تجار دبي يخشون من استمرار إغلاق ميناء أم قصر ويتوقعون حركة نشطة للشاحنات عبر السعودية والأردن

TT

لم يكن قرار الامم المتحدة برفع العقوبات الاقتصادية عن العراق الذي صوت عليه مجلس الامن بالاجماع اول من امس الخميس مفاجئا للتجار الاماراتيين وغيرهم في دبي. فعلى الرغم من الحظر المفروض على العراق منذ ما ينوف عن 13 عاما كانت الحركة التجارية بين دبي والعراق نشطة للغاية تحت برنامج النفط مقابل الغذاء حيث كانت موانئ دبي نقطة انطلاق رئيسية للسلع والبضائع المتجهة الى ميناء ام قصر العراقي خلال معظم سنوات الحظر. وفيما استقبل التجار قرار الامم المتحدة برفع العقوبات بمزيج من الترحيب والترقب الا ان القلق يساور كثيرين منهم في ظل اجواء عدم الاستقرار التي تسود العراق نتيجة غياب سلطة مركزية في بغداد وانعدام الامن في اجزاء واسعة من البلاد. وقال تجار لـ«الشرق الأوسط» امس ان استمرار اغلاق ميناء ام قصر العراقي امام حركة الملاحة الدولية ستكون له آثار سلبية على حركة البضائع بين دبي والعراق. ويعتبر ميناء ام قصر المنفذ البحري الوحيد للعراق وكان محور الحركة التجارية الرئيسي مع دبي طوال السنوات الماضية.

وكان رجل الاعمال التركي كهرمان صادق قد ذكر لـ«الشرق الأوسط» الاسبوع الماضي ان ميناء ام قصر يحتاج الى ما بين 8 ـ 9 اشهر حتى يكون جاهزا لاستقبال السفن التجارية. وقال صادق الذي فازت شركته «انترناشيونال مارين كونتراكترز» بعقد قيمته 25 مليون دولار لانتشال حطام 19 سفينة من اصل 80 تقريبا في الميناء ان حالة الارصفة يرثى لها وان جزءا صغيرا منها تستخدمه قوات التحالف. وكانت تجارة الصادرات واعادة الصادرات بين امارة دبي والعراق قد قفزت الى مستويات كبيرة في عام 2001 لتبلغ ثمانية أمثال ما كانت عليه في العام الذي سبقه حيث وصلت وفقا لأرقام غرفة تجارة وصناعة دبي الى 1.717 مليار درهم (468 مليون دولار) مقابل نحو 196 مليون درهم فقط خلال عام 2000.

وحسب احصاءات الغرفة جاء العراق في المرتبة الخامسة من بين الدول التي تتوجه اليها تجارة التصدير واعادة التصدير من امارة دبي. وتصدرت ايران القائمة اذ بلغ حجم الصادرات واعادة التصدير 9.792 مليار درهم تلتها المملكة العربية السعودية بنحو 8.209 مليار درهم.

ويوضح جدول اجمالي قيمة الصادرات واعادة الصادرات بين دبي والعراق وفق شهادات المنشأ الصادرة عن غرفة تجارة وصناعة دبي الى أن القيمة تراجعت خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 26% مقارنة بالعام 2002 بعد أن انخفضت من 604.2 مليون درهم (164.6 مليون دولار) خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الماضي الى 446.7 مليون درهم (121.7 مليون دولار) خلال الفترة نفسها من العام الجاري، على الرغم من أن عدد شهادات المنشأ شهد زيادة ملحوظة بنسبة 111%، بحيث ارتفع من 346 شهادة الى 729 شهادة، وقد ساهم العراق بنسبة 4 %في اجمالي قيمة صادرات واعادة صادرات امارة دبي في عام 2002، فبلغت هذه القيمة 1.7 مليار درهم من اجمالي قيمة تجارة دبي الخارجية التي وصلت 47.2 مليار درهم.

ويقوم كثير من التجار حاليا بنقل بضائعهم من دبي الى العراق بشاحنات برا عبر الاراضي السعودية والاردنية واحيانا الكويتية.

وتوقع تجار ان تشهد الايام القليلة القادمة حركة غير عادية لحركة النقل البري خاصة ان الشاحنات ستكون الخيار الوحيد المتاح حاليا للتجار لنقل بضائعهم المكدسة في المستودعات الى وجهتها النهائية. ووفقا للتجار تحتل المواد الغذائية الاساسية قائمة الصادرات الى العراق تليها الآليات والاجهزة الكهربائية ومواد البناء والادوية. وكانت حكومة دبي قد اتخذت قبل نحو اسبوعين قرارا استراتيجيا سمح لأول مرة بتأسيس شركات «اوفشور» في المنطقة الحرة لجبل علي في خطوة تهدف بالدرجة الاولى الى استقطاب الشركات الدولية الراغبة بدخول الاسواق العراقية، وكانت اولى هذه الشركات التي اعلن تأسيسها هناك «الشركة الوطنية العراقية للاستثمار والاعمار» برأسمال قدره 100 مليون دولار، الا ان شركات دولية لها قواعد اقليمية في دبي ابدت خشيتها من ضياع الفرصة عليها نتيجة ضبابية الوضع الاقتصادي في العراق وهيمنة قوات التحالف على سلطة اتخاذ القرارات حاليا في ظل غياب حكومة عراقية. وقال لـ«الشرق الأوسط» ستيف لوكي مدير عام شركة «تيك ديتا» الاميركية المتخصصة في تقنية المعلومات «لقد فتحنا مستودعات لنا في العراق واوفدنا موظفين الى هناك لتقييم الوضع لكننا لا نستطيع ا1رسال بضائع حتى يتضح الوضع تماما».

ووفقا لمراقبين فإن التأخر عن دخول السوق العراقية الآن يعني خسارة جزء مهم من الطلب على السلع والخدمات يقدر حجمها بما يتراوح بين 8 ـ 10 مليارات دولار.