وزير الصناعة والتجارة المغربي: إزالة الحواجز الجمركية بين دول المغرب سينمي المبادلات التجارية بنسبة80 في المائة

مصطفي المنصوري:إغلاق الحدود المغربية ـ الجزائرية الحق ضررا اقتصاديا بالمنطقة والتنسيق الاقتصادي مع تونس سيرفع التبادل التجاري لمليار دولار في 2007

TT

أكد مصطفى المنصوري وزير الصناعة والتجارة والطاقة والمعادن المغربي أن البلدان المغاربية تؤدي ثمنا باهظا بسبب حالة الحدود المغلقة بين المغرب والجزائر منذ ثماني سنوات، وبسبب عدم تسهيل المبادلات التجارية في ما بين البلدان المغاربية، مشيرا الى أنه في غياب الاندماج المغاربي فان بعض الدول المغاربية تقتني منتوجات دول مغاربية أخرى عبر منطقة ثالثة ( أوروربا في جل الأحيان) بتكلفة باهظة جدا. وتوقع المنصوري في حديث لـ«الشرق الأوسط» وذلك في ختام أعمال اللجنة العليا المشتركة المغربية التونسية التي التأمت أخيرا بتونس، أن تناهز المبادلات التجارية بين البلدين مليار دولار أميركي سنة 2007 باكتمال قيام منطقة التبادل الحرة، وأعلن أن حكومتي البلدين قررتا انشاء فريق تدخل سريع مهمته ازالة العقبات والمشاكل الآنية التي تعوق انسياب المبادلات، واعتبر المنصوري أنه وبخلاف ما يقال عن وجود منافسة شرسة بين المغرب وتونس فان مستقبلهما في التنسيق والتكامل الذي تتحقق في ظله تكلفة أقل ومردودية أكبر للبلدين.

* ما هي التدابير التي اتخذتموها خلال أعمال اللجنة العليا المشتركة المغربية ـ التونسية، في سبيل ازالة العقبات التي ما تزال تحول دون انسياب المبادلات المتواضعة حاليا بين البلدين؟

ـ ان العلاقات المغربية ـ التونسية جيدة جدا رغم أننا نلاحظ أن نسبة نمو المبادلات التجارية والاقتصادية لم ترتفع الى المستوى الذي كنا نتوقعه.

* ما هي قيمتها حاليا، وما هي الأهداف المرسومة لها؟

لا تتجاوز المبادلات التجارية حاليا قيمة 50 مليون دولار من كل جانب (أي اجمالي 100 مليون دولار)، أما الهدف الذي رسمناه فيتمثل في بلوغ قيمة مليار دولار من الجانبين سنة 2007 في أقصى تقدير أي بقيام منطقة التبادل الحرة.

* لكن ما السبيل لتحقيق هذا الهدف في ظل تعدد الحواجز أمام المبادلات؟

ـ عندما نقوم بتقييم لعلاقاتنا نلاحظ وجود عدة حواجز جمركية وغير جمركية تحول دون انسياب المبادلات، وخلال مناقشاتنا في اطار اللجنة العليا المشتركة حاولنا تحديد بعض العوائق والمشاكل التي تعوق المبادلات، وشملت محادثاتنا تدابير لتسريع وتيرة تفكيك الحواجز الجمركية.

* هل تأثرت علاقات بلادكم التجارية والاقتصادية مع الدول المغاربية منذ اغلاق الحدود الجزائرية ـ المغربية سنة 1994؟

ـ فعلا نلاحظ أن حالة اغلاق الحدود بين البلدين الشقيقين المغرب والجزائر، لها تأثير كبير جدا على المبادلات المغاربية بشكل عام، فاجمالي مبادلاتنا التجارية مع دول المغرب العربي ناهزت 450 مليون دولار أميركي فقط. وقد شهدت مبادلاتنا مع الدول المغاربية اثر اغلاق الحدود بين البلدين، تراجعا بمعدل 23 في المائة سنة 1997 مقارنة مع قيمة المبادلات التي كانت لدينا مع الدول المغاربية سنتي 1995 و1996، وكان معدل التراجع 34 في المائة سنة 1998، لتستأنف هذه المبادلات نموها في السنوات الثلاث الأخيرة، لتبلغ في نهاية العام الماضي قيمتها المسجلة سنة 1996 أي حوالي 450 مليون دولار أميركي.

ونعتقد أن الحالة غير الطبيعية التي توجد عليها اليوم حدود البلدين تنعكس سلبا على اقتصاديات بلداننا، علما أن هنالك مجالات كبيرة جدا يمكننا أن نطور التعاون في ما بيننا فيها، وخصوصا ميادين الطاقة والمعادن والزراعة. واعتقد أن التأثيرات السلبية لاغلاق الحدود الجزائرية ـ المغربية، لا تقتصر على المبادلات التجارية والميادين الاقتصادية، بل تشمل حتى المبادلات الثقافية والعلمية والبشرية.

* هل هنالك اتجاه لتقليص الفترة التي تفصلكم حاليا عن اقامة منطقة التبادل الحرة، والتي يقترح رجال الأعمال في البلدين أن تكون سنة 2005 بدل سنة 2007؟

ـ هناك هدف مشترك لسنة 2007 ويتمثل في بلوغ نسبة الصفر من الرسوم الجمركية، وخلال اجتماعات اللجان المشتركة اقترحنا من الجانب المغربي تسريع وتيرة تفكيك الحواجز لتبلغ هدفها في سنة 2005 أي تحقيق نسبة صفر من الرسوم الجمركية. وهو هدف تشترك في العمل من أجله حاليا أربع دول عربية متوسطية وهي المغرب وتونس ومصر والأردن، التي وقعت على اعلان أغادير لانشاء منطقة تبادل حرة في جنوب المتوسط، وهنالك مفاوضات بين الدول الأربع وقد توصلنا في هذا الصدد الى نتائج جد مشجعة.

* ما هي المستويات التى شملتها المفاوضات ومتى ستعلن رسميا نتائجها ؟

ـ ستعرض النتائج أولا على رؤساء الدول الأربع لاتخاذ القرار السياسي اللازم بشأنها. وقد شملت المفاوضات مبادلاتنا التجارية والصناعية والاقتصادية.

* هناك من يعتقد بأن العلاقات الاقتصادية والتجارية المغربية التونسية محكوم عليها بالمنافسة وأحيانا التضارب بين المصالح، بسبب تشابه البنيات الاقتصادية والقطاعات التصديرية؟

ـ أنا شخصيا لا أعتقد بأن هناك منافسة بين المغرب وتونس، وبالعكس فهنالك عدة قطاعات يمكن أن يكون فيها تكامل وتوفيق كبيران، فمثلا قطاعات الطاقة هناك تعاون وتبادل بين البلدين في هذا المجال، سيما أن تونس لها باع في ميدان الطاقة بينما يعاني المغرب من العجز. وفي ميدان الفوسفات الذي ينتجه البلدان ويجري بصدده تنسيق محكم بين المؤسستين المنتجتين للفوسفات، وهنالك تبادل فيما يخص بعض المنتجات (المشتقة) التي تنتجها تونس ولا ينتجها المغرب. واعتقد أنه اذا تحقق التنسيق المحكم بين السياسات الاقتصادية التي ينتهجها البلدان، فسيكون تكامل فيما بينهما ويحقق نتائج أفضل، لأن التكلفة ستكون أقل والمردودية أكبر للبلدين. وأبعد من ذلك فهنالك قطاعات يجري بصددها تنسيق دوري بيننا مثل قطاعات النسيج والصناعة، وذلك فيما يتعلق بالأسواق التي نصدٌر اليها، من خلال تبادل المعلومات بين وزارتينا وتنسيق المواقف في ما بيننا، وذلك في سياق التعاون والتكامل بين البلدين، ويسير هذا النهج ضد ما يقال عن وجود منافسة شرسة بين تونس والمغرب.

* وما هي الميادين التي تتوقعون أن تشهد تعاوناً أكبر فيها مستقبلا؟

ـ هنالك ميادين عديدة ضمنها السياحة التي شهدت تطورا مهما في تونس، ولا نعتقد بوجود منافسة مغربية تونسية في هذا القطاع، بل العكس يمكن أن يتم تنسيق سياسة البلدين السياحية من أجل ان تكون سياحة ثلاثية في المنطقة المغاربية، بحكم القرب اذ لا تتجاوز الرحلة جوا بين البلدين ساعتين من الزمن، بينما تستغرق الرحلة بين بعض المدن الأميركية ثماني ساعات. وأعتقد أنه رغم ما يقال عن المنافسة بين البلدين، فان التكامل بينهما وارد اذا ما تم التنسيق.

* وإلى أي حد يحقق التنسيق بين الحكومتين نتائجه في ظل تنافس القطاع الخاص بالبلدين؟

ـ أعني بتنسيق السياسات الاقتصادية والتجارية لحكومتي البلدين بما يشمل القطاعين العام والخاص في البلدين، بهدف خلق صناعات متكاملة وليس متضاربة.

* وهل استجابت حكومتا البلدين لاقتراح رجال الأعمال المغاربة والتونسيين بتشكيل لجنة مشتركة رباعية تضم حكومتي البلدين وهيئتي رجال الأعمال، بدل أن تكون لجنة مشتركة بين الحكومتين وحسب؟

ـ ما زلنا لم نتوصل بعد لاتفاق حول هذه الصيغة، وهنالك صيغتان في الحقيقة، فقد توصلنا للاتفاق بين الحكومتين حول احداث فريق للتدخل السريع، وهو أمر جديد يهدف لرفع كل المشاكل التي يمكن أن تطفو في ما يخص مبادلات البلدين التجارية، وهنالك فريق في وزارتي التجارة والصناعة بالبلدين، يعمل للتدخل السريع في حالة وقوع مشاكل آنية. ونتمنى أن نتوصل في المستقبل لاحداث لجنة مشتركة رباعية بمشاركة الحكومتين والقطاع الخاص بالبلدين، من أجل اعطاء دفعة قوية أكثر للمبادلات التجارية المغربية التونسية.

* ما هي انتظاراتكم الاقتصادية في ظل تعثر الاتحاد المغاربي؟

ـ نحن نصبو الى أن ترفع الحواجز في أقرب الآجال من أجل تصفية الأجواء بين الدولتين المغرب والجزائر، ونتمنى أن تتمكن القمة المغاربية من الالتئام في ظروف ملائمة، كي تتمكن من تقديم حلول ناجعة للمشاكل القائمة من أجل اعطاء انطلاقة جديدة للعلاقات الاقتصادية والتجارية المغاربية.

* هل تعتقدون أن مقاربة تطوير المصالح والمبادلات الاقتصادية بامكانها تحسين العلاقات السياسية بين المغرب والجزائر، وفي ما بين الدول المغاربية بصفة عامة، أم العكس؟

ـ نحن نعتبر أن كل ما يدفع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في كل البلدان المغاربية، من شأنه أن يدفع نحو الاندماج والوحدة بينها، ويدفع نحو تحقيق الازدهار والانسجام والتكامل بينها في جميع الميادين. ان الضعف الكبير في المبادلات التجارية بين الدول المغاربية، يجعلنا نأسف بل نتشاءم ازاء أوضاع بلداننا ومستقبلها، سيما أن دولا أخرى كدول الاتحاد الأوروبي لدينا معها مبادلات عالية جدا تبلغ معدلاتها 80 في المائة في بعض الأحيان، ومن اللازم أن نلفت النظر الى التكلفة الباهظة جدا التي تؤديها دول المغرب العربي بسبب عدم تسهيل العلاقات المغاربية، وهنالك منتوجات مغاربية تستورد من دول أخرى لتعود للدول المغاربية، وهو ما يؤشر الى وجود تكلفة مضاعفة، بسبب غياب التعاون الجدي بين الدول المغاربية.

* واعتقد شخصيا أن التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والتكنولوجي بين الدول المغاربية، يشكل الوسيلة الوحيدة للتقارب والتكامل ثم الوحدة فيما بينها.

ـ الى أي حد تسير وتيرة تكيف أداء اقتصاديات الدول المغاربية بانسجام في أفق اندماجها في المنطقة الأوروبية المتوسطية للتبادل الحر؟ هنالك تنسيق كبير في هذا الميدان بين المغرب وتونس، من خلال التفاهم وتنسيق المواقف بين البلدين في كل المنتديات مع أوروبا. وبالنسبة للتنسيق مع الجزائر التي وقعت أخيرا اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي، فان التنسيق ما يزال لحد الآن غير مكثف، ولكننا في غالب الأحيان سنصل الى نقطة تطبق فيها كل الاتفاقيات وقوانين التجارة الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، على كل الدول التي وقعت هذه الاتفاقيات، وفي أفق 2012 الى 2015 سنكون قد طبقنا قواعد المنطقة التجارية الحرة في ما بيننا رغما عن أنوفنا، وسيكون تنفيذ مقتضيات التجارة الحرة في ما بيننا قد جاء من بروكسل وليس من عواصمنا، وحقيقة هذا أمر يدعو للشعور بالعار الكبير فعلا أن يسجل علينا في التاريخ أن بروكسل هي التي وحدت تجارتنا واقتصادياتنا وأن ذلك ليس نابعا من قرارنا نحن.

سيجري العمل بالاتفاقيات والقوانين التي وقعنا عليها، وفي أفق انفتاح المنطقة الحرة ستطبق مقتضياتها على المغرب وتونس والجزائر وعلى كافة الدول الموقعة، وهو مع الأسف أفق يسجل علينا خجلنا في تدعيم تعاوننا البيني، وسيكون غالبا له تأثير سلبي على مؤسساتنا الاقتصادية المغاربية وقدراتها التنافسية مع المؤسسات الأوروبية.

* وأين وصلت مشاوراتكم مع الجزائريين حول مشاريع الطاقة التي سبق أن أعلنت الجزائر أنها اقترحتها عليكم؟ ـ هنالك مشاريع اقترحها علينا الأخ شكيب خليل وزير الطاقة الجزائري ويتعلق الأمر بمشاريع تعاون وانشاء مؤسسات مشتركة بين البلدين بهدف تدعيم التعاون في ميدان الطاقة، ونحن ندرس هذه الاقتراحات التي تشمل الغاز والبترول والبحث المعدني، وننتظر أيضا تفعيل الاتحاد المغاربي كي يشكل انطلاقة جديدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين والبلدان المغاربية بشكل عام.

=