آلية التدخل لضبط تعاملات سوق النقد الأجنبي بمصر تثير الجدل في الأوساط المصرفية

TT

تشهد الاوساط المصرفية المصرية جدلا ساخنا حول ما يتردد بشأن اعتزام البنك المركزي تفعيل آلية جديدة لضبط تعاملات سوق صرف النقد الاجنبي لاسيما على ضوء الصفقات الخاصة التي نفذتها بعض البنوك الخاصة في الآونة الاخيرة وكذا صعود الدولار في السوق غير الرسمية مرة اخرى الى 650 قرشا، وزيادة الفجوة بين سعر الدولار في البنك المركزي والسوق غير الرسمية لاكثر من 35 قرشا بعد ان كان قد ضاق لأقل من 3 قروش، ورغم التحفظات التي ذكرها بعض الخبراء من أن التدخل يعد ردة على نظام تحرير سعر الصرف وآلية العرض والطلب. الا ان معظم المصرفيين وخبراء الاقتصاد يرون ان إعمال تحرير سعر الصرف لا يعني ترك السوق دون ضوابط مؤكدين ان الحرية المطلقة للتعامل في السوق لا توجد في أي سوق صرف بالعالم وأن البنوك المركزية في أكثر اسواق العالم حرية تتدخل عند اللزوم لتصحيح مسار السوق.

وقال الخبير المصرفي الدكتور محسن الخضيري أن التدخل بأي آلية ستكون له نتائج سلبية لان هذه الآليات ليست الا حلولا مؤقته لمشكلة كبيرة من الصعب تجاوزها الا بتحقيق وفرة دولارية تعيد أسعار الصرف الى نقطة التوازن المنشودة.

وانتقد تورط بعض البنوك في عمليات المضاربة على الدولار مشيرا إلى أن تلك البنوك القليلة لجأت الى تخزين الدولارات وبيعها بأعلى سعر لتحقيق عوائد مالية تغطي بها المخصصات والخسائر التي تعاني منها.

ويؤيد وزير التخطيط السابق الدكتور أحمد الدرش تدخل البنك المركزي عبر آليات جديدة لمراقبة الاسواق وضبط التعاملات، موضحا ان الارتفاعات غير المبررة للعملة الاميركية في الوقت الذي كان يفترض فيه تراجعها وزيادة العروض منها نتيجة التدفقات السياحية وعودة المصريين العاملين بالخارج بالاضافة الى انتعاش تعاملات السوق غير الرسمية مجددا كلها اسباب تدعو الى هذا التدخل الذي لا يتعارض مع آلية تحرير سعر الصرف، مشددا على ان ايجاد شبكة اتصالات بين الحكومة والبنك المركزي والبنوك من شأنه حماية السياسة النقدية وضمان تطبيقها بصورة جيدة والقضاء على السوق غير الرسمية.

ويرى رئيس مجلس ادارة بنك الدلتا الدولي محافظ البنك المركزي الاسبق علي نجم ان الحكم على آلية يعتزم البنك المركزي تفعيلها امر سابق لاوانه كما اشار الى أن الحكم على أي أمر داخل سوق الصرف المصرية الان اصبح من الصعوبة بمكان في ظل حالة الغموض وعدم الاستقرار الذي يشوب معظم التعاملات وانخراط بعض البنوك في المضاربة على الدولار موضحا ان السوق غير الرسمية للدولار ستظل قائمة طالما ظلت الفجوة بين موارد الدول من الدولار واستخداماتها منه قائمة.

وذكر نجم أن مبدأ تدخل البنك المركزي لتصحيح مسار سوق الصرف ومراقبة نشاط البنوك وشركات الصرافة ليس امرا مستحدثا ولا يمكن اعتباره ردة على نظام تحرير سعر الصرف خاصة ان هذا التدخل يحول دون حدوث عمليات مضاربة من جانب بعض البنوك على الفوائض التي تحققها من الدولار ويساهم في الارتفاع بنسبة تغطية الاعتمادات المستندية من جانب المستوردين الامر الذي يحرم السوق غير الرسمية من عملائها ويجفف مواردها من النقد الاجنبي.

واوضح نائب رئيس البنك الاهلي المصري حسين عبد العزيز ان تفعيل الآليات المصاحبة لسوق الصرف افضل من اللجوء الى القرارات الادارية المفاجئة التي كان معمولا بها قبل تنفيذ نظام تحرير سعر الصرف الحالي، مؤكدا انه لا يمكن ان يظل البنك المركزي في مقاعد المتفرجين وهو يرى ان الدولار يرتفع دون أسباب منطقية وأن بعض البنوك تتورط في عمليات مضاربة فضلا عن تنامي نشاط وحصة السوق غير الرسمية في اجمالي تعاملات سوق الصرف.

وشرح المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء وعضو مجلس ادارة البنك المركزي المصري الدكتور حاتم القرنشاوي ماهية الآلية الجديدة موضحا انه ليست تدخلا اداريا في اسعار صرف النقد الاجنبي المحكومة بنظام تحرير سعر الصرف وانما وسيلة للتنسيق بين المركزي والبنوك والحكومة من شأنها تفعيل آلية لتبادل الفوائض الدولارية بين البنوك وبالاسعار التي ترى البنوك صاحبة هذه الفوائض انها مناسبة مشيرا الى ان هذا النظام من شأنه ابعاد شبهة المضاربة عن البنوك التي تحقق فوائض دولارية كما يساهم في تقوية المراكز المالية بالنقد الاجنبي للبنوك الاخرى ويخفف عنها الضغوط الناتجة عن أي زيادة محتملة في طلبات فتج الاعتمادات المستندية.