اقتصاديون يقيمون انعكاسات موافقة الاتحاد الأوروبي على انضمام السعودية لمنظمة التجارة

براد بورلاند: موافقة الاتحاد الأوروبي خطوة مهمة لكن هناك دولا أخرى ما زالت تفاوض السعودية

TT

قطعت السعودية شوطا طويلا نحو حصولها على عضوية منظمة التجارة العالمية بعد اعلان الاتحاد الاوروبي موافقته على دخول السعودية الى المنظمة الدولية، لكن التخوف المستقبلي من ان تعكر المواقف السياسية للدول الاخرى واهمها الولايات المتحدة صفو الطريق السعودي نحو المنظمة.

براد بورلاند كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الأمريكي، قال امس لـ«الشرق الأوسط»: اعتبر أولا نجاح السعوديين في الحصول على موافقة الاتحاد الاوروبي خطوة مهمة، لكنها لا تعني كل شيء، فهناك دول لا تزال قيد التفاوض مع السعودية، ومع ذلك فجهد الفريق السعودي فيما قطعه على مدى 10 سنوات مضت مُثمّن.

ولم يعط بورلاند، وهو المتابع للاقتصاد المحلي بشكل دقيق، تقديرا للنسبة التي نجح السعوديون في تجاوزها اقترابا من هدفهم في الانضمام الى التجمع الدولي، لكن المتبقى من العمل لن يكون سهلا ولن يكون ايضا بتلك الصعوبة، والمحك الحقيقي في قناعة الاطراف في مدى قوة الاقتصاد السعودي ومتانته واهميته في تحريك عجلة الاقتصاد العالمي.

واستبعد كبير اقتصاديي البنك الأميركي أن يكون للجانب السياسي بين السعودية والولايات المتحدة تأثير على سير المفاوضات المستقبلية بشأن الانضمام الى المنظمة الدولية، لأن «الاقتصاد اقتصاد والسياسة سياسة» حسب وصفه. وفي السياق ذاته، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور حبيب الله تركستاني أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، ان موافقة الاتحاد الاوروبي على انضمام السعودية الى منظمة التجارة العالمية، تأتي نتيجة جهد لعمل متواصل، «وينطلق من ادراك القائمين في السوق الاوروبية المشتركة للدور السعودي في الاقتصاد العالمي، كما انه بلد منفتح اقتصاديا ويسعى لمزيد من التطوير لآليات العمل فيه بما يتناسب مع المرحلة المقبلة».

وافاد بان مقومات العمل الاستثماري في السعودية هي الاخرى قيد التطوير، مع زيادة المزايا التنافسية، بما في ذلك اعتبار السعودية بلدا ذا سوق كبيرة تعد الاكبر في محيطها بين دول الخليج ودول الشرق الاوسط.

وتعليقا على موافقة السعودية على اسقاط النفط من قائمة السلع التصديرية المفترض إعفاؤها من الرسوم الجمركية في دول المنظمة، ودوره في تسريع الموافقة الاوروبية، قال التركستاني، «كل شيء تم بالتفاوض، ولا اعتقد ان لخطوة السعودية تلك دوراً في موافقة دول السوق الاوروبية المشتركة، كونها تعلم مسبقا بالشريك السعودي واهميته في قبول السلع الاوروبية وتوريد النفط ومشتقاته الى اسواقها». واضاف انه يمكن مستقبلا المساهمة في اعادة النفط الى حيث كانت الرغبة السعودية متى ما اقتنعت بقية الاطراف بهذه الخطوة لاحقا، «فالتفاوض بهذا الخصوص بعد الانضمام ليس كمن يتفاوض وهو خارج التجمع الدولي».

وابان بان العلاقات السعودية الاميركية اقتصاديا وسياسيا لن تقف عائقا امام اتمام الموافقة الاميركية على دخول منظمة التجارة العالمية، خاصة بعد ان التصورات الاميركية بامكانية اقامة منطقة تجارة حرة بين السوق العربية والولايات المتحدة، وفقا لتصريحات الرئيس الاميركي جورج بوش.

وكان الاتحاد الاوروبي قد توصل قبل ايام الى اتفاق مع السعودية لانضمام الرياض الى منظمة التجارة العالمية.

وقالت الناطقة ارانشا غونزاليس لوكالة الانباء الفرنسية «ان المفوض التجاري في الاتحاد باسكال لامي سيتوجه الى السعودية لتوقيع الاتفاق الاحد (اليوم). ومع التوصل الى اتفاق اليوم (امس)، فان السعودية أصبحت قريبة من العضوية».

ويفترض بالتالي على الدولة المرشحة ان تتعهد بتأمين تطابق قوانينها التجارية مع قوانين منظمة التجارة، في الخطوة الاخيرة قبل ان تصبح عضوا. وقبل ان تصل الرياض الى تلك المرحلة يجب ان تنهي مفاوضات ثنائية مع الولايات المتحدة، شريكها التجاري الثاني. والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة هما العضوان الوحيدان في منظمة التجارة العالمية اللذان يجب ان تتوصل السعودية الى اتفاقات معهما. وتشكلت مجموعة عمل حول انضمام الرياض الى منظمة التجارة العالمية عام 1993.

وقبل الموافقة الاوروبية كان المفوض الاوروبي في يوليو (تموز) الماضي قد ذكر ان السعودية قامت بجهود كبيرة لتجاوز عدد من العقبات المسجلة حتى الان وحققت تقدما فعليا على العديد من الجبهات، وأنه يشعر بالسعادة أمام ما حققه الجانب السعودي والوزير يماني والفريق المصاحب له، وان الاتحاد الاوروبي والسعودية سيجريان محادثات جديدة خلال الاسابيع القادمة لاستكمال بلورة اتفاق نهائي بهذا الشأن. واوضح انه بعد سنوات من الجهود فإن الطريق باتت مفتوحة للسعودية للانضمام الى منظمة التجارة العالمية.

وكان الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي قد اكد في يوليو الماضي، أن انضمام بلاده إلى منظمة التجارة العالمية بات وشيكا، وذلك مع نهاية العام الجاري أو مطلع العام المقبل، حيث أظهرت المفاوضات الثنائية بين السعودية والاتحاد الاوروبي التي جرت في تلك الايام في بروكسل جوانب إيجابية تنبئ بقرب الانضمام للمنظمة الدولية.