اهتمام تويوتا باجتذاب جيل الشباب أثمر ماركة «سايون»

إحدى أذكى شركات العالم في التسويق تعرف زبائنها جيداً.. وتفهم أيضاً تحديات السوق

TT

كان اول شيء فعله كارلوس غصن عندما تولى دفة القيادة في شركة نيسان تذكير مديري نيسان ومهندسيها ان لا قيمة للتفوق الهندسي إذا كانت استراتيجيات التسويق سيئة. وعظمة هنري فورد الذي قال عن سيارته الاسطورية «موديل تي» تلك العبارة الشهيرة «باستطاعتكم الحصول عليها بأي لون.... إذا كان اللون أسود»! التسويق كان منذ البداية فناً أساسياً في عالم صناعة السيارات. بيد انه اليوم هو العنصر الأبرز الذي يفصل بين رواج طراز وكساد آخر في خضم المنافسة القوية بين منتجات كلها تقريباً عالية الجودة. وتقع على خبراء التسويق في الشركات الصانعة مهمة فتح ثغرات جديدة في سوق ما، او استغلال ميول ناشئة عند زبائن قطاعات معينة من المركبات. ومما لا شك فيه ان إحدى أنجح شركات العالم في فن التسويق شركة تويوتا، عملاق الصناعة اليابانية، التي أصابت في الماضي القريب نجاحاً ضخماً مع ماركة ليكزس الفاخرة، وتطمح اليوم الى تحقيق نجاح مماثل مع ماركة سايون الجديدة في استقطاب جيل الشباب.

* براعة تويوتا

* تويوتا تتمتع منذ فترة طويلة بحضور ضخم في السوق اليابانية يتمثل بسيطرتها على 40 في المائة من مبيعات المركبات فيها. والنصيب الاكبر في هذا السوق لماركة تويوتا بالذات، حيث يباع منها أكثر من 20 طرازاً من مختلف الفئات معظمها لا يباع خارج اليابان. ولكن من الطرازات التي تصدر الى الخارج مجموعة فخمة التجهيزات تعرف اليوم في مختلف اسواق العالم تحت ماركة ثانية، هي «ليكزس».

ليكزس ماركة ابتكرتها تويوتا اولاً وأخيراً لأسباب تسويقية. ففي اميركا الشمالية، مثلاً، حيث أكبر اسواق السيارات في العالم، كان على تويوتا مزاحمة الماركات الاوروبية والاميركية في فئة الفاخرة كمرسيدس بنز وجاكوار وكاديلاك ولنكولن. وما كان هذا الأمر ليكون سهلاً في ما لو حاولت الشركة اليابانية العملاقة دخول حلبة المنافسة بماركة تويوتا، المنطبعة في أذهان ملايين الاميركيين بسياراتها الصغيرة الاقتصادية ولاسيما طراز «كورولا» ....الطراز الأكثر رواجاً في العالم.

لقد أدرك خبراء التسويق في تويوتا ان لكل اسم تجاري ـ او ماركة ـ ثمنه. وان الزبون الذي في مقدوره دفع 50 الى 100 ألف دولار لا يمكن ان يدفعه لشراء سيارة من ماركة «شعبية»، مهما كان مستوى جودتها، إذا كان بإمكانه شراء سيارة من ماركة «فاخرة». وبالتالي، تقرر ابتكار ماركة «فاخرة» تجمع افضل التقنيات وافخم التجهيزات، وتستحق ثمنها المرتفع عند المشترى المهتم بالمكانة والتميز والتفرد. وكان ضمن حسابات خبراء تويوتا ان الماركة الجديدة لن تفرض وجودها الا بعد مرور بضع سنوات على تنافسها مع ابرز السيارات في فئة السيارات الفاخرة. وحقاً بمزيج من الصبر والمثابرة والإصرار على الجودة نجحت ليكزس، وصارت احدى الماركات المفضلة عند الأميركيين. بل سجلت هذا العام انتصارها التاسع على التوالي متصدرة تقييم مؤسسة «جي دي باور» المرموقة السنوي للرضى عن الماركات.

* سايون ... الرهان الشبابي

* بعد هذا الانجاز المثير، حوّل مسؤولو تويوتا انظارهم الى قطاع آخر مهم جداً من الزبائن هو قطاع الشباب. وانكب خبراء التسويق في الشركة العملاقة على دراسة مواصفات هذا الهدف التسويقي.

طبعاً كان يمكن اللجوء الى حل سريع، واعتماد ماركة دايهاتسو المتخصصة بانتاج السيارات والمركبات الصغيرة والمدينية، والتي تملكها تويوتا، الا ان متطلبات الشباب ليست بالضرورة نفس متطلبات مقتني السيارات المدينية والصغيرة.

فبالنسبة للشباب هناك عناصر جذب أخرى مطلوب توفرها، لا تقتصر على، او لا تتصل بالمحرك الصغير الضئيل الاستهلاك والحجم الملموم المناسب جداً في زحام المدن الكبرى. واهم هذه العناصر الاداء المثير والاناقة في التصميم والتجدد في الشخصية والتقنيات المستقبلية. وبناء عليه انصرف خبراء تويوتا الى ابتكار ماركة جديدة تماماً لم يسبق لها ان ارتبطت بطرازات مألوفة قد تأسر هويتها في أذهان الزبون الشاب. وهكذا ولدت.... سايون.

اختيار اسم «سايون» جاء ذكياً، كاختيار اسم «ليكزس». ففي حين ينم اسم ليكزس منذ اول وهلة عن الفخامة luxury، فإن اسم «سايون» scion يعني سليل أسرة كريمة المحتد، وفي هذا ارتباط اولاً بين السيارة وتراث الشركة الصانعة، وثانياً بينها وبين المقتني الشاب المتحدر من أسر لا ترضى إلا بالأفضل والأجود.

السيارة الجديدة، اطلت على جمهورها الشاب في غرب الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي بعدما خطت خطوات واثقة في اليابان، بطرازين أوليين هما: «إكس آيه» وهي هاتشباك صغيرة باربعة ابواب جانبية تتسع لخمسة ركاب، و«إكس بي» ذات الملامح التكعيبية والرحبة جداً من الداخل تشبه كثيراً مركبة هوندا الصغيرة «ايليمنت». ولكن على الراغبين بشكل خارجي أقل تكعيباً وأكثر إثارة فعليهم انتظار الترجمة الانتاجية للنموذج المفهومي « سي سي إكس» التي ستعرض في «معرض اميركا الشمالية الدولي للسيارات» في ديترويت مطلع العام المقبل، وستطرح في الاسواق في ربيع العام المقبل.

بقي ان نذكر ان طرازي «إكس آيه» و«إكس بي» مزودان بمحرك رباعي الاسطوانات سعته 1.5 ليتر يولد قوة 108 أحصنة. وبعلبة تروس (ناقل حركة) يدوية بخمس سرعات، مع نظام منع انغلاق مكبحي، ونظام توزيع كبحي الكتروني، ووسادتي وقاية هوائيتين، ونوافذ تفتح آلياً، وتكييف هواء، ونظام إغلاق للابواب والمرايا، ونظام ستيريو مع مشغل اقراص مرصوصة. ويضاف اليها في الـ«إكس بي» ميزتان اضافيتان هما نظام التثبيت والاستقرار، ونظام التحكم الجرّي.