مدير الاستثمارات الخارجية : الجميع سواسية والفرصة متاحة لأي عربي أو أجنبي لاستعمال العملة المغربية (الدرهم) كعملة صعبة

حسن البرنوصي: «موعد الاستثمار العربي» سيكون مناسبة لبحث إنشاء وكالة عربية للاستثمار وتنظيم قواعد المنافسة * ندعو الى تنظيم التنافس والاتفاق على قواعد موضوعية * لا أعتقد ان الحرب ستقع أما اذا وقعت فستنتج عنها مشاكل كبيرة

TT

* إصلاحات جديدة تأخذ طريقها لتعزيز المنافسة الاقتصادية أمام الشركات المحلية والعالمية.

* قال حسن البرنوصي مدير الاستثمارات الخارجية بالمغرب إن «الاستثمار العربي في المغرب واجه في الفترة السابقة مشاكل وعقبات، ولكن المغرب تغير وندعو المستثمرين العرب للتخاطب مع «المغرب الجديد»، معلنا عن اصلاحات وتدابير جديدة وحوافز في ميدان الاستثمار بالمغرب».

وفي حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في الرباط سلط البرنوصي الأضواء على أهداف منتدى «موعد الاستثمار العربي»، الذي يعقد للمرة الأولى عربيا وتحتضنه الرباط يومي 26 و27 فبراير( شباط) الحالي برعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، وأكد أنه يبحث وضع قواعد موضوعية للمنافسة ولتنظيم الاستثمار في العالم العربي، متوقعا نجاح المنتدى رغم الظروف الدولية الخاصة التي يعقد فيها.

والبرنوصي هو من الوجوه الشابة ومن صناع القرار الاقتصادي في المغرب، وهو مهندس خريج الجامعات الفرنسية ومتخصص في الاتصالات والالكترونيات الحديثة.

* ما هي الاهداف التي تنتظرونها من منتدى الاستثمار العربي، الذي تعقدونه نهاية الشهر الحالي في الرباط؟

ـ ان منتدى «موعد الاستثمار العربي» ليس الهدف منه أن يكون موعدا مغربيا للاستثمار، بل موعد عربي ثابت للاستثمار العربي، كما لا نسعى ليكون هذا الموعد ثابتا في المغرب بل ننتظر أن تحتضنه عواصم عربية أخرى سنويا بالتناوب، وسنطلب خلال الندوة من كافة الوفود المشاركة تقديم اقتراحات بهذا الصدد لاستضافة الدورة المقبلة. وبالتالي فإن المشاريع الاستثمارية التي يناقشها المنتدى لن تكون مشاريع مغربية وحسب، بل أيضا مشاريع قابلة للتنفيذ في أي بلد عربي. والمهم أن ننجح في تنظيم اطار عربي للاستثمار، ولهذا وجهنا الدعوة لكل وكالات الاستثمار العربية كي نبحث معا أهداف وكالة عربية متخصصة في تشجيع الاستثمار، وقد لاحظنا أن كل الدول العربية تمنح امتيازات للمستثمرين، وان هنالك تنوعا في القطاعات والفرص أمام المستثمرين في الدول العربية. وهو وضع يمكن أن نستفيد منه جميعا من خلال اقتراح مشاريع وتنسيق جهودنا وخططنا لتشجيع المستثمرين، وتنظيم المنافسة وعدم السقوط في التضارب.

* وكيف تم اعداد المشاريع التي يناقشها المنتدى؟

ـ أولا نحن كادارة استثمار، وكمنظمين للمؤتمر، لم نقم باعداد المشاريع التي اقترحناها للمناقشة في المنتدى، بل عهدنا الى مصارف، وخصوصا مصارف الأعمال، اقتراح مشاريع جاهزة لديهم من جميع الجوانب، وهم يقترحون على المستثمرين المشاركة ماليا أو بخبرة تقنية في ميادين معينة، وهم كمصارف يقدمون خلال المؤتمر في شكل جلسات مناقشات عملية ومهنية للمشاريع، وبالتالي نحن كهيئة رسمية لم يكن دورنا الاعداد لتلك المشاريع.

* هل أن صانعي القرار الاقتصادي ورجال الأعمال العرب، بلغوا برأيك مستوى من التقارب والتفاهم الى حد التكامل والتنسيق بدل التضارب حول حصة استثمارية هي أصلا ضعيفة جدا من اجمالي الاستثمارات العالمية؟

ـ التنافس لا بد منه وهو أمر ايجابي ولا بد من تشجيعه، ولكننا ندعو الى تنظيم التنافس والاتفاق على قواعد موضوعية، ومن أجل ذلك وجهنا الدعوة لهيئات للاستثمار العربية كي تلتقي وتناقش في ما بينها خططها في ميدان الاستثمار، وتستطيع أن تبلور برنامج عمل منسق تحكمه قواعد موضوعية. ويمكنني القول ان الهدف الرئيسي هو تنظيم أشكال تشجيع الاستثمار في الدول العربية.

* وهل لديكم تصورات معينة ستقدمونها في المنتدى على طاولة المناقشة؟

ـ نحن نلتقي للمرة الأولى، ولا يعقل أن نضع المشاركين أمام صيغة معينة للعمل المشترك، بل نحن اقترحنا فرصة لقاء لنناقش معا الأفكار المختلفة حول سبل تشجيع الاستثمار في العالم العربي، وآنذاك ستتبلور الصيغ المناسبة، ونأمل أن يتحقق ذلك في الدورة الثانية للمنتدى، التي ستلتئم في احدى العواصم العربية ان شاء الله، وآنذاك سنقدم من جانبنا مشروعا محددا. وأعتقد أن الدول العربية مطالبة بتجاوز منطق الخطاب السياسي، مهما كانت مستويات تطابقه، الى مستوى تفعيل التعاون الاقتصادي وتعميقه وتوحيد الآراء، لا سيما أن العالم العربي بحاجة الى اقامة تكتل اقتصادي، ولدي اليقين بأن التقدم في ميادين التعاون الاقتصادي سيكون له أثر عميق في مستقبلنا، الذي تواجهه تحديات كبيرة في مقدمتها تحدي العولمة الذي لا يمكن ربح رهانه من دون التسلح بتكتل اقتصادي عربي .

* وما هي درجة تجاوب صانعي القرار ورجال الأعمال في العالم العربي مع مبادرتكم لتنظيم هذا المنتدى، لا سيما في ظل اجواء التوتر والمخاوف من الحرب التي تخيم على المنطقة؟

ـ لدينا ادراك بأن العالم العربي يجتاز مرحلة صعبة، ربما تكون عائقا أمام مشاركة بعض المعنيين، لكننا تمسكنا بتنظيم المنتدى في موعده لنبين أننا لسنا متخوفين من قيام حرب لأننا نستبعدها، رغم أن بعض الاخوة أبدوا مخاوف وأعربوا عن انشغالهم بارتباطات أخرى، لكننا متأكدون من حضور مكثف ونوعي ويمكنني التنويه هنا بالمشاركة المتميزة التي سيشكلها حضور الأمير الوليد بن طلال رئيس مجلس ادارة «مجموعة المملكة»، وسيشرف المنتدى، في حفل عشاء ينظم على شرفه، وأنا متفائل بنجاح المنتدى، المهم أن نتوصل الى صيغة لتوحيد الرؤية العربية لملف الاستثمار، واذا أمكن الاجتهاد للوصول الى مرحلة منطقة تبادل حرة عربية كتتويج للمسارات التي انطلقت في مستويات متعددة وأعني بها مجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي ومنطقة التبادل الحرة العربية المتوسطية (اعلان أغادير).

ان المطلوب اطلاق مسلسل تعاون عربي تبنى لبناته لبنة لبنة وقطاعا قطاعا، حتى نصل الى مستوى متقدم من التعاون ومراكمة المصالح المشتركة، ومنهجيا سيكون من المفيد للعرب الانطلاق من القطاعات التي لا يوجد فيها تنافس، أما القطاعات التي تقوم بشأنها منافسة فالمطلوب أن نقيم لها نظاما قائما على قواعد موضوعية للمنافسة.

* وما هي توقعاتك بشأن احتمالات قيام حرب في العراق، وما هي انعكاساتها المحتملة على أوضاع الاستثمار في العالم العربي؟

ـ أولا، لا أعتقد أن الحرب ستقع ولا أتمنى قيامها، لا سيما أن العالم يشهد حاليا موجة وكتلة معارضة كاسحة لقيام الحرب، أما اذا وقعت لا قدر الله فستنتج عنها مشاكل كبيرة، وستتأثر كل معطيات الاستثمار والاقتصاد، لا سيما بالنسبة لبلد كالمغرب الذي لا ينتج البترول، ويعتمد على السياحة، وهما قطاعان سيتأثران بشكل كبير باتجاه ارتفاع كلفة صادراتنا من البترول وتراجع عائدات السياحة، وسينتج عن ارتفاع مواد الطاقة انعكاس مباشر على القطاع الصناعي.

* ما هي خطتكم الجديدة من الحوافز والتسهيلات للاستثمار العربي في المغرب؟

ـ أولا نحن لا نميز بين مستثمر سواء كان عربيا أم أجنبيا أم مغربيا بمن فيهم أبناء الجالية المغربية في الخارج الذين ندعوهم بدورهم لتنظيم مبادراتهم وتجاوز حالة التشتت وتعدد المخاطبين.

وتحكم ميدان الاستثمار بالمغرب جملة من نصوص القوانين والتدابير المحفزة، ويعد ميثاق الاستثمار(مجموعة نصوص قانونية خاصة بالاستثمار)، المرجع الأساسي للمستثمر الذي يقصد المغرب.

ان المستثمرين سواسية أمام الفرص التي يتيحها القانون، والعنصر الوحيد الذي يتعين الاشارة اليه هنا هو ان الفرصة متاحة لأي مستثمر عربي أو أجنبي، لاستعمال العملة المغربية (الدرهم) كعملة صعبة، وهي عملية لا تخضع لأية قيود، سواء في عملية تحويل العملة أو التعامل بها.

* وما هي ملاحظاتك على ضعف الاستثمارت العربية؟

ـ هنالك بعض المشاكل التي تعوق نمو الاستثمارات العربية بالمغرب، فهذه الاخيرة تعاني اولا من ضعف الاتصال والتواصل بين الفاعلين الاقتصاديين المغاربة ونظرائهم العرب، وتعاني ايضا من مشاكل النقل سواء البحري او الجوي، هناك ايضا ضعف المعارض التجارية المتخصصة في التعريف بالانجازات الاقتصادية المغربية والامكانيات التي يتيحها الاقتصاد المغربي في مجال الاستثمار.

هذه بعض المشاكل التي تحول دون تشجيع الاستثمارات العربية بالمغرب، ونحن مدركون أن عددا من المشاكل حصلت في الماضي نتيجة أدوار ومعاملات غير لائقة وقعت بسبب مصالح ضيقة، ولكننا نريد القول اليوم ان هنالك مغربا جديدا ومخاطبا موحدا للمستثمر، ونحن نقول لهم تعالوا للتخاطب مع مغرب جديد.

وقد حدث تطور في حجم الاستثمارات العربية رغم أنها ما تزال تحتل مركزا محدودا وناهزت قيمتها 65 مليون دولار أميركي وتبلغ نسبتها 15 في المائة من مجموع الاستثمارات الأجنبية التي استقطبها المغرب سنة 2002 .

ويحظى رأس المال العربي باهتمام كبير جدا من طرف المغرب، خصوصا في ظل الاوضاع الحالية للاقتصاد العالمي، فالمفروض ان تتجه كل البلدان العربية، وليس المغرب فحسب، الى دعم التعاون الاقتصادي في ما بينها، من اجل مواجهة التحديات التنافسية التي تطرحها باقي الاقتصاديات في العالم، واستغلال وروابط الاخوة المتينة التي تجمع بين هذه البلدان في تحقيق التنمية العربية المشتركة، التي تنطلق من ضرورة تعزيز ودعم علاقات التعاون الاقتصادي والمالي بينها.

وقد رحبنا بمبادرة انشاء نادي المستثمرين العرب بالمغرب والراغبين بالاستثمار من خلال اطار منظم كي يساهم في النهوض بالاستثمارات العربية ومساعدتها على تجاوز كافة العراقيل. كما وقع المغرب على معاهدات التبادل الحر مع مجموعة من الدول العربية.

* ما هي القطاعات الاستثمارية التي تحظى بأولوية في أجندة المغرب؟

ـ اعتمدت الحكومة المغربية حوافز مهمة وتشجيعات لعدد من القطاعات وفي مقدمتها السياحة والتكنولوجيات الحديثة والصناعات الغذائية والميدان العقاري، وخاصة السكن الاجتماعي وقطاع النسيج، والمطروح الآن على المشرفين على هذه القطاعات أن يعدوا رؤية بعيدة المدى حول تطور الاستثمار فيها بشكل منسجم، وليس تطورا أحاديا قائما على قطاع واحد. وهنالك اهتمام خاص بالنهوض بالشركات الصغرى والمتوسطة، حيث تم وضع ميثاق خاص لتشجيع هذه المقاولات التي تعتبر الركيزة الاساسية للنسيج الاقتصادي الوطني، اذ تمثل 95 في المائة من الشركات.

* لكن بعض المستثمرين ينتقدون القيود التي يضعها مكتب الصرف في سبيل معاملاتهم المالية؟

ـ لست متفقا مع هذا الرأي وهو غير صائب، لأن دور مكتب الصرف في المغرب تقلص الى حد كبير وأصبح اليوم خاضعا لسياسة ليبرالية، ولا يتجاوز دور المراقبة البعدية (اللاحقة) للمعاملات. ويمكن التأكيد ان المغرب ينهج سياسة ليبرالية في القطاع الصرفي، وان ميثاق الاستثمار اقر مجموعة الاجراءات المشجعة على الاستثمار في ما يخص نظام الصرف، وضمنها:

أولا: ان تحويل الارباح وعائدات الاستثمار لا يخضع لأي رخصة مسبقة وبدون تحديد لا للمبلغ ولا لزمن التحويل.

وثانيا: بخصوص الحسابات البنكية المفتوحة للاجانب، يمكن ان تتم بالعملة الاجنبية او الدرهم القابل للتحويل، ولا يتطلب ذلك ترخيصا مسبقا من مكتب الصرف.

وثالثا: يمكن للمستثمرين الاجانب، انجاز معاملاتهم في الخارج بالدرهم القابل للتحويل او بواسطة العملات الاجنبية.

* يلاحظ بعض المستثمرين العرب ان المشاكل المرتبطة بالعقار تشكل عائقا كبيرا امامهم، فهل لديكم تدابير خاصة لتجاوز هذا المشكل؟

ـ لقد اتخذت تدابير مهمة في هذا الميدان والهدف منها معالجة المشاكل العقارية التي كانت تعوق المستثمرين، وضمن تلك التدابير:

أولا: تم منح صلاحيات التفويض للولاة ببيع الاراضي المعدة لانجاز المشاريع الاستثمارية في ميادين الصناعة والتصنيع الفلاحي والمعادن والسياحة والصناعة التقليدية والسكن، التي تقل قيمتها عن 200 مليون درهم ( ما يعادل 20 مليون دولار ) تطبيقا للرسالة الملكية بمناسبة احداث المراكز الجهوية للاستثمار.

وثانيا: انشاء صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من اجل تنمية بعض القطاعات، كقطاع السياحة وقطاع النسيج والالبسة والجلد وقطاع الالكترونيات وبعض فروع القطاع الصناعي عبر التكفل بكل او بعض المصاريف المتعلقة بالعقار.

وثالثا: تحويل المحافظة العقارية الى مؤسسة عمومية.

ورابعا: على مستوى التشريعات والقوانين الخاصة بالاستثمار، صدر ميثاق للاستثمار يتضمن تدابير، وضمنها التكفل الجزئي للدول بنسبة 50 في المائة من نفقات اقتناء الارض اللازمة لانجاز الاستثمار، ونسبة 30 في المائة من نفقات البنيات الاساسية الخارجية للمشروع، اضافة الى مصاريف التكوين المهني.

وقد عملت الحكومة، ايضا، على تسطير برنامج يهدف الى احداث مناطق صناعية جديدة (بوخالف، الجرف الاصفر، النواصر، الناظور، بوسكورة، أيت اولال، سيدي سليمان، مول كفان وغيرها) من اجل توفير الاراضي الصالحة للاستثمار.

هذا بالاضافة الى احداث لجنة للاستثمارات يرأسها الوزير الاول، ويعهد اليها بالنظر في العراقيل التي تواجه المستثمرين، وكذلك المصادقة على عقود الاستثمار التي توقعها الحكومة مع المستثمرين.

* وكيف يمكن للمستثمر تجاوز الصعوبات التي تطرأ أمامه في حالة اختياره عقارا يقع تحت سلطة عدة ادارات؟

ـ هذه مسألة اتفق معك في اثارتها نظرا لما ينتج عنها من عراقيل للمستثمر، والحل الوحيد الذي وجدناه هو احداث المراكز الجهوية للاستثمار، وقد أصبحت تحت اشراف الولاة في كل الجهات، ولهم تعود مسؤولية متابعة ملفات الاستثمار في جهاتهم، وبذلك اصبح للمستثمر مخاطب وحيد هو المركز الجهوي للاستثمار، بل تعدد الادارات والمخاطبين والسلطات التي غالبا ما تؤدي تدخلاتها الى غموض وتضارب لدى المستثمر، ولا أقول اننا تجاوزنا هذا الوضع كليا، ولكننا ماضون في قطع أشواط متقدمة لتنظيم دور المراكز الجهوية للاستثمار .

* وماذا تحقق منذ احداث هذه المراكز الجهوية للاستثمار؟

ـ لقد تقرر احداثها منذ سنة، وافتتح أول مركز منذ ستة اشهر، وأعتقد أنه ما يزال الوقت مبكرا لتقييم حصيلة دور هذه المؤسسة، وقد تضمنت الرسالة الملكية المعلن عنها في 9 يناير (كانون الثاني) 2002، احداث مراكز جهوية للاستثمار مكونة من شباكين:

ـ الشباك الاول: يتكلف بالمساعدة على إنشاء الشركات، حيث يشكل المخاطب الوحيد بالنسبة للاشخاص الراغبين في احداث مقاولة ويتولى مهمة وضع مطبوع موحد رهن اشارة المستثمرين، يتضمن كل المعلومات الضرورية لانشاء المقاولة، كما يتولى القائمون على هذا الشباك انجاز كافة الاجراءات الضرورية للحصول على الوثائق والشهادات التي تقتضيها التشريعات والتنظيمات لاحداث اي مقاولة.

أما الشباك الثاني: فهو خاص بمساعدة المستثمرين، ويعمل على تزويدهم بالمعلومات الضرورية ودراسة كافة طلبات الترخيص الاداري او تحضير الوثائق الادارية، كما يتولى دراسة مشاريع العقود والاتفاقيات التي ستبرم مع الدولة.

والحقيقة ان هذه المراكز الجهوية للاستثمار حققت الى حد كبير ما كان يتوخى من احداثها، من حيث تبسيط المساطر والاجراءات الادارية التي تعوق مسار المستثمر، ودعم وتوجيه ومرافقة المستثمرين وتقليص المدة المطلوبة لاعداد مشاريع الاستثمارات، ولا ادل على ذلك من الارتياح الكبير الذي عبر عنه المستثمرون والمسؤولون الاجانب اكثر من مرة عبر وسائل الاعلام، اضف الى ذلك العناية الخاصة التي حضيت بها هذه المراكز من خلال الزيارة الكريمة التفقدية التي قام بها العاهل المغربي.

* وكيف تردون على ملاحظات المستثمرين حول عراقيل البيروقراطية وسوء التدبير الذي يطبع سلوك الإدارة المغربية؟

ـ هذه وضعية تتطلب إصلاحات تدريجية، والإصلاحات لا تتم بين عشية وضحاها، وهنالك جهود قطعت في هذا السبيل لكنها تتطلب وقتا أكثر، وقد انجزت الحكومة السابقة خطوات في سبيل تخليق الحياة العامة ومكافحة الرشوة في الإدارة، واعتقد أن الحكومة الحالية هي حكومة اقتصادية في المقام الأول ومن دون أن ننفي عنها طابعها السياسي، وأكبر مظهر على لونها الاقتصادي هو تعيين ادريس جطو وزيرا أولا وعبد الرزاق المصدق وزيرا للاقتصاد والشؤون العامة، خلفا لعبد الرحمان اليوسفي واحمد الحليمي، وهذه رسالة تعني كل شيء.

إن المغرب يسير برؤية اقتصادية، وهي السبيل الأنجع لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي واجهتها في المرحلة السابقة، ونحن نلج الآن مرحلة جديدة قطعت خلالها أشواط مهمة من الإصلاحات.

* وما هو تفسيرك لتأخير صدور قانون جديد للعمل، وكيف تقنع رجال الأعمال بالوضعية الحالية التي تتسم بكثرة الاضرابات العمالية؟

ـ لا بد أن نعترف أن للديمقراطية سلبياتها، وهذه واحدة منها، ان الحكومة مطالبة باصدار قانون جديد للعمل يحسم هذه الأمور والسلبيات والملاحظات التي يشير إليها المستثمرون، وهي مطالبة في نفس الوقت بتوفير ظروف التوافق حول هذا القانون، أي موافقة هيئات رجال الأعمال والمركزيات النقابية والأحزاب، ويمكنني التأكيد ان الحكومة وصلت إلى نتيجة متقدمة في هذا الصدد وسيعلن عنها قريبا جدا.

* وكيف تردون على انتقاد حصيلة الاستثمار في المغرب والقول انها تتركز على عائدات التخصيص؟

ـ أولا، لست متفقا مع القول ان تحسن الاستثمار في المغرب هو مدين لعائدات التخصيص، لأن التخصيص هو استثمارات. وثانيا، ان آلية احتساب عائدات الاستثمار في المغرب لا تشمل الاستثمارات الاضافية التي يقدم عليها المستثمرون الأجانب الموجودون في المغرب أي عمليات توظيف للمردودية والأرباح التي تحققها مشاريعهم القائمة في المغرب، وهي عائدات مهمة جدا. وثالثا ان المستوى الذي حققه المغرب على مستوى قيمة الاستثمار، هو غير مسبوق.

* وهل يمكنك توضيح الفرق؟

ـ أجل كانت قيمة الاستثمارات لا تتجاوز مستوى المائتين الى ثلاثمائة مليون دولار، وأصبحنا اليوم في مستوى مليار دولار أو أكثر.

* لكنها قيمة يغلب عليها عائد التخصيص؟

ـ أليست عائدات التخصيص استثمارات .

* وما هو تقييمك لمركز المغرب مقارنة بمنافسيه في المنطقة؟

ـ على الصعيد المتوسطي مثلا، يوجد المغرب في مركز متقدم على جميع دول جنوب البحر الأبيض المتوسط، ونقوم بجهود من أجل بلوغ مستوى دول مثل تركيا والبرتغال ومصر، وينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أن المغرب بلد غير منتج للبترول، وهو قطاع يجلب كميات ضخمة من الاستثمارات، بينما لا تتجاوز استثماراتنا في هذا الميدان قيمة محدودة تقتصر على ميدان الأبحاث والتنقيب عن موارد الطاقة.