هل يمكن لخفض الضرائب أن ينشط الاقتصاد الاميركي؟

خفض 350 مليار دولار سيكون حافزا قصير الأمد لكن ارتفاع العجز قد ينعكس سلبا على النمو

TT

سجل الرئيس بوش نصرا سياسيا مهما في ما يخص خفض الضرائب ولكن ما زال هناك سؤال أساسي مطروح بالنسبة لمبادرته الداخلية. هل سيؤدي ذلك الخفض إلى تنشيط اقتصاد ضعيف؟

وبخلاف المرحلة الأولى من خفض الضرائب الذي قرره الرئيس بوش، فإن ما يعطى الأولوية الآن هو خفض معدلات ضرائب الدخل بشكل مباشر وليس خفضها تدريجيا. ومبلغ الـ 330 مليار دولار أميركي عن 10 سنوات من الخفض الضريبي، يدعمه مبلغ 20 مليار دولار من المساعدات لحكومات الولايات والمدن. الجمهوريون يعتمدون على هذه الصفقة، التي قد تبدأ بالتأثير على رواتب العمال بحلول شهر تموز (يوليو)، لتحسين مناخ وظيفي ضعيف لا يبدو أنه قابل للتحسن.

والخبراء الاقتصاديون يتفقون على أن صفقة الـ 330 مليار دولار أميركي على امتداد 10 سنوات، التي نفذها الزعماء الجمهوريون في مجلسي الشيوخ والنواب هذا الأسبوع، ستوفر على الأقل بعضا من محفز اقتصادي. ولكنهم أكثر شكا في ما يتعلق بالمنافع الطويلة الأمد لصفقة يرجح لها أيضا أن تزيد عجز الموازنة الاتحادية بشكل دراماتيكي.

إضافة إلى ذلك، لا يتوقع حتى للأثر القصير الأمد أن يكون كبيرا. ففي اقتصاد يبلغ حجمه 10.6 تريليون دولار أميركي فإن المسألة تتعلق بما إذا كان حجم الإعفاء الضريبي المقرر لهذه السنة كافيا لجعله «عاملا مؤثرا» كما يقول بروس بارتليت (زميل كبير في «المركز القومي لتحليل السياسات» المحافظ).

وسبق للرئيس بوش أن قال عن «نسخة» سابقة لمجلس الشيوخ قيمتها 350 مليار دولار إنها «صغيرة».

ومع ذلك فإن السناتور تشارلز غراسلي عن ولاية أيوا، رئيس اللجنة المالية في مجلس الشيوخ، يرى أن الصفقة «ستنشط اقتصادنا الذي يعتمد على المستهلك، وستزيد مداخيل الأفراد والعائلات وستشجع الأعمال التجارية الصغيرة على الاستثمار في الأجهزة وتأمين الوظائف.» ومن الممكن أن تتسارع عجلة الاقتصاد دونما حاجة إلى المحفز المالي الإضافي، ومعظم المراقبين الاقتصاديين من القطاع الخاص يرون تحسنا متواضعا في النشاط خلال الأشهر المقبلة. ان حصول السقوط الكبير في سعر الدولار، وهذا ـ على ما يبدو ـ مرحب به من قبل وزير الخزانة جون سنو، لا بد وأن يشجع على التصدير ويضعف الحافز على الاستيراد، الأمر الذي يزيد الإنتاج الأميركي.

ولكن في شهادته امام الكونغرس يوم الاربعاء قال الان غرينسبان، رئيس الاحتياطي الفدرالي ان المعلومات عن النشاط الاقتصادي ليست كافية لاعطاء حكم بات عن قوة الاقتصاد الفعلية.

ويحضر الديمقراطيون الاتهامات ضد بوش قائلين انه اسرف كثيرا وهذا اضر بالازدهار مسببا فقدان 69000 وظيفة شهريا منذ توليه منصبه.

وكان الديمقراطيون يقترحون تخفيض الضرائب لذوي الدخل المتوسط والمتدني، بينما الطرح الجمهوري، على الرغم من توجهه قليلا في هذه التخفيضات الى ذوي الدخل المتواضع، فانه على الغالب يتوجه الى الميسورين ورجال الاعمال على اساس ان هذا التدبير يؤدي الى خلق فرص عمل جديدة.

وحسب النظرية الاقتصادية، فان اي تخفيض ضريبي او انفاق حكومي طارئ يعطي الاقتصاد انتعاشا قصير الامد. ولكن على الحكومة الفدرالية ان تقوم بما يؤدي الى ازدياد في النمو مع سياسة نقدية توسعية. يتوقع شارع المال «وول ستريت» من الاتحاد ان يخفض معدلات الفائدة بحلول 23ـ24 يونيو (حزيران). الجمهوريون المعتدلون في مجلس الشيوخ المنقسم في الآراء يتخوفون من ان يضخم الخفض الكبير في الضرائب العجز الفدرالي كثيرا. بعد سبعة شهور من السنة المالية 2003 التي بدأت في شهر اكتوبر (تشرين الاول) المنصرم كان العجز 201.61 مليار دولار بعدما كان 64.75 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2002.

بعض خبراء وول ستريت بعجز يصل الى 400 مليار دولار قبل انتهاء هذه السنة المالية. ويجب تمويل عجز كهذا عن طريق استلاف فيدرالي حيث تسحب هذه العملية المال من يد الذين يشترون الأوراق المالية للخزينة.

وهذا العجز لا يحمل لبعض الاقتصاديين تهديدا مباشرا للاقتصاد اذ لا يصل الى %4 من اجمالي الناتج المحلي. المهم في الموضوع هو ما اذا كان العجز سيجعل الامة عاجزة عن تأمين تقاعد الشيخوخة الوشيك لجيل «فورة الانجاب» من السكان وضماناتهم الاجتماعية وحاجاتهم الصحية.

بعض التقديمات في القانون الجديد ينتهي وقتها في اواخر العقد وذلك ينقص تكلفة صفقة السنوات العشر. وبينما يركز الجمهوريون على ضرورة تجديد هذه الشروط قبل مضي وقتها فإن الديمقراطيين يسمون هذه التدابير «ألاعيب» غير سوية تضر بالوضع المالي لجيل «فورة الانجاب».

ويقول النائب الديمقراطي شارلز رانغل المسؤول في لجنة هاوس ويز اند مينز «ان سعر الصفقة غير حقيقي» ويزيد ان الصفقة ستكلف الولايات المتحدة تريليون دولار او اكثر كخسارة في الجباية على المدى البعيد.

من حيث المضمون يرى المحلل المحافظ بارتليت ان الصفقة الاخيرة «كانت افضل من تلك التي اقترحها الرئيس وتبناها المجلس».

وتتضمن هذه الصفقة خفضا في ضريبة الأرباح الرأسمالية والضريبة على ارباح الشركات الى 15% لدافعي الضرائب من ذوي الدخل المرتفع والى 5% بالنسبة للذين ينتمون الى فئة الـ10% و15 % لدافعي الضرائب لعام 2007. تلغى هذه الضرائب لذوي الدخل المتدني في العام 2008 وبعد العام 2008 ينتهي الاعفاء الضريبي.

وتخضع الارباح الآن للضريبة بنفس النسبة المفروضة على الدخل من العمل والتي تصل الى 38.6% للمستثمرين الاكثر غنى. والقليل من ذوي الدخل المتدني يحصلون على ارباح.

ويأمل الجمهوريون بأن ينعش خفض الضرائب على الارباح سوق راس المال مما يشجع المستثمرين على الانفاق اكثر على البضائع والخدمات ولكن الاقتصاديين يتنبأون بأن تأثير هذا الخفض سيكون ضئيلا.

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»