مؤشر التنمية البشرية يسجل تراجع تصنيف 13 دولة عربية بينها 4 خليجية

تقرير برنامج التنمية يحض الدول الغنية على زيادة مساعداتها وفتح الأسواق أمام منتجات الدول الفقيرة

TT

تراجع مستوى 13 من الدول العربية في تصنيف تقرير التنمية البشرية للعام 2003 الذي اصدره برنامج الامم المتحدة للتنمية، وحظر نشره حتى يوم امس، في حين سجلت ست دول اخرى تقدماً عن تصنيفها للعام 2002. وشمل مؤشر التنمية البشرية الملحق بالتقرير 175 دولة مقابل 173 دولة في 2002. ويصنف هذا المؤشر الدول المشمولة بناء على عناصر تشمل معدل الحياة ونسبة الاطفال الذين يلتحقون بالمدارس ونسبة المتعلمين بين البالغين ودخل الفرد الحقيقي المعدل. وسجل لبنان اكبر نسبة تراجع بانخفاضه ثمانية مراتب من 75 الى 83، تلته تونس بالانخفاض ستة مراتب من 97 الى 91. وانخفض مستوى مصر اكبر دولة عربية تعداد للسكان خمسة مراتب الى 120، في حين تراجع المغرب ثلاث مراتب الى 126. وكان لافتاً انخفاض ترتيب اربعة من دول مجلس التعاون الخليجي وان بنسب متدنية. فقد تراجعت السعودية التي تمثل اكثر الدول الخليجية من حيث عدد السكان وتملك اكبر اقتصاد عربي مرتبتين الى المرتبة 73، كما تراجعت الامارات بنفس القدر الى المرتبة 46. وكانت البحرين وقطر الدولتين الوحيدتين بين دول الخليج اللتين حققتا تقدما في التصنيف. وحلت البحرين التي لا يزيد عدد سكانها على 638 الف نسمة اولى بين الدول العربية بتقدمها مرتبتين الى المرتبة 37، في حين تقدمت قطر، اصغر الدول العربية تعدادا للسكان وصاحبة احد اعلى المداخيل القومية للفرد في العالم، سبع مراتب الى المرتبة 44. وانفرد الاردن بتحقيق اكبر نسبة تقدم بين الدول العربية بارتقائه تسع مراتب الى المرتبة 90. وضم التصنيف لعام 2003 الاراضي الفلسطينية المحتلة، خلافا لتصنيف العام الماضي، مصنفاً مستوى التنمية الانسانية فيها في المرتبة 98. ولم تشمل لائحة المؤشر ايا من العراق والصومال من بين الدول العربية.

لكن مؤشرات التقرير الاخرى اشارت الى ان نسبة سكان العراق الذين يعانون من سوء التغذية تدهورت بين 1998 ـ 2000 الى حوالي 30% في حين زادت نسبة موت الاطفال دون سن الخامسة الى حوالي 130 في الالف بعد ان كانت عند مستوى 50 في الالف في 1998. ولفتت هذه المؤشرات الى ان معظم الدول العربية نجحت في خفض نسبة فقراء الدخل بحيث بلغ عدد السكان الذين كانوا يعيشون بأقل من دولار واحد في 1999 حوالي 6 مليون نسمة. لكن نسبة الاطفال الملتحقين بالمدارس انخفضت في كل من السعودية وعمان والامارات وسورية والبحرين. وبعيداً عن اداء الدول العربية، حافظت النروج على الصدارة للعام الثالث على التوالي، وتبعتها ايسلندا والسويد من دول اقصى الشمال الاوروبي في حين حلت استراليا رابعة. واحتلت الولايات المتحدة صاحبة اكبر اقتصاد في العالم في المرتبة السابعة، فيما حلت اليابان تاسعة. وفاق اداء اسرائيل وفقاً للمؤشر اداء الدول العربية بكثير مانحاً اياها المرتبة 22. واعتبر تقرير التنمية الانسانية ان تحقيق اهداف الالفية للتنمية التي اعلنت في عام 2000 لا يمكن ان تتحقق اذا لم يتم تسريع الاداء لتحقيق التقدم الاقتصادي. وتشمل اهداف الالفية تخفيض عدد الذين يعيشون على دخل يقل عن دولار واحد في اليوم الى النصف بين 1990 ـ 2015. كما تشمل العمل على توفير سبل التعليم لكل طفلة وطفلة بحلول 2015، وتعزيز دور المرأة والمساواة بين الجنسين من خلال تحقيق المساواة في التعليم الابتدائي والثانوي بحلول 2005، وفي كل مستويات التعليم في 2015 على ابعد تقدير. وتمتد لائحة الاهداف لتشمل العمل لخفض ثلثي عدد الاطفال الذين يموتون دون سن الخامسة في 2015. ولا يفوت اهداف الالفية مكافحة الايدز والحفاظ على البيئة من خلال برامج التنمية المستدامة. ويعترف التقرير بان العقود الثلاثة الماضية شهدت تقدماً «دراماتيكيا» في الدول النامية. فقد ارتفع معدل الحياة بثماني سنوات، وتم خفض عدد غير المتعلمين الى النصف ليشكلوا نسبة 25% من سكان العالم. كما تم خفض عدد الذين يعيشون على اقل من دولار واحد في اليوم في دول شرق اسيا الى ما يقارب نصف عددهم في التسعينات. لكن التقرير يؤكد ان التقدم التنموي ما زال بطيئاً. فالتسعينات «كانت سنوات يأس للعديد من البلدان»، فهناك 54 بلداً الان اكثر فقراً مما كانوا عليه في 1990. كما ان نسبة اكبر من سكان 21 بلداً يواجهون الجوع، في حين ان عدد الاطفال الذين يموتون قبل بلوغ خمس سنوات ازداد في 14 بلداً. اما بالنسبة للتعليم فقد تقلص عدد الاطفال الذين يلتحقون بالمدرسة عند المستوى الابتدائي في 12 بلد، بينما انخفض معدل الحياة في 34 بلد. ولفت التقرير الى وجود مجموعتين من الدول بحاجة ماسة الى تغيير المسار التنموي، الاولى تضم دولا تجمع بين تنمية انسانية متدنية واداء ضعيف باتجاه تحقيق الاهداف المذكورة، والثانية تضم دولا تتقدم باتجاه تحقيق الاهداف التنموية لكنها تخلف وراءها جيوب فقر كبيرة. ويصل عدد دول هاتين المجموعتين الى 59 دولة. ولفت التقرير، على سبيل المثال، الى ان نجاح الصين في رفع 150 مليون نسمة من الفقر المدقع في التسعينات تركز في المناطق الساحلية في حين بقيت جيوب الفقر في مناطق اخرى. وشدد تقرير التنمية الانسانية على ان نجاح الدول الفقيرة في تحقيق الاهداف التنموية لا يمكن ان يتم دون تغيير الدول الغنية لسياستها تجاه تحقيق شراكة تنموية مع الدول الفقيرة. فهذه الدول «غير قادرة منفردة على مواجهة كل العوائق البنيوية التي تبقي على فقرهم، ومنها الضرائب الجمركية التي تفرضها الدول الغنية والدعم الذي تقدمه لمزارعيها بحيث تحد من دخول منتجات الدول الفقيرة الى اسواق الدول الغنية». كما لفت التقرير الى قوانين حماية الملكية الفكرية التي تحد من حصول الدول الفقيرة على التكنولوجيا الضرورية لانقاذ حياة الكثيرين من سكانها. وبين هذه العوائق ايضاً حجم الديون الكبيرة التي لا تستطيع الدول الفقيرة تسديدها للدول الغنية والمؤسسات المتعددة الجنسية. واقترح التقرير عددا من الاهداف لسياسة الدول الغنية تتضمن زيادة مساعدات التنمية الرسمية لتغطية عجز في التمويل يقدر على الاقل بـ50 مليار دولار، والغاء نظام الحصص والجمارك على المنتجات الزراعية والنسيجية والالبسة التي تصدرها الدول النامية. كما اقترح التقرير الغاء الدعم للصادرات الزراعية الى الدول النامية.