تقرير اقتصادي ينتقد انخراط الدول العربية في الاتفاقيات الثنائية والإقليمية على حساب منطقة التجارة الحرة

TT

أكد اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة العربية ان انخراط معظم الدول العربية في العديد من الاتفاقيات التجارية والاقليمية في ظل غياب استراتيجية موحدة في هذا الصدد يشكل مزيدا من التعقيدات أمام تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، كما كشف عن ضغوط تتعرض لها الدول العربية لفتح اسواقها والانكشاف على العالم وبالتالي تعريضها لمخاطر عديدة في مقدمتها التهميش الذي يفرضه احتدام المنافسة بين المصدرين وكذلك التأثيرات السلبية للاجراءات الحمائية التي تفرزها التكتلات الاقتصادية، موضحا ان التحديات الحالية المحيطة بالدول العربية يهدد بتراجع سيطرتها على قراراتها الاقتصادية ما لم تسرع في تدارك الموقف، مشددا على ان الاوضاع والمخاطر الراهنة تبرز أهمية منطقة التجارة الحرة العربية في بلورة خيارات اقتصادية حرة تعزز القدرة على حماية المصالح الاقتصادية ومقاومة الضغوط التي تمارسها مراكز الاحتكارات العالمية.

وبين الاتحاد في تقرير تلقته جامعة الدول العربية الاسبوع الحالي ان منطقة التجارة الحرة تؤمن بتوسعة الاسواق العربية واستيعاب التقنيات الحديثة والتوجه نحو الانتاج الواسع وخفض التكاليف وتحسين نوعية المنتج وتعظيم الاستثمارات البينية وجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية بالاضافة الى خلق فرص عمل جديدة وتأهيل السلع والمنتجات العربية للوصول الى الاسواق العالمية والشركات الدولية الكبيرة دون عناء، مشيرا الى اهمية منطقة التجارة الحرة في توزيع افضل للاستثمارات والصناعات ومضاعفة حجم التكامل في مختلف المجالات وعدم تكرار المشروعات فضلا عن منح الدول العربية موقفا تفاوضيا أقوى في مواجهة التكتلات الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية.

ودعا التقرير الى تقليص البرنامج الزمني لاتمام منطقة التجارة العربية الحرة، وحسم كل المعوقات التي تعترض تنفيذها وفي مقدمتها قائمة الاستثناءات السلعية وقواعد المنشأ والرسوم والضرائب ذات الاثر المماثل والاجراءات البيروقراطية في المنافذ الجمركية بالاضافة الى الرزمانة الزراعية.

ونبه التقرير الى عدم اعطاء اتفاقيات الشراكة العربية مع اطراف اخرى التزامات تفوق نظيرتها الواردة في اتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة حيث ستحظى سلع تلك الاطراف وقتئذ بمعاملة تفوق تلك التي تتمتع بها منتجات الدول العربية الأخرى، مشيرا الى ان اتفاقيات الشراكة مازالت عاجزة حتى الآن عن تأمين النفاذ المطلوب للمنتجات العربية الى الاسواق الخارجية خاصة في مجال المنتجات التي يهم الدول العربية تصديرها.

وتناول التقرير مفاوضات الشراكة العربية ـ الاوروبية، موضحا انه ليس ثمة ضمانات في هذه المفاوضات أو الاتفاقيات التي تم التوصل إليها مع بعض الدول العربية بقدوم استثمارات اوروبية الى البلد العربي الشريك بدليل ان اجمالي تلك الاستثمارات لم يتجاوز 3 مليارات دولار مقابل 365 مليار دولار تمثل الاستثمارات العربية في أوروبا، معتبرا ان اتفاقيات الشراكة الاوروبية ـ المتوسطية اتفاقيات ثنائية في الاساس بين الاتحاد الاوروبي والدول العربية الواقعة على البحر المتوسط الامر الذي يفقد المشروع العربي الزخم المطلوب، كما ان هذه الاتفاقيات تتضمن التزامات تفقد الاستفادة العربية من بنود اتفاقية منظمة التجارة العالمية في ما يتعلق بالفترات الزمنية الانتقالية والمعاملة التفضيلية الخاصة بالدول الأقل نموا، وغيرها من بنود قد تستند اليها الدول العربية في اعطاء نفع أكبر لمشروعها العربي.

وتابع ان الشريك الاجنبي يجد في انفتاح الاسواق العربية على بعضها البعض مكسبا هاما له في ظل الشراكة التي يطرحها، إلا انه لا يأخذ منطقة التجارة العربية الحرة على محمل الجد ويراهن على اتفاقيات ثنائية مع الدول العربية في ظل احكام منظمة التجارة العالمية، مؤكدا ان الجدية التي ستظهرها الدول العربية في بناء منطقة التجارة الحرة ستساهم الى حد بعيد في زيادة اهتمام الشريك الأجنبي لارسال استثماراته ومهاراته الحديثة الى الاسواق العربية، مشددا على ان الوسيلة الوحيدة للوقوف أمام الاقتصاد الاوروبي أو الاميركي أو أي تكتل هي في اقامة تكتل عربي يتدرج في الانكشاف امام التكتلات الأخرى ويتطور رويدا الى الوصول لوضع تنافسي من خلال الاستثمارات المشتركة المتصاعدة، مؤكدا انه في ظل منطقة التجارة الحرة سيؤدي إلغاء التعريفة الجمركية على بعض المنتجات الى انحياز الاستهلاك الى بعض السلع المنتجة اقليميا والتي يصعب تحويلها لسلع تنافسية من دون هذا الإلغاء فيما ستزداد الضغوط على المنتجين المحليين غير المنافسين وبالتالي تساهم المنافسة في تحسين الانتاجية فضلا عن تركز الاستثمارات في القطاعات الأكثر تنافسية.