الحكومة المصرية تواجه التلاعب في سوق الأسمدة بوقف التخصيص وبفتح باب الاستيراد

نصف مليار دولار قيمة حجم السوق المحلي وتوقعات بارتفاع الطلب في ذروة الموسم الحالي

TT

ما كادت أزمة الهبوط والصعود في أسعار الأسمنت في الأسواق المصرية على أيدي الشركات الأجنبية تنتهي حتى بدأت الحكومة تواجه أزمة أخرى، حيث ارتفعت أسعار الأسمدة في الأسواق بنحو 10 في المائة، وقام الموزعون المحليون بحجب الكميات عن المزارعين للمضاربة عليها وذلك في ذروة موسم الطلب على السماد في مصر، وإزاء ما تقدم قررت الحكومة المصرية تجميد تخصيص، ما بقي من شركات الأسمدة مؤقتا، والسماح بفتح باب استيراد الأسمدة، وبكمية تصل الى 700 ألف طن خلال الشهرين المقبلين لمجابهة محاولات «خنق السوق» ورفع الأسعار على المنتجين الزراعيين.

ويقدر الخبراء ان حجم سوق الأسمدة في مصر يصل الى 2.5 مليار جنيه (تعادل أكثر من 500 مليون دولار)، وكانت الحكومة قد قامت في 28 فبراير (شباط) 2002 بتأجير شركة أبو زعبل للأسمدة بعقد لمدة 3 سنوات ينتهي بالبيع الى شركة بولي سير للأسمدة وعرضت بيع النصر للأسمدة بالسويس الى مستثمر استراتيجي، كما عرضت بيع شركة الدلتا للأسمدة التي تمتلك مصنعا في طلخا بالمنصورة (وسط دلتا مصر) على ان يباع 90 بالمائة للمستثمرين و10 في المائة لاتحاد العاملين المساهمين، لكن حدوث أزمة الأسمنت وما أعقبها من اضطراب سوق توزيع الأسمدة وارتفاع أسعارها جعل الحكومة تجمد لأجل لم تحدده خصخصة الشركتين الاخيرتين، ويعمل في انتاج الاسمدة حاليا بمصر ست شركات منها واحدة في منطقة حرة وتصدر كامل انتاجها وأخرى شركة مساهمة تنتج 65 في المائة من انتاج الاسمدة في مصر وهي أبوقير للأسمدة وتملك البنوك وشركات التأمين العامة وبنك الاستثمار حصصا مؤثرة فيها.

ويمكن القول ان هذه الحصص هي أداة الحكومة في توجيه انتاجية الشركة، وقد ضاعف من ارتباك سوق توزيع السماد اضطرار كل الشركات الى تصدير حصص من انتاجها للحصول على العملة الصعبة اللازمة لاستيراد بعض مستلزمات الانتاج وفي ضوء تحسن قدرة السماد المصري على المنافسة بالخارج بعد تعديل سعر الصرف غير ان الحكومة قررت مؤخرا وقف التصدير بشكل مؤقت أيضا وان كان من المشكوك فيه الالتزام بهذا القرار بالنسبة للشركات المساهمة غير الخاضعة للدولة غير ان في يد الحكومة الكثير من الأدوات الفنية لتوجيه الاسواق وضبط عمل كل من الوكلاء الرئيسيين (عددهم نحو اربعين) الذين يتسلمون الانتاج من المصانع ليسلمونه الى الموزعين المحليين، كما ان الحكومة ستتوسع أيضا في توزيع الأسمدة من خلال بنك الائتمان الزراعي (عام) والجمعيات التعاونية الزراعية، وتم رصد استثمارات لزيادة انتاجية الشركات العامة وتطوير تكنولوجياتها.

وفي جانب آخر يرى ممدوح عبد الباقي رئيس شركة «سماد مصر» كما يرى مسؤولون في بولي سير ان تخصيص شركات الأسمدة هامة وحيوية ومطلوبة لان معظمها يعمل بـ«أرجل عرجاء» بسبب ضعف معداتها وعدم التطوير لمدة طويلة، كما ان التخصيص مطلوب للتوسع في الانتاج ورفع مستواه بل ان البيع سيوقف نزيف الخسائر أو قلة الأرباح في شركات قطاع الأعمال العام، كما ان توافر الانتاج والمنافسة سيؤديان الى انخفاض السعر كما انه لا بد من فتح باب الاستيراد وإلغاء الرسوم الجمركية العالية التي تتجاوز 30 في المائة حتى تتاح الفرصة لمعادلة العرض والطلب.