عراقيل تصدير الرخام والجرانيت السعودي للخارج تتسبب في خسائر مالية كبيرة للمستثمرين

رجال أعمال يطالبون بإجراءات عاجلة لتسهيل انسياب حركة التصدير واستخراج الأذونات لإنهاء عامين من الأزمة على الحدود

TT

تعرض مستثمرون سعوديون يعملون في مجال تصدير الرخام والجرانيت إلى خسائر مالية كبيرة خلال هذا العام بسبب تكرار حجز شاحناتهم المحملة بالكميات المراد تصديرها من الرخام والجرانيت المحلي في المنافذ البرية والبحرية للسعودية لعدة أيام، وفي بعض الأحيان رفض عبورها لمنافذ التصدير بحجة أن إذن التصدير لهذه الكميات لم يصل إلى المنفذ المحدد في الوقت المناسب.

وأبلغ »الشرق الاوسط« عدد من المستثمرين في هذا النشاط، انهم ظلوا يتكبدون هذه الخسائر منذ استحداث هذا الإجراء إذن التصدير قبل نحو عامين، مشيرين إلى أن استخراج هذا الإذن يستغرق وقتا طويلا وجهدا كبيرا ما أدى في كثير من الأحيان إلى توتر العلاقة مع الجهات المستوردة لهذا المنتج في الخارج نتيجة تأخر إجراءات شحن الكميات المتعاقد عليها لهذا السبب، وبالتالي عدم انسيابه إلى الأسواق الخارجية بالصورة الطبيعية. محملين في الوقت نفسه مسؤولية هذا التأخير إلى بطء الإجراءات التي تتبعها الجهات المختصة لاستخراج هذا الإذن، إضافة إلى إلزام المصانع العاملة في هذا القطاع تحديد الكميات المطلوب تصديرها ومنفذ التصدير مسبقا دون أن تكون هناك مرونة لتصدير تلك الكميات عبر منفذ آخر إذا استدعت الحاجة لذلك.

وبينما اشار هؤلاء المستثمرون إلى وجود قصور في تفاعل المسؤولين في وكالة الثروة المعدنية ومصلحة الجمارك مع المشاكل التي يعانون منها في مجال التصدير بشكل عاجل وفوري، طالبوا بضرورة إيجاد آلية جديدة لتسهيل انسياب حركة التصدير من خلال المنافذ وإيجاد فرع لوكالة الثروة المعدنية في الرياض خاصة ان 80 في المائة من المصانع العاملة في هذا النشاط تقع في منطقة الرياض.

وتبعا لخالد الدغيثر صاحب ومدير عام مصنع خالد للرخام. فإن مصانع الرخام والجرانيت في البلاد تعترضها الكثير من المعضلات التي تسببت في عرقلة سير إنتاجها بالشكل الطبيعي وعدم انسياب هذا الإنتاج بصورة جيدة إلى الأسواق الخارجية وذلك بالرغم من الإقبال الجيد على هذا الإنتاج خارجيا، محددا هذه المعوقات في الإجراءات التي تتبعها هذه المصانع مع الجهات المختصة ممثلة في وكالة الثروة المعدنية في جدة خاصة فيما يتصل باستخراج إذن التصدير وتجديد ترخيص المحاجر، مؤكدا انه تقدم منذ أكثر من عشرة أشهر لوكالة الثروة المعدنية بغرض تجديد ترخيص أحد المحاجر التابعة له بالرغم من تسديده للرسوم قبل التقدم بطلب التجديد وكذلك الحال بالنسبة لإذن التصدير. كما أشار الدغيثر إلى إجراء آخر تسبب أيضا في إعاقة عمليات تصدير هذا الإنتاج وهو اشتراط الجهات المختصة بتحديد الكمية المراد تصديرها خلال العام مسبقا مع تحديد المنافذ التي يرغب التصدير عبرها خلال تلك الفترة، موضحا انه في حالة عدم تصدير هذه الكمية في الفترة المحددة فإن الإذن الخاص بالتصدير لهذه الكمية يعتبر منتهيا ويشترط تجديده لاستغلال تلك الكمية للتصدير. ويرى رياض فيلو مدير التسويق في شركة المتحدة للرخام والجرانيت أن أكبر عائق يواجه حركة تصدير الرخام والجرانيت السعودي يتمثل في بطء إجراءات استخراج إذن التصدير من الجهات المختصة وذلك لما يأخذه هذا الإجراء من وقت طويل وجهد كبير ما أدى في كثير من الأحيان إلى توتر العلاقة مع الجهات المستوردة لهذا المنتج في الخارج نتيجة تأخر إجراءات شحن الكميات المتعاقد عليها لهذا السبب، مشيرا إلى أن هذا التأخير جعل المستوردين في الخارج يشككون في أن هناك ضعفاً في الإنتاج، إضافة إلى الأعباء المالية التي يتحملها المستثمر المحلي والمتمثلة في دفع أجور تخزين الكميات المراد تصديرها في المناطق التي يوجد فيها منفذ تصدير، لأنه في كثير من الأحيان تتعطل الشاحنات المحملة بالرخام والجرانيت في منافذ التصدير بسبب تأخر وصول إذن التصدير مما يضطر بعض المستثمرين إلى تأجير مواقع لهم لتخزين تلك الكميات لحين وصول إذن التصدير إلى المنفذ. كما أشار إلى وجود عائق آخر يتعلق بإلزام المصانع العاملة في هذا النشاط بتحديد الكميات المطلوب تصديرها ومنفذ التصدير في بداية العام وبالتالي لا يحق لهذه المصانع تصدير أية كمية من هذا الإنتاج عبر منفذ آخر غير المحدد في إذن التصدير إذا تطلب الأمر استخدام منفذ آخر.

وفي ذات السياق أكد محمد المقبل مدير المبيعات والتسويق في مصنع اليمامة للرخام والجرانيت أن المصانع المستثمرة في هذا النشاط ظلت تعاني من إجراء استخراج إذن التصدير منذ استحداثه قبل عامين تقريبا لأنه يستغرق وقتا طويلا يصل إلى أكثر من شهر مما يعني أن هناك هدراً للوقت وبالتالي بتسبب هذا التأخير في عدم انسياب الحركة التصديرية للجرانيت السعودي بالشكل المطلوب خاصة ان معظم الجهات المستوردة لهذا المنتج تكون في معظم الأحيان مستعجلة لتسلم طلبياتها في الوقت المحدد. وأشار إلى أن من بين العراقيل التي تعترض تصدير هذا المنتج أن الجهات المختصة تلزم المصانع بتحديد الكميات التي تريد تصديرها ومنفذ التصدير مسبقا دون أن تكون هناك مرونة لتصدير تلك الكميات عبر منفذ آخر إذا استدعت الحاجة لذلك. واضاف انه من غير المعقول أن يطلب من المستثمر أن يحدد الكمية التي يريد تصديرها ومنفذ التصدير مسبقا قبل التعاقد مع الجهات المستوردة لان هذا مرتبط بسياسة الطلب والعرض خاصة ان السعودية تصدر هذا الإنتاج عبر عدة منافذ ولعدد كبير من الدول منها الخليجية والعربية والأوروبية مثل الإمارات والكويت وسلطنة عمان والأردن وسورية وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا والدنمارك ونيوزيلندا وغيرها، موضحا انه قد سبق أن كانت لديهم الرغبة عدة مرات في تغيير منفذ التصدير إلى منفذ آخر إلا أن الإجراء المتبع حال دون ذلك. ويرى المقبل أن كثرة الجهات والإجراءات المتعلقة باستخراج إذن التصدير حد من عملية التصدير بصورة واضحة، كما أنها أثرت كثيرا في عدم اتساع دائرة تصدير هذا المنتج للأسواق الخارجية، مؤكدا أن الأمر يتطلب إعادة نظر في هذا الإجراء (إذن التصدير) لأنه بات يشكل عائقا كبيرا لا يدركه إلا أصحاب الشأن من المصانع العاملة في هذا النشاط والتي تقوم بتصدير هذا الإنتاج إلى الخارج، خاصة ان الجرانيت السعودي يمتاز بمواصفات عالمية قل أن توجد في الإنتاج المستورد مثل القوة والتحمل وتعدد الألوان إضافة إلى جودته العالية وأسعاره المناسبة. كما ذكرت مصادر في المصنع السعودي للرخام والجرانيت ومصنع التقدم للرخام والجرانيت نفس العقبات التي تعترض تصدير هذا المنتج، مشيرين إلى وجود قصور في تفاعل المسؤولين في وكالة الثروة المعدنية ومصلحة الجمارك مع المشاكل التي يعاني منها المصدرون بشكل عاجل وفوري، داعين لإزالة هذه العقبات إلى ضرورة إيجاد آلية جديدة لتسهيل حركة انسياب عملية التصدير من خلال المنافذ البرية والبحرية، وإنشاء فرع لوكالة الثروة المعدنية في العاصمة الرياض وذلك لكون أن 80 في المائة من المصانع العاملة في هذا القطاع تقع في منطقة الرياض.

وفي جانب شركات النقل التي تتعامل مع مصانع الرخام والجرانيت في عمليات التصدير اشار مصطفى الزهيري مسؤول الشحن في مؤسسة منيف السبيعي للنقليات إلى ان مؤسستهم تكبدت على مدار هذا العام خسائر كبيرة بسبب توقف شاحناتهم المحملة بالجرانيت أمام منافذ التصدير لعدة أيام تتراوح في الغالب ما بين 5 إلى 6 أيام، وفي مرات أخرى يتم رفض عبور الشاحنات المحملة بهذا المنتج عبر المنفذ، وذلك لأسباب مختلفة من بينها أن إذن التصدير لم يصل إلى المنفذ أو أن هناك خطأ في التوقيت أم أن الإجراءات غير مكتملة وغيرها من الأسباب، حاصرا عدد المرات التي تم فيها إعادة شاحناتهم المحملة بالجرانيت من منافذ التصدير خلال السنتين الأخيرتين بحوالي 20 مرة لذات الأسباب. وأشار الزهيري إلى أن معظم هذه المشاكل تواجههم عند منفذ الكويت بخلاف المنافذ الأخرى مما جعلهم يرفضون أي عرض شحن عبر هذا المنفذ تفاديا من الوقوع في خسائر بسبب التأخير أو رفض عبور الشاحنة. كما ذهب أبوطني مسؤول الشحن في شركة أمكس للنقليات والذي يتعامل مع عدد من مصانع الرخام والجرانيت المصدرة لهذا الإنتاج للخارج في نفس الاتجاه مبينا أن شاحناتهم تعرضت في مرات عديدة للحجز في أكثر من منفذ تصدير بسبب مطالبة المسؤولين في الجمارك بتكملة إجراءات جديدة لم تكن موجودة من قبل، «حيث يفاجأ أصحاب المصانع المصدرة للجرانيت ونحن كذلك بهذا الإجراء في تلك اللحظة فقط مما يؤكد انه ليس هناك تنسيق بين الجهات المعنية بالتصدير وبالتالي تتعرض مصانع الجرانيت وشركات الشحن الى خسائر مالية كبيرة».

من جانبه أكد سلطان شاولي وكيل وكالة الثروة المعدنية المكلف، أن عملية تصدير خامات الرخام والجرانيت السعودي إلى الأسواق الخارجية مستقرة ومنظمة بين وزارة البترول والثروة المعدنية ومصلحة الجمارك وفق آلية محددة ومتفق عليها، مشيرا إلى أن الوكالة أصدرت العام الماضي ما يزيد عن 50 إذنا للتصدير.

تجدر الإشارة أن عدد المصانع العاملة في هذا النشاط على مستوى المناطق في السعودية يبلغ نحو 50 مصنعا، تقدر استثماراتها بنصف مليار ريال (133 مليون دولار).