سوق الذهب المصري يواجه أزمة ضريبة المبيعات والدمغة وتذبذب الدولار

تجار الذهب ينتقدون تجاهل الحكومة لمقترحاتهم وخبراء يحذرون من توقف حركة البيع والشراء خلال الفترة المقبلة

TT

لم يكد تجار الذهب المصريين يتخلصون من مشاكل الدمغة والكساد وتذبذب الدولار التي أصبحت مشاكل مزمنة، حتى تواجههم بعد أيام قليلة أزمة جديدة بانتهاء الاتفاقية المبرمة بين التجار ومصلحة الضرائب على المبيعات لتبدأ جولة جديدة من الخلافات بين الطرفين، حيث أكد العديد من التجار ان صناعة الذهب تواجه صعوبات شديدة بسبب الاختلاف حول أسلوب تطبيق المراحل السابقة من الضريبة عليهم مع ان القانون يمنع من الأساس تحصيل الضريبة على هذا المنتج الاستراتيجي، ويرى الخبراء أن السنوات الخمس الماضية شهدت تراجعا كبيرا في معدلات نمو سوق الذهب المصري جعلتها تتقهقر عن الأسواق العربية، بل ووصل الأمر الى تهديد سمعة الذهب المصري واتهامه بانه مغشوش.

ويقول رفيق العباسي رئيس شعبة المصوغات باتحاد الصناعات ان سوق الذهب في مصر مقبل على منحنى خطير بانتهاء اتفاقية ضريبة المبيعات، حيث أن العديد من تجار الذهب وافقوا سابقا على التسجيل بمصلحة الضرائب خوفا من توقيع الغرامة والتعرض للسجن، ولكن يجب أن يدرك الجميع ان الذهب سلعة يتم تدويرها كرأس المال، مبينا ان الحكومة لو قامت بتحصيل الضريبة على المبيعات عموما من التاجر ستتفادى وجود سوق سوداء لأنه في هذه الحالة سيقوم المصنع بدمغ كل المشغولات حتى لا يجرم، منها انه اذا كانت الجهات المسؤولة حريصة على عودة الذهب الى مكانته الطبيعية فيجب ازالة المعوقات التي تواجه تلك الصناعة والتي من أهمها احتساب ضريبة المبيعات على قيمة المصنعية فقط، وأوضح العباسي ان هناك أسبابا أخرى بجانب الضريبة أوصلت سوق الذهب لهذه الحالة منها الركود العام للاقتصاد، وتذبذب الدولار والمنافسة الخارجية، مؤكدا على أن السوق ليس بها أي ذهب مغشوش وانما فقط مدموغ خارج المصلحة.

ويوضح اللواء سيد مؤمن رئيس مصلحة دمغ المصوغات ان وزارة التموين قامت بتعديل في بعض مواد قانون الدمغة السابق بهدف مقاومة الغش، حيث تضمن القانون اضافة عيارات جديدة، وكذا التراكيب الى الذهب مثل الفضة والبلاتين، كما يهتم القانون باقرار الدمغة الاجنبية بشرط الاعتراف بدمغة مصر، مؤكدا على ان طلب التجار بوجود لجان فنية محايدة غير خاضعة لوزارة التموين للفصل في الخلافات بين مصلحة الدمغة والصياغ طلبا مرفوضا لأنه لا يمكن ان تقوم جهة بعمل جهة أخرى، وان المصلحة عندما تصادر ذهبا مشكوكا فيه يزال اسم التاجر من على الحرز ويأخذ رقما سريا ويتم اعداده للفحص دون معرفة صاحبه، ويوضح مؤمن ان شكوى التجار من وضع الدمغة للمشغولات في أماكن لا يحسن اختيارها مما يؤدي الى تشويهها لا أساس لها من الصحة، حيث أن التجار هم الذين يحددون مكان الدمغ خاصة اذا كانت مشغولاتهم دقيقة.

ويشير نجيب اسكندر «جواهرجي» ان تطبيق اتفاقية جديدة لضريبة المبيعات يعني ارتفاع الاسعار بشدة، وان المشتري في حالة بيعه للمصوغات سيفقد أكثر من 15% من سعرها مما سيدفع الجميع الى الاحجام عن شراء الذهب لتجنب الخسائر، محذرا من أن تغيير نظام الضرائب سيزيد من ظاهرة مافيا الذهب المغشوش والتي بدأت تنتشر أخيرا، حيث اتجه العديد من التجار الى الدمغ خارج المصلحة لتفادي دفع مبالغ باهظة، وبالتالي يبيعون بسعر أقل من التجار الملتزمين، ويؤكد اسكندر على أن حملات التفتيش موجودة ولكنها غير مؤثرة لأنها تتم على فترات، وان علاج المشكلة من الأساس يعتمد على تقليل الضرائب على الذهب.

أما عزت شوشة أحد أصحاب محال الذهب فيرى أن ما يحدث حاليا في سوق الذهب لم يتكرر من قبل حتى في أسوأ الظروف الاقتصادية، وان الجواهرجية على حد تعبيره لا يتمتعون بالاستقرار الذي يساعدهم على تطوير أدائهم، موضحا ان اسلوب التطبيق غير الواضح لضريبة المبيعات حتى الآن سيزيد من ارتباك السوق، هذا الى جانب أن الضرائب التجارية التي تصل الى 15% نسبة قامت على أساس جزافي، حيث أصبحنا ندفع الضرائب على ما نمتلك من ذهب وليس على ما نبيعه، وطالب شوشة بعودة نظام الوزانين القديم لأن المشتري سيستطيع من خلاله التأكد من جودة الذهب ووزنه ومدى تناسب ذلك مع السعر.

وأكد عبد الله عبد القادر نائب رئيس شعبة تجارة المصوغات بالغرفة التجارية على أن المطلب الرئيسي للتجار حاليا هو مد العمل بالاتفاقية الموقعة بينهم وبين مصلحة ضرائب المبيعات والتي تم تجديد العمل بها مرتين كان آخرهما في يوليو (تموز) الماضي، موضحا ان استمرار العمل بتلك الاتفاقية رغم وجود بعض تحفظات شكلية عليها يبقى هو البديل الأفضل للطرفين، مطالبا بفترة انتقالية يجتمع خلالها التجار مع مسؤولي المصلحة لبحث الصيغة المثلى لتطبيق القانون دون أي ضرر، اضافة الى وجود نظام محدد للمحاسبة الضريبية للتجار، خاصة ان الفترة الأخيرة شهدت الكثير من الكساد في سوق الذهب بسبب عدم وضوح الرؤية.

أما سماح نبيل مستشار مجلس الذهب العالمي فترى ان جزءا كبيرا من عدم استقرار سوق الذهب يأتي من جراء تطبيق ضريبة المبيعات بصورة غير مستقرة ومجحفة، وان النظام المعمول به حاليا والذي يقضي بتحصيل جنيه للدمغة عن كل جرام، و1% عن تجار الجملة، و1% عن تجار التجزئة يعني تحصيل الضريبة في جميع المراحل وهو أمر مغالى فيه بصورة واضحة، مشيرة الى ان السوق الخليجية تفوقت على نظيرتها المصرية بسبب بساطة القوانين وخلوها من التعقيدات اضافة الى تشجيع المسؤولين لهذه الصناعة الاستراتيجية، وان صناعة الذهب المصرية لم تستفد حتى الآن من برنامج تحديث الصناعة والذي يتم تطبيق بنوده على كل الصناعات رغم الاختلاف الكبير بينها، ونبهت نبيل الى أن القلق الذي تتعرض له صناعة الذهب وتجارته الآن في مصر قد تسبب في غلق العديد من المحلات لانتظار ما ستحدثه الضريبة من أثر وكيفية محاسبة الحكومة للاخرين من تجار الذهب، وأن هذا الوضع قد يؤدي الى توقف الحركة تقريبا خلال الفترة المقبلة.