مصر: خبراء يحذرون من استمرار تجاهل تفعيل قوانين البناء على مشكلة الإسكان

لجنة برلمانية بصدد طرح اقتراح بإنشاء كيان مستقل لحماية الثروة العقارية عبر تفعيل قوانين التمويل

TT

تعددت مشروعات قوانين البناء التي ناقشها البرلمان المصري خلال السنوات القليلة الماضية، ورغم المناقشات المستفيضة حول هذه القوانين وبيان أهميتها لتجاوز أزمة الاسكان وتحريك سوق العقارات وانتشال قطاع المقاولات من عثرته ،إلا أن تجاهل تفعيل هذه القوانين على أرض الواقع كرس أزمة الاسكان وجعل من ركود سوق العقارات أزمة مزمنة كما ضاعف من وطأة تعثر شركات المقاولات العامة والخاصة لاسيما بعد تحرير سعر الصرف الذي أدى بدوره الى زيادة اسعار مواد البناء.

ومن جهة أخرى مازالت القوانين التي أقرها البرلمان المصري ،مثل قانون الايجارات الجديد أو التمويل العقاري ،إما عاجزة عن تحقيق جديد في سوق العقارات ومشكلة الاسكان أو مرفوعة من الخدمة لأسباب غير واضحة رغم اكتمال آلياتها الأمر الذي قد يعمق المشكلة ويكرس عشوائية الاسكان والمعايير التي تحكم سوق العقارات في مصر ربما لسنوات مقبلة. وفي محاولة جديدة لتحريك المياه الراكدة في هذا المجال وتفعيل قوانين البناء خاصة التمويل العقاري واتحاد الشاغلين وحماية الثروة العقارية قررت لجنة الاسكان في البرلمان المصري فتح ملف الاسكان والعقارات أملا في أن تحسم دورة البرلمان الحالية الجدل وتخرج بهذه القوانين الى النور، وحددت لجنة الاسكان في تقريرها التي تعتزم طرحه في هذا الصدد عدة موضوعات ذات أولوية في مقدمتها مراجعة كل قوانين البناء وفض الاشتباك بينها في ضوء مشروع قانون البناء الموحد الذي ستتقدم به الحكومة الى البرلمان خلال الايام القليلة المقبلة.

وكذلك فتح ملف المخزون العقاري الراكد وأيضا انشاء دوائر مختصة بالمحاكم للنظر في مخالفات قانون توجيه وتنظيم اعمال البناء والنظر في تعديل قانون العلاقة بين العمالة والمستأجر في الوحدات السكنية في ضوء الظروف الراهنة فضلا عن وضع حد لزحف العمران على الأراضي الزراعية، وذكر رئيس لجنة الاسكان والمرافق بالبرلمان المصري محمد أبو العينين أن اللجنة تعتزم اقتراح انشاء هيئة مستقلة تتولى مسؤولية توفير الوحدات السكنية لمحدودي الدخل وكذلك كيان هندسي متخصص يتولى اصدار قرارات هدم وتنكيس العقارات بما يتلاءم مع حالتها الحقيقية ويحول دون تعرضها للانهيار المفاجئ، كما ستركز على قضية حماية الثروة العقارية وضرورة تفعيل قانون التمويل العقاري وتخصيص المرحلة الأولى منه لمحدودي الدخل والوحدات السكنية التي لا تزيد مساحتها على 70 مترا وكذلك توفير التمويل اللازم لتفعيل القانون والذي يبلغ نحو 5 مليارات جنيه (أي 820 مليون دولار) فضلا عن حسم مشكلة مشروعات الاسكان المتوقفة في القطاع التعاوني منذ فترة طويلة. ورغم تأييد خبراء الاسكان وسوق العقارات المصرية لمعظم الموضوعات الحيوية في تقرير لجنة الاسكان وحماسهم لحسم هذه الموضوعات الا انهم يحذرون من فقد المصداقية في الحكومة والجهات التي تكتفي فقط بمناقشة القوانين دون تفعيلها.

وفي هذا الاطار يرى عضو شعبة العقارات باتحاد الغرف التجارية المصرية المهندس علاء البسيوني أن تحريك سوق العقارات مشروط بتفعيل قانون التمويل العقاري ،موضحا ان تصريحات المختصين بشأن اكتمال آليات هذا القانون لن تفيد حيث يجب تهيئة السوق أولا لاستقبال القانون وكذا التخلي عن البطء الشديد في الاجراءات المتعلقة بانشاء آليات القانون وبدء نشاطها ،مشددا على أهمية دراسة امكانيات البنوك وسوق الأوراق المالية وعملية التوريق وامكانية تخفيض سعر الفائدة. واقترح بسيوني أن تتبنى عملية تفعيل قانون التمويل العقاري جهة حكومية تتمتع بصلاحيات تجاه مختلف العناصر والنقاط المتعددة التي تمتد اليها منظومة التمول العقاري.

وشدد خبير الاسكان والعقارات الدكتور ميلاد حنا على ضرورة تفعيل قانون اتحادات الشاغلين ،مؤكدا أهمية القانون في الحفاظ على، وصيانة، الثروة العقارية التي عانت من الاهمال خلال السنوات الماضية نتيجة عدم تفعليل القوانين والاكتفاء بمناقشتها دون حسم وتابع الدكتور ميلاد أن الأمر يتطلب بدء تنفيذ قانون اتحادات الشاغلين بمرحلة حصر للعقارات الآيلة للسقوط ثم العقارات التي تحتاج لتنكيس أو ترميم جزئي، موضحا أن تكلفة المرحلة الأولى تبلغ نحو 341 مليون دولار (ملياري جنيه) معتبرا انها تكلفة متواضعة مقارنة بقيمة الثروة العقارية التي ستنقذها وتتجاوز مئات المليارات من الجنيهات، وأشار الى أن نحو 18% من جملة المباني المكتملة والمشغولة في مصرأقيمت قبل عام 1960 وهي بالطبع تحتاج لعمليات صيانة شاملة وترميم مستمر. وحذر رئيس مركز الدارسات التخطيطية والمعمارية بهندسة عين شمس الدكتور محمد عبد الباقي من استمرار عدم الاتفاق بين الحكومة البرلمان حول قوانين البناء خاصة المتعلقة بحماية الثروة العقارية والبناء الموحد وأيضا اتحاد الشاغلين، موضحا ان تضارب الرؤى لن يخدم المشاكل المتراكمة التي تعاني منها السوق العقارية وقطاع الاسكان برمته وسوف يطيل أمد العشوائية في مواجهة موضوعات حيوية تتطلب حسما سريعا لاسيما في مجال صيانة الثروة العقارية المهددة بالانهيار لانتهاء عمرها الافتراضي.