تقرير: حصة الاستثمار العربي لا تتجاوز 15 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في المغرب

العقار والضرائب وتكوين اليد العاملة من أهم التحديات أمام الإصلاح وتشجيع الاستثمار

TT

يؤكد صناع القرار الاقتصادي في المغرب أن خطة المغرب تتركز حاليا حول تحقيق مركز متقدم ضمن لائحة الدول المستقطبة للاستثمار في دول حوض البحر الأبيض المتوسط، ويستهدف المغرب أساسا في منافسته ثلاث دول هي تركيا والبرتغال ومصر، وتتركز خطة المغرب على رفع حصته من الاستثمارات العربية التي لا تتجاوز نسبتها حاليا 15 في المائة من اجمالي الاستثمارات الأجنبية.

وأكد تقرير رسمي مغربي حول الاستثمار الأجنبي في المغرب، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن قيمة الاستثمارات الاجنبية الخاصة التي استقطبها المغرب خلال سنة 2002 ناهزت 550 مليون دولار أميركي، بيد أن هذا الرقم يشير إلى تراجع حصة المغرب من الاستثمارات الأجنبية الخاصة، وذلك بنسبة 83.3 في المائة قياسا لسنة 2001 التي حقق فيها المغرب رقما قياسيا من الاستثمارات بلغت قيمتها 3.3 مليار دولار أميركي، بفضل أكبر صفقة استثمارية انجزها المغرب في ميدان الاتصالات والمتمثلة في استثمار مجموعة «فيفاندي» العالمية عام 2001 ما قيمته 2.2 مليار دولار أميركي لشراء 35 في المائة من رأس المال «اتصالات المغرب». بينما شهدت سنة 2002 تقلصا في عائدات برنامج تخصيص المنشآت العامة التي تملكها الدولة.

كما يعزو التقرير تراجع الاستثمارات الأجنبية في المغرب خلال السنة الماضية إلى تراجع الاستثمارات المباشرة الأجنبية على مستوى عالمي حيث تراجع بأكثر من 30 في المائة. ويرى مراقبون بأن المغرب دخل منذ خمس سنوات مستوى متقدم من استقطاب الاستثمارات من خلال رفعه لقيمتها من معدل سنوي يتراوح بين 200 إلى 300 مليون دولار خلال عقد التسعينات إلى معدل يتجاوز مليار دولار أميركي منذ سنة 1998، وهو ما يجسد انعكاسات ايجابية للاصلاحات الاقتصادية والسياسية التي خطاها في السنوات الخمس الأخيرة. وتضع حصيلة المغرب من الاستثمارات الأجنبية في مركز الصدارة لدول جنوب البحر الأبيض المتوسط لكنها لا تؤهله لحد الآن ليكون في مركز منافس لدول مثل تركيا والبرتغال التي يضع منافستها كهدف أساسي لخطته الاستثمارية.

ويتصدر المستثمرون الأوروبيون خارطة الاستثمارات الأجنبية الخاصة في المغرب ويستأثرون بحصة 76.2 في المائة من اجمالي الاستثمارات، وضمن لائحة الاستثمارات الأوروبية في المغرب تأتي فرنسا في المقدمة بنسبة 37.5 في المائة متبوعة بألمانيا 8.7 في المائة وتليها بريطانيا بنسبة 6.9 في المائة ثم اسبانيا بنسبة 6 في المائة. خلال العام الماضي اخترقت الكويت لأول مرة لائحة متصدري الاستثمارات الأجنبية بالمغرب، بعد أن كانت السعودية والبحرين في مقدمة المستثمرين العرب في المغرب سنة 2002 لتحتل بذلك المركز الثالث باستثمارها زهاء 36 مليون دولار أميركي، وكان أضخم استثمار عربي خاص في المغرب قد حققته مجموعة «كوال» السعودية السويدية التي يرأسها رجل الأعمال السعودي الشيخ احمد العمودي، سنة 1996 باستثمارها ما يناهز 550 مليون دولار في عملية شراء أغلبية أسهم شركة «لاسمير» للبترول المغربية.

لكن مركز الاستثمارات العربية بشكل عام في المغرب ما يزال في مستوى متأخر إذ لم تتجاوز قيمة الاستثمارات العربية الخاصة في العام الماضي 65 مليون دولار أميركي وهو ما يعادل نسبة 15 في المائة من اجمالي الاستثمارات الأجنبية الخاصة في المغرب، وتأتي في المركز الثاني بعد الاستثمارات الأوروبية، ثم تأتي الاستثمارات الأميركية والكندية مجتمعة في المرتبة الثالثة.

واستنادا إلى نفس التقرير فإن القطاع الصناعي وخصوصا الصناعات الغذائية استأثرت بحصة الأسد بقيمة 120 مليون دولار وهو ما يعادل نسبة 28 في المائة من الاستثمارات الأجنبية في المغرب، ويليها القطاع العقاري بنسبة 24.7 في المائة، ثم قطاع الخدمات بنسبة 19.2 في المائة، فالطاقة والمعادن بنسبة 8.7 في المائة وقطاع الاتصالات بنسبة 7.7 في المائة والقطاع المصرفي بنسبة 5.1 في المائة. وحسب التقرير فإن حصة الاستثمارات الأجنبية في رفع قيمة الناتج المحلي بمعدل 1.34 في المائة سنة 2002، وهو معدل يقل عما تحقق سنة 2000 عندما كان في حدود 3.6 في المائة وعما تحقق سنة 2001 عندما بلغت نسبة مرتفعة بـ8.8 في المائة. وحسب استنتاجات التقرير فإن حصة كل مواطن مغربي قياسا لاجمالي الاستثمارات الأجنبية، يقدر بحوالي 19 دولارا أميركيا سنة 2002، وكانت في حدود 44 دولار سنة 2001، لكن الاتجاه العام لنمو الاستثمارات الأجنبية يشير بأن حصة كل مواطن، ارتفعت بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الأخيرة قياسا للسنوات الخمس الأولى من التسعينات. ولتحسين مركزه وحصته من الاستثمارات الأجنبية يعتمد المغرب ضمن خطته الاستثمارية علي تطوير ثلاثة عناصر محورية وهي التكوين والنظام الجبائي والعقار، ويعتبر عدد من المراقبين لتطور حالة الاستثمار بالمغرب، بأن هذه العناصر الثلاثة شكلت خلال سنوات طويلة عبئا وعائقا مهما في سبيل نمو الاستثمار الأجنبي بالمغرب.

ويرمي المغرب من خلال تركيزه على تطوير تكوين الموارد البشرية الى رفع مستوى اليد العاملة وخبرتها وكفاءتها عبر التكوين المهني واصلاح التعليم وتوسيع خدمات وسائل الاتصال الحديثة، والتغلب على الصعوبات التي يخلفها وجود نسبة تقارب 50 في المائة من الأمية من سكان المغرب، وذلك في عصر يزداد فيه الاعتماد على المعارف في رفع الإنتاج. أما على صعيد عنصر تطوير النظام الجبائي، فإن خطة المغرب الاستثمارية تضع في أجندتها تقليصا تدريجيا لنسبة الضرائب على الشركات مقابل توسيع الوعاء الضريبي ليشمل أكبر قاعدة من مؤدي الضرائب والسعي للقضاء على ظاهرتي التهريب والتهرب من الضرائب، ولاسيما أن الشركات تواجه متاعب مضاعفة في هذا الصدد، فهي من ناحية أمام ملاحقة الضرائب المرتفعة، ومن ناحية ثانية تواجه منافسة غير مشروعة وغير نزيهة بسبب اتساع حجم ظاهرة التهريب والاقتصاد غير المندمج في النظام القانوني والضريبي. ويشكل تطوير وضعية القطاع العقاري، عنصرا أساسيا في أجندة خطة تطوير الاستثمار بالمغرب، وتعتمد الخطة على تدابير لتجاوز العراقيل القائمة في سوق العقار وضمنها صعوبة تحديد الوضعية القانونية للعقار وتعقيد وطول الإجراءات الإدارية في عملية شراء عقار وتعقيدات في اجراءات الحصول على رخصة بناء المشروع للعقار، وصولا إلى مشكلتي المضاربات في أسعار العقار وعدم وضوح المرعية القانونية والإدارية في حسم المشاكل التي تظهر في المعاملات العقارية.

ولمواجهة هذه العراقيل اعتمدت الخطة المغربية الجديدة على تدابير لتقليص المدة الزمنية لإنهاء معاملات شراء العقار وضبط معدل الاسعار من خلال وضع قواعد وآليات مراقبة صارمة ومساعدة المستثمرين على توخي مسالك مفضلة في قطاعات ومناطق معينة وتقليص الرسوم للعقار وتنظيم الميدان العقاري وضبطه. كما اعتمدت تدابير وحوافز للمستثمرين، قصد تسهيل اقتناء العقارات، ويتم تقديم هذه الخدمات عبر المراكز «الجهوية» للاستثمار التي استحدثت في العام الماضي.