مبيعات العقارات في مصر تبلغ 310 ملايين دولار خلال الصيف الحالي

المصريون بالخارج وراء تحرك سوق العقارات والخبراء يرجعون ذلك إلى انخفاض قيمة الجنيه

TT

قدر خبراء مصريون قيمة العقارات التي تم بيعها خلال الموسم الصيفي الحالي بنحو 1.9 مليار جنيه ما يعادل ( 310 ملايين دولار)، مؤكدين حدوث انتعاشة في سوق العقارات سببها الاساسي انخفاض قيمة الجنيه امام الدولار، وتباينت تقديرات الخبراء حول نسب تحرك المبيعات حيث تراوحت بين 2.8% و20%.

واكد الخبراء لـ «الشرق الاوسط» ان حجم الثروة العقارية الموجودة في مصر حاليا يبلغ 240 مليار دولار، موضحين ان هذا الصيف شهد اقبالا كبيرا من المصريين العاملين في الخارج وخاصة الدول الاجنبية على شراء الفيلات والشاليهات والوحدات السكنية الفاخرة في الساحل الشمالي وبعض المناطق بالقاهرة والجيزة وذلك بعد انخفاض قيمة الجنيه امام الدولار بشكل كبير بعد قرار تحرير سعر الصرف الذي اتخذته الحكومة المصرية في يناير (كانون الثاني) الماضي.

واضافوا ان المصري العامل بالخارج يستطيع الان شراء الفيلا أو الوحدة السكنية بسعر منخفض كثيرا عن العام الماضي لان قيمة الجنيه انخفضت باكثر من 30% امام الدولار، كما يستطيع ان يستفيد من تحويل الدولار الى الجنيه المصري بالسعر الحالي.

ورغم حالة الانتعاش المحدودة التي يشهدها السوق العقاري حاليا، الا انه في المقابل يواجه ركودا في حركة البناء بسبب ارتفاع اسعار مواد البناء خاصة حديد التسليح والاسمنت نتيجة تحرير سعر الصرف.

وطبقا للاحصائيات فإن اجمالي ما تم تنفيذه من وحدات سكنية منذ عام 1982 وحتى 2002 يقدر بنحو 3.3 مليون وحدة سكنية قام القطاع الحكومي ببناء 1.299 مليون وحدة منها، بينما قام القطاع الخاص ببناء 2.15 مليون وحدة، ورغم ذلك يعاني السوق حالة من الركود منذ سنوات بسبب عدم تلاقي العرض مع الطلب حيث يوجد نحو 70 الف وحدة سكنية لم تنجح الشركات بعد في تسويقها لأن معظمها من الاسكان الفاخر بينما يشتد الطلب على الاسكان المتوسط.

«الشرق الاوسط» استطلعت آراء بعض الخبراء ومسؤولي الشركات حول مبيعات العقارات لهذا الصيف والعوامل التي اثرت فيها حيث اكد في البداية احمد مكي مدير عام الائتمان وعضو اللجنة التنفيذية السابق بالبنك العقاري المصري العربي ان السوق شهد تحركا بنسبة 20% هذا الصيف بفضل المصريين العاملين بالخارج وبعض السياح العرب ورغم ذلك لم يكن هذا الموسم مرضيا لطموحات اصحاب المشروعات العقارية خاصة ان السوق يعاني ركوداً منذ عدة سنوات لدرجة ان اسعار الاراضي بالمناطق الراقية مثل المهندسين والدقي تراجعت بشكل كبير بعد ارتفاع اسعار الاسمنت والحديد ومواد البناء الاخرى.

واشار الى ان الاسباب الاساسية التي اثرت في سوق العقارات المصري واصابته بالركود هي احجام البنوك عن منح قروض للمشروعات العقارية الجديدة بالاضافة الى ارتفاع اسعار مواد البناء وثبات اسعار الوحدات السكنية دون وجود مرونة في خفض الاسعار وهذا ادى الى وجود الالاف من الوحدات السكنية المغلقة بالقاهرة التي لا تجد من يشتريها. واكد مكي ان هناك عنصرا هاما ساهم بشكل فعلي في كساد سوق العقارات المصري وهو اتجاه الشركات والمقاولين خلال السنوات الماضية الى بناء الوحدات ذات المساحات الكبيرة التي تتراوح بين 400 و600 متر مربع باسعار عالية قد تصل الى مليوني جنيه دون النظر الى بناء الوحدات المتوسطة المساحة والتي تجد سهولة في تسويقها لذلك فإن 70% من الوحدات المغلقة تمتاز بالمساحات الكبيرة.

ومن جانبه اكد رئيس الجمعية المصرية لمثمني الاملاك العقارية سيد الحبشي أن نسبة التحرك في مبيعات العقارات المصرية هذا الصيف لم تتجاوز 2.8% والسبب هو تراجع قيمة الجنيه المصري امام الدولار، نتيجة اقبال العاملين المصريين بالدول الاجنبية على شراء الفيلات الفاخرة بمنطقة مارينا والساحل الشمالي حيث كان سعر الدولار في فترة ما 340 قرشا وحاليا زاد بمقدار الضعف أي أن ثمن الوحدة انخفض بنسبة 50% عند حساب تغير قيمة الجنيه امام الدولار وهذا ما دفع المصريين الى شراء الوحدات الفاخرة حيث يمكن شراء الوحدة بنصف ما كان يدفعه قبل ذلك بالدولار.

واكد انه اجرى بحثا موسعا عن حال سوق العقارات هذا الموسم وكشف البحث عن ان اجمالي مبيعات الصيف بلغت نحو 1.9 مليار جنيه وهذا رقم يعتبر كبيرا بالنسبة لحالة الركود التي كان يشهدها السوق من قبل.

ودعا خبراء آخرون الى ضرورة اتخاذ عدد من الآليات والاجراءات لتنشيط السوق في مقدمتها قانون التمويل العقاري موضحين ان متوسط عدد الوحدات المتوقع بيعها تحت مظلة الرهن العقاري 100 الف وحدة سنويا بمتوسط اسعار 50 الف جنيه للوحدة.

واعترف احد الخبراء بأن السوق يمر بأسوء فترة في تاريخه وذلك بسبب محدودية القوة الشرائية وارتفاع اسعار مواد البناء وارتفاع سعر الفائدة على الاقراض للمشروعات العقارية مشيرا الى ان سوق العقارات واجه العديد من الصدمات هذا العام بدءا من تحرير سعر الصرف ومرورا بحرب العراق واخيرا تراجع اقبال العرب والمصريين بالخارج على شراء الوحدات السكنية.

واكد ان المشكلة الحقيقية هي ان العرض لا يلبي احتياجات الطلب الحقيقي حيث تحولت الشركات الى بناء الاسكان الفاخر متجاهلة الاسكان المتوسط واسكان محدودي الدخل ونتج عن ذلك ان هناك نحو 70 ألف وحدة سكنية فاخرة تبحث عن مشتر وطالب بتدعيم الدولة للنشاط العقاري من خلال توفير الدعم لطالبي الوحدات السكنية بنحو 5 مليارات جنيه وهو ما يعني كسر حالة الركود ويسهم في زيادة النشاط من 50 إلى 120 مليار جنيه.

واكد مسؤول باحدى الشركات المتخصصة في تشييد الاسكان الفاخر ان الشركة ارجأت تنفيذ مشروع عقاري للاسكان الفاخر الى اجل غير مسمى بسبب الظروف الحالية التي يمر بها سوق العقارات حيث وجدت الشركة صعوبة في تسويق احد مشروعاتها السابقة، بسبب الارتفاع المستمر في اسعار مواد البناء والذي انعكس بدوره على ثمن الوحدة وهذا ما يحدث حاليا حيث يوجد زيادة مستمرة في الاسعار مما دفع الشركة الى الانتظار لحين وضوح الرؤية وعودة الرغبة في اقتناء وحدات فاخرة مشيرا الى ان معظم عملاء مشروعات الشركة من العرب. وفي ضوء عدم الاستقرار في المنطقة والترقب المستمر للاوضاع الاقتصادية والسياسية سيتجه الكثير من الشركات الى عدم التوسع في انشطتها والاكتفاء بما هو قائم.