السعودية: تزايد مخاوف وكالات السفر من تخفيض عمولاتها من شركات الطيران

TT

يترقب المشتغلون في السفر والسياحة في السعودية، صدور قرارات قريبا، بشأن تخفيضات عمولة وكالات السفر البالغ عددها نحو 2800 وكالة ومكتب سفر، بعد أن عقد اجتماع غير رسمي ضم ممثلين لشركات الطيران العاملة في البلاد، يدعو لمثل هذه الخطوة.

ويعزى هذا الاجراء حسب مصادر قريبة من أجواء الاجتماع، الى رغبة الشركات في سلك طريق أكثر فاعلية من التعامل مع وكالات السفر، حيث تعد الأخيرة في نظر بعض شركات الطيران، غير ملتزمة بشكل كامل بسداد متطلباتها المالية، في حين تلجأ الوكالات المتعثرة الى البنوك للحصول على تسهيلات مالية لتغيطة العجز.

وتعلقيا على هذا المستَجد، ذكر مسؤول في الخطوط السعودية، ان اجتماعا بالفعل عقد بهذا الخصوص، لكن الحديث عن التخفيض للنسبة التي تمنحها المؤسسة حاليا للمؤسسات وهي سبعة في المائة، الى خمسة في المائة، غير دقيق في الوقت الراهن. من جانبه، قال لـ«الشرق الأوسط» الامير فيصل العبد الله أحد المستثمرين في هذه السوق، ان شركات الطيران حين تفكر فعلا في تخفيض عمولة وكالات السفر من سبعة الى خمسة في المائة واقل من ذلك بالنسبة لغير الخطوط السعودية، فانها ـ أي شركات الطيران ـ تتناسى الدور الحقيقي للوكالات التي تساهم في مبيعات تصل الى 70 في المائة من حجم السوق.

واوضح بان شركات الطيران لن تستطيع ان تتحمل تأخير الشركات والعملاء الكبار عن سداد قيمة التذاكر لمدد طويلة تمتد لأشهر كما تقوم به الوكالات، مشيرا في الوقت ذاته، الى ان الحديث يدور حول تخفيض العمولة الى خمسة في المائة، وبعد عام تلغى، على ان يكون مع تغطية اعمال الوكالات من خلال رسوم تسمى بالخدمات، لا تتناسب مع السوق السعودية. وشرح بانه في الدول الاوروبية واميركا، يمكن لمكاتب السفر ان تحقق ما يعرف بالقيمة المضافة من خلال الخدمات التي تساند عملها، كما يدعم توجهها، تقاطع المصالح مع شركات متخصصة بما في ذلك شركات التأمين.

واردف ان العميل في السوق السعودية بالكاد يطلب شراء التذاكر فقط، وهي وفقا لمنافسة وحرب الاسعار تجعل الهامش الربحي متدنيا في كل عملية، عدا عن ذلك التأخير في الحصول على النقد والسيولة النقدية التي تسمح بسداد متطلبات شركات الطيران.

وما يساهم في تعطيل مهام وكالات السفر حسب قوله، ان الاستفادة الفعلية من خدمات الانترنت لا تتعدى السبعة في المائة، كما ان النظام البريدي لا يعمل بكفاءة كما هو في اوروبا واميركا، وحينها يمكن بشكل ما ان يعزز مكانة شركات الطيران، خلال بيعها التذاكر عبر تلك الوسيلتين.

وذكر الامير فيصل أن استخدام البطاقات الائتمانية، في شراء التذاكر ايضا أصبح محدودا، حيث ان شركات الطيران في اوروبا تعتمد كثيرا على المسافرين الذين يدخلون موقعها على الانترنت، ويسجلون عمليات شراء التذاكر بواسطة البطاقة الائتمانية، على ان تصلهم عبر البريد في غضون يومين الى مقر مساكنهم، وهذه السلسلة من الخدمات ليست متوفرة حاليا في السوق السعودية، مما يؤكد ان وكالات السفر والسياحة التي تدفع الملايين من اجل الحصول على تراخيص العمل في شكل ضمانات مالية لرئاسة الطيران المدني وشركات الطيران المختلفة، لا تزال بقوتها وتمثل ركيزة اساسية في عمل شركات الطيران.

وعلق على هذا الكلام، مسؤول في رئاسة الطيران المدني بقوله: ان المبالغ التي تتعامل معها وكالات السفر ضخمة مقابل الضمانات المطلوبة للاياتا او لصالح الرئاسة وشركات الطيران ضمانا لقيمة التذاكر الممنوحة لهم. وشَخّص المشكلة في تقاعس الوكالات عن دفع ما عليها لشركات الطيران، مما يجعل اعتماد الاخيرة اقل من الوقت السابق، موضحا بان المنافسة وحرب الاسعار والبيع بهامش ربحي ضيق جدا، يخرج وكالات من السوق، ويبقي الكبيرة منها. واردف قائلا: ان هناك مقترحات مستقبلية ستتم مناقشتها، تتمثل في دخول شركات تأمين في تلك السوق تدعم الوكالات في حال تأخير عملائها عن سداد المستحقات المالية، مما يحمل ثقلا طالما ارهق تلك الوكالات، موضحا بان النسبة التي تقدر حاليا بـ9 في المائة، قد تنخفض بدءاً من اكتوبر (تشرين الاول) المقبل، (حسب السوق) الى خمسة في المائة، فيما لم يجب على سؤال «الشرق الأوسط» عن صحة وجود اقتراح بان تلغى العمولة اصلا في اليوم الاول من ابريل (نيسان) 2004، على ان تكتفي الوكالات بما يعرف برسوم الخدمات.

وقال مصدر في سوق السياحة (اشترط عدم ذكر اسمه) ان اجتماعا قريبا سيعقد في حضور جهات رسمية في قطاع السفر، يضع خطوطا عريضة للعلاقة بين شركات الطيران ووكلائها، ومن المفترض ان يكون لشركات التأمين دور في تلك المرحلة متى ما وصلت الاطراف الى صيغة مرضية في القريب.

ويعاني وكلاء السفر من عدم وجود مظلة تجمع أصواتهم، على الرغم من الاقتراحات التي تدور بشأن لعب الهيئة العليا للسياحة دورا مستقبليا في هذا الامر، من خلال انشاء ما يعادل الجمعية او التجمع الذي يرعى مصالحهم وينسق الادوار فيما بينهم لمواجهة الصعوبات التي قد تعتري اعمالهم.

ومن اهم الصعوبات التي تواجهها الوكالات حاليا هي ارتفاع قيمة الضمانات التي تطالب بها الاياتا (مليون ريال تعادل 266 الف دولار)، ومثلها لصالح رئاسة الطيران المدني، ونحو 15 الف دولار لكل فرع لصالح الخطوط السعودية، فيما تطالب شركات الطيران العالمية العاملة في البلاد بارقام تقارب من ذلك لضمان قيمة التذاكر الممنوحة للوكالات.

وعلى الرغم من ان بيان الخطوط السعودية الذي اكدت فيه تمسكها بدور الوكالات فان الحديث عن تخفيض النسبة اصبح مرتفعا، ويكاد يلمسه أي فرد يعمل في هذا القطاع، واكدت الخطوط السعودية قبل ايام في بيان لها، للوكالات العاملة معها التزامها بدعمها من خلال دفع عمولة قدرها 9 في المائة مقابل ترويجها لمبيعات «السعودية». كما اكدت الاستمرار في تبني تلك السياسة وتشجيعها على بذل المزيد من العطاء لتوسيع الرقعة السوقية في قطاعات مختلفة.