خبير: الحملة العسكرية الأميركية تشعل المنافسة في زيادة أسعار الناقلات في السوق العالمي

د. فلاح العامري يؤكد في حديث لــ«الشرق الأوسط» أن فترة الانتعاش ستتغير في ظل حل دبلوماسي أو بعد انتهاء الحرب

TT

يطلق معظم المحللين المختصين بصناعة النفط على الأسعار الحالية للنفط اسم «أسعار حرب»، لاعتقادهم بأن نسبة كبيرة من الزيادة الحاصلة في أسعار النفط هي نتيجة للتهديدات والحشود العسكرية الأميركية في منطقة الخليج منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2002. والسؤال الذي يشغل بال المهتمين بصناعة النفط والسياسيين ورجال الأعمال يتعلق بمستويات أسعار النفط في حالة انتهاء الأزمة العراقية بطريقة سلمية أو عند بدأ العمليات العسكرية ضد نظام صدام. وتأثيرات تلك الاستعدادات بدت واضحة على أسعار البورصات والنفط وأجور الناقلات وبعض النشاطات الاقتصادية الأخرى كالطيران. وفي هذا الصدد أكد الخبير في سوق ناقلات النفط الدكتور فلاح العامري بان الحملة العسكرية الاميركية ساهمت في اشعال المنافسة في اسعار الناقلات لكنه توقع ان تتغير الاسعار بشكل حاد بحدوث حل دبلوماسي للازمة، او في حال انتهاء الحرب.

* ما مدى ارتباط الطلب على النفط عالميا بسوق الناقلات؟

ـ يشكل وضع الاقتصاد العالمي، ودرجة نموه، بشكل عام، أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر في زيادة الطلب على النفط وبالتالي الطلب على ناقلات النفط البحرية، حيث يرتبط سوق الناقلات بسوق النفط ويتأثر به إلى درجة كبيرة. فالكساد الاقتصادي أو ضعف الطلب على النفط يؤدي إلى انخفاض الطلب على وقود النفط وانتعاشه يؤدي إلى العكس. وزيادة المعروض النفطي أو نقصانه في الأسواق الدولية يؤثر سلبيا أو إيجابيا على نشاط النقل البحري وبالتالي على أجور الناقلات.

* هل ان العوامل التي تؤثر على اسعار النفط هي ذاتها التي تؤثر على سوق الناقلات وماهو الترابط بينهما؟ ـ العوامل التي تؤثر على أسعار النفط تختلف عن تلك التي تؤثر على أجور الناقلات، بالرغم من وجود بعض الترابط بين الاثنين. فارتفاع الطلب على النفط يؤدي إلى زيادة الطلب على الناقلات وزيادة الطلب على الناقلات يؤدي إلى ارتفاع استئجارها والعكس هو الصحيح. وبالرغم من هذا الترابط، إلا انه لا توجد هناك علاقة قوية بين أسعار النفط وأسعار إيجار الناقلات. ففي بعض الأحيان يكون معدل إيجار الناقلات مرتفعاً نتيجة لعوامل ترتبط بأسواق الناقلات نفسها، مثل عدم التوازن بين العرض والطلب في سوق الناقلات، كأن يكون عدد وحجم الناقلات العاملة في الأسواق الدولية لا يلبي الطلب الموجود على الناقلات، أو حصول حادث تلوث بحري تسببه إحدى الناقلات القديمة مما يدفع مستأجري الناقلات البحرية نحو الابتعاد عن تأجير هذا النوع من الناقلات وتفضيل استئجار الناقلات الحديثة ذات الهيكل المزدوج.

* وهل هذا قياس عام ام ان هناك استثناءات خلافا لذلك؟

ـ يؤدي ارتفاع أسعار النفط، في بعض الأحيان، إلى زيادة أسعار أجور الناقلات، خاصة عندما يكون ارتفاع أسعار النفط ناجماً عن زيادة الطلب على الطاقة وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة الطلب على الناقلات البحرية. وهذا ما هو حاصل في الوقت الحاضر، حيث يمر سوق ناقلات النفط البحرية بفترة انتعاش منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2002 نتيجة لعدة عوامل أحدها تصاعد واستمرار الأزمة العراقية، وتوقع حصول عمليات حربية ضد العراق.

* ألا يخضع سعر الناقلة للعرض والطلب ايضا ضمن علاقات السوق؟

ـ تماما، كما هو الحال مع أسعار النفط فإن أجور الناقلات غير ثابتة وتتأثر بعدة متغيرات آنية وقصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى. وهذا يجعل ملاكي الناقلات ومستأجريها في قلق دائم، ويجعلهم اكثر حذرا عند اتخاذ قرار يتعلق ببناء الناقلات أو بشرائها أو تأجيرها بمشارطة زمنية لغرض ضمان وسيلة ثابتة لنقل نفوطهم بأسعار مناسبة وثابتة بعيدة عن التغيرات المفاجئة التي تحصل في سوق الناقلات.

وبالرغم من أن زيادة الطلب على النفط هو المحرك الرئيسي في ارتفاع أجور الناقلات، إلا أن أجور الناقلات، في معظم الأحوال، تتبع اتجاه أسعار النفط، فارتفاع أو انخفاض أسعار النفط يؤثر على أجور الناقلات من خلال ارتفاع أسعار النفط الخام الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار زيت وقود الناقلات ويساهم هذا بدوره في زيادة أجور الناقلات.

* من بين كل العوامل التقليدية كيف تؤثر الحروب وبالاخص الحرب المتوقعة على العراق على اوضاع وسوق الناقلات؟

ـ تلعب الأحداث السياسية كالحروب والعقوبات والحصار الاقتصادي واستخدام النفط كوسيلة سياسية دورا هاما في حصول تذبذب في أجور الناقلات، خاصة في المدى القصير. فتوقف تصدير النفط العراقي لأسباب سياسية يؤدي إلى توقف توجه الناقلات إلى موانئ التحميل خلال فترة التوقف ويؤدي هذا إلى انخفاض الطلب على الناقلات العملاقة VLCC التي كثيرا ما تستخدم لنقل النفط العراقي من ميناء البكر في جنوب العراق أو الأنواع المتوسطة الحجم Suezmax سويس ماكس التي كثيرا ما تنقل النفط العراقي من ميناء سيحان التركي الواقع شمال شرقي البحر المتوسط، إلى مسافات بعيدة مثل الولايات المتحدة الأميركية وجنوب شرقي آسيا وسواحل أوروبا الغربية.

* ماذا سيحدث في حالة توقف النفط العراقي والكويتي عند بدأ العمليات العسكرية؟

ـ قبل الإجابة على هذا السؤال من المفيد أن نذكر بأن صادرات النفط العراقي في الوقت الحاضر تتراوح بين 1.6 ـ 2 مليون برميل يوميا، أكثرها ينقل بواسطة الناقلات العملاقة، التي تصل حمولتها إلى أكثر من مليوني برميل، إلى الولايات المتحدة الأميركية عن طريق منصة تحميل ميناء البكر، والجزء المتبقي من الصادرات يصدر إلى دول جنوب شرق آسيا من نفس الميناء، أو إلى أوروبا عن طريق ميناء سيحان التركي بواسطة الناقلات المتوسطة الحجم من نوع سويس ماكس التي تتراوح حمولتها بحدود مليون برميل. وتبلغ صادرات النفط من دولة الكويت اكثر من مليونين بقليل، تذهب معظمها إلى الولايات المتحدة الأميركية وجنوب شرقي آسيا.

إن اندلاع الحرب سوف يؤدي إلى توقف النفط العراقي كليا وربما أيضا النفط الكويتي. وهذا يعني غياب حوالي ما يقارب 4 ملايين برميل يوميا من أسواق النفط العالمية. وهذا بالتأكيد يقلل من الطلب على الناقلات بمعدل اثنين من نوع الناقلات العملاقة وواحدة من النوع المتوسط يوميا ويؤدي خلال فترة قصيرة جدا إلى انخفاض معدلات استئجار الناقلات، خاصة إذا كانت العمليات الحربية قصيرة ولم تحدث هناك تطورات مفاجأة كعمليات الهجوم على المصالح الغربية، خاصة الأميركية، وبالتحديد ضرب ناقلات النفط العاملة في موانئ تصدير النفط أو نجاح القوات العراقية في ضرب المنشآت النفطية للكويت أو السعودية أو إصابتها لإحدى ناقلات النفط العائمة في الخليج.

* وماذا اذا ما تم حل المسألة سلميا عبر الامم المتحدة، ما تأثير ذلك على سوق الناقلات؟

ـ إن فترة الانتعاش التي تمر بها أسعار النفط وأجور الناقلات سوف تنتهي في كلتا الحالتين عند بدأ العمليات العسكرية ضد نظام صدام حسين أو عند إيجاد حل دبلوماسي للأزمة العراقية بالطرق السلمية.