وزير الاتصالات اللبناني: تقليص كادر الوزارة من 5 آلاف إلى 180 والتخلي عن المهام التنظيمية والتشغيلية

نقل ملكية البنية التحتية لـ «لبنان تليكوم» والمؤسسات الدولية تهتم بآلية التنفيذ ولا تفرض علينا البيع بأي سعر

TT

فيما يتوقع ان يقر مجلس الوزراء اللبناني في المستقبل القريب المراسيم التنظيمية لانشاء شركة «ليبان تليكوم» التي تشكل الاطار العملي لاطلاق عملية تخصيص قطاع الاتصالات، يحرص وزير الاتصالات جان لوي قرداحي على تبديد اي شكوك بشأن مستقبل رخصتي الهاتف الجوال اللتين استعادتهما الدولة قبل عام، مؤكداً، ان المسار الذي تسلكه الوزارة، هو المسار الاسلم، بحسب المواصفات والمعايير الدولية.

ويميز قرداحي، بين اهمية التخصيص كآلية دولية معتمدة لتقليص دور الدولة في اداء الخدمات العامة، التي تعتمد آليات محددة ومعروفة لتأمين انتقال سليم لملكية وادارة الخدمة من الدولة الى القطاع الخاص، مع ابقاء دور الدولة في المراقبة والمتابعة، وبين عملية البيع للمنشأة العامة او الرخصة من دون اي تدخل مستقبلي، الامر الذي يؤسس لمشكلات جديدة يدفع ثمنها المستهلك غالباً. فالتخصيص، بحسب قرداحي، ينتهي بالبيع ولا يبدأ به كصفقة قائمة بذاتها.

وبين ما يمكن ان يصرح به الوزير والمحظورات والتساؤلات التي رافقت وما تزال ملف الهاتف الجوال في لبنان، طرحت «الشرق الوسط» على قرداحي بعضاً من الاسئلة التي تحفل بها مجالس اللبنانيين، وكان هذا الحوار.

* الى اين وصل موضوع تخصيص الهاتف الجوال عبر ليبان تليكوم؟

ـ اود ان اشير اولاً الى ان التخصيص ليس عملية بيع وشراء فقط، انما هي آلية مترابطة تبدأ بقانون الاتصالات حتى انشاء هيئات ناظمة وانشاء شركات تتم من خلالها عملية البيع ودخول القطاع الخاص بما في ذلك اصدار تراخيص. ووفق هذه الآلية المتكاملة والمترابطة احالت الحكومة اللبنانية مشروع قانون اقره المجلس النيابي في مايو (ايار) 2002 يشكل الاطار العام لاي عملية تخصيص تجري في لبنان في قطاع الاتصالات. وقد وضعت وزارة الاتصالات ما يسمى ورقة تلخص سياسة الوزارة والدولة في هذا الاطار بالتعاون مع كل الخبراء الدوليين وبموافقة واشراف مؤسسات دولية, ونحن في انتظار قرار سياسي حالياً من مجلس الوزراء لتعيين اعضاء الهيئة الناظمة لنتمكن من اطلاق هذا الموضوع.

النقطة الثانية التي اود الاشارة اليها، اننا جهزنا المراسيم التنظيمية لانشاء «ليبان تليكوم» ونحن بانتظار اصدار مجلس الوزراء قراراً بانشائها وتعيين مجلس الادارة ورصد رأسمالها. فـ«ليبان تليكوم» يجب ان تملك الشبكة الثابتة وتتملك البنية التحتية بالألياف البصرية، كما يجب ان تتملك الكوابل البحرية ومراكز البث عبر الاقمار الصناعية حيث نص القانون علي انها تتملك ثالث رخصة للجوال GSM وتملك الخدمات المرتبطة بالشبكة الثابتة وقد تم توضيح كل ذلك.

كل ما هو مرتبط بالشبكة الثابتة متعلق بـ«ليبان تليكوم»، وعلى هذا الاساس تتخلى الوزارة عن دورها التنظيمي الى الهيئة الناظمة ودورها التشغيلي الى «ليبان تليكوم» ويصبح دورها تمثيل المساهمين في هذه الشركات اي تمثيل الدولة في هذه الشركات التي تعمل وفق نظام القطاع الخاص.

وفي هذا الاطار يمكن اعادة النظر بتنظيم الوزارة وخفض عدد موظفيها الى 180 شخصا تقريباً بدلاً من 5000 موظف وتم اعداد ذلك وارسال المراسيم بشأنه الى مجلس الوزراء لاقراره، بعد موافقة مجلس الخدمة المدنية. اما بالنسبة للوضع الحالي فان ملكية شبكات الجوال تعود للدولة قانوناً، لكنها بقيت بيد الشركتين بالامانة. حيث وقعتا عقداً يسمى «ان سي او سي» وهو عقد امانة وتشغيل لصالح الدولة اللبنانية ببدل مقطوع.

ومن خلال آلية المزايدة والمناقصة قمنا بتصنيف 6 شركات وحضرنا ما يسمى «غرفة المعلومات» اما مستندات الدفتر الذي يحدد كيفية التلزيم ان كان عبر البيع او عبر المناقصة اي الادارة. فهذا كان موضوع بحث في جلسات المجلس الاعلى للتخصيص في الاسبوعين الماضيين وتم عقد 3 جلسات للمجلس حول هذا الموضوع. واستمر التباين في وجهات النظر بين وزير الاتصالات واعضاء المجلس الاعلى وبالتالي تم الاتفاق انه حسب المرسوم الذي حدد هذا الموضوع ان المجلس الاعلى للتخصيص يضع المستندات والوزير يضع ملاحظاته في كتاب مرفق وترسل لمجلس الوزراء.

* وما هو موطن الخلاف في وجهات النظر؟

ـ من وجهة نظري انه لا يمكن بيع رخصة دون اصدار ترخيص للشبكة الثانية لان هذا الامر يكون فيه تمييز حتى ولو لم تبع احدى الشبكتين ليظل هناك تكافؤ في نمو العمليتين وقانون الاتصالات يفرض ذلك. فمن يشتري عليه ان ينشئ شركة مساهمة لبنانية تنقل اليها كافة الموجودات المرتبطة والموجودات الحسية والموجودات غير الحسية (عقود الموظفين، عقود المشتركين، عقود التشغيل...) وتصدر الدولة ترخيصاً لهذه الشركة حتى تبدأ بالعمل. اما بحال لم يرد السعر المناسب للدولة اللبنانية فعليها ان تنشئ شركة حسب نظام القطاع الخاص تملك اسهمها الدولة في بادئ الامر وتنقل لها كافة الموجودات والمداخيل والعقود. وعليها ان تحصل على ترخيص مثل اي شركة. ومن ثم تستطيع ان تبيع بعض الاسهم وتصدر سندات. وهذه هي المرحلة التي يجب ان يأخذ مجلس الوزراء قراراً بشأنها قريباً.

* منذ طرح مسألة تخصيص الجوال كان هناك صراع بين خيارين الاول هو تخصيص الادارة اي شركات تدير القطاع لحساب الدولة، وخيار البيع لفترة زمنية محددة (رخصة 20 سنة)؟

ـ الآلية التي ادافع عنها هي آلية معتمدة في المعايير الدولية وانا لم اخترعها. وافق على هذه الآلية كافة الخبراء والمصرف المستشار لنا وعرضناها على المؤسسات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي الذي وافق ايضاً عليها. المهم هو وضع آلية وفق معايير دولية وليس وفق ترتيبات محلية. وعلى الآلية ان تكون شفافة وتؤمن تكافؤ الفرص لكافة الاطراف. وما عرضناه يستجيب لهذه الشروط ونحن لا نفضل احداً على آخر. لكن يجب ان تضع الكل على نفس مستوى المنافسة وهذا ما اعتمدناه. انا كوزير اتصالات لم اقل اني مع البيع او ضد البيع. لطالما قلت ان مدخول القطاع معروف واذا اتى سعر بيع يتناسب مع هذا الدخل فلننجز العملية.

* لكن هناك التزاماً قطعته الحكومة في «باريس ـ 2» والتزمت امام المجتمع الدولي بالبيع في اطار المعالجة للازمة الاقتصادية؟

- هذا غير دقيق. فنحن تكلمنا مع صندوق النقد الدولي وافهمناهم الموضوع فقالوا اوجدوا الهيئة الناظمة واسسوا شركة تتملك «ليبانسيل» وشركة اخرى تتملك شركة «سيليس» واقيموا ما يسمى «انشاء المؤسسات والمنظمات». واكد صندوق النقد انه ليس لديه مانع في اصدار تقرير ايجابي عند قيام الدولة بالاصلاح وهي في الاطار الصحيح وهمها نمو القطاع واعادة تنظيمه. وعلى هذا فان المؤسسات الدولية وافقت، ان نقوم بعملية شفافة وفق الاصول.

* هناك من يقول بانكم تؤخرون التخصيص الذي طلبته الهيئات الدولية؟

ـ الهيئآت الدولية همها ان تسلك الدولة اللبنانية الطريق الصحيح وبالتالي فهي تقول انتم لستم مجبرين على البيع. انما يجب ان تذهبوا باتجاه التخصيص للاستفادة من اصلاح قطاع الاتصالات ومن نمو هذا القطاع، وبالتالي للمساهمة في نمو الاقتصاد الوطني واستعمال التخصيص كفرصة لايجاد وظائف جديدة لدخول القطاع الخاص الى هذا الموضوع، واعادة تنظيمه ليصبح اكثر حيوية وديناميكية واكثر نمواً. هذا هو هدفهم وليس البيع مهما كان الثمن. هم اطلعوا على الارقام وكافة الامور. وما يقال خلاف ذلك مغالطة.

* لكن لم يتضمن اخر تقرير مثل هذه الاشارة؟

ـ لقد ابلغوني بهذا الامر بشكل واضح وصريح في اخر اجتماع بوزارتي. هم يهمهم نمو هذا القطاع وسلوك طريق شفاف وتطوير القطاع وفق المعايير الدولية، وبالتالي لا احد يجبرنا على البيع غداً. وما يهمنا هو السعر المناسب والاستفادة من التخصيص كفرصة اصلاحية حقيقية لقطاع الاتصالات لتأمين انتقاله من حصرية الدولة الى تحرير القطاع، ونظام القطاع الخاص، من هنا جاءت كلمة التخصيص. وهي ليست البيع، ما يهمهم ان نقوم بهذه النقلة النوعية في هذا القطاع لانها تسمح بتوسيع قطاع الاتصالات وتخلق فرص عمل. يجب ان ينسجم بيع القطاع مع المداخيل فنحن لدينا مدخول معروف نجنيه ابتداء من شهر سبتمبر (ايلول) 2002 كما ان ارقام هذا القطاع مقارنة مع الارقام في السابق معروفة ايضاً. وحتى نمو هذا القطاع ممكن ان نتكهن به بشكل نسبي واضح. لا احد يشتري رخصة مجهولة انما يشتري «بيزنس معروف».

* الا ترى ان هناك تسييساً واسعاً للموضوع؟

ـ كل شيء في البلد تم تسييسه. وأنا كما سبق وقلت، أكثر الناس التزاماً بالتخصيص لكن ضمن الأصول المعترف بها عالمياً. وليس لدى اي مانع للتباحث مع أي ملاحظة من قبل أي طرف يملك وجهة نظر موثقة. وهمنا مصلحة بلدنا ونمو اقتصادنا.

* ماذا عن موضوع الايرادات غير المسجلة؟

ـ لقد حدثت تغييرات عدة فقد كانت الشركات تدفع للدولة حوالي 26 مليوناً في حال حصولهم على دخل 60 مليوناً على سبيل المثال ويحصلون على الباقي. اما الآن فقد بات مبلغ الـ 60 مليوناً عائداً للدولة التي تقوم بدفع 15 مليوناً لهذه الشركات وتحتفظ بالباقي. فقد كانت الدولة تقبض منهم اربعة اصناف من المداخيل: حصّة من الدخل ورسم 6 سنتات على الدقيقة وتقبض مقابل المخابرات الدولية، وضريبة الرسم البلدي الذي اصبح TVA في السنة الاخيرة ومجموع هذه الاصناف لا يساوي سوى 25 مليون دولار للدولة. أما الآن فان الدولة تقبض المدخول ككل وتنفق منه مصاريف التشغيل والباقي للدولة. الفرق كان صيغة Bot واستثمارهم موجود وقد دفعنا لهم 180 مليون دولار ونقبض كل شهر 45 مليون دولار بدلاً من 25 مليوناً.

* هل يعني هذا ان الخصخصة عن طريق التشغيل تصبح اكثر ربحية؟

ـ خيارا الادارة والبيع واردان لكن المهم ان تكون حصتنا تتناسب مع المداخيل. وما يهمني في وزارة الاتصالات ليس فقط المعادلة المالية بل نمو القطاع. لان هذا القطاع منتج ويجب تأمين ظروف نموه. ويهمني ان يظل في هذا القطاع فرص توظيف وفرص عمل الى جانب زيادة مداخيله.

وأنا انظر الى القطاع والى التخصيص كفرصة استثنائية لاصلاح اداري حقيقي لهذا القطاع. وانظر الى التخصيص لتقليص حجم وزارة الاتصالات الى 180 موظفاً، وانشاء هيئة ناظمة تضم افضل المهندسين والخبراء تعمل لرقابة هذا القطاع والاشراف عليه مثل لجنة الرقابة على المصارف التي تعمل للرقابة على المصارف، ولو كانت هذه الهيئة موجودة سابقاً لم تكن لتحصل معظم المشاكل الماضية اما الشركة المساهمة فتقوم بدور التشغيل او شركات تعمل وفق نظام القطاع الخاص وتملك ديناميكية القطاع الخاص وبسرعة القرار الذي لا تملكه الدولة، انها اذاً فرصة اصلاحية حقيقية وليس مناسبة لبيع موجودات الدولة والمرافق العامة الى مستثمرين.

* دفعتم ما عليكم للشركات، ماذا عن المستحقات المتوجبة للدولة على هذه الشركات؟

ـ كان لي موقف من هذا الموضوع. كنت رافضاً لتعليق اوامر التحصيل وكنت اطالب في حال تعليق هذا الامر بكفالة مصرفية مقابلة بذات المبلغ.

لكن مجلس الوزراء اتخذ قراره وسعينا إلى ان نساهم بايجابية فيه وموقفي كان موثقاً وعلنياً وواضحاً. وقامت الشركات برفع دعاوى علينا تطالبنا بمبالغ، ونحن أقمنا شكاوى على الشركات نطالبها بمبالغ والتحكيم هو الذي سيحدد من سيكسب. نحن نتابع هذا الموضوع بجدّية وكذلك الشركات. الفرق بين مطالبنا ومطالبها انه اذا كان الامر لصالحها لقضي الامر، اما اذا كان لصالحنا فيجب ان نضمن ذلك بضمانات مصرفية بقيمة الموجودات وهذه الكفالة لم تؤمن بعد، ولكن يوجد مقابلها الاسم التجاري والحسابات الجارية الموجودة بين يدي الشركات. اما اذا كانت هذه مجموعة الموجودات لا تكفي لكامل حقوقنا فانه لكل حادث حديث..

* يشاع ان كلفة الادارة الحالية اعلى من اي عرض يأتي من الخارج وانك تلقيتم بشكل غير رسمي عروضا ارخص؟

ـ ليس لدينا شيء سري. التقرير الذي رفعناه يوضح كلفة التشغيل والصيانة. واوضحنا منذ فترة ان كلفة التشغيل حسب الارقام التي حصلنا عليها من الشركات في الكويت وقطر وتايلند قد تكون ارخص بكثير.

المشكلة انه لم يجز لوزارة الاتصالات استقصاء اسعار للادارة في الصيف الماضي من خارج شركة Libancell وFTML وربما هم يأخذون حاليا 20 في المائة زيادة عن اسعار السوق. لكن وزارة الاتصالات لم تمنح حق استدراج عروض من الخارج فقطاع الجوال قطاع واسع والانجاز الاساسي الذي قمنا به اننا وضعنا هذا الملف بكل الشفافية المطلوبة.

* ما سبب زيادة الاسعار على البطاقات المدفوعة مسبقاً؟

ـ هذه الزيادة حصلت خلال هذا الصيف. ونسعى الى معالجة هذه سوق السوداء التي يجب ان نضبطها وسنتمنى على وزارة الاقتصاد ان تتحمل مسؤوليتها معنا في هذا الموضوع من ناحية حماية المستهلك. وحتى زيادة الخطوط. واللافت ان الشركات تريد ان تقبض حصتها على هذه البطاقات رغم ملكية الدولة للشركتين؟!.