«مبادرة كيمبرلي» لإنهاء التجارة غير المشروعة للماس تحرز نجاحا في سيراليون

TT

فريتاون ـ ا.ف.ب: كان الماس على الدوام سلاحا ذا حدين في سيراليون فهو من جهة ثروة تسحر النساء، ومن جهة اخرى شرارة الحروب الدامية في هذا البلد على الرغم من الاجراءات الجديدة التي تفرض شهادة منشأ لكل ماسة حتى لا تكون «ملطخة بالدم» وممولا للحروب.

وقد حققت مبادرة عالمية لانهاء الاتجار في «الماس الاسود» نجاحا متفاوتا في سيراليون التي تمزقها الحروب، اذ انها ادت الى ارتفاع كبير في عائدات التصدير وازدهار عمليات التنقيب غير القانونية عن الماس.

وقال وزير الثروة المعدنية محمد سواراي ـ دين لوكالة الصحافة الفرنسية ان المبادرة التي اطلق عليها «مبادرة كيمبرلي» باسم منطقة مناجم الماس في جنوب افريقيا، ساعدت غلى جعل صناعة التنقيب عن الماس في البلاد قانونية.

وصرح قائلا: «لقد اعادت المبادرة صناعة الماس الى المجتمع المستفيد الرئيسي منها بعد ان كان يحتكرها بعض الطماعين والفاسدين».

وكان الماس احد الاسباب الرئيسية لحرب اهلية استمرت عشر سنوات وانتهت في يناير (كانون الثاني) 2001. وسمحت الاموال التي كسبتها الجبهة الثورية المتحدة المتمردة من تهريب الماس خارج البلاد باطالة امد النزاع باستخدامها في شراء الاسلحة.

وساهمت النزاعات التي استمرت عشر سنوات والتجارة غير المشروعة في الماس الملطخ بالدماء الذي اصبح يعرف باسم «الماس الدم» او «الماس النزاع» في جعل سيراليون احد افقر بلدان العالم.

وقال سواراي ـ دين ان عائدات تصدير الماس سجلت ارتفاعا هائلا قدر بـ 21 مليون دولار عام 2002، موضحا ان «عام 2003 يظهر مؤشرا افضل بكثير. ففي الاشهر الثلاثة الاولى صدرنا الماس بقيمة 8.23 مليون دولار».

وطبقا للاحصاءات الرسمية بلغت هذه العائدات 1.10 مليون دولار عام 2000 و1.2 مليون دولار عام 1999.

واقرت حكومة سيراليون عملية كيمبرلي للتمييز بين الماس القانوني وغير القانوني ودعمتها الامم المتحدة بفرض حظر على الماس الذي لا يحمل شهادة منشأ والقادم من سيراليون.

الا ان مسوقي الماس المتنفذين ذكروا ان مبادرة كيمبرلي ساعدت على انهاء تدخل المتمردين في تلك التجارة لكنها فتحت الباب لآخرين.

ويقول تاجر الماس اللبناني انس فاروق ان «مشروع فرض الشهادات قضى على ظاهرة قيام المتمردين باستخدام الاموال في الحرب الاهلية».

واضاف «ان جهات قوية دخلت هذه التجارة للابقاء على عمليات التنقيب عن الماس وتهريبه. ولدى تلك الجهات اتصالات قوية في كوناكري ومونروفيا (عاصمتي غينيا وليبيريا) لكنني لا اعرف اين يذهب الماس بعد ذلك. هناك الكثير من الحركات التي تشبه المافيا ضالعة في ذلك».

ومؤخرا صرح ديفيد كرين المدعي الاميركي للمحكمة الخاصة بسيراليون التي اسست في يناير من العام الماضي لمحاكمة المتهمين بجرائم حرب، انه اكتشف ادلة على وجود عناصر من «القاعدة» في غرب افريقيا لشراء الماس خصوصا.

واضاف ان الرئيس الليبيري تشارلز تايلور «يؤوي ارهابيين من الشرق الاوسط بمن فيهم عناصر من «القاعدة» و«حزب الله» ودأب على القيام بذلك منذ سنوات... انه يلعب دورا في عالم الارهاب. وما يفعله يؤثر على حياة الكثيرين في الولايات المتحدة واوروبا».

الا ان تايلور نفى مرارا توفير الدعم لجماعات المتطرفة.

ويقول السكان المحليون في منطقة كونو الغنية بالماس ووزع فيها اكبر عدد من رخص التنقيب عن الماس، ان عمليات البحث غير المشروعة عن الماس منتشرة وعدد العاملين فيها اكبر بثلاثة اضعاف من عدد من يملكون ترخيصا بذلك.

وقال ساهر مايو زعيم منطقة كونو، ان المنطقة تكون هادئة خلال النهار «لكن ابتداء من الساعة الثامنة مساء حتى الرابعة صباحا تصبح كمطار مزدحم« وتمتلئ باصوات الحفر والات فصل الماس عن الحصى.

وقال دبلوماسي غربي زار منطقة كونو مؤخرا لتقدير مدى تاثير خطة منح الشهادات "ليس سرا ان المنقبين غير الشرعيين والمهربين لا زالوا ناشطين والكثير منهم معروفين لكن لا يمكن الاقتراب منهم بسبب صلاتهم القوية».

والمشكلة الكبرى الاخرى هي ارتفاع عدد عمال التنقيب من الاطفال الذين يوظفهم مصدري الماس.

ويقول احد مصدري الماس السنغاليين «انهم (الاطفال) من مخلفات الحرب الاهلية ويقدر عددهم بما بين الفين وثلاثة آلاف. وعدد كبير منهم جزء من فرق المتمردين ويعيشون حياة قاسية حاليا«.

واضاف ساليو مامادو الذي يوظف اطفال ان «اعمارهم تتراوح بين عشرة اعوام و15 عاما. ويعيشون في القذارة ويتلقون مبلغ لا يتعدى خمسين سنتا في اليوم"، مؤكدا ان "طريقة العمل قاسية ولا رحمة فيها».

وقال الوزير سواراي ـ دين ان هناك عقبة اخرى هي ان اكثر من خمسين الف شخص يعيشون في منطقة كونو نصفهم من الاجانب من لبنان ونيجيريا وغامبيا والسنغال والكونغو، ومعظمهم يقيمون بصفة غير شرعية.

واوضح ان الحكومة «تخطط لاعادة فرض نظام التصاريح« الذي يعود الى ايام الاستعمار البريطاني ويحظر على الاجانب وسكان سيراليون المقيمين في مناطق اخرى من دخول منطقة كونو الا بتصريح خاص.