السعوديون ينجحون في إدارة المزارع السمكية وتقليص الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك

TT

حققت السعودية تقدماً لافتاً في مجال تربية الأحياء المائية وتطوير الصناعة السمكية بعد نجاح مركز المزارع السمكية، العائدة ملكيته للدولة، في اجراء العديد من التجارب على الأسماك البحرية والجمبري وإقامة نظم لاستزراعه بصورة مربحة، ومع تزايد دور القطاع الخاص في الاستثمار في هذا القطاع الناشئ.

فحسب تقديرات منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة، قطعت السعودية خلال عشرين عاما شوطا طويلا وناجحا في هذه الصناعة سواء على مستوى الانتاجية او على مستوى الكوادر العاملة به. فالشركة السعودية للأسماك، التي يقع مقرها في منطقة الشقيق قرب المنطقة الجنوبية من البحر الأحمر، تنتج حاليا 1500 طن من الأسماك سنوياً، أما الشركة الوطنية للجمبري في منطقة الليث فإنه من المتوقع أن يصل إنتاجها قريباً إلى عشرة آلاف طن في السنة، بينما تقوم شركة جيزان الزراعية ببناء منشآتها الإنتاجية لكي تبلغ طاقتها ألف طن في السنة.

وتشير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة الى أنها ساعدت بدورها مركز المزارع السمكية في جدة منذ تأسيسه في عام 1982، والذي اعتمد، لمدة من الزمن، على الخبراء الأوروبيين والآسيويين في مجال التدريب الميداني. أما الآن فإنّ القائمين على إدارته وتشغيله هم بالكامل من الكوادر الوطنية السعودية، بمن فيهم 37 باحثاً وفنياً يعملون في هذا الموقع الكائن خارج أكبر ميناء في السعودية وفوق رقعة تصل مساحتها إلى 9 هكتارات.

وتأتي هذه الجهود الحثيثة لتضييق الفجوة بين إنتاج الأسماك البحرية البالغ خمسين ألف طن سنوياً وبين استهلاك الأسماك الذي يصل حجمه سنويا إلى مائة ألف طن، وذلك عن طريق الاستفادة من جميع المخزونات السمكية بطريقة مستديمة، علاوة على العمل على تشجيع الصادرات من الأسماك المستزرعة إلى البلدان العربية المجاورة وأوروبا.

وتجري الأبحاث في مركز المزارع السمكية حالياً على الجمبري الأبيض، وخاصة النوع المناسب منه، إذ أنه يعتبر من الأنواع الأصيلة والمغذية والمقاومة للأمراض بصورة جيدة علاوة على انه مرغوب تجارياً، وقد بلغ إنتاج المركز من هذا النوع إلى الآن ما يزيد على ثمانية أطنان لكل هكتار في السنة. كما يعد مركز المزارع السمكية رائدا في مجال تربية الأسماك في المياه العذبة، لاسيما بالنسبة للأنواع المعروفة محلياً باسم البلطي.

ويستخدم المركز خزانات من المياه المالحة التي يتم ضخها عن طريق البحر الأحمر القريب من المنطقة. وقد اتبع المركز أيضاً نظاماً للاستهلاك المحلي يعتمد على ما يعرف بنظام "«البوابات"» لتربية الأسماك. ويتكون هذا النظام الذي ظهر لأول مرة في كينيا، من أحواض إسمنتية مستطيلة الشكل لتربية صغار الأسماك، وأحواض دائرية كبيرة لتغذية أسماك البلطي، علماً بأنّ هذا النظام يستوعب طاقة إنتاجية مقدارها 12 طناً من الأسماك لكل خزان سنوياً.

وتتواصل الأبحاث على أنواع أخرى من الأسماك البحرية، وخاصة الأنواع المعروفة محليا، مثل أسماك الهامور، والناكل، والطرادي. وتحظى بالاهتمام أيضاً أسماك السيجان التي تنمو بسرعة وبالإمكان تسويقها خلال ستة أشهر، بالإضافة إلى أنواع أخرى مثل العربي والبريم والسبيطي.

ولأنّ المواد التي تتغذى عليها الأسماك تشكل ستين في المائة من كلفة عملية الاستزراع السمكي; فقد طوّر الباحثون نوعاً من الغذاء لا يكلف كثيراً، ويتكون من عظام الدواجن.

وبذور الصويا والذرة والشعير، بالإضافة إلى الفيتامينات والمعادن. هذا وتجري باستمرار عمليات التفتيش والرقابة النوعية على غذاء الأسماك.

ومن جهة اخرى تمكن المركز من تطوير نظام متابعة ومراقبة لصحة الأسماك المستزرعة والجمبري، خاصة أنّ الأمراض البكتيرية والطفيليات تعمل على تباطؤ النمو وتقلل من معدلات البقاء، وقد ساعد هذا النظام في الحد من انتشار الأمراض قبل أن تخرج عن نطاق السيطرة فتفتك بأعداد كبيرة من الأسماك.

يشار الى انه برغم السواحل الممتدة للسعودية، إلاّ أنّ المواطنين السعوديين، كعادة سكان شبه الجزيرة العربية، يفضلون تناول لحوم المواشي، والأغنام بصفة خاصة منها. أما الآن فيتزايد اهتمام المستهلكين بالأغذية البحرية الخالية من الكولسترول والسهلة الهضم، إذ يتوقع حسب أحدث دراسة حكومية سعودية أن تزداد نسبة الاستهلاك السمكي من ثلاثة في المائة حالياً لتبلغ تسعة في المائة من البروتين الحيواني المستهلك في السعودية.

=