انتعاش قرصنة برامج الكومبيوتر في أسواق الخليج رغم صرامة إجراءات الحماية الفكرية

بيانات تؤكد بأن 67 % من السلع المباعة غير المرخصة تم تداولها في دول التعاون

TT

دبي ـ رويترز: من يرغب في شراء افلام او اسطوانات موسيقية او برامج كومبيوتر رخيصة فعليه ان يتوجه الى اسواق الخليج حيث تتوافر السلع غير المرخصة رغم اتخاذ اجراءات صارمة للحد من القرصنة على مستوى المنطقة.

كل ما يتعين على المرء ان يفعله في مدينة كالكويت مثلا هو التجول في متجر للسلع المميزة حيث يمكنه الاختيار بين عدة سلع غير مرخصة في جو مريح مكيف. وفي مدينة دبي المجاورة التي تعد مركزا لتكنولوجيا المعلومات في الخليج يمكن لمن يتجول في الشوارع ان يقتنص نسخا من الافلام المعروضة الان في هوليوود ومنتجات وادي السليكون في الولايات المتحدة في اسواق مزدحمة. ورغم ان السلع غير المرخصة ليست متاحة في الخليج بالقدر نفسه من السهولة كما هي في سنغافورة او ماليزيا الا انها تظل منتشرة على نطاق واسع بين كثيرين في هذه المنطقة الغنية بالنفط لا يفكرون حتى في شراء سلع اصلية اغلى ثمنا. وطبقا لبيانات اتحاد منتجي برامج الكومبيوتر وهو منظمة لمراقبة القرصنة على برامج الكومبيوتر فان نحو 67 بالمائة من جميع البرامج المباعة في منطقة الخليج في العام الماضي غير مرخصة وهي نسبة كبيرة مقارنة بالولايات المتحدة وبريطانيا حيث تقل النسبة عن 30 بالمائة.

وادخلت جميع الحكومات في المنطقة اجراءات لحماية حقوق الملكية الفكرية والحد من القرصنة تحت الحاح اتحاد منتجي برامج الكومبيوتر وغيره من هيئات الرقابة المماثلة لكن جهودها المشتركة بعيدة جدا عن تحقيق اهدافها.

ورغم القواعد التي تحظر انتهاك حقوق الطبع وتعاقبها لا ينظر الى القرصنة على نطاق واسع باعتبارها جريمة حتى من جانب هيئات تنفيذ القانون في الخليج. ويوضح اتحاد منتجي برامج الكومبيوتر ان سهولة الوصول الى المنتجات غير المرخصة وباسعار اقل بكثير تجعل من الصعب للغاية تطبيق اي اجراءات لمحاربة القرصنة في منطقة تعج بغرباء حريصين على ادخار اجورهم الذين يحصلون عليها بالكد. لكن الاتحاد يقول ان معركته الاكبر هي توعية العملاء بمزايا النسخ الاصلية على النسخ المقلدة التي ينتجها تجار غير قانونيين.

وفي هذا الصدد يؤكد جواد الرضا مدير اتحاد منتجي برامج الكومبيوتر في الشرق الاوسط ان الطريق لا يزال طويلا وان هناك حاجة لمزيد من حملات التوعية وتحديث القوانين. لكن ميزة المنتجات غير المرخصة تترجم الى نقود في جيوب الزبائن.

قال سوري يعيش في دبي «لا خطأ في شراء برنامج كومبيوتر غير مرخص لانني ادفع مبلغا معقولا. واذا لم يكن سعره منخفضا فلن اتمكن من شراء اي منها». وفي كثير من دول الخليج مثل الكويت يقول الزبائن ان الطلب المرتفع على برامج الكومبيوتر غير المرخصة يعني انها متاحة دائما ومحدثة خلافا للمنتجات المرخصة التي يجب ان يحضرها وكلاء معينون.

والوضع ليس افضل في السعودية، اكبر سوق لبرامج الكومبيوتر في الشرق الاوسط، حيث يتوافر الكثير من السلع غير المرخصة في كثير من الاسواق رغم حملة يقول اتحاد منتجي البرامج انها ادت الى اكبر تراجع في معدلات القرصنة في المنطقة في عام 2001 وتعد عمان والبحرين وقطر اسوأ امثلة لمعدلات القرصنة التي تتراوح حول 77 بالمائة في المتوسط. قال دبلوماسي «يستفيد اصحاب النفوذ من هذا النشاط في بعض الحالات. يمكن ان يكون ذلك عقبة كبيرة امام السلطات في هذه المنطقة». والمشكلة الاخرى التي تواجه محاربي القرصنة تتمثل في العدد الكبير من تجار برامج الكومبيوتر غير المرخصة الذين تمتلئ بهم المنطقة. فالعمال الوافدون الذين يحصلون على اجور رخيصة خصوصا القادمين من شبه القارة الهندية وافغانستان ينجذبون بسهولة الى صناعة البرامج غير المرخصة المربحة. وعندما تعتقل الشرطة احد الباعة يحل عدد اكبر محله. ويعتقد فاضل الذي القي القبض على شريكه الافغاني في دبي ان اجراءات مكافحة القرصنة غير عادلة. ويبيع فاضل نسخ «سبايدرمان» مقابل عشرة دراهم (3.67 دولار) للنسخة الواحدة.

وتساءل وهو يتلفت بعد ان فر للتو من حملة جديدة للشرطة: ندفع لشراء هذه الاسطوانات ونبيعها. هذه تجارة شريفة. لماذا يقبضون علينا. ويبيع اخرون كثيرون برامج والعاب الكومبيوتر والافلام غير المرخصة بالتجول وطرق ابواب المنازل لتجنب دوريات مكافحة القرصنة الصارمة في الامارات. وطريقتهم في التسويق تعتمد على اقناع الزبائن المتوقعين الذين تتاح لهم فرصة اختبار المنتج قبل شرائه. وقال هندي يعمل في شركة لتجارة الالكترونيات في الامارات: «من الصعب المقاومة. يأتون الى باب بيتك بما تريد وباسعار ارخص». والمهمة التي تواجهها حكومات دول الخليج واتحاد منتجي البرامج لا تزال مروعة والقفزات التكنولوجية في المنطقة لا تجعلها اكثر سهولة. ويقول الخبراء ان تقديم خدمات الانترنت في الخليج يعرقل اجراءات مكافحة القرصنة لان تجار النسخ غير المرخصة يعملون من خلال الانترنت.

وقال احد المسؤولين عن صناعة برامج الكومبيوتر «هناك عدد كبير من الشركات التي تروج لبرامج كومبيوتر غير مرخصة من خلال الانترنت. ويسهل من خلال خط اشتراك رقمي تحميل برامج كبيرة في دقائق قليلة. ومن العقبات الاخرى امام الصناعة المواقع العربية التي تقدم برامج تقدر بآلاف الدولارات مجانا ومن الصعب بوجه خاص رصدها والقضاء عليها».