مجموعة الثماني تبحث انخفاض الدولار وضعف الاقتصاد العالمي وتتعهد باستكمال محادثات تحرير التجارة

تأكيد أميركي على عدم استخدام الدولار كسلاح نقدي وسط توافق للدول الصناعية على أسعار الصرف * بلير: المجموعة متفقة على أن الإصلاح مفتاح النمو

TT

تناول زعماء العالم الهبوط الاخير للدولار في أسواق الصرف أمس اثناء قمة مجموعة الثماني التي تهدف الى تعزيز الثقة في الاقتصاد العالمي المهتز. ورغم ان انخفاض الدولار امام اليورو والين امر طيب بالنسبة للصادرات الاميركية وتوفير فرص عمل جديدة مع اقتراب انتخابات الرئاسة المقررة في العام المقبل الا انه اثار المخاوف في اوروبا واليابان. فما قد يدعم الولايات المتحدة من شأنه تقويض افاق الانتعاش في اوروبا واليابان. من جانب آخر صرح المتحدث باسم الخارجية اليابانية ان الرئيس الاميركي جورج بوش اعلن في القمة ان الولايات المتحدة ستواصل سياستها للدولار القوي.

وانخفض الدولار اكثر من عشرة في المائة امام اليورو منذ بداية العام وبلغ ادنى مستوياته على الاطلاق امام العملة الاوروبية الموحدة في الاسابيع التي اعقبت تصريحات وزير الخزانة الاميركي جون سنو الذي قال في اجتماع وزراء مالية مجموعة الثماني في فرنسا في منتصف مايو (ايار) ان التحركات الراهنة في اسعار العملات كانت معتدلة نسبيا.

وقال مندوبون في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى بالاضافة الى روسيا ان طلب مناقشة اسعار العملات جاء من الجانب الاوروبي على الرغم من تصريحات دول مثل المانيا قبيل القمة بان الزعماء لن يبحثوا هذا الامر خلال اجتماعاتهم التي تستمر ثلاثة ايام في ايفيان بفرنسا. وقال مندوب انه ليست هناك خطط لاصدار بيان ختامي محدد بشأن العملات اليوم لكنه لم يستبعد تعليقا على الامر في البيان الختامي للقمة اليوم. وتركزت محادثات مجموعة الثماني التي تضم زعماء الولايات المتحدة والمانيا واليابان وكندا وايطاليا وبريطانيا وروسيا وفرنسا على الاقتصاد صباح امس.

وكشف مصدر لأحد الوفود المشاركة في قمة مجموعة الثماني في افيان أمس ان البيان الختامي للقمة الذي سينشر اليوم في ختام اعمالها لن يأتي على ذكر اسعار الصرف وتحديدا تراجع الدولار مقابل الين واليورو. وردا على سؤال حول ذكر اسعار الصرف في البيان الختامي الذي تعده الرئاسة الفرنسية للقمة وسينشر ظهر اليوم. وقال المصدر «لا، لن يكون هناك اي ذكر لاسعار الصرف» في البيان الختامي. من جانبه قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك ان محادثات مجموعة الثماني اتاحت توجيه «رسالة ثقة» بشأن «نمو متزايد»، معتبر ذلك امرا «مشجعا». وأدلى شيراك بتصريحاته للصحافة قبل الاجتماع بالرئيس الاميركي جورج بوش. وقال ان محادثات عكست «قناعتنا المشتركة حول قدرة عالم الغد على تحقيق نمو متزايد. انها اذاً رسالة ثقة».

في حين أكد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى اتفقت أمس على ان الاصلاحات الاقتصادية الهيكلية في اوروبا هي المفتاح لتحقيق نمو اقوى. وقال بلير في مؤتمر صحافي «هناك اتفاق في منطقة اليورو وفي اوروبا على ان لدينا كل الفرص الممكنة لاستئناف النمو القوي في المستقبل القريب شريطة ان نواجه تحديات الاصلاح الهيكلي هذه ونتغلب عليها».

ويأتي 50 في المائة من اجمالي الناتج العالمي من هذه الدول الثماني. ومن المتوقع صدور العديد من البيانات عن الالتزام بالتجارة الحرة وتعظيم مسؤوليات الشركات في اعقاب فضائح محاسبية من النوع الذي شهدته شركة انرون الاميركية العملاقة للطاقة. وفي حين يهدد الكساد او ما هو اسوأ منه اقتصاديات مثل المانيا واليابان وايطاليا قال رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني أول من امس الاحد انه سيجري بحث اسعار العملات كما القى الضوء على الامال المعلقة على خفض اسعار الفائدة في منطقة اليورو التي تضم 12 دولة. وقال برلسكوني الذي ستتولى بلاده الرئاسة الدولية للاتحاد الاوروبي في يوليو (تموز) المقبل قبيل اجتماع مهم لمجلس تحديد اسعار الفائدة بالبنك المركزي الاوروبي الخميس المقبل «قد يكون هناك قرار وشيك بخفض اسعار الفائدة... واعتقد انه مطلوب». ويطالب الكثيرون بخفض الفائدة في منطقة اليورو لسببين السبب التقليدي، وهو دعم النمو عن طريق خفض تكلفة الاقتراض على قطاع الاعمال والثاني ان ذلك من شأنه الحد من ارتفاع اليورو امام الدولار. وحتى الان لا يبدو ان الاسواق تثق بدرجة كبيرة في هذه التصريحات بل بدأت تميل للضغط على الدولار نظرا الى ان الارتفاع الكبير في عجز ميزان المعاملات الجارية الاميركي وعجز الميزانية اصبح يشكل خطورة حقيقية الان.

من جانب آخر تعهد قادة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى باستكمال محادثات تحرير التجارة قبل نهاية العام المقبل الا انهم تجنبوا الخلافات بين اميركا واوروبا والتي ادت لتعثر المفاوضات حتى الان.

ولم يذكر البيان الذي اصدرته فرنسا، الدولة المضيفة للقمة، الشكاوى الاميركية بشأن حظر الاتحاد الاوروبي واردات المنتجات الغذائية المعدلة وراثيا او الجدل بشأن دعم كل من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي للمزارعين على جانبي الاطلسي.

ودعا القادة لعدالة اكبر في التعاملات التجارية مع الدول الفقيرة الا انهم لم يشيروا في بيانهم لاقتراح الرئيس الفرنسي جاك شيراك بتعليق الدول الغنية دعم الصادرات الزراعية لافريقيا. ودعا البيان اعضاء منظمة التجارة العالمية للعمل من اجل «انفتاح تجاري اكبر في جميع المجالات» ولتحسين فرص وصول جميع الدول الاعضاء في المنظمة وبصفة خاصة الدول الفقيرة الى الاسواق. ووافقت دول المجموعة على ايجاد حل يسمح بحصول الدول الفقيرة على ادوية رخيصة لمقاومة الامراض الخطيرة قبل اجتماع كانكون. الا ان البيان لم يحدد كيفية التصدي لاعتراضات صناعة الادوية الاميركية وهو الامر الذي يعرقل التوصل لاتفاق. والتوقعات باحراز تقدم بشأن القضايا التجارية خلال القمة ضعيفة. الا انه مع تركيز فرنسا على الوضع في افريقيا فان تجاهل دعوة شيراك لتعليق دعم الصادرات الزراعية للقارة سيسبب حرجا للرئيس الفرنسي.