خبراء: الأردن سيواجه «كارثة» اقتصادية في حال توجيه ضربة عسكرية للعراق

مخاوف من انهيار شراكة تجارية بين البلدين في ظل استيراد بغداد 20% من صادرات الأردن

TT

عمان ـ أ.ف.ب: يحذر مسؤولون رسميون وخبراء اقتصاديون في الاردن من «كارثة» تصيب الاقتصاد الوطني في عام 2003 في حال شن الحرب على العراق، الشريك التجاري الرئيسي للاردن، رغم تحقيق الاقتصاد الاردني انجازات مهمة العام الماضي. فقد حقق الاقتصاد الاردني معدل نمو بلغ 9،4 في المائة في الاشهر العشرة الاولى من عام 2002 كما ارتفع حجم الصادرات بنسبة 7،15 في المائة وحجم التداول في سوق الاوراق المالية بنسبة حوالي 43 في المائة، بحسب الارقام الرسمية.

الا ان هذه الانجازات مهددة بالانهيار اذا مضت واشنطن في خططها الهادفة الى ضرب العراق الذي يستورد اكثر من 20 في المائة من اجمالي الصادرات الاردنية ويزود الاردن بكل احتياجاتها النفطية التي تزيد عن خمسة ملايين طن من النفط سنويا.

ويقول وزير الاقتصاد سامر الطويل «وفقا لأسوأ السيناريوهات التي تحسب لها الحكومة الاردنية، فان شن هجوم عسكري على العراق سيشكل كارثة للاردن خاصة في حال توقف واردات النفط». ويضيف ان توقف الواردات النفطية «سوف يسبب خسارة مباشرة للخزينة تقدر بـ700 مليون دولار، اي ما يوازي ثلث الموازنة السنوية الاردنية، وهذا رقم هائل».

وكانت مصادر رسمية اشارت الى احتمال ان تلجأ الحكومة الى تركيز ناقلة نفط في خليج العقبة تستخدم خزانا للنفط، لتدارك النقص المتوقع في المحروقات. ويؤكد الطويل ان «السعودية سوف تكون ثاني دول المنطقة تأثرا بالضربة الاميركية بعد العراق»، مشيرا الى ان انعكاسات هذه الضربة على الاردن «تتوقف على مدتها وشكلها وهل سيتوقف امدادنا بالنفط والى متى سوف يستمر هذا الانقطاع». وبحسب التوقعات الرسمية، فان اكثر القطاعات التي سوف تتضرر من الحرب هو قطاع النقل حيث تعمل اكثر من سبعة الاف شاحنة على الخط البري بين الاردن والعراق، الى جانب النفط والسياحة وتجارة الترانزيت والصناعة. كما ستتراجع قدرة الاردن على جذب استثمارات اجنبية للقيام بمشاريع جديدة من شأنها خلق فرص عمل تساهم في حل مشكلتي الفقر والبطالة اللتين يعاني منهما الاردن.

وبالرغم من تعديل العديد من التشريعات الاقتصادية عام 2002 وتوقيع الاردن العديد من الاتفاقيات وابرزها اتفاقيتا التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، والشراكة مع اوروبا اللتان فتحتا اسواقا جديدة للصادرات الاردنية، الا ان هذه التدابير فشلت في جذب الاستثمارات المباشرة للاردن. ويقول وزير الاقتصاد «لم نحقق ارقاما مشجعة في الاستثمار حتى الان، هناك مبادرات فردية لكنها دون ما نطمح اليه»، مشيرا الى ان «الاستثمار الاجنبي المباشر لم يكن بمستوى طموحنا» خلال العام .2002 من جهة اخرى، تأثر برنامج التخصيص الذي اطلقته الحكومة الاردنية قبل ثلاثة اعوام الى حد كبير بإحجام المستثمرين الاجانب عن شراء حصص في الشركات المعروضة للبيع مثل شركة الملكية الاردنية للطيران وشركة الفوسفات وغيرهما.

كما القت الانتفاضة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة واحداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001 بظلالها على قطاع السياحة في عام 2002، اذ تراجعت عائداتها بسبب الانخفاض الكبير في اعداد السياح الغربيين.

غير ان بعض الخبراء الاقتصاديين يميلون الى التخفيف من حدة المخاوف من انعكاسات الضربة للعراق على الاقتصاد الاردني، ويقول المصرفي الاردني مفلح عقل ان الضربة للعراق «لن تكون كارثية على ما اعتقد، والدليل ان الاردن تمكن من تجاوز اثار خسارته جزءا كبيرا من اراضيه»، في اشارة الى خسارة الاردن الضفة الغربية بعيد حرب يونيو (حزيران) 1967 بين العرب واسرائيل. ويؤكد ان «الخروج من تأثيرات الضربة المحتملة للعراق سوف يتم في فترة معقولة، وسيكون بامكان الاردن التكيف والتعايش معها».

ورغم الاجواء السلبية العامة، فقد حققت بعض القطاعات تقدما ملحوظا وخصوصا قطاع الصناعات في المناطق الصناعية المؤهلة التي تتمتع باعفاء كامل من الرسوم الجمركية في السوق الأميركية.

وقد بلغت قيمة الصادرات الاردنية الى الولايات المتحدة في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي 220 مليون دولار مقارنة مع مبلغ خمسة ملايين في عام .1997 كما حقق الاحتياطي الأجنبي في البنك المركزي معدلا بلغ 9،3 بليون دولار وهو اعلى رقم يحققه الاردن في تاريخه. وحقق حجم التداول في البورصة الأردنية العام الماضي رقما قياسيا ليصل الى 950 مليون دينار (1.3 بليون دولار) وارتفعت احجام ملكية المستثمرين الأجانب في البورصة الأردنية وغالبيتهم من العرب.

ورغم هذا التقدم، يحذر جليل طريف الرئيس التنفيذي لسوق الأوراق المالية من ان «البورصة ستكون احد ابرز الخاسرين اذا ما حدثت مواجهة بين العراق والولايات المتحدة».