ارتفاع اليورو يهدد الانتعاش في منطقة العملة الموحدة

TT

فرانكفورت ـ رويترز: اليورو القوي امر جيد على الارجح لمنطقة اليورو في الاجل الطويل لكن مع صعوده امام الدولار متجاوزا مستواه لدى طرحه لاول مرة في 1999 يظهر خطر واضح يهدد الانتعاش الضعيف في منطقة اليورو هذا العام.

وجاءت بيانات النمو قاتمة بالفعل وان كانت اقل قتامة مما كان متصورا قبلا، ومع ذلك سيضيف ارتفاع قيمة العملة الى الضغوط على الصادرات والانتاج هذا العام.

وحتى قيام البنك المركزي الاوروبي بخفض سعر الفائدة الشهر المقبل والذي يتوقعه كثيرون الان لن يقدم حلا فوريا لان تأثير تغيير السياسات النقدية يستغرق وقتا.

وقال بول فان دن نورد الخبير الاقتصادي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس «الصورة لا تبدو جيدة».

وأضاف ان «ارتفاع قيمة اليورو في الفترة الاخيرة كان كبيرا ومن شأن ذلك خفض توقعات النمو.. والانتعاش يواجه خطر التأخر نصف سنة».

ويردد السياسيون ورجال الاعمال الكلام نفسه منذ اسابيع في زيادة للضغط على البنك المركزي الاوروبي لاتخاذ اجراء في اجتماعه المقبل المقرر في الخامس من يونيو (حزيران) المقبل. ويقول كثيرون منهم ان خفضا بمقدار 50 نقطة اساس الى اثنين في المائة اصبح مبررا الان.

وتمثل صادرات منطقة اليورو 15 في المائة من اجمالي الناتج المحلي، وتقدر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ان ارتفاع قيمة العملة الموحدة بنسبة عشرة في المائة من شأنه خفض النمو بنسبة 0.8 في المائة في العام الاول من الارتفاع وخفضه بنسبة 0.1 في المائة في العام التالي.

وقال يواكيم شيده الاقتصادي في معهد كيل للاقتصاد العالمي «اليورو يضر بالتوقعات وسيخفض توقعات عوائد التصدير. مازلت أتوقع انتعاشا .. لكنه سيكون الان أضعف مما توقعنا قبل ستة اسابيع».

وقال نوت فيلنك عضو مجلس محافظي البنك المركزي الاوروبي في مقابلة مع رويترز يوم الجمعة ان توقعات البنك الرسمية بمعدل نمو نسبته واحد في المائة في عام 2003 يجب ان تخفض.

لكنه اكد انه ليس هناك ما يدعو للذعر لان اليورو مازال داخل نطاق تذبذبه التاريخي امام الدولار، مشيرا الى انه صعد قبل طرحه رسميا الى 1.40 دولار لليورو في عام 1995.

وجرى تداول اليورو في اواخر تعاملات يوم الجمعة في نطاق 1.1837 /1.1847 دولار.

ويؤكد المسؤولون كذلك ان هناك فائدة من ارتفاع اليورو تتمثل في تضخم اقل، ويقر فيلنك وهو محافظ البنك المركزي الهولندي ان ذلك قد يسمح للسياسات النقدية بان تكون اقل تقييدا.

وقد يساعد ذلك على اعادة موازنة اقتصاد منطقة اليورو من خلال اعادته للاعتماد على الطلب المحلي وهو ما لجأت اليه الولايات المتحدة في النصف الثاني من التسعينات عندما سمح الدولار القوي لمجلس الاحتياطي الاتحادي بالابقاء على اسعار الفائدة منخفضة.

واذا تمكن قطاع الصناعة في منطقة اليورو من ابداء المرونة نفسها في التكيف مع المستويات الجديدة للعملة فان النتيجة ستكون ايجابية في الاجلين المتوسط والطويل.

ويلقي هذا بالعبء على كاهل البنك المركزي الاوروبي كي يكون بعيد النظر ويخفض اسعار الفائدة، الامر الذي سيساهم كذلك بالتأكيد في الحد من ارتفاع اليورو، لكن الامر ينطوي على مخاطرة.

وقال توني دولفين الخبير الاستراتيجي في مؤسسة «هندرسون جلوبال» في لندن «اخشى الا يدرك البنك المركزي الاوروبي الاثار السلبية الا بعد فترة مع خطر ان يأتي قراره بعد فوات الاوان».

وحتى اذا خفض البنك الفائدة الشهر المقبل فان الامر قد يستغرق ربعين او ثلاثة ارباع عام حتى يعود ذلك بالفائدة على المقترضين.

واصاب الركود الناتج المحلي الاجمالي في الربع الاول من عام 2003 وانكمش في ايطاليا وهولندا والمانيا.

وبهذا يكون الاقتصاد الالماني اكبر اقتصاد في منطقة اليورو للمرة الثانية خلال ثلاث سنوات في حالة انحسار اقتصادي فني. والانحسار الاقتصادي الفني هو حدوث انكماش في الناتج المحلي الاجمالي خلال ارباع متتالية.

لكن الامر غير المتوقع الذي اظهرته تفاصيل البيانات الالمانية ان الضرر نتج عن انخفاض حاد في استثمارات قطاع البناء وارتفاع الواردات بمعدل اكبر من ارتفاع الصادرات مع لجوء الشركات لتخزين النفط والسلع خشية تسبب حرب العراق في تعطيل الامدادات.

ومن ناحية اخرى زاد الاستهلاك العائلي بنسبة 0.6 في المائة وزاد الاستثمار في المعدات والالات بنسبة 0.3 في المائة.

وقال ديرك شوماخر الاقتصادي في «جولدمان ساكس» في لندن «نعم، نشهد حالة انحسار فنية لكن الاقتصاد لن ينهار. انه ضعيف بلا شك .. لكنه مازال ينبض بالحياة وسينتعش في النصف الثاني» من العام.

وهذا التفاؤل يتوقف الان على المدى الذي سيصل اليه ارتفاع اليورو.

ويقول يواكيم فيلس الاقتصادي في «مورجان ستانلي» بلندن «ما شهدناه بالفعل يعني انتعاشا ضعيفا للغاية في النصف الثاني من هذا العام واذا استمر (اليورو) في الارتفاع فان حتى هذه التوقعات ستصبح مهددة».