سعوديان يحولان تجارة رائجة على الرصيف إلى مشروع استثماري

ماجد أبا الخيل وعبد الله الرميزان يطوران صناعة السواك باستثمار بلغ 133 ألف دولار

TT

حول شابان سعوديان، تجارة شعبية رائجة على الرصيف، الى مشروع استثماري ينتظر له تحقيق مكاسب مشجعة، عبر توسيع الاستفادة من خصائص شجرة (الاراك) ويجري استخدام اعوادها كمقابل لفرشاة الاسنان، تسمى اعواد السواك.

واستثمر ماجد بن محمد ابا الخيل وشريكه عبد الله بن محمد الرميزان مبلغ 500 الف ريال (اكثر من 133 الف دولار) في شركة «معمل سواك المسلم» ليتعدى مجال الشركة مرحلة قطع وتنظيف اعواد السواك، الى انتاج معاجين للاسنان، ومحلول (المضمضة) وتسويقها في السعودية والخليج وغيرها.

وحتى سنوات قليلة كانت تجارة السواك، التي يقدر حجمها في حدود 23 مليون ريال (6 ملايين دولار) سنويا، تعتمد كليا على باعة امتهنوا عملية تسويقها من خلال فرش بساط من الحصير، ونثر حصيلتهم من الاعواد يغطي معظمها قماشة (الخيش) المبللة بالماء ـ للحفاظ عليه من الجفاف ـ، حيث تجد اقبالا منقطع النظير من زوار الاراضي المقدسة من الخليجيين، وعرب ومسلمين يعرفون احاديث نبوية تشيد وتحث على السواك.

ويباع العود الواحد من السواك بقيمة تبدأ من ريالين للاعواد المقطوعة من الاغصان، وتصل حتى 10 ريالات للاصناف الجيدة المنزوعة من الجذور. تجدر الاشارة، الى ان مهنة بيع السواك التي تكاد لا تشاهد في غير السعودية، تواجه معركة البقاء امام آلة وامكانات فرق التسويق في الشركات الجديدة.

وفي جولة ميدانية لـ«الشرق الأوسط» قال البائع ضيف الله بن مهدي انه غير مبال بما يهدد مستقبل المهنة «فهي لا تدر على الباعة سوى قوت يومهم، والمشقة» حسب تعبيره. وكشف عن تفاصيل تشير الى انه منذ عقدين تخلت نساء الباعة واطفالهم عن مهمة قطع اغصان شجرة الاراك عبر صعود الجبال المحاذية للأودية، للوافدين من العمالة، وبالذات رعاة الماشية بالاتفاق مع رب العمل الذي يتولى (صنعة) تنظيفها، وبسطها مباشرة على الارصفة.

في حين اصر باعة آخرون على ان لديهم القدرة على الصمود الى دورة زمنية مقبلة تتجاوز العشر سنوات، بسبب احتفاظ ذاكرة كثير من مستخدمي السواك بطقوس اعداد وبيع اعواد السواك.

من جانبه، صادق طب الاسنان الحديث على القيمة الطبية العالية للخصائص الطبيعية التي يحتويها سواك شجرة الاراك من خلال ابحاث موسعة تبنتها جامعات اوروبية، واميركية، وكذلك مراكز البحث في جامعات خليجية. على سبيل المثال توصلت جامعة مينيسوتا الاميركية الى ان الاشخاص الذين يعتمدون في تنظيف اسنانهم على اعواد الاراك اكثر صحة من اقرانهم الذين يستخدمون الفرشاة العادية ومعاجين الاسنان.

وتوصل اخصائيون في طب الاسنان الى ان السواك يحتوي على فائدتين مهمتين، الى جانب مادة الفينول، الاولى احتواؤه على مادة قابضة معروفة باسم (حمض التنيك) تدخل في علاج كثير من امراض اللثة، وتصنف كمطهر للاسنان ومانعة لنزيف الدم، ومعتمدة في تركيبات ادوية طبية للفم، منها مواد طبية تستخدم في عمليات خلع الاسنان وعلاج التهاباتها.

والفائدة الثانية، ان السواك علاج طبيعي لأنسجة الفم، ومنشط للدورة الدموية، ومسيل للعاب مما يساعد في سريان مفعول الاراك ويسجل لأعواد الاراك رائحتها العطرة.

وتنتشر شجرة الاراك على مساحات عريضة من الاراضي السعودية والمصرية وشرق الهند ومعظم المناطق الاستوائية، والسودان والهند، واكتشف المهتمون بشجرة الاراك ان معظم دول العالم تنبت فيها وان بكميات محدودة.

ويعتبر مشجعو نظافة الاسنان بالسواك، انه ما زال الافضل، رغم تقدم الطب وكثرة المعاجين وتنوع اصناف الفرشاة.

ولكن الصورة عن اعواد السواك ليست دائما زاهية، فهذه الاعواد مهددة بالجفاف خلال ايام، ما لم يحافظ على رطوبتها بطريقة تعد معقدة في عصر السرعة.

كما ان الاطباء والمختصين اكتشفوا ان هناك من يستخدم اعواد السواك في تنظيف الاسنان بطريقة ضارة تتسبب في جرح الاسنان من الداخل وفصل اللثة عن مكانها ايضا. لذلك فان الطريقة الصحيحة للحصول على نتائج مرضية هي في التسوك من اللثة الى الاسنان بهدوء، وفي الفك الاسفل يتسوك من الاسفل الى الاعلى.

وستنتج الشركة الجديدة اعواد السواك في غلاف بلاستيكي يحافظ على معدل الرطوبة الصحي، وبذلك ستنافس تجارة عمرها مئات السنين عاشت وفق نمط تسويقي واحد، وترى حزمة الاعواد مبسوطة على ارصفة قريبة من الاسواق التجارية، وتزدهر كثيرا على جنبات الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة.