عودة رؤوس الأموال وانخفاض الفوائد البنكية وراء انتعاش سوق العقار في السعودية

الاقتصادي ناصر الصالح: قنوات الاستثمار في السعودية غير متطورة لذلك وتبقى العقارات أفضل الاستثمارات المتاحة

TT

يتوقع ان يشهد قطاع العقارات بالمنطقة الشرقية خلال الفترة الحالية ارتفاعاً ملحوظاً، خاصة بعد انتهاء اجازة الصيف والتى عادة ما تشهد ركوداً نسبياً لهذا القطاع الحيوي، واكدت مصادر عاملة في سوق العقار لــ«الشرق الأوسط» ان المنطقة الشرقية ستشهد خلال الفترة القادمة حركة تداول كبيرة تتمثل في طرح عدد من المخططات السكنية والتجارية في كل من الدمام والخبر والاحساء والقطيف والجبيل يتوقع ان يتخطى حجم تعاملاتها حاجز مليـــاري ريال (533 مليون دولار).

وتشير تقارير حديثة إلى ان هناك ارتفاعا في تداول الاسهم العقارية بالمنطقة، قدرها المختصون باكثر من 15%، وهذا مؤشر الى ان الحركة العقارية عاودت نشاطها من جديد، خاصة في ظل توقعات ان تطرح مجموعة من المستثمرين البارزين في سوق العقار بالمنطقة عددا من الصفقات العقارية، وانهم وصلوا الى المراحل النهائية لاتمامها، وتتركز اغلبها في المناطق الساحلية وسوف يتضح ذلك بشكل اكبر خلال الاسابيع القليلة القادمة. وارجع مراقبون في السوق كثرة هذه الصفقات الى دخول مستثمرين من خارج المنطقة ليسوا على دراية كافية بالسوق مما قد يؤدي الى ايجاد صفقات فائضة عن الحاجة في المستقبل القريب. وقد ابدى المراقبون تخوفهم من ان تؤدي هذه الصفقات الى مساهمات متعثرة في المستقبل بسبب عدم امكانية تسويقها، خاصة اذا تأخر دخول الخدمات الاساسية لها كالصرف الصحي والكهرباء والهاتف.

وحول سوق العقار بالسعودية بشكل عام وفي المنطقة الشرقية بشكل خاص قال أحمد الرميــح رئيس مجموعة الرميح العقارية في الدمام ان السوق ينمو ويشهد ركوداً بين فترة واخرى، مشيراً الى ان حجم التعاملات العقارية في السعودية يقدر بمليارات الريالات، وانة لا توجد احصائيات محددة بهذا الامر، وارجع الرميح انتعاش سوق العقار في السعودية خلال السنوات الاخيرة الى صعوبة الاستثمارات في المجالات الأخرى لظروف عدة مما جعل أغلب من تتوفر لديهم سيولة يتجهون لسوق الأراضي لقلة المخاطرة وقلة المجهود والربح المضمون حتى لو جاء متأخراً.

واشار الرميح الى ان الاموال العائدة من الخارج بعد احداث 11 سبتمبر ساعدت على تنشيط حركة السوق بشكل محدود. واعترف خلال حديثة لـ«الشرق الأوسط» بوجود عشوائية وعدم وضوح في بعض المساهمات العقارية، وانها من الممكن ان تسبب خسائر فادحة للمستثمرين، وعن مستقبل الاستثمار العقاري بالمنطقة واذا ما كان يتوقع ان يشهد ركودا خلال السنوات المقبلة قال: الاستثمار في العقار بالمنطقة وغيرها من المناطق يمر بمراحل ركود وطفرات على مر الزمن ولكن بالنهاية الارتفاع هو ما يحصل وخصوصاً بالمناطق المتدنية الاسعار.

وفي ذات السياق قال الدكتور ناصر الصالح (اقتصادي سعودي) ان سوق العقار في السعودية يشهد حالياً ظروفاً استثنائية جميعها تدفعه ليكون مركز جذب استثماري، ويكون من انشط الشرائح الاقتصادية للفترة المقبلة والتي يصعب تحديد فترتها الزمنية. واشار الى ان تلك العوامل تتركز في توفر السيولة التى جاءت نتيجة انخفاض الفوائد على الايداعات البنكية والتي وصلت الى اقل من 2% وهذه نسبة متدنية لم يسبق ان شهدتها السوق من قبل وهو ما يعني ان اموالا هائلة ستوجه الى القطاع العقاري كونه يحقق عوائد اكثر.

واضاف الصالح: انه لا يخفي على الجميع ان تأثيرات 11 سبتمبر والمخاوف المعلنة عنها وغير المعلن عن الحجز على الاموال العربية، اضافة الى الجانب النفسي كان له اكبر الاثر في تحويل تلك الاموال الى السوق المحلية، مؤكدا ان قنوات الاستثمار في السعودية ليست متطورة لا في الاسلوب ولا في بنيتها الاساسية لاجتذاب الاموال الخارجية واستثمارها في القطاعات الاخرى كالصناعة والخدمات وذلك بسبب تعقيدها، لذلك يبقى العقار هو افضل الاستثمارات المتاحة.

ويرى الصالح ان المنطقة الشرقية جزء هام من السعودية وهي منطقة جذب سياحي وتتمتع بميزاتها الساحلية وقربها من دول الخليج، كما ان لديها بنية اساسية بحرية ليس لها مثيل في المدن الاخرى ويتمثل ذلك بالواجهات البحرية في الخبر وكورنيشات الدمام والخبر والقطيف ورأس تنورة والجبيل. وطالب الصالح المستثمرين العقاريين بأن يكون لهم دور اكبر في تطور القطاع العقاري وألا يقتصر دورهم على مساهمات الاراضي بمعنى انه يجب توفير بنية عقارية متميزة، ويرى ان الاستثمار في المؤسسات الفردية التي تعنى بتوظيف الاموال هي مؤسسات فردية تقوم باجتذاب اموال الاخرين بضمان عائد مرتفع، وانها شركات غير مرخصة لهذا النشاط وتعمل في الظل واذا استمرت على هذا الحال سوف تعيد مآسي شركات مصر العائلية مرة اخرى.

وحول توقعاته المستقبلية يقول الصالح: حالما ترتفع الفوائد البنكية وتنشط السوق الدولية سوف تتبخر كثير من الفرص العقارية ثم يدخل هذا القطاع مرحلة ركود نسبي لان العملية عرض وطلب، متى زاد الطلب على الودائع فسوف ينعكس ذلك سلباً على السوق العقاري.

ويقول خالد حسن القحطاني، رئيس شركة ركاز للتطوير العقاري، ان الاستثمار في قطاع العقارات في الوقت الراهن هو الاستثمار الامثل، خاصة في ظل ما يحققه من عوائد مرتفعة مقارنة بالاستثمار في القطاعات الاخرى، كما ان العقار دائما في ارتفاع، فيما ابدى القحطاني تخوفه من العشوائية التي تسيطر على ابرام الصفقات في المنطقة وعدم وجود تنسيق من اي نوع بين المستثمرين والذي قد يؤدي الى خسائر فادحة لبعض منهم، ويرى ان العقار يسير بطلاقة ثابتة حيث ان الزيادة مستمرة وبشكل مشجع، وان الطلب يتزايد يوما بعد يوم على الاراضي السياحية والتجارية بالمنطقة. ونوه القحطاني بدور الامانة وما تقدمه من مقترحات وتوجيهات حول بعض المخططات، إلى جانب توفيرها لكافة التسهيلات لجميع المستثمرين، والتي تهدف من ذلك الى رفع التنمية في المنطقة، ويرى ان الشركات العقارية بالسعودية تحتاج الى كوادر علمية وطنية مؤهلة لديها تجربة.

* ارتفاع في عقارات الشرقية بنسبة 20%

* يرى مراقبون ان سوق العقار في كل من الدمام والخبر حقق خلال الفترة القليلة الماضية ارتفاعا في مستوى الاسعار بلغ نحو 20% نظرا لزيادة الطلب على الاراضي خصوصاً التجاري منها، ومؤخرا شهد سوق العقار في المنطقة ابرام عدد من الصفقات نفذها عقاريون معروفون، كان آخرها صفقة عقارية تفوق قيمتها 25 مليون ريال (6.7 مليون دولار) لشراء ارض تقع على طريق الظهران تبلغ مساحتها الاجمالية 40 الف متر مربع تحتوي على 29 قطعة تتراوح مساحة الواحدة منها ما بين 800 الى 100 متر، فضلا عن صفقة عقارية في مدينة الدمام بلغت قيمتها المالية حوالي 80 مليون ريال، وصفقة اخرى نفذتها مجموعة الرميح العقارية عندما قامت بشراء ارض في مدينة الخبر العزيزية تتجاوز مساحتها 2.8 مليون متر مربع وبسعر 22 ريالا للمتر المربع، وقد طرحت بالسوق هذا الاسبوع تحت مسمى «تلال الخبر» ويبلغ سعر السهم 10 الاف ريال ومساحته 250 مترا مربعا مشاعا. كما ابرمت مجموعة البسام صفقة بقيمة بلغت 25 مليون ريال لشراء اراض في مدينة الخبر تبلغ مساحتها الاجمالية اكثر من 100 الف متر مربع، وتقع بين حي الحزام الذهبي وحي الهدا، ويبلغ عدد قطعها 85 قطعة بمساحات تتراوح بين 800 و1000 متر مربع ينتظر ان تعمد المجموعة المالكة لها باستثمارها في مشاريع حديثة تشمل وحدات سكنية وتجارية منوعة، بالاضافة الى 4 صفقات عقارية اخرى بلغت قيمتها اكثر من 120مليون ريال لصالح مجموعة بن حسن التجارية وتبلغ مساحة صفقة ابرمتها المجموعة مع احدى المجموعات في حي الحزام الذهبي بمدينة الخبر 100 الف متر مربع وفاقت قيمتها 60 مليون ريال، فيما تبلغ قيمة الاراضي الثلاث الاخرى الواقعة في كورنيش الدمام 60 مليون ريال، بمساحة تبلغ 25 الف متر مربع وستخصص هذه الاراضي وفقا لمصادر مقربة من المجموعة، لبناء 100 فيللا بنظام الدبلوكس، بالاضافة الى مجمعات سكنية وابراج في كورنيش مدينة الدمام تباع جاهزة للمستهلك بمعدل يتراوح بين 42 الى 48% وكانت مجموعة بن حسن التجارية قد ابرمت خلال فترة سابقة صفقة اراض بقيمة 32 مليون ريال في مخطط القصور بكورنيش الخبر.

ومن الصفقات العقارية اللافتة للنظر صفقتان عقاريتان بلغ اجمالي قيمتهما نحو 180مليون ريال في كل من مدينة الخبر على شاطئ بحيرة العزيزية وغرب مدينة الظهران على طريق الجبيل، وبلغت القيمة الاجمالية للصفقة التي اتمتها اربع مجموعات عقارية في منطقة العزيزية نحو 97 مليون ريال لارض مطلة على بحيرة شاطئ العزيزية بمساحة اجمالية تبلغ نحو مليون متر مربع، وتتراوح مساحات القطع بها بين 700 و2500 متر مربع، ووفقا لمصادر مطلعة من الملاك المنفذين للصفقة ان اعمال التطوير ستأخذ طابعا حديثاً بهدف اكساب الموقع طابعاً سياحياً مميزاً، خصوصاً والعزيزية تعد من اكثر مناطق الجذب السياحي في المنطقة الشرقية وستشمل اعمال التطوير، انشاء كورنيش على ساحل البحيرة بطول يتجاوز 1.5 كيلومتر بحيث يضيف الى الموقع الذي تتم به استثمارات سياحية واستثمارية تجارية، بجانب الاستثمارات السكنية، اضافة الى صفقة شراء ارض غرب الظهران على طريق الجبيل بقيمة 80 مليون ريال، تبلغ مساحتها الاجمالية نحو 900 الف متر مربع، ويصل عدد اسهمها الى 4500 سهم مساحة السهم الواحد 200 متر مربع، وسيتم طرحها كمساهمة وستكون مساهمة سكنية وتجارية. وفي محافظة الاحساء ينتظر قاطنوها ان يتم الافراغ لعدد من المخططات منها مخطط مثلث المنصورة الذي يتمتع بموقع حيوي وهام ويضم 450 قطعة ارض، بالاضافة الى بعض الخدمات التي تشمل مستشفى وناديا رياضيا، ويتوقع ان يصل سعر الارض الواحدة ما يقارب 200 الف ريال، بمبلغ اجمالي للمخطط يصل الى 90 مليون ريال. وكشف خالد القحطاني الرئيس العام في شركة ركاز للتنمية والتطوير ان شركتة ستطرح مساهمة الفنار خلال الاشهر القادمة، وتبلغ مساحتها الاجمالية 3 ملايين متر مربع، وتقوم الشركة حاليا بتطويرها. واكد ان الشركة تحرص كثيرا على اظهار المخطط وفق تصاميم واساليب متطورة معمول بها عالميا، ويشتمل المخطط على مواقع سكنية وتجارية واستثمارية، وقد روعي في تصميمه (المخطط) استخدام اعلى المواصفات العالمية المتبعة في تصميم الاحياء.

* التوسعات الصناعية وراء نمو سوق العقار في الجبيل

* توقع عقاريون في مدينة الجبيل الصناعية ان يشهد العام المقبل بداية الحركة العقارية في المدينة حيث ستكون هناك حاجة ملحة للسكن وانتهاء ركود الحركة العقارية في المدينة مع نمو العقارات خصوصاً الاراضي والشقق السكنية والتوسعات التي تشهدها مدينة الجبيل الصناعية من الناحية الصناعية وما يترتب عليها من خدمات مطلوبة مثل السكن وغيرها من الخدمات الاخرى.

واكدت مصادر عقارية ان محافظة الجبيل ستشهد طفرة كبيرة في الحركة العقارية خلال السنوات العشر المقبلة وذلك بعد اعلان الهيئة الملكية عن انشاء منطقة صناعية جديدة غرب المدينة توازي ما هو موجود من صناعات حالية وجهزت لها منطقة صناعية جديدة ستتسبب في صعوبة الايفاء باحتياجات العمالة التي ستشغل المنطقة الصناعية الجديدة، وسيكون ذلك الامر فرصة سانحة للمستثمرين في العقارات السكنية مع وجود تشجيع من قبل الهيئة الملكية والذي تزامن مع قيام شركات الصناعات الاساسية في تبني برامج سكنية جادة وطموحة لاسكان منسوبيها لايجاد قاعدة صلبة ودائمة تبعث على الاستقرار وتشجيع زيادة الانتاج، كما اعطت الهيئة الملكية فرصاً استثمارية للقطاع الخاص لبناء الوحدات السكنية، اضافة الى تشغيل بعض الاحياء السكنية التابعة لها.

* النشاط السياحي ودوره في نمو الحركة العقارية بالشرقية

* يرى القحطاني ان الحركة السياحية المنتعشة قد اثرت في تنمية سوق العقار بالمنطقة، وقد تم خلال السنوات القليلة الماضية تدشين عدد من المجمعات والفنادق السياحية والاستثمار بصورة كبيرة في مجال الشقق المفروشة، كما يلاحظ ان هناك توجها لدى عدد كبير من المستثمرين، حيث تحظى صفقاتهم التجارية في الاستثمار في المخططات التجارية والتي عادة تتضن مجمعات سكنية، يتجه معظم المستثمرين فيها الى تحويلها الى شقق مفروشة نظراً للنجاح الكبير الذي يحققه الاستثمار في هذا النشاط في المنطقة الشرقية وتحديداً خلال فترة الصيف التي تصل نسبة اشغالها 100% نظراً لتزايد عدد زوار المنطقة والذي كشف الحاجة الملحة للمزيد من المشاريع الاستثمارية في هذا المجال ويرى القحطاني ان المنطقة الشرقية شهدت ارتفاعا في معدلات الاستثمار نظرا لما مرت به من تغييرات كبيرة في التركيبة الاقتصادية والاجتماعية جعلتها من المراكز التجارية والصناعية الهامة في السعودية ومنطقة الخليج، وقد ساهم نشاط حركة السياحة بالمنطقة بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية في نمو وازدهار قطاع السياحة وانتشار ظاهرة الشقق المفروشة في كافة مدن الشرقية، وقد اكتسبت المنطقة الشرقية بعد حرب تحرير الكويت صفة الاستقرار والامن مما كان حافزاً للعديد من الأسر السعودية المقيمة بالكويت وبعض الأسر الكويتية التي لجأت اليها اثناء فترة حرب الخليج الثانية، للبقاء والاستثمار بها، وقد بلغ حجم الاستثمارات في المباني السكنية وملكية دور السكن والبناء والتشييد خلال الخطة الخمسية الرابعة 15 مليار ريال، ومع انتعاش القطاع الخاص بصفة عامة شهدت المنطقة زيادات كبيرة ومطردة في ايجارات الوحدات السكنية المختلفة ولم تقتصر الزيادة على العقارات الكسنية بل امتدت ايضاً الى الاراضي المعدة للبناء، ونظرا لتغطية الطلب الحالي في مجال المجمعات السكنية الفاخرة وانتعاش حركة البناء والتشييد فان المنطقة تشهد الان قدرا كبيرا من التوازن بين الطلب والعرض تتخلله ندرة في بعض المواقع وفوائض ضئيلة في مواقع اخرى، ويعزى الارتفاع الراهن في الايجارات لزيادة الطلب على الوحدات السكنية والتوقعات المستقبلية لاستمرار هذا الطلب. ويتوقع ان يتواصل الطلب على الوحدات السكنية بشكل ملحوظ خلال السنوات المقبلة وان يحافظ القطاع السكني على ربحية مشجعة للمستثمرين.