مصر: خبراء ومستثمرون يرون أن رسوم تسجيل العقارات ما زالت مرتفعة وطاردة للاستثمارات

32.5 مليار دولار قيمة العقارات المصرية غير المسجلة وإيرادات التسجيل تتراجع منذ عامين

TT

رغم موافقة مجلس الشعب المصري مؤخراً على خفض رسوم تسجيل العقارات للمرة الثانية في أقل من عامين بنحو 25% إلا أن قيمة هذه الرسوم مازالت مرتفعة وطاردة للاستثمارت الراغبة في دخول السوق لاسيما بعد تحرير سعر الصرف وانخفاض قيمة الجنيه. وأكد خبراء قانون واقتصاد ومستثمرون في قطاع العقارات المصري أن ارتفاع هذه الرسوم كانت أحد الأسباب المباشرة وراء عدم تسجيل عقارات مصرية قيمتها 200 مليار جنيه مايعادل (32.5 مليار دولار) واستمرار حالة الركود التي يعاني منها سوق العقارات المصرية منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.. وأوضحوا أن نسبة الخفض الجديدة البالغة 25% خطوة جيدة غير أنها تحتاج الى اجراءات ضرورية أخرى تتزامن معها منها خفض الرسوم المساحية الى أقصى درجة ممكنة بما يعمل على وقف عمليات الاكتناز العقاري وتحريك الأسواق وحفظ الملكية وخدمة التنمية والاستثمار.

وحسبما يرى رئيس لجنة الاسكان بمجلس الشعب المصري محمد أبو العينين فإن تفعيل خفض رسوم التسجيل بنسبة 25% سيساعد على احياء ما يقرب من 200 مليار جنيه نحو 32.5 مليار دولار قيمة عقارات غير مسجلة علاوة على تيسير اجراءات الائتمان العقاري وبالتالي تشجيع المواطنين على ضخ المزيد من رؤوس الأموال في الاستثمار العقاري. وأضاف أن تسجيل العقارات غير المسجلة سيمكن أصحابها من الحصول على قروض بضمان العقارات ، موضحاً أن ارتفاع رسوم التسجيل احدى المشكلات التي تواجه تفعيل قانون التمويل العقاري حيث أن نسبة كبيرة من الثروة العقارية في مصر غير مسجلة وبالتالي لا يمكن اعتبارها ضماناً للقروض .. وتوقع أبو العينين أن تشهد الفترة المقبلة خاصة أشهر الصيف اقبالاً على تسجيل العقارات واستقراراً في أوضاع الملكية العقارية.

وانتقد وزير الاقتصاد المصري الأسبق الدكتور مصطفى السعيد زيادة الرسوم المساحية من 10 جنيهات للعقار إلى 190 جنيهاً حالياً معتبراً أنها تضيف عبئاً جديداً في مجال تملك العقارات وركود هذا السوق الحيوي الذي ترتبط به نحو 90 مهنة وصناعة مغذية أخرى. وتابع أن تحويل هيئة المساحة الى هيئة اقتصادية لا يعني أن تتم زيادة رسومها. وأضاف أن الأمر حالياً يتطلب تسهيل عملية التسجيل وخفض رسوم المعاينة واعادة النظر في امكانية مراجعة وتقنين بعض الاجراءات وتخفيض هذه الرسوم إلى أقصى درجة ممكنة علاوة على استكمال التسجيل العيني بحيث يتم حصر كامل لكل وحدة عقارية.. مؤكداً أن هذه الاجراءات من شأنها أن تؤدي للاستقرار وتقليص المنازعات القضائية.

ورصد الخبير الاقتصادي الدكتور محسن الخضيري أسباباً أخرى تدفع المستثمرين والملاك إلى الاحجام عن تسجيل عقاراتهم في مقدمتها عدم الوعي بالقانون واستسهال الحصول من البائع على توكيل رسمي للبيع غير قابل للرجوع فيه لا يتكلف بضعة جنيهات رغم أنه لا يمثل الضمان الحقيقي لملكية البائع للعقار محل التصرف كما أشار الى معوقات أخرى تعرقل انعاش سوق العقارات منها عشوائية العمل في هذا القطاع وعدم وجود ضوابط محددة للعاملين به وانعدام مصادر المعلومات التي تعكس الاحتياجات الفعلية مما لا يسمح باجراء دراسات جدوى عملية للمشاريع قبل التنفيذ علاوة على الخلل الكبير في الهياكل التمويلية للمشاريع والتركيز على تمويل شراء الأراضي بدلاً من تمويل تنفيذ المشاريع فضلاً عن اضطرار شركات الاستثمار العقاري إلى تمويل المشترين وسداد الأقساط على فترات أطول من مدة تنفيذ المشاريع مما أثر سلباً على قدرات هذه الشركات والتزامها بالمواعيد المحددة للوفاء بالمستحقات التي عليها واضعاف المصادر التمويلية لها.

ويرى عمر عبد الحفيظ المحامي بالنقض والمحكمة الدستورية العليا «أن نسبة رسوم التسجيل ما زالت مرتفعة وتعرقل جذب المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية الراغبة في استثمار جزء من رؤوس أموالها في قطاع العقارات خاصة بعد تحرير سعر الصرف وانخفاض قيمة الجنيه وبالتالي انخفاض سعر العقارات نسبيا».. ووصف نسبة رسوم التسجيل بأنها مرتفعة مقارنة بالخدمة التي تؤديها الدولة لحفظ الملكية العقارية حيث أنه من غير المنطقي أن يسدد المواطن أو المستثمر ما يزيد على 5% من قيمة العقار لتسجيل ملكيته.. مشدداً على أن التمسك بهذه النسبة يحث العديد من المستثمرين على اكتناز الثروة العقارية دون تسجيل مما يعطل تداول قطاع كبير من الملكية العقارية.

وطبقاً لأرقام مصلحة الشهر العقاري المصرية فإن الايرادات السنوية لرسوم التسجيل تراجعت خلال العامين الماضيين حيث انخفضت من 400 مليون و290 ألف جنيه عام 1999/2000 الى 349.8 مليون جنيه عام 2000/2001 ثم 320.5 مليون جنيه العام المالي 2001/2002 ويعلل الخبراء هذا التراجع الى ركود حركة التداول بيعاً وشراء في سوق العقارات فضلاً عن ارتفاع تكلفة رسوم التسجيل والمسح العقاري.. وحسبما يتوقع سكرتير عام الشعبة العامة للاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية علاء البسيوني فإن سوق العقارات المصرية ستتجاوز هذه المرحلة وتبدأ في الانتعاش اعتباراً من بداية تفعيل قانون التمويل العقاري واتخاذ الحكومة لاجراءات أخرى مشجعة في مجال رسوم التسجيل العقاري وخفض الرسوم المساحية وتوجيه البنوك نحو زيادة النسبة المسموح بها لتمويل النشاط على أن يتركز التمويل على تنفيذ الانشاء دون شراء الأراضي.