أميركا تتعمد تجاهل تدفق النفط العراقي لسورية وتهريبه عبر تركيا

TT

نيويورك ـ رويترز: قال محللون أمس ان الولايات المتحدة تتجاهل تقارير بأن العراق يهرب نفطا الى سورية لتفادي اثارة غضب الرأي العام العربي وسط مرحلة حساسة في محادثات السلام بالشرق الأوسط.

وتفيد مصادر بصناعة النفط بأن العراق بدأ الشهر الماضي شحن نحو 150 الف برميل من النفط يوميا الى سورية عبر خط انابيب لم يستخدم منذ 18 عاما.

ويسمح للعراق الذي يعاني من عقوبات غزوه الكويت، ببيع كميات محدودة للنفط وفقا لبرنامج جرى الاتفاق عليه مع الامم المتحدة لتوفير المال اللازم لشراء الاغذية والادوية وامدادات اخرى لتخفيف آثار العقوبات على الشعب العراقي.

وقال رعد القادري المحلل بشركة «بتروليوم فاينانس» ومقرها واشنطن انه في الوقت الذي تشدد فيه واشنطن رقابتها للحيلولة دون تهريب النفط العراقي الا انها ترى اسبابا عملية للسماح بتدفق النفط الى سورية. واستطرد «هناك دليل على ان النفط العراقي يتدفق الى سورية وبالرغم من الاعراب عن الاستياء الا ان الولايات المتحدة لم تنتقد سورية لانتهاكها العقوبات كما انها لم تتخذ اجراءات عقابية ضدها».

وذكرت وزارة الخارجية الاميركية انها حصلت على تأكيدات سورية بانها لن تخرق العقوبات، غير ان القادري قال انها لم تذكر عدم وجود صادرات نفط عراقية.

وينفي مسؤولون عراقيون وسوريون وجود هذه الصادرات ويقولون ان خط الأنابيب يختبر فقط لاستخدامه في المستقبل.

وذكر مسؤول بوزارة الخارجية أمس الجمعة «الحكومة السورية مستمرة في اخبارنا بانها لا تعتزم خرق العقوبات، حسب علمنا لم تتوصل الى اتفاق نهائي مع العراق».

وأوضح شيبلي تلحمي الاستاذ بجامعة ماريلاند انه بالتزامها الصمت تجاه تهريب النفط لسورية تبقي الولايات المتحدة على متنفس للغضب العربي من السياسة الاميركية تجاه الشرق الاوسط.

واجتمع الرئيس الاميركي بيل كلينتون مع مفاوضين اسرائيليين وفلسطينيين في البيت الابيض يوم الاربعاء في محاولة لاحياء جهود السلام.

ويقول اعضاء بمجلس الأمن ان المجلس سيقر التدفق النفطي لسورية بشرط ان ترسل دمشق للامم المتحدة مذكرة رسمية وان تنقل العائدات عبر برنامج النفط مقابل الغذاء التابع للامم المتحدة.

والى ان يتحقق ذلك فان قرارات الامم المتحدة تسمح لمينائين فقط بالتعامل مع النفط العراقي احدهما في تركيا والآخر على ساحل الخليج بالعراق.

وأوقف العراق شحنات النفط من تركيا منذ الاول من ديسمبر (كانون الاول) وقطعها لمدة اسبوعين من ميناء البكر على الخليج.

وقال القادري، المحلل في شركة بتروليوم فاينانس، ان الدافع وراء خفض الصادرات يجيء ضمن جهود لتخفيف العقوبات على بغداد رغم انه قد غطت عليه خلافات حول صياغة التسعير للنفط الخام العراقي مع مسؤولي الامم المتحدة منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني).

ويقول دبلوماسيون غربيون في لجنة العقوبات التابعة للامم المتحدة ومحللون سياسيون ان هناك صادرات من النفط العراقي لسورية وهو ما يعد انتهاكا واضحا لقرارات الامم المتحدة.

وذكر القادري ان النفط الخام العراقي يضخ الى سورية وينقل الى المصافي السورية. وقال انه بالرغم من ان هناك تكهنات الا انه لا توجد ادلة واضحة على ان سورية تدفع اموالا لبغداد بأي طريقة ما.

وقال دبلوماسي غربي في لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة «هذه الصادرات جارية دون شك.. انها تأخذ من الاموال التي كانت ستدفع بطريقة اخرى في برنامج الاغاثة الانسانية في بغداد».

وقال تلحمي ان واشنطن تحترس لأنها بحاجة الى ذلك.

ومضى يقول «تحدي سورية يعني ايضا تحدي دول عربية اخرى وهذا يعني السعودية». واوضح ان تحدي سورية يزيد ايضا من اثارة الرأي العام العربي.

ومضى يقول «هذه هي الاثار الجانبية للانتفاضة التي زادت من المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في المنطقة وحدت من الخيارات المتاحة امام السياسية الخارجية الاميركية» في اشارة الى الانتفاضة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ضد الاحتلال الاسرائيلي.

واشارت شركة «بتروليوم فاينانس» التي يعمل فيها القادري الى انه ليست هناك طريقة سهلة ايضا امام الولايات المتحدة لكي تضبط تهريب النفط من العراق الى الدول المجاورة لاسباب سياسية واخرى متعلقة بالتموين.

ويمتد خط الانابيب من كركوك في شمال العراق الى الساحل السوري على البحر الابيض المتوسط قرب بانياس واغلق عام 1982 عندما ساندت دمشق ايران اثناء الحرب العراقية الايرانية.

وقال ايضا كل من القادري وتلحمي ان الولايات المتحدة تتجاهل ايضا تهريب النفط العراقي المستمر منذ فترة طويلة الى تركيا من جراء صداقتها مع أنقرة.

ولكن الولايات المتحدة اتخذت اجراءات في الامم المتحدة للتحري عن النفط السوري.

وأعاقت روسيا وفرنسا المتعاطفتان مع العراق يوم الخميس جهودا اميركية وبريطانية في لجنة العقوبات تسأل سورية عن النفط. وبدلا من ذلك سيجري رئيس اللجنة السفير الهولندي لدى الامم المتحدة بيتر فان فالسوم محادثات مع نظيره السوري.