بكين تبدي اهتماما في الانتماء لنادي الدول الغنية

مصالح الصين الاقتصادية مرتبطة مع مجموعة الثماني أكثر من الدول النامية

TT

سنغافورة ـ رويترز: اقتصاد الصين اكبر حجما من اقتصادي كندا وروسيا مجتمعين. وتبدو الان الدولة التي تطالب منذ فترة طويلة بدور كزعيمة للعالم الثالث على وشك ان تخطو خطوة نحو الانضمام الى مجموعة الثمانية الكبار في نادي النخبة الذي يضم الدول الاكثر ثراء في العالم في قمتهم السنوية.

والامر الذي يدفع بكين الى حضور جانب ـ حتى وإن كان على الهامش ـ من قمة مجموعة الثماني التي ستعقد في فرنسا في يونيو (حزيران) القادم لا يعبر وحسب عن تحول في السياسة الخارجية وانما يعبر ايضا عن رغبة الزعيم الجديد للحزب الشيوعي في ان يطرح نفسه بقوة على المسرح العالمي وفي التغلب على تأثير الفيروس المسبب لمرض التهاب الجهاز التنفسي الحاد (سارس) على سمعة الصين.

وحضور هو جين تاو زعيم الحزب الشيوعي الصيني الجديد اجتماعا قبل القمة للدول النامية في العالم الذي تلقى دعوة خاصة سيمثل اول ظهور رسمي له في منتدى عالمي. وان كانت وزارة الخارجية الصينية قالت يوم الاربعاء انه سيعلن عن التفاصيل النهائية في وقت لاحق.

قال تشونغ تشيين بنغ الاستاذ المساعد في معهد سنغافورة للدراسات الدفاعية والاستراتيجية «يمكن للصين دائما ان تطالب بحضور قمة مجموعة الثماني (الكبار) كممثلة للعالم النامي».

ومضى يقول «بالقطع فان مصالحها تكمن في المشاركة في منتديات مجموعة الثمانية من الان فصاعدا لأن الصين تجري معظم أعمالها مع دول مجموعة الثماني».

ومجموعة الثماني تضم الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا واليابان وروسيا.

وحتى لو اقتصر حضور جين تاو على الاجتماع السابق على القمة فمن المؤكد انه سيلقى ترحيبا من قادة مجموعة الثماني الذين يتطلعون للقاء مباشر مع رجل غير معروف بشكل جيد ويحكم اكثر دول العالم سكانا واسرع الاقتصادات الكبرى نموا.

وتلك فرصة نادرة. فقبل ثلاثة أعوام رفضت الصين دعوة من المانيا لحضور قمة الثماني في شكل ما لوضع العضو المراقب. لكن عرضا قدمه في الشهر الماضي جان بيير رافاران رئيس وزراء فرنسا عندما كان في زيارة للصين جاء في وقت كانت فيه بكين مستعدة لقبول عرض كهذا ومكنها من حفظ ماء وجهها.

قال شينغ ليجون من معهد دراسات جنوب شرقي اسيا في سنغافورة «لم افاجأ بأن الصين ستوافق.. مر وقت طويل منذ ان ابدت الصين انتقادا صريحا لمجموعة الثماني بينما كانت في حاجة لان توجه لها دعوة».

وأضاف «الصين ترغب في الاعتراف بها كلاعب عالمي رئيسي كانت تتطلع للوقت المناسب لدخول هذه العملية.. وبدعوة رئيس الوزراء الفرنسي اصبح لديهم شجاعة كافية».

ويقول محللون ان اتباع النموذج الروسي في تعظيم المشاركة في مجموعة الثماني له مغزى كبير بالنسبة للصين.

فالاقتصاد الصيني يأتي بالفعل في الترتيب السادس في العالم من حيث ارقام الناتج المحلي الاجمالي لعام 2001 التي نشرها البنك الدولي وهو اكبر من اقتصادي كندا وروسيا مجتمعين وعلى وشك ان يصبح اكبر من اقتصاد فرنسا ربما بنهاية العام الحالي.

وقال شينغ «ان مصالح الصين مع الدول المتطورة اكبر من مصالحها مع الدول النامية».

كذلك فان جولة تأتي خلال أشهر منذ تنصيب جين تاو زعيما للحزب الشيوعي الصيني في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي تفيده. وكانت الاسابيع الاولى على تولي جين تاو منصبه صعبة للغاية.

ويتصدى جين تاو الان لانتشار الفيروس المسبب لمرض سارس بعد ان سمح تستر في البداية بانتشار الفيروس الجديد الى مدى تجاوز حدود الصين.

وستعزز فرصة اجتماعه مع الثمانية الكبار موقفه في الداخل والخارج.

وقال شينغ ان الزيارة «تأتي في وقت تحتاج فيه القيادة الجديدة لقبول دولي».

واستطرد قائلا: «ان جين تاو يريد ان يظهر انه اكثر استعدادا للارتباط مع الدول الكبرى في العالم، وانه يحقق ذلك بعد ان تعرضت بلاده لحصار بسبب سارس».

ومن المؤكد ان الصين حريصة على إبقاء بابها مفتوحا حيث يشكل الاستثمار الاجنبي قوة دافعة رئيسية لاقتصادها المزدهر.

وقال شينغ «من مصلحة الصين ان تكون اكثر تحررا بل اكثر تحررا من اليابان او كوريا على المسرح الاقتصادي ذاته... اذا اغلقوا الباب فانهم سيوفرون حماية لاحتكار الشركات الاجنبية الموجودة في الصين بالفعل».

وتريد الصين ان تضمن منافسة قوية على جزء من سوقها الداخلية وعلى قوة العمل الرخيصة لديها التي تشكل قوة دافعة للصادرات المتزايدة. ففي عام 1985 كانت حصة الشركات الاجنبية من الصادرات الصينية تشكل خمسة في المائة وارتفعت الى 55 في المائة.

وقال شينغ «ان الدول الغربية ستخدم بشكل افضل مصالح الصين الاولى.. فهذا في مصلحة الصين من حيث المنافع الاقتصادية الظاهرية والحقيقية».

ويظهر كبار المسؤولين عن صنع السياسة الخارجية في الصين تحولا في اتجاه الرغبة في ان يعترف بالصين كلاعب عالمي رئيسي، وان تبتعد اكثر في هدوء عن دور المدافع عن دول العالم الفقيرة.

وأشار شينغ الى ان «الصين عندما تفعل ذلك فانها توجه رسالة قوية بأنها تلعب وفقا لقواعد اللعبة، وهذا شيء ايجابي جدا». واضاف «لن تصبح الصين قوة ثورية بعد الآن».