مصر: استمرار الجدل حول آلية تنفيذ مشروع حماية الثروة العقارية المقدرة بقيمة 174 مليار دولار

جمعية رجال الأعمال تطالب بالإسراع في إطلاق مشروع لفحص وصيانة الإنشاءات في المناطق العشوائية

TT

تتعرض الثروة العقارية المصرية التي حدد قيمتها الخبراء بما يزيد على 1000 مليار جنيه (حوالي 174 مليار دولار) للخطورة نتيجة تهالك بعض المناطق سواء بفعل الزمن أو عدم الصيانة أو الترميم والرعاية مما استلزم اصدار مشروع حماية الثروة العقارية بشكل فوري حتى قبل اصدار قانون البناء الموحد، نظرا للاحتياج الملح لهذا المشروع لانقاذ الثروة العقارية من الانهيار. ورغم الاتفاق على أهمية هذا المشروع وسرعة اصداره الا ان الجدل ما زال مستمرا بين الحكومة والقطاع الخاص حول آلية تنفيذ هذا المشروع خاصة بعد اعلان الحكومة عن عدم قدرة الموازنة العامة للدولة لتحمل تمويل هذا المشروع والمطالبة بالمشاركة الشعبية واقتراح انشاء صندوق لتنفيذ المشروع يمول من رسوم كقرض على مواد البناء والخدمات التي تفرض المخالفات المعمارية، وهو ما اعترض عليه القطاع الخاص ووضع محددات لنجاح هذا المشروع حيث يؤكد المهندس صلاح حجاب رئيس لجنة البناء والتشييد بجمعية رجال الاعمال المصرية ان الحفاظ على الثروة العقارية هو مسؤولية الدولة بالدرجة الاولى سواء اذا كانت المباني قانونية ومرخصا لها أو كانت غير ذلك حيث ان الضرر عندما يقع على الشاغلين للعقار تتأثر به جميع اجهزة الدولة المعنية، مشيرا الى مراجعة المناطق العشوائية وفحصها والتي بلغ عددها ما يزيد على 1119 منطقة وتقدر قيمتها بحوالي 200 مليار جنيه مما يستدعي مراجعتها.

ويشير حجاب الى وجود اتجاه لدى الحكومة خلال الفترة الحالية لتقسيم المناطق العشوائية الى مبان صالحة للاستخدام يتم اعادة تخطيطها وتوصيل المرافق لها واخرى غير صالحة ويجب ازالتها حماية للافراد من اضرار سقوط العقارات على الافراد ما يسبب فقدان الارواح وقيمة هذا المباني.

وأوضح حجاب رغم وجود مخطط قديم للبناء في القاهرة يلزم اخلاء المناطق التي تتهالك بفعل الزمن ونقل سكانها الى مدن جديدة وتركها حتى تهدم ويتم اعادة تخطيطها في عملية احلال وتجديد، الا ان هذا المخطط لم يتم استخدامه حتى الآن رغم وجود مناطق عديدة في مصر تحتاج الى ذلك ومنها منطقة السيدة زينب وهي مباني مصر القديمة.

ويؤكد حجاب ضرورة سرعة اصدار مشروع الحفاظ على الثروة العقارية، مشيرا الى اهمية الاخذ في الاعتبار الاطراف المتشابكة داخل هذه العملية، فرغم ان الفلسفة الحالية تقول ان صيانة العقار هي مسؤولية شاغلي العقار بالاتفاق مع المالك الا ان هناك عددا غير قليل من المناطق التي يعد المردود الايجاري منها اقل من امكانية استخدامها في الصيانة، وهو ما استلزم انشاء صندوق لصيانة المباني، موضحا ان التفكير حاليا هو في تمويل هذا الصندوق من فرض رسوم على مواد البناء بنسب مختلفة خاصة الحديد والاسمنت والخشب.

وحذر حجاب من تمويل الصندوق من جهات وصناعات بدون موافقة اصحابها حتى لا يتم الاعتراض على هذه الخطوة، مطالبا بالبعد عن تمويل الصندوق من رسوم الغرامات التي تفرض على المباني المخالفة والتي يتم التصالح مع الجهات المحلية على اساسها حتى لا تكون بابا خلفيا لمزيد من المخالفات في البناء واللجوء الى دفع الغرامة للتصالح مما يهدد الثروة العقارية لمصر والتي حددها المراقبون والخبراء بأكثر من 1000 مليار جنيه.

واشار حجاب الى ان المطالبة بالاسراع في اصدار مشروع حماية الثروة العقارية لا يعني اصداره في صورة غير جيدة حيث لا بد من مراجعة بنود مشروع القانون حتى يصدر بصورة تتناسب مع الضرورة الملحة لاستخدامه وهي حماية الثروة العقارية والمباني ذات الطراز المعماري المصري القديم، مشيرا الى ان المشروع الجديد قد تجاهل في معظم بنوده حماية الصيانة والترميم رغم انها لب الحفاظ على الثروة العقارية.

وكان مشروع القانون الخاص بحماية الثروة العقارية قد تمت مناقشته في لجنة الاسكان بمجلس الشعب (البرلمان المصري) في عدة جلسات، وقد اسفرت اخر جلسات اللجنة عن عدم قدرة الدولة على تمويل مشروع حماية الثروة العقارية حيث ذكر مصطفى عبد القادر وزير التنمية المحلية وعضو اللجنة ان الحكومة ليست لديها موارد لتمويل المشروع، ودعا الى ضرورة البحث عن موارد ذاتية عن طريق المشاركة الشعبية بعيدا عن موازنات الحكومة والمال العام لتنفيذ المشروع، مشيرا الى استعداد الحكومة لتقديم المساعدات الفنية لتنفيذ مشروع حماية الثروة العقارية.

وكانت الجمعية المصرية لادارة المشروعات والحفاظ على البيئة قد حددت الفاقد الذي تتعرض له الثروة العقارية التي تقدر قيمتها بتريليون جنيه الى ما يقرب من 70% أي بواقع مليوني جنيه يوميا نتيجة عدم الصيانة واعمال الترميم والتي يهدد غيابها الاستثمارات القومية لهذا القطاع.

وعلى جانب آخر يرى المهندس مصطفى توفيق عضو لجنة البناء والتشييد ان عملية الحفاظ على الثروة العقارية لا بد ان تكون لها فلسفة خاصة تتناسب مع الاحتياجات ووضع آلية للتنفيذ، مشيرا الى ضرورة اخراج قانون يمكن تطبيقه والبعد عن الازدواجية في المعيار والتي تقف عائقا امام تنفيذ العديد من القوانين المصدرة.

ويضيف مصطفى ان الحكومة في الوقت التي تطالب فيه بضرورة انشاء صندوق لحماية الثروة العقارية تعلن انها غير قادرة على تحويله وترغب في تحميل مواد البناء برسوم لتمويل المشروع، مشيرا الى ان ذلك يعني تحميل فئة من المباني مسؤولية صيانة المباني الاخرى والذي يؤدي الى مشاكل عديدة منها عدم المساواة في الحقوق والواجبات بالاضافة الى زيادة تكلفة المباني الجديدة مما يقلل من قدرة الشركات على تصريف الوحدات الجديدة وهو ما يؤثر على عملية الركود الحالية.

وحدد توفيق المشكلة الحقيقية التي تعاني منها الثروة العقارية في ضعف نظام الصيانة التي تستلزمها مرافق الصرف الصحي في المباني والتي تتسبب في 90% من مشاكل العقارات بالاضافة الى اخطاء في الانشاء أو تهالك المباني نتيجة للزمن والذي لا يتعدى 10%، مطالبا بضرورة اصدار مشروع قومي لاعادة فحص جميع المباني والبدء بالمناطق التي اعلنت عن تصدع بعض العقارات فيها خاصة المناطق القديمة مع ضرورة ان يشمل هذا الفحص جميع المحافظات وعدم التركيز على العاصمة فقط.

واكد المهدنس مصطفى توفيق ضرورة اعادة النظر في القيمة الايجارية التي تساعد على اجراء اعمال الصيانة على حساب اصحاب العقار وهو المبدأ الاساسي في ادارة وصيانة العقار مع مشاركة الشاغلين اذا استلزم الامر، وبعد الاتفاق مع المالك، موضحا ان تعديل قانون ايجار الاراضي الزراعية كان بنسبة 1 إلى 1 والتي تخص المالك والمزارع. اما ايجارات المساكن فتقدر نسبتها من 1 إلى 8 مستأجرين، ورغم ذلك لا بد من اعادة النظر في ذلك حتى يمكن التوصل الى نتيجة عملية لتمويل مشروع حماية الثروة العقارية والتي اصبحت ضرورة ملحة بعد اكتشاف العديد من المباني التي تتصدع خاصة في الاماكن التي تقل فيها الصيانة نتيجة ضعف القيمة الايجارية بها.

وحذر من انشاء صندوق مركزي لتجميع الرسوم التي تفرض على مواد البناء والمخالفات بشكل مركزي حيث ان ذلك يشكك في المساواة في الانفاق على المباني وكيفية توزيعها وهل تقتصر على المحافظات التي تعاني من زيادة في المباني الآيلة للسقوط والتي تحتاج الى صيانة، أم انها ستقسم طبقا لميزانية الوحدات المحلية لكل محافظة، بالاضافة الى ان تجميع الرسوم والذي يستلزم اصدار قانون له حيث يجب عدم تحصيل رسوم الا بقانون، فان هذه الرسوم ستدخل في ميزانية الدولة والتي يتم تقسيمها طبقا للموازنة والخطة العامة للدولة من دون تحديد مسبق، مما يعني انه زيادة للقيمة الفعلية للاسكان ولكنها تذهب الى الحكومة بدون استفادة حقيقية، مشيرا الى ان الخروج من هذه التساؤلات انما يكون عن زيادة القيمة الايجارية ولو بنسب معقولة.

وعلى نفس الاتجاه يقول الاستشاري نبيل مخلوف ان حماية الثروة العقارية لا بد ان يتم باخضاع العقارات التي تعاني من مشاكل فورية لفحص كامل عن طريق مكاتب استشارية وعدم الاعتماد على المهندسين غير المؤهلين بالحكم على صلاحية المباني نتيجة عدم الخبرة منعا للتلاعب بين ملاك العقارات وبين المهندسين، نظرا لخطورة عملية الفحص التي تستلزم الكشف عن السلامة الانشائية للمبنى وما يستلزم من ترميم منعا للتصدع أو التهدم والحكم الفوري إما بالترميم أو اخلاء المباني للحفاظ على أرواح الافراد.