دراسة اقتصادية تحذر من تفاقم عجز الميزان التجاري العربي ـ الأوروبي

العجز ارتفع من حوالي 5 مليارات إلى حوالي 20 مليار دولار عام 1995

TT

حذرت دراسة اقتصادية من تزايد العجز في الميزان التجاري بين الدول العربية والاتحاد الأوروبي، مشيرة الى ارتفاع العجز من 5 مليارات دولار عام 1983 الى 15 مليار دولار عام 1995 ثم 20 مليار دولار العام الماضي. وكشفت الدراسة التي أعدها مركز الدراسات الاقتصادية المصري عن قيام الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي بفرض ضرائب جمركية متزايدة تصل الى ثلثي قيمة المستهلك النهائي على صادرات الدول العربية من البترول الذي يحتل المرتبة الأولى بالنسبة لقائمة صادراتها للدول الأوروبية، فعلى سبيل المثال فان اجمالي الضرائب التي يفرضها الاتحاد الأوروبي تبلغ نحو 57 دولارا للبرميل، فيما يبلغ سعره للمستهلك 99 دولارا، موضحة ان هذه السياسات أدت الى زيادة الصادرات الأوروبية للدول العربية بنسبة 40% مقابل تراجع حاد في الواردات الأوروبية من الدول العربية.

وحذرت الدراسة من رفض الاتحاد الأوروبي التخلي عن السياسة الحمائية التي يصر على اعمالها حيال الدول التي تتفاوض معه لابرام اتفاقيات شراكة، مؤكدة ان تمسك الجانب الأوروبي بهذه السياسات غير العادلة سيكلف الدول العربية خسائر تجارية ضخمة لا سيما أن الاتحاد الأوروبي يتعمد قصر الاتفاق على تحرير تجارة السلع الصناعية التي تتفوق فيها الدول الأوروبية من دون تطبيق هذا المبدأ على السلع المتميزة لدى الدول العربية.

وانتقدت الدراسة الغاء الاتحاد الأوروبي لنظام الأفضليات المعمم بالنسبة للمنتجات البتروكيماوية العربية المصدرة لأسواق دول الاتحاد الأوروبي الذي كان يسمح بحصص محددة مخفضة أو معفاة على أن تخضع لرسوم جمركية تتراوح بين 8% و10% و13%، مشيرة الى أن التشدد حيال صادرات البتروكيماويات الخليجية يحرم هذه الدول من أبرز السلع التي يمتلكون فيها ميزة تفضيلية وتحتل مرتبة متقدمة في قائمة هيكل الصادرات الصناعية، الأمر الذي يتعارض مع مبادئ تحرير التجارة العالمية ويعرض دول مجلس التعاون الخليجي لظلم واضح.

وأرجعت الدراسة عدم تحقيق مفاوضات الشركة الخليجية ـ الأوروبية لنتائج حاسمة منذ 11عاما الى عدم موضوعية وجدية الجانب الأوروبي الذي يسعى لاتفاق غير متوازن يحقق له مصالحه الذاتية من دون الأخذ في الاعتبار مصالح الطرف الآخر وحقه في شراكة عادلة متوازنة تضمن له الحد الأدنى من المصالح، مؤكدة أنه على الرغم من قوة العلاقة التي تربط بين أوروبا والخليج الا ان هناك العديد من المشاكل التي يضعها الاتحاد الأوروبي وتعرقل نفاذ أهم الصادرات الخليجية لأسواق الدول الأوروبية حيث يفرض 6% كرسوم جمركية على وارداته من الألومنيوم الخليجي و14% على البتروكيماويات الخليجية. كما أوضحت ان حجم التبادل التجاري الخليجي ـ الأوروبي تجاوز 36 مليار دولار الا انه يتسم بالخلل الشديد لصالح الاتحاد الأوروبي بفائض بلغ 19 مليار دولار العام الماضي، متوقعة أن تواجه جهود اقامة منطقة حرة خليجية أوروبية مشاكل عديدة حال اصرار الطرف الأوروبي على استبعاد صادرات الألومنيوم والبتروكيماويات الخليجية من تبادل الاعفاءات بدعوى انها منتجات حساسة، فضلا عن اختلاق حجج واعذار أخرى بشأن تحديد سلع ومستوى وفترات الحماية الجمركية.

وكشفت الدراسة عن ان الأسواق المالية الأوروبية جذبت جانبا كبيرا من الفوائض المالية العربية في صورة ودائع لدى البنوك الأوروبية وشراء اصول مالية واستثمارات مباشرة، مشيرة الى أن احصاءات تشير الى أن حجم هذه الاستثمارات بلغ ذروته نهاية الثمانينات عند تقديرات تتراوح ما بين 620 و675 مليار دولار، كما وصفت مساعدات الاتحاد الأوروبي في عملية التنمية الجارية حاليا في الدول العربية لا يتجاوز 3 مليارات دولار. ولمحت الدراسة الى أن معظم العون المالي من الاتحاد الأوروبي للدول العربية لا يقدم لمجالات حيوية، في حين ان الدعم المقدم منه لاسرائيل يخصص للبحث العلمي والتكنولوجي وتوطين صناعات متقدمة.

وطالبت الدراسة بتحسين الخدمات المصرفية وتعزيز الحضور والنشاط المصرفي العربي في دول الاتحاد الأوروبي حتى تستطيع هذه المؤسسات القيام بدورها كاملا وبكفاءة في مجالات تحفيز وتمويل الاستثمار وتسهيل تدفق رؤوس الأموال وتمويل التجارة العربية ـ الأوروبية وتعبئة الأموال للمشروعات والاغراض الأخرى، بالاضافة الى ربط أسواق المال الكترونياً لتسهيل تداول الأوراق المالية وصناديق الاستثمار المطروحة فيها، مشيرة الى أن المصارف العربية داخل الاتحاد الأوروبي تواجه صعوبات تفرض عليها السعي لتعزيز قدراتها التنافسية والحفاظ على وجودها، فضلا عن مواجهة تبني بعض بنوك الدول الأوروبية لأساليب متشددة غير معتادة تجاه بنوك عربية ذات طابع دولي، الأمر الذي أدى الى تصفية بعض هذه البنوك وتكليف الدول العربية خسائر كبيرة.