وزير المالية الفلسطيني الجديد يأمل باستعادة ثقة المانحين

TT

حين انهى الدكتور سلام فياض تحصيله العملي في احدى الجامعات الاميركية منتصف الثمانينات عاد للعمل في جامعة اليرموك الاردنية. ولم يكن فياض «الاكاديمي» في تلك الفترة استاذا جامعيا بالمعنى التقليدي بل كان استاذا جامعيا استثنائيا يقترب كثيرا من طلبته ويلغي المسافة التقليدية بين الطالب والمدرس، وكان يدهش طلبته بسهولة الحديث معه وسهولة التواصل معه سواء في مكتبه الصغير المتواضع او في احدى ممرات كلية الاقتصاد في جامعة اليرموك حيث كان يفترش الارض في احيان كثيرة للحديث مع طلبته دون اي تكليف.

الا أن فياض لم يكن راضيا في تلك الفترة عن المستوى الاكاديمي للطلاب، لا سيما انه كان متخصصا في النظرية النقدية التي قدم فيها اسهامات علمية من خلال اطروحة الدكتوراه التي قدمها في الولايات المتحدة، وبعد ان قضى نحو ثلاثة فصول دراسية في جامعة اليرموك ودع طلاب الكلية استاذهم الزائر الذي كان يفترض ان يكمل معهم مسيرتهم العملية. ترك سلام فياض جامعة اليرموك مخلفا اصداء اكاديمية ايجابية نظرا للذكاء الحاد الذي كان يتمتع به واللغة الانجليزية التي كان يجيدها بطلاقة لينضم الى صندوق النقد الدولي الذي يعتبر من ابرز المواقع التي يمكن ان يشغلها الاقتصاديون الطامحون في مواصلة حياتهم المهنية، وبات فياض احد موظفي الهيئة الدولية وتخصص من هناك باقتصاديات منطقة الشرق الاوسط وبشكل خاص الاقتصاد الفلسطيني.

وبعد عدة سنوات قضاها فياض في واشنطن حيث مقر صندوق النقد الدولي عين ممثلا مقيما للصندوق في المناطق الفلسطينية المحتلة مشرفا ومنسقا للسياسات المالية والنقدية لمدة سبع سنوات . وكان اخر منصب تقلده فياض قبل تعيينه وزيرا هو منصب المدير الاقليمي للبنك العربي بعد ان كان فياض قد ترك صندوق النقد الدولي. وخلال عمله كمستشار لوزارة المالية الفلسطينية، عمل فياض على وضع خطط لاعادة هيكلة المالية العامة الفلسطينية تجاه تعزيز مبدأ الشفافية وترشيد الانفاق العام، كذلك ركزت خطة فياض المالية على ضرورة الغاء الاحتكارات التي تتمتع بها بعض الجهات التابعة للسلطة الفلسطينية تعزيزا لمبدأ الشفافية والتنافسية وبهدف الحد من استغلال تلك الاحتكارات من قبل البعض المتنفذ. ورغم ان اجراءات من هذا النوع لا يتوقع ان تجد صدى لدى المتنفعين منها، الا ان فياض الذي يرى بتعزيز آليات السوق وقصر الدور الحكومي على الدور الرقابي والتشريعي يتوقع ان يستمر في هذا النهج من الادارة الاقتصادية. كذلك يعتبر تقليص القطاع العام والبطالة وغيرها من المسائل الملحة من ابرز الملفات الكثيرة التي سيتعامل معها فياض. ولا يختلف اثنان على مهنية وحرافة سلام فياض لشغل منصب وزير المالية، الا ان المخاوف السياسية التي ترافقت وتعيينه والتي تشير الى ان الرئيس الفلسطيني خضع لضغوط خارجية لتعيين وزير مالية بيروقراطي اكثر منه سياسي يمكن ان تعيقه من اداء مهامه، على ان الامل يبقى معقودا على فياض الذي يعرف جيدا دهاليز المنظمات الدولية من خلال خبرته العملية من ان يتمكن من ممارسة دور حلقة الوصل الايجابية بين الدائنين الدوليين من جهة وبين السلطة الفلسطينية التي تعاني من تراجع في مصداقيتها المالية مع بعض الدول المانحة من جهة اخرى.