السعودية: مشروعات إسكانية ضخمة تواجه صعوبات في تمويل استثمارات تفوق 4 مليارات دولار

TT

تخوف مصرفيان في السعودية من تأثير قلة تقاعدات القروض طويلة الاجل وضعف الخلفية القانونية في التعاقدات مع العملاء، على تمويل مشاريع ضخمة في المنطقة المركزية في مكة المكرمة، تصل قيمتها الى اكثر من اربعة مليارات دولار. ويمكن وصف موقف صناع القرار في القطاع المصرفي في السعودية بالمحير، فإما الاستفادة من عوائد مجزية عند القبول بتمويل مشاريع تزيد كلفتها عن اربعة مليارات دولار، او الرفض لكونها تعتمد فقط على تمويلات طويلة الاجل وهو ما يتعارض مع سياسات البنوك، ويعزز اتجاه الرفض ايضا عدم وجود ارضية قانونية صلبة تسهم في ابرام تلك الاتفاقيات من دون تخوف خاصة في المشاريع الاسكانية. ويرى المصرفيان ان الحل يكمن في اصدار سندات تساهم في تمويل المشاريع. وبالحديث عن ذلك، كشف خالد اليوسف مصرفي سعودي لـ«الشرق الأوسط» ان ما يعيق تمويل بعض المشاريع الضخمة في مكة المكرمة وخاصة المناطق المحيطة بالحرم المكي الشريف، هو احتياج المستثمرين الى صيغ تمويل طويلة الاجل تزيد عن سبع سنوات، مبينا ان هذا النوع من الاتفاقيات غير مقبول لكون الودائع لدى اغلب البنوك السعودية قصيرة ومتوسطة الاجل، مما يؤثر على قرار البنك في قبول التمويل لمشاريع ضخمة مثل المقرر تنفيذها. وقال انه يجري حاليا في مكة المكرمة الاعداد لمشاريع جبل عمر، وابراج البيت وجبل خندمة وما يتبعه من الطريق الموازي، جبل الكعبة، ووقف اجياد، وتكلف في اجماليها ما يزيد عن 15 مليار ريال او 4 مليارات دولار، تركز على الجانب الاسكاني والتجاري.

واوضح ان اغلب الدراسات التي قدمها ملاك تلك المشاريع تعتبر متفائلة للغاية، متجاهلة دواعي عدة منها الاحتياطات الامنية والتغييرات التي يعيشها العالم من حولنا، والازمات الصحية وغيرها التي تؤثر عادة على قدوم المعتمرين والحجاج من موسم لآخر، مشددا على ان الدولة تسعى بكل امكاناتها لتنفيذ التزاماتها، لكن العالم يواجه صعوبات جمة بما في ذلك الامراض التي قد تمنع قدوم المعتمرين من دول اسلامية عملاقة مثل اندونيسيا وغيرها. وأضاف انه الى جانب التخوف من الدراسات المتفائلة فإن المستثمرين يركزون على جوانب متشابهة، مما قد يرفع العرض مقابل الطلب في نوعية الخدمات المقدمة، وبالتالي سيقلل من التدفقات المالية المتوقعة في الدراسات وينعكس ذلك سلبا على التزام المستثمر بالسداد للبنوك.

وقال مصرفي آخر طلب عدم الكشف عن اسمه، انه الى جانب التخوف من زيادة العرض فان الاوضاع الاقتصادية الدولية التي يعيشها العالم تعيق استمرار تزايد الطلب، فبعد ان سمح اخيرا بصيغة التملك الجزئي للعقارات في مكة المكرمة ولكل المسلمين لمدة 28 عاما قابلة للتجديد، فان دولا اسيوية واسلامية عدة تعيش حالة من التراجع الاقتصادي مما يفقدها كثيرا من الرفاه الذي يسمح بشراء عقارات في مكة، مضيفا ان قيودا قانونية تعيق حرية تمويل تلك المشاريع السكنية خاصة، فلا يمكن للبنك ان يمتلك بشكل مباشر الا فروعه او ما يخصص لاسكان موظفيه، وعلى الرغم من وجود دراسة لمشروع قانون يتيح رهن العقارات لصالح البنوك، فان ذلك لا يكفي، اذا ان البنك وان كان مالكا لذلك العقار ولم يدفع ساكنيه ما يتوجب عليهم لا يمكنه اخراجهم وبيع العقار وتحصيل قيمة ما دفعه للمستثمرين من اجل اعادة اموال مساهمي البنوك. ويرى المصرفيان الحل في هذا الخصوص، هو السماح بشكل اوسع للبنك في اصدار سندات خاصة بالمشاريع يمكنها ان تغطي موضوع القروض طويلة الاجل وتتيح التداول بنسبة عائد مجزية، ولا تؤثر على التدفقات المالية السنوية.

في المقابل، قال الدكتور صالح الحبيب مدير عام شركة جوار لإدارة وتسويق العقار المشرفة على إدارة وتسويق مشروع ابراج البيت، ان هناك ثغرة بين الشركات المالكة للمشاريع الضخمة الجديدة في المنطقة المركزية بمكة المكرمة، والبنوك المحلية، وعزا ذلك الى عدم وجود منافسة للبنوك مما يجعلها تضيق الخناق على الشركات الراغبة في الحصول على تمويلات ضخمة. وافاد بان مشكلة الاحتكار تلك تزيد في مكة المكرمة، وارجع الحل في تلك المعضلة بدخول بنوك عالمية وخليجية بشكل اوسع في السعودية مما يخفف الضغط على الشركات المحلية الراغبة في الحصول على التمويل.

وحول قضية تخوف البنوك المحلية من التمويلات الطويلة الاجل، قال صحيح ان تلك مشكلة اخرى، ويبقى الحل في فتح المجال امام اكبر عدد من البنوك العالمية والعربية الموثوق بقدراتها للعمل في السوق السعودية، من دون الارتهان الى قرارات البنوك المحلية. وفي شأن ذي صلة، قال الدكتور الحبيب ان الغرف الفندقية المقرر تنفيذها في المنطقة المركزية ليست كثيرة مقابل الطلب، ووفقا للدراسات التي قام بها معهد خادم الحرمين الشريفين فان اغلب مشكلة الافتراش امام الحرم، ناتجة من عدم وجود اعداد كافية من الفنادق في المنطقة المركزية ذات مستويات عالية، مشيرا الى ان الطبقة المستهدفة في مشروع ابراج البيت هي للطبقة المتوسطة والغنية، اذ توجد فنادق من فئة اربعة وخمسة نجوم، كذلك غرف وشقق سكنية بذات الدرجة من الرقي.