استمرار الجدل بين الحكومة والمصدرين المصريين حول قرار إيداع 75 % من حصيلة الصادرات بالبنوك

TT

نفت مصادر رسمية بالبنك المركزي المصري ووزارة الاقتصاد ما تردد عن عدم تجاوب المصدرين مع قرار رئيس الحكومة الذي يلزمهم بإيداع 75 في المائة من حصيلة صادراتهم بالنقد الاجنبي في البنوك، وأشارت المصادر الى ان التجاوب قد حدث بالفعل والدليل على ذلك هو التراجع النسبي لسعر صرف الدولار في السوق غير الرسمية واستقراره لأكثر من اسبوعين مع تحسن موارد البنوك من جراء الالتزام بالقرار. في الوقت نفسه فجرت حملة صحافية بصحيفة يومية واسعة الانتشار أزمة مكتومة بين المصدرين والحكومة حيث أعلنت الصحيفة ان70 في المائة من المصدرين يبيعون حصائلهم في السوق السوداء، وان رئيس جمعية للمصدرين تحدى الحكومة علناً، وقال في اجتماع مفتوح ان قرار رئيس الوزراء «لي ذراع» وتدخل في ما يجب ألا تتدخل فيه الحكومة في ظل اقتصاد مفتوح. ومن جانبهم رد بعض المصدرين ومنهم رئيس الجمعية بإيضاح حجم المبالغ التي حولوها استجابة للقرار وان لم يوضحوا هل هم مقتنعون بالقرار أم لا! ومن ناحيته أكد خالد ابو اسماعيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية التزام المصدرين بالتنازل عن جزء من حصيلتهم الدولارية طبقاً لقرار الحكومة الصادر مؤخرا.

ووصف أبو اسماعيل القرار بأنه يعطي الحرية الكاملة للمصدرين في التنازل عن مواردهم الدولارية أو الاحتفاظ بها على حد قوله، بل ان القطاعات التصديرية هي التي طلبت القرار لخلق نوع من العدالة في توزيع الموارد والقضاء على السوق السوداء وانجاح نظام تحرير سعر الصرف الجديد، نافياً وجود صراعات بين الموردين والحكومة أو عدم تفعيل القرار لأغراض شخصية منها التربح من فروق الاسعار في السوق الموازية. وعن مدى تأثير الحرب الدائرة على العراق من قوات التحالف الاميركية ـ البريطانية على عدم الوفاء بالتنازل عن الحصائل الدولارية للبنوك قال ابو اسماعيل ان هناك مصدرين قاموا بالتصدير للعراق وحصائلهم الدولارية لم تأت حتى الآن نظراً لاندلاع الحرب، وكثيراً من المصدرين التقليديين ارتاحوا لقرار الحكومة لما يمثله من مساواة وعدم اضرار بالصالح العام، وان البعض منهم يعمل بهذا النظام من قبل صدور القرار حيث يتم التنازل عن جزء من حصيلته الدولارية للبنوك فوراً لتخفيف المديونية بالجنيه المصري وبلغت نسبة هؤلاء المصدرين 90 في المائة من العدد الكلي.

وأكد على تنازل شركته أو تحويلها لقيمة 7.5 مليون دولار من عائداتها للبنوك المصرية لأكثر من بنك يتعامل معه. ورصد ابو اسماعيل ما يقرب من 326 عضوا بالاتحاد من المصدرين قاموا بالتنازل أيضا حيث يصب الكل في النهاية بالبنك المركزي، ونفى حدوث تلاعب في حصيلة الصادرات قائلا انه اضرار بالمصدرين أنفسهم وبمصالحهم، وهناك اجهزة رقابية تراقب أداء هؤلاء المصدرين ومحاسبتهم في حالة الخطأ أو التجاوز والذي يتلاعب يتم تحويله للتحقيق واذا ثبت التلاعب يشطب من سجل المصدرين.

وأشار رئيس الاتحاد الى ان الحرب أثرت سلباً على أداء المصدرين وخاصة للعراق ومنطقة الخليج لصعوبة وسائل النقل وارتفاع تكلفة التأمين البحري مما زاد من الاسعار في أجور النقل والخوف من العبور في المنطقة وكذلك التأثير السلبي على تنفيذ الارتباطات التصديرية.

من جهته نفى علي عيسى رئيس شعبة المصدرين باتحاد الغرف التجارية شطب أي مصدر من سجلات الشعبة أو حدوث تلاعب في المستندات من قبل المصدرين لجعل عوائد التصدير أقل من الواقع، أو اخطارهم لمورديهم بالتعامل بالشيكات البنكية وليس بالتحويلات.

وأضاف ان هناك تجاوباً من المصدرين لتحويل عوائدهم الدولارية طبقاً للقرار الالزامي إلا انه قال ان بعض المصدرين لا يريدون التنازل عن حصيلتهم الدولارية ووصفه بأنه وضع طبيعي في ظل وجود أكثر من سعر للدولار ولارتفاع سعره في السوق الموازية، وأضاف بأن الشعبة لا تؤيد هذا السلوك.

وأشار عيسى الى ان القرار الوزاري أرسى مبدأ التنازل ومن لم ينفذ يعرض نفسه لعقوبات تبدأ من الانذار والإيقاف لمدة 6 أشهر الى عام، وفي حالة اصراره على المخالفة يتم شطبه من سجل المصدرين.

ونفى رئيس الشعبة حدوث صراع بين المصدرين والحكومة قائلا ان الحكومة تنظم الاداء الاقتصادي من وجهة نظرها، ووصف الخلاف بينها وبين بعض المصدرين بأنه اختلاف وجهات نظر ولا يمكن تسميته بتحدي المصدرين للحكومة وانما هي مزايدات من البعض. واضاف أن حصيلة الصادرات ناتجة من الاقتصاد القومي وليس لجهود المصدرين وحدهم، ولا بد ان تبقى عملية التوريد في صالح الدولة والاقتصاد، وصدور القرار يضفي نوعاً من العدالة لتطبيقه على كل المصدرين، بعد ان كان البعض هو الذي يلتزم طوعاً والآخرون يتهربون. ونفى تأثير الحرب سلباً على عدم وفاء المصدرين بالتنازل عن حصيلتهم الدولارية قائلا ان توريد هذه النسبة يكون ناتجا عن شحن وتصدير بضائع بالفعل وقد يكون التأثير في انخفاض قيمة وكميات الصادرات للخارج للانكماش في الطلب وفقد بعض الاسواق العربية.

أما جلال الزوربة رئيس جمعية المصدرين والمجلس السلعي للصناعات النسجية فقد اختلف بشدة مع قرار الحكومة ووصفه بأنه تدخل في أمر خاص لا تجيزه قواعد السوق الحر. وعلى مستوى البنوك ذكر احمد قورة سكرتير عام اتحاد البنوك والعضو المنتدب للبنك الوطني المصري انه لا يعرف مدى جدية المصدرين في التنازل عن حصيلتهم قائلا انه قد يكون فيها شيء من المظاهر وان النظام الجديد لا يملك فيه الجهاز المصرفي اي متابعة أو رقابة وانما يعتمد على ما يتقدم به المصدرون من بيانات وما يتنازلون عنه من دولارات. لكنه أكد على تنازل بعض المصدرين وشركات السياحة عن مبالغ بالدولار والعملات الاجنبية لصالح البنك بالسعر الرسمي المعلن وقد وصلت قيمة التحويلات في البنك في الفترة الأخيرة الى مليوني دولار أو أقل، ولا تستطيع البنوك الحكم على حجم التنازلات ومدى فاعليتها لانها ليس لديها احصائيات والبنك المركزي هو الذي يقوم بهذه الاحصائيات ويعلنها على شاشاته.

وبرر صراع المصدرين حول تنازلهم عن مواردهم للبنوك بأنه مصالح شخصية لتحقيق أرباح سريعة عن طريق اطلاق حريتهم بالبيع في السوق الموازية بسعر أعلى، وقال ان قرار الحكومة اغفل إلزام بعض الجهات مثل قناة السويس وحصيلة البترول في توريد حصيلتهم الدولارية للبنوك وكذلك العاملين المصريين بالخارج حيث ترك الحرية للمدخرين في الاحتفاظ بالنقد الاجنبي، وقد حاولت الحكومة تدارك الموقف بالنسبة للبترول وللقناة. من جانبها ترى سهر الدماطي نائب المدير العام بالبنك المصري المتحد ان هدف القرار توفير سيولة دولارية بالسوق وتحجيم السوق السوداء والقضاء على المضاربات إلا انها ترى نوعاً من الاجبار في التنازل عن الموارد الدولارية مما يجعل بعض المصدرين غير مرتاحين وأن تكون ردود الفعل لديهم غير إيجابية واحساسهم بأن القرار يتناقض مع قانون حوافز الاستثمار الذي يعطي لكافة الشركات المؤسسة تحت مظلته الحرية في تحويل بعض ارباحها بالدولار للبنوك، وأوضحت سهر ان المصدرين لايقومون بتحويل مواردهم الدولارية وانما يقوم البنك بتحويل 75 في المائة من الأموال المحصلة لديه الى عملة مصرية.