بيت التمويل الخليجي يضخ استثمارات تفوق 388 مليون دولار في القطاع العقاري البريطاني

«نيشن وايد» يمول شراءه لمبنى تجاري في لندن وفق المعاملات الإسلامية بقرض قيمته 64 مليون دولار

TT

اعلن بيت التمويل الخليجي خلال الاسبوع الماضي عن اتمام صفقة شرائه لمبنى تجاري في العاصمة البريطانية لندن بقيمة 41.7 مليون جنيه استرليني (64.6 مليون دولار) تم توفير تمويل لها يتوافق مع الشريعة الاسلامية من خلال مصرف الاسكان البريطاني «نيشن وايد»، وذلك ضمن خطة بيت التمويل لضخ ما لا يقل عن 388 مليون دولار في القطاع العقاري البريطاني والتوسع باتجاه الاستثمار العقاري في اوروبا.

وتأتي هذه الصفقة في وقت تصاعد فيه الاهتمام في بريطانيا بالبحث عن طريقة لمعاملة قروض الاسكان الاسلامية بالمساواة مع قروض الاسكان التقليدية، ووعد وزارة الخزانة البريطانية بايجاد حل لمعضلة تواجه عدداً من مسلمي بريطانيا الذين لا يريدون الاقتراض بالفائدة لايمانهم بعدم توافق ذلك مع عقيدتهم.

كذلك يعيد قرار بيت التمويل بالاستثمار في بريطانيا الى الاذهان الحديث عن سحوبات مالية خليجية من اسواق الولايات المتحدة نتيجة الخوف من الاتهام بتمويل الارهاب وتحويلها الى صفقات استثمارية في اوروبا. ولا يخفي رشاد يعقوب، المدير في بيت التمويل الخليجي، الارتباط الوثيق بين هذه الصفقة والسحوبات المالية الخليجية من السوق الاميركية، حيث قال لـ«الشرق الاوسط» ان «السيولة المالية في الشرق الاوسط نتيجة السحوبات ساهمت في قرار بيت التمويل اقتناص الفرصة من خلال البحث عن فرص استثمار في الخارج»، لافتاً الى انه بعد دراسة فرص الاستثمار في قطاع الاسواق المالية وغيرها وجد بيت التمويل ان القطاع العقاري هو الافضل حالياً لتحقيق ارباح جيدة على المدى المنظور، خصوصا في بريطانيا. وقال يعقوب ان المستثمرين الخليجيين وفروا لبيت التمويل 50 مليون جنيه استرليني (77.8 مليون دولار) للاستثمار تمكن بيت التمويل من خلالها من الحصول على اعتمادات بقيمة 250 مليون جنيه (388.9 مليون دولار) من المقرضين سيتم استثمارها في القطاع العقاري في بريطانيا. هذا بالاضافة الى استثمارات بقيمة 100 مليون يورو مخصصة للسوق الاوروبي ستبدأ باستثمارات في القطاع العقاري في باريس الاسبوع المقبل. وكان بيت التمويل قال في بيانه ان مصرف الاسكان البريطاني «نيشن وايد»، وهو اكبر مصرف اسكاني في العالم، وفر التمويل للصفقة «بشكل يتلاءم مع متطلبات المستثمرين المسلمين والشريعة الاسلامية». وقال انه اشترى مجمع «ون سيتي بليس» وهو عبارة عن مبنى للمكاتب التجارية بالقرب من مطار جاتويك وتبلغ مساحته 13011 مترا مربعا، وذلك من خلال شركة الاستثمار الاسلامي التابعة لبيت التمويل وهو «غلف اتلنتيك ريل استيت» المسجلة في جزر «كايمان» البريطانية.

من جانبه، اعتبر كيفن ديفيدسون مدير قسم تمويل الممتلكات التجارية في مصرف «نيشن وايد» في نفس البيان، الصفقة «تجديدية وتعزز استعداد نيشن وايد للتنويع والابداع في طريقة تعامله مع عملائه». واضاف ان الصفقة «كانت فرصة لنا للتعلم واكتساب خبرة جديدة»، مؤكدا ايمان المصرف القوي «بالمنتج الجديد» وامله «بتوسيع نشاطات المصرف في قطاع التعاملات المالية الاسلامية». ولأهمية قضية قروض الاسكان الاسلامية في بريطانيا توجهت «الشرق الاوسط» بالسؤال لممثل «نيشين وايد» في الصفقة، كيفن ديفيدسون، لمعرفة نوعية «المنتج المالي» الذي قدمه المصرف البريطاني لبيت التمويل. لكن المفاجأة كانت في اعلان ديفيدسون ان القرض يتضمن دفع الفائدة، لكنه لم يتمكن من شرح كيفية توافق الصفقة مع التعاملات المالية الاسلامية التي تحرم دفع او تقاضي الفائدة، مكتفياً بالقول ان بيت التمويل الخليجي استخدم شركة ثالثة كحلقة وصل لتفادي دفع الفائدة.

لكن عصام جناحي، المسؤول التنفيذي في بيت التمويل الخليجي اوضح موقف مؤسسته في اتصال هاتفي مع «الشرق الاوسط» قائلاً ان ما وصفه المتحدث من مصرف «نيشين وايد» بالفائدة هو في الحقيقة «كلفة التمويل» التي تتفق مع نظام المعاملات المالية الاسلامية. اما رشاد يعقوب فلفت، في سياق ايضاح موقف بيت التمويل في الصفقة، الى ان «قانون المصارف البريطاني يمنع المصارف من التملك»، وهو ما يتم في الواقع في عقود الاقراض السكني في المعاملات الاسلامية، «لذلك تم تأسيس شركة مستقلة اشترت مجمع «ون سيتي» بالقرض الموفر من «نيشين وايد» واجرته الى الشركة التابعة لبيت التمويل الخليجي، وهي «غلف اتلنتيك ريل استيت» بشكل يتوافق مع عقود البيع بالاجارة الاسلامية بعد دفع ما يسمى بـ«البريميوم» او الدفعة الاولى التي تبلغ حوالي 30 في المائة من القيمة وتقسيط الباقي بشكل ايجار. وتحصل «غلف اتلنتيك» بذلك على حق تأجير المجمع الى اي شاغل تجاري وتدفع في نفس الوقت ايجاراً للشركة «المستقلة» المالكة للعقار والتي تقسط بالتالي دفعات القرض مع الفائدة لمصرف «نيشين وايد».

وبما ان رسوم المعاملات (الطابع) على عمليات شراء العقارات هي اكبر مشكلة تواجه القروض الاسكانية الاسلامية لتعرضها لرسوم مضاعفة نتيجة شراء المصرف الاسلامي المقرض للعقار ومن ثم بيعه على اقساط محددة للشاري، فقد اظهرت صفقة شراء مجمع «ون سيتي» نجاح بيت التمويل الخليجي في اتمامها دون دفع رسوم مضاعفة. ويؤكد يعقوب ان بيت التمويل نجح حتى في تقليص قيمة هذه الرسوم الى 0.5 في المائة من خلال هيكلية الصفقة التي عكف مستشاروه على تحضيرها لاكثر من 3 اشهر.

وسألت «الشرق الاوسط» السيد جناحي عما اذا كانت دفعات الايجار المتوجبة على شركة «غلف اتلنتيك» للشركة المستقلة ستتأثر بارتفاع نسبة الفائدة على القروض عن مستواها الادنى الحالي في بريطانيا، بعد الاخذ بعين الاعتبار ان مدفوعات الشركة المستقلة الشارية المتوجبة لمصرف «نيشين وايد» سترتفع. وكان رد جناحي بأن شركته حصلت على سعر ثابت للايجار كما حصلت الشركة «المستقلة» على سعر ثابت للفائدة لمدة خمس سنوات وهي الفترة التي ينوي بيت التمويل بعد انقضائها بيع العقار وتوزيع الارباح. لكن، بالرغم من نجاح بيت التمويل في تحقيق اول عملية اقتراض اسلامي في بريطانيا بحجم كبير، كما وصفها طرفي الصفقة، لا يمكننا الاعتقاد بان مشكلة قروض الاسكان الاسلامية في بريطانيا قد حلت. فاذا كان بامكان المؤسسات الاستثمارية الكبرى، مثل بيت التمويل، العمل على هيكلة صفقاتها بشكل يمكنها من الافلات من تكرار دفع الرسوم، فان صغار المستثمرين والمواطنين المسلمين غير قادرين على اتباع نفس الطريق المكلفة.

يذكر ان الجهة البائعة للمبنى التجاري هي سلطة المطارات البريطانية فرع لينتون «بي.ايه.ايه. لينتون».