واشنطن تشتري النفط بـ 30 دولارا وتدفن 3 مليارات دولار في بطن الأرض

TT

تبذل ادارة بوش جهدا كبيرا لدفن ثلاثة مليارات دولار تحت الارض ـ كلفة احتياطي النفط الاستراتيجي الذي يصل حجمه الى 700 مليون برميل - بدون اية مبررات جيدة، والاكثر من ذلك فهي تشتري النفط بسعر 30 دولارا للبرميل الواحد، وبذلك تساهم جزئيا في زيادة سعر النفط. لقد اثبت الاعلان الاوروبي الاخير بأنها ستنشأ احتياطها الخاص مدى جاذبية هذه السياسة، ولكنه لم يؤد الى خفض المشاكل المتعلقة بشراء النفط بدون خطة حول كيفية استخدامه. وفي الواقع لا أرى أي مبررات اقتصادية او منافع امنية لانفاق ثلاثة مليارات اضافية على احتياطيات.

فالاحتياطي الحالي كبير بدرجة كافية بحيث يمثل «استراتيجيا» يمكن الاعتماد عليه لتعويض مشاكل في الامدادات المتعلقة باعمال الحرب او الارهاب. ولكن ليس من المرجح ابدا ان يكون كبيرا لمواجهة انقطاع امدادات نفط الخليج او ان يصبح احتياطيا «اقتصاديا» يمكن الاستفادة به لمواجهة ممارسة منظمة الدول المصدرة للنفط لقدراتها بزيادة اسعار النفط.

ويمكن لوزارة النفط الان الافراج عن 4.1 مليون برميل من النفط الخام يوميا لمدة خمسة اشهر متتالية، وهي كمية كافية لمواجهة اية عمليات ارهابية او حرب توقف مؤقتا امدادات النفط. فعلى سبيل المثال، في يناير (كانون الثاني) 1991، خلال حرب الخليج، عرضت ادارة بوش الاب 33 مليون برميل من احتياطي النفط، غير ان السوق اشترى 16 مليون برميل فقط.

وعلى اي حال فإن الاحتياطي الحالي صغير للغاية ومن المحتمل عدم امكانية زيادته بحيث يمكنه مواجهة، وبطريقة فاعلة، خسارة هائلة لامدادات النفط ناجمة عن كارثة تتعلق بانقطاع طويل المدى لتدفق نفط الخليج. وبالمثل، فليس من المرجح ان يصبح الاحتياطي كبيرا بدرجة تتيح استخدامه كاحتياطي اقتصادي لتعديل اسعار النفط. فعندما تقفز اسعار النفط، فالسبب عادة هو ان دول الاوبك بقيادة السعودية قد خفضت انتاجها لزيادة الاسعار.

وبالسهولة التي يمكننا فيها الافراج عن كميات من النفط المخزون ضمن الاحتياطي، يمكن للاوبك ببساطة خفض الانتاج اكثر. وبما ان الاوبك تملك احتياطيا كبيرا من الاموال اكبر من احتياطنا من النفط، فيمكن ان ينضب نفطنا قبل ان تنضب اموال الاوبك.

ان الاحتياطي الدولي الذي تحتفظ به الدول الصناعية، الذي يمكن زيادته عن طريق الاحتياطي الاوروبي الجديد، يمكن الا يكون كافيا لاستخدامه كاحتياطي اقتصادي. ان تنسيق الاحتياطي الدولي للسماح برد فعل اكثر قوة تجاه استخدام الاوبك لقدرات السوق، يتطلب اجماعا شبه مستحيل بخصوص ما يعتبر سعرا «معقولا» للنفط.

وتجدر الاشارة الى انه عندما تم تشكيل الاحتياطي عام 1975، فإن استخدامه كان فكرة لاحقة. فقد تصورنا ببساطة ان مجرد وجوده سيحمينا من الاوبك. ولكن النفط اصبح منذ ذلك الحين متوفرا في سوق السلع. واليوم فإن كل «النقص في الامدادات» ينعكس فورا على اسعار النفط.

وبالرغم من ان المتحدث باسم البيت الابيض اري فليشر اشار الى ان الاحتياطي لن يستخدم لمواجهة ارتفاع اسعار النفط، فلايوجد اي سيناريو يمكن عن طريقه للادارة استغلال الاحتياطي لمواجهة ارتفاع الاسعار.

وحتى في حالة انقطاع الامدادات، فإن استخدام الاحتياطي يمكن ان يضعف حوافز الاسعار لزيادة الانتاج في مجال آخر، وهي حقيقة دفعت ادارة بوش الاول الى عدم الافراج عن النفط من الاحتياطي عندما غزى العراق الكويت عام .1990 وبدون فهم افضل واتفاق واضح حول كيفية استخدام احتياطي النفط الاستراتيجي، فمن الخطر انفاق ثلاثة مليارات دولار لزيادته. وعلى الادارة ان تدرس بحذر كيف نتوقع ان نستخدم الاحتياطي وما هي السياسة التي نتوقع ان يستخدمها. وعندئذ فقط يجب على الرئيس تحديد حجم الاحتياطي. وفي الظروف، بعيدة الاحتمال، التي يمكن فيها لادارة بوش شرح كيفية استخدام احتياطي النفط الاستراتيجي كاحتياطي اقتصادي، فمن المؤكد انها ستحتاج الى احتياطي ضخم. ولكن التحليل المعقول هو ان الادارة ستقرر ان الاحتياطي هو احتياطي «استراتيجي» وفي تلك الحالة فإن الاحتياطي الحالي ليس كافيا.

*محامي في واشنطن، وكان مساعدا خاصا للرئيس كلينتون للشؤون الاقتصادية في عامي 2000 و 2001