الطريق لا يزال طويلا أمام الخرطوم لإقناع المستثمرين بضخ الأموال إلى السودان

TT

انطلقت امس في دبي فعاليات «ملتقى السودان الاستثماري» بحضور حشد كبير من الوزراء والمسؤولين السودانيين وعدد مخيب للآمال من رجال الاعمال والمستثمرين الذين كان يستهدفهم هذا الملتقى. فقاعة المؤتمرات الكبرى في غرفة صناعة وتجارة دبي كانت شبه فارغة من الحضور فيما غاب عن الافتتاح ايضا كبار المسؤولين المدعوين واقتصر الحضور الرسمي الاماراتي على وزير الدولة الامارتي لشؤون المالية والصناعة الدكتور خلفان بن خرباش الذي ادار بكفاءة عالية ندوة «آفاق ومستقبل الاستثمارات العربية في السودان». ورغم ان الخرطوم بدأت منذ عهد قريب بتشغيل ماكينة العلاقات العامة في الاسواق الرئيسية التي تستهدفها ومنها الامارات الا ان حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة الى السودان لم تتجاوز 163 مليون دولار قبل عامين.

ويرى محللون ان جملة الاجراءات المشجعة التي اتخذتها حكومة عمر البشير لجذب الاستثمارات الاجنبية الى البلاد خاصة بعد ظهور النفط لم تقنع المستثمرين الدوليين بالمغامرة في ظل الاجواء السياسية المشحونة في السودان وخاصة الحرب الاهلية المستمرة منذ ما يزيد عن العقدين. وقال محلل ان معظم الاستثمارات الاجنبية في السودان تركزت في مجال التنقيب عن النفط وهي محدودة ايضا بسبب القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على التدفق الاستثماري للسودان. وقد اصبح الدخل الناجم عن تصدير البترول للاسواق العالمية اصبح يساهم بنسبة 40% من اجمالي الدخل القومي للبلاد الغنية بالموارد الطبيعية.

وفيما تتركز الجهود الحكومية في الخرطوم على احياء القطاع الزراعي الهائل الموارد لاستقطاب الاستثمارات الا ان هذا القطاع الذي يعد العمود الفقري للاقتصاد السوداني يعاني من مشكلات جمة بسبب الحرب الاهلية. فوفقا لوزارة الخارجية الاميركية فإن الحرب الاهلية وسوء الادارة الاقتصادية والعدد الضخم للاجئين ادت جميعها الى تدمير الاقتصاد الزراعي.

وبلغ متوسط النمو المركب للناتج المحلي السوداني بين الاعوام 1991 ـ 2000 نسبة 7.8% سنويا فيما ارتفعت حصة الفرد من 199 دولارا الى 319 دولارا. وقال محلل اقتصادي انه وسط هذه الاوضاع الصعبة التي تغذيها حالة عدم الاستقرار بين الحكومة والحركة الانفصالية رغم اتفاقيات السلام بين الطرفين يبدو انه امام السودان طريق طويل لاقناع المجتمع الاستثماري الدولي بضخ الاموال في مشروعات طويلة الامد. الا ان عبد الرحيم حمدي وزير المالية والاقتصاد الوطني السوداني السابق يرى ان السودان هو «نجم للاستثمار في العالم العربي والافريقي» رغم المشكلات التي يراها فرصا بقدر ما هي تحديات.

وذكر الوزير السابق في المنتدى ان الدولة في السودان «عازمة ومصممة على مساعدة المستثمرين في التغلب على المشاكل التي تعوق وتحد من تدفق الاستثمارات» معتبرا ان انشاء وزارة للاستثمار لأول مرة في تاريخ السودان خطوة تدل على ذلك التصميم. ويبدو ان قانون تشجيع الاستثمارات الاحدث الذي صدر عام 1999 وعدل في العام التالي والذي يعتبر وفقا لوزير الاستثمار السوداني الشريف احمد عمر بدر نقلة نوعية في تاريخ التشريعات الاقتصادية في السودان لم ينجح الا في استقطاب بعض المستثمرين الافراد. وقد صدرت في السودان منذ استقلاله اوائل الخمسينات نحو 10 قوانين لتشجيع الاستثمارات يتم تعديلها وتغييرها واحيانا الغاؤها وفقا للمناخ السياسي الجديد.