«هامر» مركبة وعرية من نسيج جديد تستولي على طرقات الأميركيين قبل عقولهم

«إتش 2» أتت من صلب شقيقتها العسكرية «إتش 1» لتؤدي %80 من مهامها

TT

حربا الخليج الأولى والثانية (عاصفة الصحراء وحرب العراق الأخيرة)، حوّلتا مركبة عسكرية إلى نجم كبير يتبختر تيهاً في شوارع لوس انجليس، هذه كانت البداية.

«ارنولد شوارزينغر» الشهير في عالم السينما، وأفلام العضلات والمغامرات، كان السبّاق إلى اقتناء مركبة «همفي» Humvee، أو «هامر» Hummer، عسكرية ليقودها في شوارع عاصمة السينما وسط نظرات الناس الذين اعتادوا رؤيتها على الشاشة الصغيرة بحجمها الكبير وقدرتها الخارقة في اجتياز مختلف العقبات والتضاريس الأرضية حاملة تشكيلة واسعة من الأسلحة والمدافع، خلال متابعتهم لأخبار الحرب.

وعندما رأت جنرال موتورز إقبال الناس على شكلها الغريب وإعجابهم بها، سارعت إلى الاتفاق مع شركة «ايه إم جنرال» A. M. General، التي تنتجها لحساب القوات المسلحة الأميركية، لإنتاج نسخة مدنية منها تحت اسم «اتش 2» H2، قادرة على إنجاز 80 في المائة مما تنجزه شقيقتها العسكرية، لكن بلباس مدني صرف، وبحجم أصغر قليلاً، وحلة أنيقة تشمل حمل كل ما يخطر على البال من تجهيزات اضافية قد تجدها في السيارات الفارهة العالية الفخامة.

المركبة العسكرية الأصلية «اتش 1» خلافا لما ذكر لا تملك ذلك باستثناء طبعاً القوة والقدرة العالية.

وهكذا شرعنا نرى في الشوارع الأميركية كافة هذه المركبات الوعرية العملاقة يقودها سائقون من الجنسين ومن مختلف الأعمار والفئات، فقد أظهرت الإحصاءات الأخيرة أن 40 في المائة من الذين يقتنونها الآن هم من الجنس اللطيف اللواتي رأين في هذا الوحش الصغير جمالا يفوق ما اعتدن عليه من السيارات الناعمة والصغيرة، التي يفضلنها عادة. في ساوث بند، تلك المدينة الجامعية الصغيرة التي تنام عادة بعد غياب الشمس بقليل، تضم مصانع «هامر» مرفقاً آخر تابعاً لها هو «اكاديمية هامر»، حيث يتعلم مشتروها الجدد، وحتى اولئك الذين يودون قيادتها فقط، أسلوب إدارتها بشكل صحيح. وبين هؤلاء شخصيات بارزة ونجوم سينما تراهم يخوضون بها الوحول والوعور والمنحدرات الشديدة والصخور العالية الناتئة، وذلك لقاء مبلغ كبير يتراوح حسب المدة ونوع الدروس، لكن على الرغم من هذه الكلفة، يقبل الناس على هذه المدرسة بحماس كلي، ومنهم العسكريون ايضا الذين ترسلهم قواتهم المسلحة، ورجال الشرطة، وفرق الإنقاذ المنتدبة من مختلف الولايات الأميركية، وحتى وكالة الفضاء والطيران الأميركية «ناسا»، أرسلت من يتعلم قيادة هذه المركبة والانتفاع منها إلى أقصى الحدود.

«إتش 1» .. و«إتش 2» لكن ماذا عن المركبة ذاتها؟..

بداية تشترك «اتش 1» (النسخة العسكرية الأصلية)، و«اتش 2»، بالدفع على العجلات الاربع شأنها شأن جميع المركبات الوعرية الرياضية المتعددة الاغراض، كما تشترك المركبتان في الشكل الخارجي الفظ الخشن والمظهر المتطرف الابعاد، وبالصلابة الفائقة والقدرة الكبيرة على الحركة والمناورة. وببساطة تعتبر المركبتان اقصى ما توصلت اليه المركبات الوعرية التي لا يقف في وجهها أي عائق، خاصة ان العجلات الكبيرة الحجم جدا، ونظام التعليق الفريد والهيكل السفلي (الشاسي)، صنعت كلها بمواصفات خاصة لا توجد في أي مركبة اخرى.

بعبارة اخرى شكلت «هامر» بظهورها المدني قطاعاً جديداً في عالم السيارات.

مثال على ذلك، هو ان «اتش 2» تستطيع اجتياز جدول مياه بعمق 20 بوصة، والتسلق فوق صخور ارتفاع كل منها 16 بوصة، والغوص في رمال ناعمة بسرعة عالية. وهذا ما اختبرته «الشرق الأوسط» شخصياً في مضمار التجارب بالأكاديمية الفريدة هذه، التي اخذت تكتسب شهرة واسعة هي الأخرى.

المركبة هذه يدفعها ايضا محرك «فورتيك» ثماني الاسطوانات بشكل V معززاً بناقل حركة اوتوماتيكي رباعي السرعات (النسب) مع سرعة اضافية (اوفر درايف) للحصول على أداء متميز قوة وأداء.. وبإمكان المحرك الذي طورته جنرال موتورز توليد 316 حصانا من القوة لدى دورانه بسرعة 5200 دورة في الدقيقة مولداً ايضا 360 رطل قدم من عزم الدوران، لدى دورانه بسرعة 4000 دورة في الدقيقة، كما انه بالإمكان تحويل ناقل الحركة إلى مجال السرعة المنخفض «توهول»، أو إلى العالي على السرعات الأربع كافة.

يضاف إلى كل ما سبق، هناك كتجهيز قياسي لمنظومة الحركة والدفع (الباور ترين)، المدمج معها نظام بورغ ـ وارفر الإلكتروني الثنائي السرعات، الذي يعمل بشكل مستديم مع نظام الدفع على العجلات الأربع، ويتيح هذا الابتكار تخفيض نسب تروس السرعة أكثر فأكثر بنسبة 2.64:1 عند الضرورة، خاصة لدى تسلق المنحدرات الوعرة، كما يتيح النظام هذا تجزئة عزم الدوران (قدرة الشد) بنسبة 60/40 في ما يتعلق بالعجلتين الأماميتين الى الخلفيتين لدى السير بشكل عادي في المسالك والطرق المنبسطة، أو عندما تكون المحاور التفاضلية غير مقفلة، ونسبة 50/50 لدى إقفال هذه المحاور.

ثم ان علبة ناقل الحركة الإلكترونية التشغيل، تؤمن خمسة أنماط من الاختيارات، بما في ذلك اقفال المحور التفاضلي الخلفي لتأمين اقصى الأداء وافضله في أحوال القيادة جميعها.

* تجهيزات أخرى ايضا زودت الـ«اتش 2» بنظام من صنع شركة بوش للتحكم بالقطر/ السحب عندما تكون المحاور التفاضلية غير مقفلة، ويتيح هذا النظام علاوة على التحكم بالمركبة على الطرقات الزلقة، إمكانيات جديدة منها استعادة القدرة على الجر والدفع عن طريق عجلة واحدة إذا ما اقتضت الضرورة. ويمكن تشغيل كل ذلك عن طريق زر صغير في لوحة العداءات والقياسات، اذ ان النظام يسمح للعجلة بالمزيد من التدويم لدى تشغيله اثناء القيادة في المناطق الرملية والصحراوية.

ويمكن إيجاز ما تقدم بالقول إن المركبة مجهزة بنسبة محاور تبلغ 4.1 مقرونة بنسبة تروس اضافية على السرعة الأولى، علاوة على تخفيض اكثر للسرعة على المجال المنخفض، بحيث يصل مجموع النسب إلى 33:1، مما يعني سرعة زحف بطيئة جدا، لكن مع قدرة شد عالية ايضا، لتسلّق الصخور والحواجز المرتفعة. ثم ان لـ«هامر» مزية اخرى هي قدرتها على قطر مركبات اضافية تبلغ حمولتها، أو أوزانها، ثلاثة أطنان، لتسحبها ايضا عند الضرورة عبر المناطق الوعرة.وثمة امر آخر يميز الـ«هامر اتش 2»، هو قاعدة العجلات الطويلة البالغة 122.8 بوصة، اي اطول بنحو سبع بوصات من مركبة «شيفروليه تاهو»، اما طول جسمها الإجمالي فيصل إلى 189.9 بوصة، اي اقصر من الـ«تاهو» بتسع بوصات، وهذه الابعاد توفر لـ «هامر» ركوبا ناعما وسلسا على الطرق المختلفة، مع تعزيز وقايتها من الانقلاب في المسالك البالغة الانحدار والوعرة، ثم ان مداس اطاراتها عريض جدا، اذ يصل الى 69.4 بوصة، كما ان هذه العجلات الضخمة واقعة في اقصى الزوايا الاربع مؤمنة توازنا اضافيا للمركبة على الطرق، مما يمنع انقلابها خارجها. كذلك فإن ارتفاع خلوص المركبة Clearance، يتيح لـ«هامر» الاقتراب من العقبات والحواجز والحفر بثقة هائلة من دون الخوف من انحشار المقدمة او المؤخرة فيها. ومثل هذه الميزات هي الأعلى بين كل شاحنات جنرال موتورز ومركباتها الكبيرة المتعددة المهام.

* متانة القفص من ناحية اخرى، بذلت عناية خاصة في صنع الاجزاء التي تؤلف الهيكل ليتحول الأخير الى قفص عالي المتانة والجودة، فقد استخدمت في صنع الاجزاء الفولاذية تقنية التشكيل المائي، تعني تشكيل الفولاذ وقولبته بالضغط المائي الشديد، مما يتيح لهذا المعدن الاحتفاظ بكامل قوته وشدته لدى خضوعه الى عمليات الانتاج المختلفة.

ولا ننسى هنا الدرع الذي يقي اسفل المركبة من الصخور، والذي يزيد من صلابتها وتماسك ادائها المتميز، كما ان خزان الوقود محاط بواقيات فولاذية، وكذلك الحال بالنسبة الى المكبس الهوائي المجهز اختياريا.

اما في المقدمة فيوجد عمود امامي عادي مستقل مصنوع من الفولاذ الالتوائي ونظام تعليق خلفي مؤلف من خمس حلقات من النوابض اللفائفية التي تؤمن ركوباً ناعماً على الطرقات، ودرجة عالية من التوازن خارجها، ثم ان المحور الخلفي الصلب يؤمن ثباتاً متفوقاً في المنعطفات الحادة والأماكن الضيقة، ويمكن بشكل اختياري تزويد المركبة بنظام تعليق هوائي خلفي جديد للحفاظ ذاتياً على مستواها الصحيح، مصمم خصيصاً لمتطلبات الـ «هامر» القاسية في الوعور.

قطع الغيار.. والكماليات الاختيارية علاوة على كل ذلك، فإن قسم عمليات قطع الغيار في جنرال موتورز، يقدم العديد من القطع المختلفة حسب طلب الزبون وفقا لاختياراته الشخصية، فرغم ان مركبة «هامر» منتوج نادر بعض الشيء، فإن زبائنها من محبي التفرد والخصوصية، يرغبون عادة ان يفصّلوها أكثر فأكثر حسب أذواقهم الشخصية.

وحقا يحتوي داخل المقصورة على المعدات والتجهيزات التي يجدها المرء عادة في سيارات السيدان (الصالون) الفخمة، وان كانت بحلة رياضية تلائم الغرض من هذه المركبة. ومعلوم ان هذه المركبة تختلف عن شقيقتها العسكرية الـ «اتش 1»، التي اشتقت منها في كونها قادرة على استيعاب بين خمسة الى سبعة ركاب حسب توزيع مقاعدها، بينما لا تستوعب الشقيقة العسكرية سوى اربعة ركاب فقط نظرا للمستلزمات الحربية التي فرضت ذلك.

ولا بد من الاشارة هنا الى ان المعجّل (دواسة البنزين) الإلكتروني الجديد، هو من ابتكار شركة «هيتاشي» اليابانية، ويتميز بدقته البالغة، لأنه يعمل بواسطة السلك، شأنه شأن التقنيات الجديدة في الطائرات الحربية والمدنية الحديثة، أي انه يعمل من دون الحاجة الى الوصلات والتمديدات الميكانيكية.

كما ان الدواسة لدى عملها تأخذ في الاعتبار المعلومات الاخرى المتوفرة، التي تأتي من ناقل الحركة مثلا، بغية تقرير كمية الوقود التي تضخ الى حجرة الاحتراق زيادة في التشغيل السلس العالي الكفاءة.

وقد سنحت لـ«الشرق الأوسط» فرصة اخرى لقيادة هذه المركبة على مختلف أنواع الطرق وخارجها، ورأت فيها شخصية مختلفة تماماً عما هو مألوف في عالم السيارات، فهي تشكل فئة تختلف تماما عما عهدناه في السابق.

من هنا كنا نرى الناس يتابعونها بنظراتهم، كلما مرّت واحدة منها في شوارع المدن الأميركية الزاخرة بغرائب السيارات والمركبات، إما إعجاباً، أو استغراباً، خاصة ان عدد الذين اقتنوها حتى الآن لا يتعدى بضعة آلاف، وان كان العدد يتزايد باطّراد. فالنجم السينمائي شوارزينغر، ألحق «اتش 1» التي اشتراها اصلا، بسبع مركبات «اتش 2» اضافية بألوان متنوعة مكملا مجموعته جميعها، وهو يقود احداها كل يوم. هذه هي الـ«هامر» مدوخة العقول وخالبة الألباب.

بقي أمر أخير يستحق الإشارة، هو ان سعر هذه التحفة ذات العضلات في الولايات المتحدة يبدأ من 48 الف دولار ويتجه صعودا حسب التجهيزات الاضافية المطلوبة. اما خارج الولايات المتحدة، فلم يحدد سعرها بعد، وان كان اعلى من هذا الرقم بهامش معقول، كما هو متوقع.