيا والتزامات معينة لكل بلد واقتصاد. فالولايات المتحدة بحاجة إلى قطع نسبة غازاتها المنبعثة بشكل كبير مع حلول سنة 2012، وبأخذ المستوى العالي من استهلاك الطاقة هناك، فسيكون على الولايات المتحدة أن تقطع نسبة الغازات المنبعثة بـ 35%. وهذا سيكون له تأثير كبير. فالولايات المتحدة لديها احتياطات كبيرة من الوقود الاحفوري، واتفاقية كيوتو بحاجة إلى اعادة هيكلة الاقتصاد الأميركي للوصول الى هدفها.

لذلك، تؤيد السعودية، البديل الأميركي لاتفاقية كيوتو، الذي طرح ضمن مخطط يهدف إلى التركيز على النمو الاقتصادي وفي الوقت نفسه تقليل التخريب الذي يلحق بالبيئة. وحسب هذا المخطط، يسمح بزيادة نسبة انبعاث الغازات طالما أن الاقتصاد في حالة نمو، وفق اجمالي الانتاج المحلي. ووفق هذا المخطط، يتوقع أن يتحقق تحسن في كثافة الغازات الممنبعثة الى الجو بنسبة 18% خلال العقد المقبل. ومع رفض الولايات المتحدة لاتفاقية كيوتو، تفكر بلدان أخرى بايجاد طرائق أخرى بديلة، انطلاقا من مبدأ اعتبار الحفاظ على نمو الاقتصاد شرط أساسي لحماية البيئة.

ضمن هذا السياق، قال الصبّان: «الولايات المتحدة تدعو إلى اتخاذ إجراءات طوعية لتخفيض نسبة الغازات المنبعثة، باستخدام حافز تقليل الضرائب. ووفق ذلك، يكون انقاص كثافة غاز ثاني أكسيد الكربون، محسوبة في وحدة واحدة من «إجمالي الإنتاج المحلي»، هو الهدف، وهذا لن يؤثر على نمو الاقتصاد الأميركي، بل سيكون موضوعا للمراجعة في سنة 2013، حيث ستؤخذ التطورات العلمية بنظر الاعتبار، إضافة إلى التوثق أكثر، من أن ارتفاع درجة الحرارة على الأرض متحقق حقا، وآنذاك لا بدّ للتطور سيخفض من درجة انبعاث الغازات. إنه حل أكثر واقعية، إذا اخذنا بنظر الاعتبار ظروف الاقتصاد الأميركي بنظر الاعتبار». ومع تعدد النظريات المتعلقة بأسباب ارتفاع درجة الحرارة فوق كوكب الأرض، أصبح ممكنا للعديد من الدول أن تتنصل من اتفاقية كيوتو. يقول الصبان، في هذا السياق: «لم يصدر المحلفون بعد حكمهم النهائي في هذه المسألة، على الرغم من الانطباع السائد على مستوى اللجنة المنسقة ما بين الحكومات للتغير الطقسيIPCC. فعلى الرغم من وجود نظريات كثيرة في هذا الحقل، لكن هذه اللجنة الدولية لا تأخذ بنظر الشكوك القائمة حول اسباب التغير الطقسي، بل هي تحاول اخفاءها عن الجمهور. لذلك نحن لا نستطيع ان نعرض اقتصادنا للخطر بغياب أي دليل علمي، فكل حادثة طقسية يعزى وقوعها إلى ارتفاع حرارة الأرض والنشاط البشري، وهذا شيء غير صحيح. فإذا كان ارتفاع درجة الحرارة يحدث، فهو بحاجة الى 50 ـ 100 سنة من الآن للتوثق من ثبات وقوعه، لذلك فمن الخطأ القول إننا نعاني من التحول المناخي الآن».

يجب القول إن الإدارة الأميركية مهتمة أكثر بحماية اقتصادها من قضايا البيئة، وتجلى ذلك، مؤخرا، في قرار الرئيس بوش بفرض ضرائب جمركية على الفولاذ المستورد من الاتحاد الأوروبي لحماية صناعة الفولاذ المحلية، ولذلك فهو غير مبال بتحدي الرأي العام العالمي، إذا كان ذلك يرضي المصالح وجماعات الضغط الأميركية. لكن محمد الصبان يرى هذا الموقف طبيعيا، إذ أن الاتحاد الأوروبي يتبع، من وجهة نظره، مصالحه الخاصة أكثر من الأهداف ذات الطابع العالمي.