«أميركان آيرلاينز» تغير نهجها بثبات تحت قيادة رئيسها التنفيذي الجديد

الشركة الأميركية نجحت خلال ستة أشهر بخفض نفقات التشغيل وتعزيز احتياطها النقدي

TT

امضى جيرارد جي. آربي «شهر عسل» ممتعاً وطويلاً. فخلال الاشهر الستة التي اصبح فيها آربي كبير المسؤولين التنفيذيين لشركة «اي ام ار»، الشركة الام لشركة «اميركان ايرلاينز» تمكنت هذه الاخيرة من كبح تمرد عمالي وخفضت النفقات التشغيلية إلى حد كبير وعززت احتياطياتها النقدية. والآن اصبح المستثمرون يعتقدون بان الشركة ستحقق ربحا في الربع الثالث من السنة بدلا من أن يقلقوا بشأن اضطرار الشركة لاعلان افلاسها. ومنذ نهاية شهر مارس (اذار) ارتفع سعر سهمها بما يفوق ثمانية اضعاف.

وفي حين أن الكثيرين من داخل الشركة وخارجها يتفقون على ان وضع الشركة الآن افضل بكثير مما كان عليه في الربيع، فانهم لا يتفقون على ما اذا كان الفضل في هذا التحول يعود الى اربي. الفصل في هذا الموضوع سيأتي لاحقا حين يواجه اربي فصل الشتاء المعروف تقليديا بضعفه من حيث عدد الرحلات والعجز الضخم في تعويض نهاية الخدمة.

وعلق ريموند إل نيدل، المحلل في المصرف الاستثماري «بلايلوك اند بارتنرز» في نيويورك: «يقولون ان الحظ يشكل 90% من مهنتك». فقد «تم توظيف آربي في الوقت المناسب تماما اي في احلك الاوقات: في نهاية الحرب العراقية وعند أدنى مستوى للاقتصاد. من السهل تحقيق سمعة جيدة في سوق يتجه الى التحسن».

مما لا شك فيه أن شركة «اميركان»، التي هي اكبر شركة طيران في العالم، باتت مختلفة الآن عما كانت عليه منذ تولي اربي ارفع منصب خلفا لدونالد جي. كارتي. فقد قلصت أميركان شبكتها الجوية وقللت المسافة بين مقاعد الدرجة الاقتصادية في العديد من رحلاتها وهي سوف تقلل عدد الرحلات العابرة لمدينة سانت لويس، المركز الرئيسي لشركة «تي دبليو ايه»، وبدأت أيضا ببيع المأكولات في بعض قاعات الانتظار في ثلاثة مطارات بدلا من تقديم الوجبات الساخنة خلال الرحلة.

واصبح الموظفون يتقاضون رواتب اقل من السابق ـ اذا كتب لهم ان «ينجوا» من حملات الصرف التي قلصت عدد الموظفين في شركة اميركان.

كما ان المستثمرين يرقصون فرحا لارتفاع قيمة الاسهم الى 14.85 دولارا اميركيا يوم الخميس، اي بارتفاع دولار ونصف الدولار، وبسعر افضل بكثير من سعر 28 مارس (آذار) الذي كان 1.58 دولار. وينصح بعض المحللين ايضا بشراء اسهم من شركة «اي ام ار» ـ وهذا شيء ما كان ليصدقه عقل منذ ستة اشهر، اذ انه يرتكز جزئيا على التوقعات بأن شركة اميركان ستقول في نهاية هذا الشهر انها «استمالت» الربح في الربع الثالث من السنة.

من الواضح أن اهم عامل في ما يتعلق بتغير اوضاع شركة اميركان هو خفض نفقات العمال 1.8 مليار دولار في السنة بدءا من 1 مايو (ايار). هذه التخفيضات التي نفذها كارتي، مع انه كاد يفشل الاتفاقية بسبب عدم افصاحه للاتحادات خلال المباحثات عن موافقة مجلس الادارة على الابقاء على المكافآت السخية لكبار التنفيذيين وان الشركة دفعت مبالغ كبيرة لصندوق تقاعد محمي خاص بالتنفيذيين. وقد ادت الاحتجاجات المدوية التي نتجت الى استقالة كارتي في شهر ابريل (نيسان).

وتخفيض التكاليف، بما فيها مبلغ 2.2 مليار دولار كتوفير سنوي، التي تتخطى الاتفاقات العمالية والاقتصاد المتحسن، كلها اعطت اربي متنفسا. ولكنه مع ذلك ما يزال يواجه مشاكل جسيمة، كما يقول عدة خبراء. المشكلتان الاكثر تأثيرا هما، اولا رفض المسافرين في درجة رجال الأعمال دفع السعر المرتفع للتذكرة المشتراة قبل السفر مباشرة، وهذا امر كانت تعتمد عليه شركة اميركان إلى حد كبير كجزء مهم من مدخولها، وثانيا النقص الجوهري في برنامج الشركة التقاعدي. ويقول الخبراء انه ما يزال على اربي ان يتناول هاتين المشكلتين على نطاق واسع.

وكما هي عادته، رفض اربي ان يقابل الصحافي الذي كتب هذا المقال، وقال ناطق باسمه انه يريد الانتظار الى حين انعقاد مؤتمر شركة اي ام ار للربع الثالث من السنة الواقع في 22 اكتوبر (تشرين الاول) ليتحدث الى المراسلين والصحافيين.

اهم مبادرات اربي، التي يعول عليها أكثر من سواها، هي تجاهل أهم افكار كارتي. وعلى سبيل المثال فإن الشركة هذا الشهر ستضيف صفين من المقاعد في الدرجة الاقتصادية في ما يقارب ربع عدد طائراتها. وعلى وجه العموم تلك العاملة على الخطوط المفضلة لدى المسافرين الذين ينشدون الترفيه والاستجمام. هذا التغيير الذي سيقلص المسافة بين مقعد وآخر عدة بوصات يظهر ان حملة كارتي التسويقية القائلة «مسافة اكبر بين مقاعد الدرجة الاقتصادية» التي سببت ازالة عدة مقاعد في كافة الطائرات كانت فاشلة لجهة تحقيق إيراد اكبر.

دان غارتن، نائب الرئيس التنفيذي في مجال التسويق، يقول ان اميركان ليس لديها حاليا أي خطط لاضافة مقاعد على كامل اسطولها. ولكن الخبراء الصناعيين يقولون انهم يعتقدون ان الشركة، وبكل تأكيد، ستقلص المسافة بين المقاعد في كافة طائراتها.

من جهته يقول داريل جنكنز، مدير معهد الطيران التابع لجامعة جورج واشنطن: «انا احب كارتي كصديق ولكنه اقترف اخطاء جسيمة وإني ارى ان اربي ما كان ليرتكب مثلها، فهو ميال جدا لاتخاذ قرار صعب ولتنفيذه بسرعة. كل شيء يسير بشكل جيد الان هو تصحيح لشيء نفذ بشكل خاطئ سابقا».

المسافرون، وخاصة أولئك الذين يسافرون لأغراض الأعمال، من المرجح ألا يرحبوا بإجراء اربي. ولكن حتى كيفن ميتشل، رئيس مجلس الإدارة في «بزنس ترافل كواليشن»، المجموعة المساندة لمسافري درجة رجال الاعمال، يقول ان اختصار المسافة بين المقاعد قد يكون ضروريا في ضوء الهبوط في نسبة السفر الجوي على مدى سنتين.

مبادرة اربي البارزة كانت تقزيم مركز سانت لويس الذي اكتسبته شركة اميركان بشرائها لخطوط ترانس وورلد في 2001. خلال الدمج اشارت شركة اميركان ان قاعدة «تي دبليو ايه» في سانت لويس ستستمر في دورها كمركز اساسي. ولكنها قالت في يوليو (تموز) انها ستحول اغلبية تحويلات سانت لويس الى ـ فورت وورث وستخفض الى النصف عدد الرحلات اليومية من سانت لويس وعددها 420، وانها ستغلق مكتب تذاكر في المدينة وستلغي اكثر من 2100 وظيفة. سيباشر بتنفيذ هذا البرنامج الجديد للرحلات في اول نوفمبر (تشرين الثاني).

البعض من تغييرات اربي لا تبدو ظاهرة للمسافرين. فهو مثلا مؤسس لفريق عمل اكثر منه مسؤولاً كبيراً تنفيذياً سابق، والكلام هنا لدايفيد ل بورين، العضو في مجلس الادارة ورئيس لجامعة اوكلاهوما.

في اجتماع قريب لمجلس الادارة احضر اربي معه ستة من كبار التنفيذيين ليقدموا معا عرضا بالصور لاستراتيجية جديدة ودعاهم الى تقديم الافكار، وهذا امر نادرا ما حدث تحت قيادة كارتي الذي كان يفضل ان يعرض المواضيع وحيدا. ويقول بورين الذي كان عضو مجلس الادارة الاوحد الذي طالب علنا باستقالة كارتي في مارس (آذار) «هذا المنحى يدعو فريق الادارة والمجلس ان يشاركوا في الافكار علنا، وهذا عمل تجديدي ومنعش».

يضيف بورين: «ما اراه انا كعضو في مجلس الادارة هو ان هناك تفكيراً استراتيجياً يتناول المستقبل منطلقا من مستوى القيادة اكثر مما رأيناه في السنوات المتأخرة. يتمثل هذا التفكير بمحاولة دمج ادوار الحاملات القليلة الكلفة مع الابقاء على خدماتنا اللائقة ونراه خلاقا اكثر بكثير من الماضي».

هذا الاسبوع ينخرط اربي وبعض التنفيذيين الآخرين في منعزل اداري لمدة يومين في فندق فيرمونت في وسط الحي التجاري في دالاس وهو الاول الذي تعقده الشركة منذ سنة 2001، ممثلو الاتحاد حضروه ايضا.

في محاولة من قبله لكي يقود بالمثال، قال اربي في الاجتماع السنوي لاصحاب الاسهم المنعقد في مايو (أيار) انه لا يرغب في زيادة على معاشه او مكافآت بشكل اسهم هذه السنة بالرغم من ترقيته الشهر المنصرم من مركزمسؤول تشغيلي، وهذه لفتة الى العمال في وقت تصرف فيه الشركة الاف الموظفين وتزيد العمل على الباقين. ومع ذلك فقد تعرض اربي للانتقاد من قبل اتحادات العمال.

*خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»