سوق الإعلانات السعودية تتجاوز تأثيرات أحداث سبتمبر

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: تأثر قطاعي الفنادق والطيران لم ينعكس على مجمل سوق الإعلانات السعودية

TT

تجاوزت السوق الاعلانية في السعودية تبعات احداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وسجلت أداء يعتبر متميزا منذ نهاية العام الماضي، ويتفق خبراء ومسؤولون في شركات اعلانية استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، على ان السوق السعودية لم تتأثر إلا بشكل طفيف من احداث سبتمبر نتيجة لعدة عوامل ابرزها ان الحدث الضخم الذي هز العالم جاء في فترة الربع الاخير من العام، وهي الفترة التي تشهد عادة اقفال ميزانيات الاعلان ورصدها. أما في مطلع العام الجاري فلم تشهد السوق أي تغيير او انخفاض في ميزانيات الاعلانات سوى بشكل طفيف في الربع الاول منها، على خلفية ان المعلن يزيد من الترويج لمنتجاته خلال الازمات.

ويتحدث صالح بوقري، نائب المدير العام في الشركة الخليجية للعلاقات العامة والاعلان، عن الفترة التي اعقبت احداث 11 سبتمبر ومدى تأثيرها في سوق الاعلانات السعودية فيقول: بما ان الحدث وقع في الربع الاخير من العام الماضي، فإن معظم الميزانيات المخصصة للاعلان كانت محجوزة ومتفقا عليها اصلا، لذلك كان تأثير الحدث واضحا على الربع الاول من العام الحالي. واضاف، في ما يتعلق بالامور التي تخص حصة الشركة الخليجية من سوق الاعلانات في السعودية، فإن هذه النسبة لم تتأثر في الربع الاخير من عام 2001 للأسباب نفسها، واذا كان هناك تأثير فإنه قد لا يتجاوز الـ 10 ـ 15 في المائة، مما كنا نتوقعه في عام 2002 ولكن بعد ذلك اخذت الامور تعود الى معدلاتها المعروفة.

ومن ناحية أخرى والحديث لـ بوقري، فإن عددا كبيرا من الشركات الكبيرة المؤثرة في سوق الاعلان كانت متحفظة الى حد ما في انطلاقتها الاعلانية بالطريقة التي اثرت في الكثير من مداخيل وسائل الاعلان بما فيها التلفزيون والصحافة، لكن في ما يخص السوق السعودية فإن الامور لم تنلها اشياء سلبية كثيرة مطلقا، وبالعكس فإن الحدث ساعد على زيادة توزيع الصحافة المطبوعة وزيادة عدد المشاهدين للشاشات التلفزيونية بسبب اهمية الحدث، وبالتالي كان له مردود ايجابي على المعلن.

وعن تقييمه لسوق الاعلانات بعد احداث 11 سبتمبر، أكد بوقري ان سوق الاعلانات في السعودية في وضع مستقر، وانه لا توجد عوامل تدعو للخوف والقلق، وان الامور مطمئنة، لكنه لم ينف او لا يستطيع ان يقول انها لم تتأثر، حيث قال: نعم، لقد تأثرت بعض الشيء، ولكن ما خسرناه في الربع الاول من العام الجاري تم تعويضه في الربع الثاني من العام نفسه.

وبالنسبة لعام 2001 وهو العام الذي وقع فيه الحدث، يشير صالح بوقري الى أن الشركات المعلنة تتخذ قرارات وضع ميزانياتها الخاصة بالاعلان في الربع الاخير من كل عام، وبما ان الحدث وقع في الربع الاخير من العام نفسه فإن السوق لم تتأثر بهذا الحدث للأسباب المذكورة، بيد ان الكثير من الشركات الكبرى المؤثرة في سوق الاعلان عندما ارادت اتخاذ قراراتها للعام الذي يليه كانت تحت تأثير الجو العام، لذلك كانت متحفظة بعض الشيء في ما يتعلق بالانفاق لعام 2002، ولكن عندما استقرت الامور الاقتصادية والسوق العالمية اصبحت مستقرة، باتت الامور تبدو طبيعية في السوق السعودية.

واشار بوقري، الى ان اكبر المتضررين من هذا الحدث هما قطاعا النقل الجوي والفنادق، وهذه الصناعات تأثرت تأثيرا مباشرا بالحدث، ولكن بالمقابل هناك قطاعات استفادت من هذا الحدث مثل شركات الخدمات الامنية، لأن مجالات الامن والحراسات والتفتيش والمراقبة وغيرها زاد عددها على مستوى العالم، وظهرت شركات كثيرة توظف مفتشين ومراقبين واجهزة انذار واجهزة تصوير للمراقبة وهؤلاء استفادوا من الوضع الجديد الذي صاحب احداث 11 سبتمبر، واستفادت من ورائهم بطريقة غير مباشرة الوسائل الاعلانية، والشركات التي طالتها الاضرار من هذا الوضع وتحديدا شركات الطيران والفنادق، وانعكس ذلك بالطبع على شركات الاعلانات. وفي ما يتعلق بالكيفية التي واجه بها صناع الاعلان هذه الازمة اوضح بوقري، بما ان الاعلان احد الحلقات المهمة في سلسلة التسويق او عملية التسويق بشكل عام، فإن هذا القطاع يتأثر قطعا بالاحداث الكبرى، كما تتأثر اي جوانب أخرى، ولكن عموما وسائل الاعلان استفادت من هذا الحدث لأن المطبوعة سواء كانت صحيفة او مجلة اصبح توزيعها اكبر بسبب تعطش الناس لمعرفة الاخبار الجديدة وتفاصيل الحدث، لذلك فإن انتشار المطبوعة يجعل من استفادتها من الحدث اكثر، كما انها في المقابل تفيد المعلن، وايضا يكثر متابعو التلفزيون وتكثر معه عدد ساعات المشاهدة اكثر وهذا يبين بأن التلفزيون جهاز فعال وقوي ويصل الى كل طبقات المجتمع، وهذا بدوره يؤثر ايجابا في المعلن الذي يريد ان يستفيد من هذا الوضع.

من جهته أكد الدكتور محسن الشيخ آل حسان، المدير الاقليمي للاعلام والعلاقات العامة في شركة (افكار بروموسفن) ان احداث 11 سبتمبر غيرت احوال اميركا، بل والعالم اجمع، وقال في هذا السياق: إن الارهاب لم يكن واحدا من بين عدد من الاخطار المتنوعة الموجهة ضد الولايات المتحدة، بل اصبح تهديدا اساسيا للعالم اجمع كما تقول اميركا وكما يقول الرئيس بوش.

وهذا الحديث يقودنا الى سوق الاعلانات والتي يقول عنها «مصائب قوم عند قوم فوائد»، فقد استفادت الاسواق العربية بشكل عام من تداعيات السوق الاميركية والقرار الذي اتخذه السعوديون بسحب مليارات الدولارات من اميركا وبريطانيا، كما ذكرت صحيفة «ليبر» العاملة في مجال بيانات وابحاث صناديق الاستثمار، كما ان المستثمرين الخليجيين سحبوا 49 مليار دولار من صناديق الاستثمار في الاسهم الاميركية خلال الاشهر القليلة الماضية وهو رقم قياسي بعد ان تهاوت كل مؤشرات الاسهم الرئيسية وخسرت صناديق الاستثمارات المتنوعة تقريبا المتوسط من نسب ادائها.

ويشير الدكتور محسن آل الشيخ، بأن الاسواق العربية استفادت من عودة هذه المليارات اليها، ففي السعودية ازدهرت الحركة التجارية وأصبحت سوق الاعلانات رائجة ورابحة وهذا يقودنا الى المعلومة التي تقول: «المعلنون يضاعفون من حجم اعلاناتهم الترويجية اثناء الازمات لمواجهة الكساد» واضاف، نحن نعيش في السعودية وضعا اقتصاديا ناجحا ونستفيد من الفرص الاقتصادية التي نتعامل معها «ثّ عقلانية وتخطيط، لأن السمعة التي يتصف بها السعوديون هي «العقل قبل شجاعة الشجعان» وزاد، ان ما يحدث في الولايات المتحدة واوروبا من كساد اقتصادي نحن أبرياء منه، فالسوق السعودية كما يقول في ازدهار والتجارة بخير والاعلانات تتضاعف.

وذكر المدير الاقليمي للإعلام والعلاقات العامة لشركة افكار بروموسفن، ان جميع الشركات الاجنبية والعاملة في الدول الأخرى تحرص كل الحرص ان يكون لها موطئ قدم في السعودية، وقال انه من الحرص ان تكون لها منافذ اعلانية وترويجية في السعودية، وهو ما يؤكد نجاح سوق الاعلانات السعودية.

من ناحيته اشار كريم يونس، مدير عام ستار كوم (السعودية) الى ان احداث الحادي عشر من سبتمبر كان لها تأثيرها في سوق الاعلان عربيا وخليجيا، وعلى وجه الخصوص في المجال المتعلق بالسياحة كالاعلانات التي تروج للفنادق والطائرات وكل ما يتعلق بالسياحة عموما، ولكن هذا التأثر كان لمدة قصيرة حتى عادت الامور الى سابق عهدها لذلك لم يكن الامر بهذا السوء.

واوضح، يونس بأن اعلانات الصحف في السعودية لم تتأثر اطلاقا، خاصة ان احداث 11 سبتمبر اعقبها شهر رمضان المبارك وهي فترة معروفة بكثرة الاعلانات فيها، ولكن على صعيد الاعلانات التلفزيونية فقد شهدت الفترة تأثرا طفيفا خاصة في الاعلانات التي تروج للمنتجات الاميركية ولكن حتى هذا الوضع لم يدم طويلا.

واضاف، ان سوق الاعلانات السعودية لم تكن لديها الكم الهائل من الاحساس الدراماتيكي تجاه احداث 11 سبتمبر، ولذلك لم تتأثر سوق الاعلانات السعودية اطلاقا وحتى ولو بشكل طفيف، ولكن التأثير الطفيف ايضا كان لاعلانات المنتجات الاميركية التي كانت تبث من اعلانات مكثفة من خلال الفضائيات، وهذه الاعلانات شهدت هبوطا ملحوظا بعد الاحداث وهذا الوضع استمر لمدة لا تتجاوز اشهرا قليلة، لتعود الامور الى نصابها وتأخذ وضعها الطبيعي تدريجيا، ولكن في هذه الفترة تضررت اعلانات شركات الطيران الاميركية والفنادق بشكل ملحوظ. وعموما كان تأثير الاحداث المذكورة اخف هنا في المنطقة مقارنة بغيره من المناطق، خاصة الولايات المتحدة واوروبا على وجه التحديد.

واوضح كريم يونس، انه بعد احداث 11 سبتمبر تخوف المعلنون قليلا وبرأيه، في تقليص مساحة الاعلان، نظرا للظروف التي كان يمر بها العالم، ونحن من طرفنا كشركة اعلانات أجرينا دراسات للسوق المحلية وركزنا كثيرا على طمأنة المعلن، بأن السوق السعودية حتى لو يصيبها ما يصيب الاسواق العالمية، فإن على السوق السعودية ألا تتأثر بهذه الاحداث، ولا بد من استمرار الحركة التجارية وان الحملات الاعلانية لا بد ان تستمر، خاصة ان شهر رمضان كان على الابواب، وهكذا حتى تجاوزنا الازمة والحمد لله.

وعن تحركات الشركات المعلنة لمجابهة هذه الحالة في حينها، وهل ضاعفوا من حجم اعلاناتهم لمجابهة الكساد الذي سببته الاحداث ذكر كريم يونس، بأن تحرك الشركات المعلنة في الاتجاه كان ايجابيا، وانهم لم يضاعفوا من حجم اعلاناتهم لمجابهة هذه الازمة، واذا كانت هناك من زيادة تذكر فهي من أجل مجابهة الوضع الجديد الذي خلفته الازمة، دون المساس بالحملات الاعلانية المقررة وايضا الخطط التسويقية وبالطريقة التي لا تتأثر معها هذه الشركات بالاحداث التي تجري خارج السعودية والعالم العربي.