مصر: ردود فعل متباينة حول اتجاه 70% من البنوك لتخفيض سعر الفائدة وانعكاساتها على استقرار سوق الصرف

TT

تباينت ردود الفعل حول اتجاه البنوك المصرية لخفض سعر الفائدة على الايداعات حيث اعتبرها الموافقون أنها الوسيلة الوحيدة لانعاش حركة الاستثمار التي شهدت تراجعاً كبيراً خلال العام الماضي وانقاذ البنوك من تزايد نسب السيولة والودائع المحلية والأجنبية، بينما يرى المعترضون في تخفيض الفائدة زيادة حركة الدولرة وارتفاع نسبة التضخم التي أدت الى تعميق الركود بالأسواق.

وكان الجهاز المصرفي قد شهد تزايد حجم الودائع خلال الشهر الماضي حيث بلغت 238.1 مليار جنيه أي ما يعادل 39 مليار دولار، كما أكد المصرفيون عدم وجود ارتباط بين سعر الاقراض والخصم لدى المركزي والذي يعد وسيلة غير مباشرة لرفع سعر الفائدة وكذلك اتجاه البنوك لخفض سعر الفائدة على الايداعات بالجنيه المصري.

وقال طارق حلمي الرئيس التنفيذي لبنك المؤسسة المصرفية ـ مصر ـ أحد البنوك التي قامت بخفض سعر الفائدة على الايداعات لديها : ان سبب هذا الاتجاه هو تقليل تكلفة الأموال بالبنوك حيث لا توجد لديها استثمارات متاحة تضخ فيها الودائع الضخمة التي تتجنب إقراضها في الوقت الحالي «توظيف القروض».

وتوقع طارق حلمي ان يستمر خفض سعر الفائدة على الايداعات في ظل استمرار عدم اتاحة الاستثمارات أو قصرها على التجزئة المصرفية فقط للأفراد أو اذون الخزانة وودائع المركزي كلما قل العائد على الاستثمار.

واعترف حلمي باعتراض بعض العملاء «المودعين» على خفض سعر الفائدة على الايداعات واتجاههم الى البنوك التي تعرض عليهم سعرا أعلى «مميزا» وتحويل ودائعهم بين البنوك ورأى ان رفع سعر الفائدة على الجنيه المصري يحد من ظاهرة «الدولرة» ويرفع من تكلفة الأموال بين البنوك على عكس الاتجاه السائد حاليا.

من جانبه أكد هشام حسن مدير عام الادارة الخارجية بالبنك التجاري الدولي مصر اتجاه 70% من البنوك المصرية الى خفض سعر الفائدة على الايداعات، وتوقع ان يزيد الخفض من معدلات «الدولرة».

وأوضح ان اسعار الفائدة على الايداعات بالبنوك تتراوح بين 6.5% ـ 8.5%، وما يزيد على ذلك فيرجع الى احتياج كل بنك من الموارد بالجنيه المصري «الايداعات» والتي أكد ان البنوك لديها وفرة من السيولة بها وهو ما جعلها تقدم على خفض اسعار الفائدة.

ونفى حدوث تداعيات على السوق من جراء خفض اسعار الفائدة بالبنوك، مؤكدا ان رفع سعر الفائدة يتوقف على اتجاه السياسة النقدية للدولة التي يضعها المركزي وينفذها، واشار الى أن هناك أدوات لرفع سعر الفائدة منها ضخ اذون خزانة باسعار مرتفعة وسندات.

من جهته قال محمد رضوان المدير العام وعضو مجلس ادارة بنك الاسكندرية ان قرار خفض سعر الفائدة على الايداعات لدى البنوك لم يقابل بارتياح من جانب العملاء، لكنه لم يؤثر في السوق، واشار الى ثبات اسعار الفائدة على مستوى البنوك العامة الاربعة «الأهلي المصري ـ القاهرة ـ الاسكندرية ـ مصر» بشكل نسبي.

وأضاف ان هناك فروقا بسيطة بين اسعار الفائدة بالبنوك العامة، وأرجع خفض البنوك لاسعار الفائدة الى الرغبة في تقليل تكلفة الحصول على الموارد.

وأكد ان اسعار الفائدة مرتفعة مقارنة بكثير من دول العالم، وأرجع ذلك الى ارتباطه بمعدل التضخم للدولة.

وطالب بتوخي الحذر من اتخاذ قرارات متسرعة بشأن سعر الفائدة، الأمر الذي ينعكس على فرص الاستثمار والاقراض، كما طالب بعدم تحريك هذه الاسعار الا بصورة محسوبة.

وتوقع عمرو بهاء مدير عام الخزانة واسواق المال بالبنك المصري التجاري ارتفاع اسعار الفائدة على الايداعات بالجنيه المصري خلال الفترة المقبلة كرد فعل لتصريحات المسؤولين الخاصة بضبط سوق النقد الأجنبي «الدولار»، ورأى ان الرفع ربما يسهم في رفع تكلفة الدين الداخلي، وزيادة تكلفة الاقراض، والحد من حركة التنمية والاستثمار، الا انه يعطي ميزة نسبية للجنيه المصري مقابل الدولار.

وقال ان اثار خفض سعر الفائدة مع الودائع بالبنوك لم تتضح بالسوق «لم تؤثر سلبا على السوق» بل زادت اسعار الانتربنك الداخلي «بين البنوك» من 6 الى 7%.

ومن ناحية أخرى أكد محمد البربري كبير مستشاري البنك المركزي السابق ان ارتفاع سعر الفائدة كان السبب في نجاح سياسة الحكومة الاقتصادية عام 91 عندما دخلت مصر أزمة اقتصادية مماثلة وتم رفع سعر الفائدة للسيطرة على الدولرة، مشيرا الى أن سعر الفائدة ليس المتحكم الرئيسي في زيادة الاستثمار، حيث أن هناك خللا في مناخ الاستثمار وفقدانا للثقة ونقصا في السياسات المالية التي يجب تنفيذها حتى تتم زيادة عمليات الاستثمار.

وعلى صعيد آخر يرى اسماعيل حسن محافظ البنك المركزي الأسبق ورئيس بنك مصر ايران حاليا ان المقارنة بأوضاع عام 91 تحتاج الى المراجعة حيث أن ما تم كان في صورة حزمة من الاجراءات المالية والنقدية في ذلك التوقيت تمثلت في فرض ضريبة المبيعات واسقاط قدر من الالتزامات الخارجية على مصر، مشيرا الى ان رفع سعر الفائدة أدى الى انخفاض معدلات النمو الى نحو 2%.

ويقول رئيس بنك مصر ايران انه من غير المتصور رفع سعر الفائدة في وقت يشهد فيه الجهاز المصرفي تدني معدلات الاقراض بالمقارنة بزيادة معدلات الودائع، حيث ان ذلك يؤدي الى زيادة تكلفة التوظيف وهو ما يضطر البنك المركزي الى امتصاص الزيادة في الودائع في شكل إصدار شهادات ايداع لديه لصالح البنوك بسعر فائدة مرتفع مما يؤثر على صافي أرباح المركزي التي هي جزء هام من ايرادات الميزانية العامة.

وقول هشام رامز رئيس مجلس ادارة البنك المصري الخليجي ان زيادة الاستثمار تحكمه العديد من الاعتبارات التي تتمثل في زيادة الجمارك والضرائب والثقة في مناخ الاستثمار بجانب سعر الفائدة، مؤكدا ان انخفاض سعر الفائدة بالبنوك موجود منذ أكثر من 6 أشهر مضت لكنه لم يحرك الاستثمار أو يقلل الركود الذي يضرب الاقتصاد المصري.

وأكد رامز ضرورة رفع سعر الفائدة بنسب محسوبة ومدروسة، مشيرا الى ان سعر الفائدة أخذ دورته مطالبا بعدم تعليق الركود على شماعة الفائدة حيث أن ذلك يعد نظرة قاصرة.