خبير اقتصادي: دول التعاون مدعوة للإسراع بتنفيذ قرارات القمة حول تحسين مستوى الحياة المعيشية

جاسم السعدون: الوصول إلى سوق خليجية مشتركة بحلول 2007 يحتاج لسلسلة طويلة من التطبيقات التفضيلية

TT

حث الخبير الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون على سرعة تطبيق قرارات قمة مجلس التعاون الخليجي التي تتعلق بتحسين الحياة المعيشية لمواطني دول المجلس والوصول بدول المجلس الست إلى تكتل له توجه واحد وإلا فإن انعقاد القمم الخليجية لن يخرج عن اجتماعات احتفالية لا تفيد المواطن.

وقال السعدون لـ«الشرق الأوسط» انه رغم صدور بعض القرارات الإيجابية عن قمة دول مجلس التعاون الخليجي إلا أنها دون طموحات المواطن الخليجي قياساً بعمر المجلس وبما أنجزته تجمعات أخرى أجنبية كالاتحاد الأوروبي وآسيان وغيرهما من التكتلات الاقتصادية التي قطعت شوطاً كبيراً في الإنجازات خلال وقت قصير رغم خلافاتها التاريخية السابقة واختلاف لغاتها وحتى توجهاتها السياسية. وذكر السعدون أن قانون الاتحاد الجمركي لدول المجلس الذي جرى إقرار التعرفة الجمركية فيه ما زال غير فاعل لعدم وجود قوائم تتعلق بإجراءات التطبيق كتعريف المنتج المحلي وغير المحلي وتوزيع رسوم البضائع المستوردة التي تدخل من منفذ إحدى دول المجلس وتتنقل بين باقي دوله بين الدول بنسب محددة. وقال ان قرار القمة الخليجية بالوصول إلى سوق خليجية مشتركة بحلول عام 2007 يحتاج لسلسلة طويلة من التطبيقات التفصيلية والمحددة بزمن معين، «ونحن لا نلمس في البيان الختامي ما يوحي بالوصول لسوق مشتركة عام 2007».

وحول العملة الخليجية الموحدة المفترض تطبيقها عام 2010، قال أنها آخر مراحل الوحدة الاقتصادية وتطبيقها يتطلب تنشيطاً صارماً للسياسات المالية والسياسية النقدية، كعجز موازنات الدول الخليجية ومعدلات التضخم فيها وغيرها من المؤثرات التي إن حدثت في إحداها تؤثر في الدول الأخرى الخليجية. وقال ان كل الإنجازات على طريق توحيد العملة الخليجية لا يتعدى ربطها بالدولار وبهوامش لا توحي بأن هذه العملات مرتبطة ببعضها البعض. وضرب السعدون مثلاً بسرعة الإنجاز بين التكتلات الاقتصادية فقال ان الاتحاد الأوروبي كان يحقق كل ستة أشهر إنجازاً رئيسياً في طريق الوصول للعملة الموحدة. أما قرار قمة الكويت بإنشاء سكة حديدية تربط دول مجلس التعاون فقال عنه السعدون انه مشروع متواضع جداً، وكان من المفترض أن يقام منذ زمن بعيد. فكل الدول المتجاورة تقيم مثل هذا التعاون فيما بينها، في حين أن مجلس التعاون الذي مضى على تأسيسه حوالي ربع قرن قام هذا العام بتحويل مشروع السكة الحديدية إلى وزارات النقل والمواصلات لدراستها، مشيراً إلى أن هناك مشاريع خليجية في الوقت الحالي أكثر أهمية من السكة الحديدية منها مشروع خطوط أنابيب النفط التي تنقل النفط من الشمال في العراق إلى بحر العرب والذي صرف النظر عنه، ومشروع نقل الغاز القطري إلى الكويت.

وعن أسباب تأخر دول مجلس التعاون في تطبيق إنجازات ترقى لمستوى هذا التكتل، قال السعدون ان فكرة قيام مجلس تعاون خليجي هدفها تحقيق مصالح مواطني هذه الدول، لكن لا يوجد وعي لهذا الهدف، وبالتالي فإن قرارات المجلس لا تنعكس على تيسير مصالح المواطنين. واضاف: «لقد كنا قبل قيام المجلس نسافر ككويتيين إلى السعودية وعمان والبحرين بالبطاقة، ولكن بعد قيام المجلس تم اقتراح جواز السفر الخليجي الموحد ولم يخرج لحيز التنفيذ بسبب تمسك كل دولة بسيادتها على جوازاتها». وقال ان مواطني دول المجلس يريدون من قادتهم حلاً لمشكلاتهم العديدة، منها البطالة، وسيطرة القطاع العام، وتقييد حركة تنقل رؤوس الأموال وتنقل المواطنين، ويريدن أن يروا مجلس التعاون الخليجي كتلة موحدة أمام الغير سواء في مفاوضاتها النفطية أو في شرائها للسلع والأسلحة، يريدون أن يروا محاربة حقيقية للفساد. وبما أنهم لا يروا ذلك حتى الآن فإنهم يشعرون بالحسرة أمام ما يرونه من إنجازات لتكتلات أخرى في أنحاء العالم.

وطالب السعدون بوجوب مشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات التي يصدرها مجلس التعاون الخليجي كي تكون تلك القرارات موجهة لصالحهم، وتأتي مشاركتهم هذه عن طريق اجتماعات نواب برلمانيين منتخبين من قبل الشعب ليسمعوا صوتهم للقادة متخذي القرارات. وقال ان مشروع القانون الكويتي الذي يسمح للخليجيين بتملك العقار في الكويت شريطة المعاملة بالمثل للكويتي في الدولة الخليجية الأخرى والذي أقره مجلس الأمة قبل اسبوع لن يكون له نفع إذا ما امتنعت باقي الدول الخليجية عن تمليك عقار للكويتي في بلاده. وتطرق السعدون للمجاملات بين دول المجلس التي تعيق بحث أو تطبيق قرار فيه مصلحة للمواطنين، فقال ان قمة الكويت مثلاً استبعدت الحديث عن دور المرأة، وعن جواز السفر الموحد. وقال السعدون ان هناك بعض القرارات الإيجابية في مجلس التعاون الخليجي ولكنها إذا ما قيست بحجم الطموحات والآمال فإنها متواضعة جداً. وأكد «اننا إذا استطعنا ربط مجلس التعاون الخليجي بالحياة اليومية والمعيشية للناس نكون قد نجحنا في هذا المجلس، وإلا فإن عدا ذلك سيكون المجلس عبارة عن مشروع احتفالي فقط.

وحذر السعدون من خطرين قد يلحقان بدول المجلس ما لم يسرع بتفادي حدوثهما، فقال «نحن أمام تحديين حقيقيين أولهما أن العالم لم يعد يطيق وجود دول تعمل بقيم ومبادئ القرون القديمة في وقت تتحكم فيها بمصير العالم من خلال تحكمها بالاحتياطي النفطي، وهذا ما ظهر في تدخلين خارجيين في دولتين هما أفغانستان والعراق، وبالتالي نحن مرشحون بشكل أو آخر وفي وقت ما لحدوث تغيير من الخارج رغماً عنا، وطبعاً لا أحد يرغب في هذا التغيير، وثاني هذين التحديين هو وجود إرهاصات للتغيير من داخل دولنا نتيجة وجود مشاكل عدة منها البطالة الحقيقية وسوء توزيع الدخل، وقد بدأت بوادر هذه الإرهاصات تظهر في بعض دولنا».

وعن ماهية الإصلاحات المطلوبة قال السعدون انها إصلاحات حقيقية، منها على سبيل المثال الحد من سيطرة القطاع العام على مصدر الدخل الوحيد للدولة، ومحاربة الفساد، اما على الصعيد الإقليمي فيجب أن تعي دولنا الخليجية أننا أسواق صغيرة يجب أن تجتمع كي تخلق كياناً يغري ويستدعي أموال القطاع الخاص الخليجي والأجنبي ليستثمر في بلادنا كسوق موحدة ويخلق فرصاً للعمل يعالج بها مشكلة البطالة وأن تجتمع دولنا على موقف واحد في التفاوض النفطي والسياسي والتجاري والعسكري كي تتمكن من حماية نفسها ومصالحها من الداخل ومن الخارج، وهذا لا يحدث إلا من خلال التعاون بين دولنا الخليجية، ولو حدث هذا فإن انضمام العراق أو اليمن إلى منظومتنا الخليجية لن يقابل بالاعتراض، لأننا نملك ساعتها من الثقة بالإفادة والاستفادة أكثر من الخوف من سيطرة هاتين الدولتين على منظومتنا.

، وقد حدث هذا في أوروبا حينما كانت تخاف من المعسكر الشرقي الذي سيدخل الآن ضمن الوحدة الأوروبية.