انطلاق المفاوضات الأميركية ـ المغربية لإبرام اتفاقية التجارة الحرة

TT

بدأت الولايات المتحدة محادثات رسمية مع المغرب تهدف الى ابرام اتفاق للتجارة الحرة بين البلدين بعد ان وصفت الرباط بانها حليف وثيق في الحرب على الارهاب.

وقال روبرت زوليك الممثل التجاري الاميركي اول من أمس بمناسبة افتتاح المحادثات: ان اتفاق التجارة الحرة المقترح مع المغرب يمثل رسالة لمنطقة الشرق الاوسط المضطربة توضح تأييد أميركا لمجتمعات اسلامية تتسم بالتسامح والانفتاح ومزيد من الرخاء. وأضاف ان الاتفاق سيعد مكافأة للمغرب «الذي كان من أوائل الدول التي ادانت هجمات 11 سبتمبر (ايلول) على الولايات المتحدة ووقف الى جانبنا منذ ذلك الوقت في الحرب على الارهاب».

ووصف زوليك المغرب بأنه سوق صاعدة وله موقع استراتيجي في ملتقى كل من أوروبا وافريقيا والشرق الأوسط، وأيضا بأنه بلد شرع برعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس في عملية إصلاحات شاملة «تشرف عليها حكومة منتخبة ديمقراطيا».

وقال زوليك ان أهمية مشروع الاتفاق تتمثل بشكل خاص في ارتفاع حجم المبادلات بين البلدين خلال السنوات الست الماضية وفي تشجيع التنمية وإحداث فرص الشغل بالمغرب ووضع إطار تنافسي أكثر عدلا بالنسبة للمقاولات الأميركية بالمقارنة مع نظيراتها الأوروبية. واضاف زوليك أن أهمية المشروع تكمن ايضا في إعمال آلية مبتكرة لتقديم المساعدة لفائدة المغرب باعتباره «بلدا عصريا يضطلع بدور طلائعي» بالنسبة لدول المنطقة كما هو الشأن بالنسبة لكافة الدول النامية التي ساهم ضمنها بنشاط في إحداث المنظمة العالمية للتجارة التي أعلن عن ميلادها في مراكش.

وسعت اميركا لاجراء محادثات التجارة الحرة مع المغرب منذ اجتماع عقد في ابريل (نيسان) الماضي بين الرئيس الاميركي جورج بوش والملك محمد السادس.

وقال الطيب الفاسي الفهري الوزير المغربي المنتدب في الشؤون الخارجية، وكبير المفاوضين المغاربة في مؤتمر صحافي مشترك مع زوليك: ان المغرب شرع في السنوات الاخيرة في اجراء سلسلة من الاصلاحات الاقتصادية ستسهم في الاسراع بمحادثات التجارة الحرة. وأضاف «نعتقد ان بامكاننا استكمال اتفاق التجارة الحرة هذا العام، وسنعمل جاهدين لتحقيق ذلك».

وتبلغ الصادرات الاميركية للمغرب نحو 475 مليون دولار سنويا وعلى رأسها الطائرات والقمح والمعدات، بينما ارتفعت الصادرات المغربية لاميركا في السنوات الاخيرة الى نحو 435 مليون دولار سنويا.

ويفرض المغرب رسوما جمركية تصل الى نحو 20 في المائة في المتوسط على المنتجات الاميركية بالمقارنة مع رسوم تبلغ اربعة في المائة فقط تفرض على السلع المغربية المباعة في السوق الأميركية. وقال زوليك ان الاتفاق المقترح وهو الاول من نوعه مع دولة افريقية سيعزز الصادرات الزراعية الاميركية للمغرب، بما فيها القمح وحبوب العلف وفول الصويا ومنتجاته.

وأضاف انه سيفتح أيضا سوقا جديدة لمنتجات اللحوم والاغذية المصنعة الاميركية مع نمو الاقتصاد المغربي وتطوره.

وقال زوليك ان الاتفاق سيؤدي الى الغاء الرسوم المغربية على المنتجات الزراعية الاميركية مما سيمنح المزارعين الاميركيين ميزة كبيرة على منافسيهم من دول الاتحاد الاوروبي.

وأوضح مسؤول اميركي ثان، طلب عدم الكشف عن اسمه، ان القطاع الزراعي سيكون على الارجح من اصعب نقاط التفاوض بين الجانبين لانه سيلتزم اجراء اصلاحات كبيرة لكن واشنطن على استعداد للعمل مع المغرب على الغاء الرسوم على مراحل، لمنح المزارعين المغاربة الفرصة للتكيف مع المنافسة الاجنبية.

وتأمل الولايات المتحدة ايضا ان يعزز الاتفاق حماية الافلام السينمائية والموسيقى وبرامج الكومبيوتر والكتب من عمليات الاستنساخ غير القانونية ويقضي على المعوقات التي تحول دون دخول شركات صناعة الخدمات الاميركية السوق المغربية.

وفي معرض رده على سؤال بشأن تصريحات نسبت لوزير التجارة الفرنسي فرانسوا لوس مفادها أن ابرام اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الاوروبي كان يستبعد ابرام أي اتفاق مماثل مع الولايات المتحدة، قال زوليك ان «عهد الاستعمار قد ولى» منذ 100 عام، مؤكدا في الوقت ذاته أن السلطات الفرنسية أكدت له خلال زيارته لباريس أن التصريحات المنسوبة إلى الوزير الفرنسي تم تأويلها خطأ.

وأضاف «لقد شرح لي أن الامر يتعلق بسوء تفاهم وأن الوزير لا يرى أي تعارض في ابرام اتفاقيات للتبادل الحر سواء مع الاتحاد الاوروبي أو الولايات المتحدة»، مؤكدا أنه «يجب ألا ينظر إلى المسألة من زاوية تنافس بين القوى». وقال «نريد من جانبنا أن تكون للمغرب علاقات جيدة مع اوروبا ومع الولايات المتحدة وأن تكون له مزيد من الخيارات». ومن جهته أيد المفاوض المغربي ما قاله زوليك.

وكانت شارلين بارشيفسكي الممثلة التجارية الاميركية السابقة قد حثت ادارة بوش في الفترة الاخيرة على تدعيم حربها على الارهاب بتعزيز التجارة مع الدول الاسلامية ومساعدتها على الاندماج في الاقتصاد العالمي.

وسيكون اتفاق التجارة الحرة المقترح ثاني اتفاق في نوعه مع دولة عربية بعد الاتفاق المبرم مع الاردن والذي أقره الكونغرس الاميركي عام .2001 ومن المنتظر أن يحتضن المغرب خلال شهر مارس (اذار) المقبل الجولة الثانية من المفاوضات. وعبر الجانبان عن أملهما في أن تختتم المحادثات خلال السنة الجارية.