لبنان: الحص ينتقد قرار الحكومة بتسييل سندات اليورو

TT

اثار اعلان رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، اول من امس في افتتاح مؤتمر اسواق المال العربية، عن تسييل 600 مليون دولار من سندات «اليوروبوندز» بقيمة مليار دولار مع التزامات بشراء نحو 350 مليون دولار في الاسبوعين المقبلين، ردود فعل مؤيدة ومعارضة في الوقت نفسه.

رئيس الحكومة اللبنانية السابق الدكتور سليم الحص قال: «طلع علينا المسؤولون بتباشير اكتتاب بعض الجهات الخارجية ببعض سندات الخزينة اللبنانية التي يملكها مصرف لبنان المركزي، وقيل ان ذلك تم بنتيجة اتصالات اجراها رئيس مجلس الوزراء في رحلاته الخارجية. واظهارا للحقيقة لا بد من الاشارة الى ان هذه الاموال لا تشكل اي زيادة على الاطلاق في الاحتياطات الصافية للدولة اللبنانية من العملات الاجنبية، اذ هي تزيد دين الدولة الى الخارج بالعملات الاجنبية بقدر ما تزيد موجودات الدولة من العملات الاجنبية ولا فرق في النتيجة الصافية بين ان تكون هذه السندات قد بيعت مباشرة من الخزينة اللبنانية او بواسطة مصرف لبنان».

علماً ان السندات المباعة ترتب على الدولة فائدة مرتفعة جداً بمعدل 10.25 في المائة، لم يسبق ان دفعت الدولة اللبنانية مثلها على اصداراتها الخارجية. هذا بالمقارنة مع معدل الفائدة الذي يدفع على الودائع بالدولار في السوق العالمية والذي يقل عن ثلاثة في المائة. وكنا نأمل في ان «توفق الدولة اللبنانية في الحصول على هبات من الخارج، اذ بغير ذلك لا يتحسن مركز لبنان الصافي بالعملات الاجنبية. ومن الطبيعي الا يدعم مصرف لبنان العملة الوطنية في السوق الا من احتياطاته الصافية. رأينا من واجبنا بيان هذا الواقع اظهاراً للحقيقة ودفعاً لأي استنتاجات خاطئة».

اما وزير المالية فؤاد السنيورة فقد شرح، في حديث ادلى به امس طرح الحريري وسلامة وقال: «هذا الاكتتاب ليس جديداً، اذ منذ شهرين اصدرت الدولة اللبنانية سندات خزينة بالدولار الاميركي بقيمة مليار دولار ولمدة 3 سنوات. واكتتب مصرف لبنان المركزي بكامل قيمة الاصدار واستخدمت حصيلة هذا الاكتتاب في تسديد سندات الخزينة بالليرة اللبنانية كانت موجودة في محفظة مصرف لبنان. كذلك عندما تم الاصدار آنذاك لم يكن هناك من دين جديد انما استبدال دين بالليرة الى آخر بالعملة الاجنبية لمدة اطول وبفائدة اقل».

واضاف السنيورة: خلال هذين الشهرين، ومن خلال الجهود التي بذلت من جانب المصرف المركزي ووزارة المال، وعلى رأسها جهود رئيس الوزراء، جرت عملية تسويق هذه السندات، كان آخرها هذا الاكتتاب الذي اعلنه حاكم مصرف لبنان، والذي يشير الى ان هناك مستثمرين من خارج لبنان اشتروا هذه السندات من محفظة مصرف لبنان، مما يعني تدفق رساميل اضافية او جديدة الى احتياط مصرف لبنان بالعملات الاجنبية. وهذا الامر يعبر عن ان هؤلاء المستثمرين يعبرون عن ثقتهم بالاقتصاد اللبناني والمالية العامة استناداً الى برنامج الحكومة القاضي بخفض الانفاق وزيادة الواردات وتعزيز النمو والانتاجية في الاقتصاد اللبناني، ومن خلال برنامج الدولة في عمليات الخصخصة.

وقال السنيورة رداً على سؤال: «علينا ان نقارن بين كلفة سندات الخزينة بالدولار الاميركي وكافة سندات الخزينة بالليرة اللبنانية. والبدائل المتاحة لنا هي، اما الاستدانة بالليرة اللبنانية لفترة اقصاها سنتان او الاستدانة بالدولار الاميركي لفترة ثلاث سنوات او اكثر. ان عملية الاقتراض هي لتمويل العجز والمعالجة الحقيقية ليست من خلال اعادة هيكلة الدين فقط وهي عملية ضرورية لتمديد آجال الدين وخفض تكلفتها، انما هي جملة من الاجراءات التي نقوم بها وينبغي ان نتابعها ونأخذها الى مراتب جديدة في اطار المعالجات الاقتصادية. اي ان لبنان يخطو الآن خطوات في المعالجة، وعلى سبيل المثال الخصخصة والتسنيد... لكن ينبغي ان يكون واضحاً لدينا جميعاً ان المعالجة الحقيقية تبدأ اساساً من لبنان وتأخذ هذه المسارات في اتجاه خفض الانفاق، ترشيق حجم الدولة، زيادة الانتاجية في القطاع العام، زيادة ايرادات الخزينة، وكيفية زيادة انتاجية الاقتصاد اللبناني وتنافسيته. هذه المسارات تؤدي الى الحلول التي لا تحصل في يوم وآخر، او الظن بان اجراء واحداً يمكن معالجة هذا الموضوع. هذه الاساليب نعتمدها لنستطيع خفض قيمة العجز تدريجياً والسير في عملية الاصلاح الهيكلي للاقتصاد اللبناني والمالية العامة».

من جهته رأى الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة «ان الاعلان عن تسييل سندات الاوروبوندز ليس له اي تأثير على الوضع الاقتصادي الراهن»، وقال: «ان الايجابية الوحيدة لهذا الاكتتاب، هي انه للمرة الاولى تباع سندات الخزينة الى الجمهور، اذ اجمالاً اعتمد لبنان منذ العام 1992 وحتى اليوم بيع سندات الخزينة الى المصارف الامر الذي شكل استثناء في تسويق سندات الخزينة».

وعن التأكيد على متانة وضع الليرة اللبنانية قال حبيقة: «ان المضاربة على الليرة اليوم هي عملية صعبة، لأن من يملك القدرة على المضاربة يحجم عن ذلك، لأن لا مصلحة له فيها. ومن جهة اخرى، ان الودائع بالعملة الوطنية ضئيلة جداً. وهي تتراوح بين 24 و28 في المائة تقريباً. في ضوء ذلك، تستطيع الدولة الدفاع عن قرارها تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية وهي قادرة على حمايته من دون ان يفشل احد سياستها هذه.

واضاف: «انا لا اوافق تشبيه لبنان بتايلاند والبرازيل والارجنتين، اذ في هذه البلدان نشأت مضاربات قوية ضد العملات الوطنية وعلى مستوى مرتفع جداً. انما في لبنان لا يوجد مضاربون على الليرة بهذا الحجم لضربها، اذ ان السوق اللبنانية محدودة ولا تشجع على المضاربة. من هنا، لا ارى خطورة على الليرة اللبنانية لجهة سعر الصرف.