الفولفو ستايشن واغن بلغت عامها الخمسين

قصة نجاح مطرد تشهد عليها طرقات أوروبا وأميركا الشمالية

TT

في أسواق منطقة الشرق الأوسط قلما حظيت سيارات الستايشن واغن او «الايستايت» بشعبية واسعة، بخلاف ما عرفته أسواق الغرب في اوروبا وأميركا الشمالية. ذلك ان الفكرة من الستايشن واغن تقوم على مبدأ الاستفادة العملية القصوى من الرحابة الداخلية من دون مساومة على الراحة المتوخاة من سيارات الصالون العادية.

في الغرب يتوقع المقتني سيارة تستوعب مشتريات الأسبوع ومعدات الغولف لاجازة «الويك اند» وتوفر حيزاً للكلب او القطة بجانب الاولاد في الرحلات الطويلة. هذه الاعتبارات أساسية ومن الصعب التخلي عنها، او هكذا كان الحال حتى ظهر قبل عقدين من الزمن فئتان جديدتان تماماً من المركبات، هما المركبات الرياضية الوعرية المتعددة الاستخدامات والناقلات العائلية (الميني فان). والحقيقة ان الاجيال الأولى من هاتين الفئتين استندت الى أرضيات شاحنات البيك آب، وبالتالي اضطر المقتنون لتقديم بعض التنازلات ولا سيما في مجالات الراحة والرفاهية والاقتصادية في استهلاك الوقود لقاء التمتع بميزات الرحابة والاستيعاب الشحني والقدرة على القيادة في الوعور (بالنسبة للمركبات الوعرية الرباعية الدفع).

ولكن بالرغم من الرواج الضخم للمركبات الرياضية الوعرية المتعددة الاستخدامات والناقلات العائلية في بعض الأسواق العالمية الرئيسية، ومنها بلا شك الولايات المتحدة وكندا، فقد حافظت سيارات الستايشن واغن على معظم رونقها في اوروبا، وفولفو، بالذات، كانت وما تزال الماركة الأعظم نجاحاً على هذا الصعيد. ففي بعض الأسواق الأوروبية كانت فولفو تبيع من الستايشن واغن أكثر مما تبيع من سيارات السيدان العادية، وثمة شرائح من المقتنين لا ترضى عن ستايشن فولفو بديلاً لأنها تعني لها جملة من الميزات والمعايير الأساسية لأي عائلة، على رأسها: 1 ـ الأمان والسلامة، وهذه ميزة معروفة عند فولفو منذ عهد بعيد. ولعل تميز سيارات فولفو بسمعة عطرة في هذا المجال جعل احتمال تحوّل مقتني ستايشن فولفو الى المركبات الرياضية الوعرية طمعاً بمزيد من الأمان ـ كحال نسبة عالية من مقتني الوعريات في اميركا حالياً ـ أدنى بكثير من مقتني غيرها من السيارات.

2 ـ الرحابة، وحقاً عرفت سيارات الستايشن التي انتجتها فولفو عبر السنوات الـ50 الأخيرة برحابتها واتساع حيز الشحن فيها.

3 ـ الاعتمادية والتفوق التقني، وهما أيضاً من سمات معظم منتجات فولفو.

4 ـ في أوروبا حيث أسعار الوقود أعلى مما هي عليه في أميركا، وحيث الطرقات وبخاصة طرقات الأرياف ضيقة نسبياً، يعد اقتناء سيارات ستايشن واغن متوسطة الحجم خياراً افضل بكثير من خيار المركبات الرياضية الوعرية المتعددة الاستخدامات والناقلات العائلية ذات الحجم الكبير والاستهلاك الوقودي العالي.

* بداية القصة.. ثم الجيل الثاني

* بدأت القصة عام 1953 في مصنع بوسط السويد، وكانت متواضعة خجولة اذ يقال ان اول ستايشن واغن اقتبست من شاحنة خفيفة، الا ان الستايشن الأولى التي عرفت باسم «بي في 445 دويت» صممت أساساً لتلبية حاجات صغار المهنيين وأصحاب الاعمال وقصد منها عملياً ان تجمع مركبتين في مركبة واحدة (ومن هناك اختير اسم «دويت» أي الثنائي) بحيث تؤدي دور البيك آب الصغير لصاحب الورش والسيارة العادية لرب العائلة بعد مغادرته عمله او ورشته. وحققت «الدويت» خلال السنوات التالية نجاحاً كبيراً، وظلت في الساحة تخدم زبائن فولفو حتى اطلاق الجيل الثاني البديل، وهو الذي عرف باسم «آمازون» او الـ«122»، وقد طرحت نسخة الستايشن واغن منه عام 1962.

«الآمازون» في الواقع كانت سيارة كلاسيكية متميزة دخلت بحق تاريخ صناعة السيارات الأوروبية من أوسع أبوابه. وكان من مواصفات نسخة الستايشن واغن الباب الخلفي المزدوج، بجانب التجهيز الرائد لهذا الطراز ألا وهو حزام الأمان الثلاثي النقاط وضمان مقاومة الصدأ. وبلغ من نجاح هذا الجيل انه بحلول شهر فبراير (شباط) من عام 1962 صنع منه ما لا يقل عن 100 الف سيارة.

* الجيلان الثالث والرابع

* بالنظر الى النجاح الضخم الذي انجزه جيل «الامازون» كان على الجيل الثالث الذي عرف بالـ«145» ان يكون بمستوى السمعة الطيبة لسابقه. الا ان الطراز الجديد الذي طرح في الأسواق عام 1967 أكمل ما بدأه سابقه وزاد عليه ورسّخ مكانة فولفو تماماً بين كبار الصانعين العالميين، بل أن صادرات فولفو الى السوق البريطانية وحدها ارتفعت عام 1968 ـ أي في العام التالي ـ بنسبة 70%، وكان هذا انجازاً غير مسبوق.

ومع اقبال عقد السبعينات من القرن الماضي ودخول منافسين جدد الى الساحة أعدت فولفو العدة لتطوير حضورها في قطاع سيارات الستايشن واغن. وبالفعل عام 1974 أطلقت طراز «240» الذي استطاع بسرعة أن يفرض نفسه في مختلف أسواق العالم، ويؤكد تفوقه خصوصاً في مجال السلامة والأمان. بل ويحصل بعد سنوات عديدة لاحقة عام 1991 على لقب «أكثر سيارات الستايشن واغن أماناً في العالم «وفق» معهد تأمين سلامة الطرق السريعة» في الولايات المتحدة.

* الجيل الخامس

* خلال عقد الثمانينات عزز مصممو توجه الخطوط المستقيمة والزوايا التكعيبية في الجيل الخامس من سيارات فولفو بما في ذلك نسخة الستايشن واغن. وهكذا أطل طرازا «740» و«760» ليصدما كثيرين من المعلقين والخبراء والمشترين الذين تصوّروا ان تغير فولفو اتجاهها وتنحو نحو الاشكال الانسيابية المستديرة الاطراف.

غير ان هذين الطرازين الشقيقين واصلا ترسيخ وجود فولفو في الساحة، وتطور معهما مفهوم متانة القفص الحاضن لمقصورة الركاب، بينما يشكل مقدم السيارة ومؤخرها منطقة امتصاص صدمات. وكتأكيد واقعي على نجاح هذا الجيل بنت فولفو الجيل التالي المعروف بـ«940» و«960» مستندة اليه ومقتبسة اياه منه عام 1990.

بعدها طوّرت فولفو طراز «850» بمحرك مستعرض خماسي الاسطوانات، ونجحت السيارة الجديدة وكسب النموذج العالي الأداء منها «تي 5» لفولفو مزيداً من المناصرين الحريصين على اضافة عنصر الأداء العالي المثير الى المزايا المألوفة في سياراتها.

* الحاضر

* ولم يطل الأمر بطراز «850» حتى تبلور عام 1996 وظهر بحلة جديدة أكثر أناقة وجمالاً وتفوقاً تقنياً هي «في 70». وسرعان ما لحقت بالسيارة الجديدة نماذج بارزة مشتقة عنها أبرزها الـ«آيه دبليو دي في 70 اكس سي» والـ«آيه دبليو دي في 70 آر» الرباعيتا الدفع. كذلك أطلقت فولفو خلال هذه الفترة طراز «في 40» الأصغر حجماً والأدنى سعراً والمصنع في هولندا، بغية توسيع جاذب سياراتها في قطاع الستايشن واغن.

ومع اطلالة الألفية الثالثة عام 2000 أطلقت فولفو الجيل الحالي من الـ«في 70» بخطوطه الانسيابية الجذابة، ومعه بدأت مرحلة تصميمية جديدة تماماً امتدت لتشمل كل طرازات الشركة، وكان آخرها الجيل الجديد من أصغر سيارات الصالون وهو الـ«اس 40» الجديدة تماما، والتي أزيح الستار عنها في معرض فرانكفورت الدولي بألمانيا هذا الخريف.