350 مليون دولار خسائر قطاع الصادرات المصرية بسبب الحرب على العراق

الاستيراد شبه متوقف ومساع لإيجاد أسواق بديلة والمصانع تعيد النظر في خطوط الإنتاج

TT

بدأت الحرب التي تشنها القوات الأميركية والبريطانية ضد العراق تلقى بظلالها على كافة قطاعات الاقتصاد المصري، حيث تجاوزت الخسائر التي لحقت بقطاع التجارة الخارجية تصديراً واستيراداً خلال الأيام العشرة الأولى من الحرب نحو 350 مليون دولار نتيجة تجميد تعاقدات وصفقات أبرمتها الشركات المصرية للسوق العراقية تتعلق بالصناعات الغذائية والدواء والجلود والسيارات والبرمجيات والسلع والمهمات الهندسية والكهربائية بنحو 280 مليون دولار علاوة على تجميد صادرات مصرية أخرى للدول المجاورة لمنطقة الحرب في الخليج بحوالي 70 مليون دولار فضلاً عن عودة نحو 50 ألف طن بطاطس مصرية من عرض البحر كانت متجهة للأسواق الأوروبية بسبب نشوب الحرب.. ونتيجة زيادة تكلفة التصدير وزيادة مخاطره والاضطراب الحاد في الخطوط البحرية ورحلات الطيران وبالتالي تراجع فراغات التصدير علاوة على التوتر في المناطق الحدودية، الأمر الذي جعل التصدير براً مسألة صعبة للغاية فقد اضطرت العديد من المصانع المصرية الى اعادة النظر في خطوط الانتاج وتخفيض الطاقة الانتاجية ومحاولة تعديل المواصفات الفنية والقياسية للسلع والمنتجات التي كانت مخصصة للأسواق العراقية لتسهيل تسويقها في أسواق أخرى بديلة.. كما بدأت المصانع في خفض العمالة لديها للحد من الخسائر لا سيما في ضوء التصريحات التي تشير الى طول أمد الحرب. ومن جهة أخرى تحاول وزارة التجارة الخارجية حسبما صرح وكيل أول الوزارة السيد أبو القمصان لـ«الشرق الأوسط» تعويض فقد السوق العراقية والتراجع في الصادرات للأسواق الخليجية بالتركيز على أسواق أخرى في أفريقيا والدول الاسكندنافية وغرب أوروبا وشرق آسيا، واعترف أبو القمصان بأن زيادة الفترة الزمنية للحرب ستضاعف الخسائر وتعقد الأمور أكثر مما هي عليه الآن، كما أشار الى أن مردود الأسواق البديلة لن يكون بنفس مستوى نظيره من السوق العراقية والأسواق المجاورة لها المتأثرة بحالة الحرب لكنها ستقلل نسبياً من الخسائر.. وأضاف أن التصدير بحراً أو جواً أو براً بات مخاطرة لأنه في حالة الحرب تسقط كل التوقعات. كما أشار الى أن زيادة تكلفة التصدير بعد اضافة رسوم الحرب والتأمين والضمان على الصادرات ستفقد معظم المنتجات والسلع الفرصة التنافسية لارتفاع أسعارها. وتابع أن الحرب لها أحكام ولابد من التعامل مع الأمر الواقع وتقليل التداعيات قدر الامكان.

وقال رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين بالمدن الجديدة محمد المنوفي إن الجمعيات تسعى لدى بنك تنمية الصادرات المصري لبحث ضمان مخاطر الصادرات الوطنية للأسواق الخليجية خاصة في الكويت والبحرين وقطر الى جانب المساندة في فتح أسواق بديلة في أفريقيا خاصة لدى الدول الأعضاء في تجمع كوميسا. وأشار المنوفي الي أن خسائر الصادرات المصرية خلال الأيام العشرة الأولى من الحرب بلغت حوالي 350 مليون دولار تركز معظمها في فقدان السوق العراقية وتجميد تعاقدات بقيمة نحو 280 مليون دولار تخص الصناعات الغذائية والدوائية والسلع الكهربائية المعمرة والسيارات والمهمات والكهرباء والجلود والبرمجيات.. وأوضح أن معظم المصانع التي كانت تعتمد على العراق وكذا دول الخليج اضطرت الى اعادة النظر في خطوط الانتاج وتعديل بعض المواصفات القياسية حتى تتوافق مع احتياجات أسواق أخرى بالاضافة الى تقليص النفقات بخفض الطاقة الانتاجية والاستغناء عن جزء من العمالة.

ويرى رئيس اتحاد الصناعات المصرية الدكتور عبد المنعم سعودي أن الأسواق البديلة لن تفلح في تعويض خسائر فقد السوق العراقية والخليجية، موضحاً أن عوائد صادرات هذه الأسواق تتجاوز 2.2 مليار دولار سنوياً وأن الأسواق البديلة ليست بالاتساع الذي يسمح باستيعاب حجم هذه الصادرات، كما أضاف أن المخزون لدى المصانع من الخامات ومستلزمات الانتاج يكفي احتياجاتها لمدة تتراوح بين 3 و 5 شهور، محذراً من أن اطالة أمد الحرب لأكثر من ذلك ستؤدي لنتائج أكثر خطورة.

وتابع رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية خالد أبو اسماعيل أن الحرب ضد العراق أدت إلى عدم توافر وسائل الشحن البحرية اللازمة للتصدير وارتفاع أسعار تأمين النولون البحري ضد أخطار الحرب. كما تراجعت الفراغات في رحلات الطيران التي تقلصت بنحو 40% وأيضاً أصبح التصدير براً من الصعوبة بمكان نتيجة توتر الأوضاع الأمنية على الحدود، موضحاً أن كل هذه الأمور عرقلت استمرار التصدير بالمعدلات المعتادة، وأشار الى توقف نشاط البعثات الترويجية لرجال الأعمال والوفود التجارية للخارج وكذلك زيارات الوفود الى مصر حيث تم الغاء استقبال وفود أوكرانية ورومانية وصينية وعدة مؤتمرات حول الاقتصاد والسياحة المصرية في لندن وكوريا والعراق.

وأكد رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية مصطفى زكي أن عمليات الاستيراد شبه متوقفة وقاصرة على المنتجات الأساسية والسلع الوسيطة ومستلزمات الانتاج منذ فترة طويلة بسبب تذبذب سعر الصرف، وأن ما يرد الآن الى المنافذ تعاقدات سابقة على بداية الحرب، موضحاً أن الأعباء الجديدة المرتبطة بالعمليات العسكرية ضد العراق ستنعكس بالسلب على الواردات نتيجة زيادة أسعار البترول وارتباك خطوط الملاحة في المنطقة، وأضاف أن معظم المستوردين استطاعوا خلال الأشهر القليلة الماضية تخزين كميات تؤمن احتياجات السوق المحلية لعدة أشهر مقبلة.