مسؤول: نظام سريع للتحويلات المالية في السعودية ينفد مليون عملية في 30 دقيقة

محمد الحميدان: النظام يقدم نموذجا لتعاون عربي في مجال ربط نظم المدفوعات مع احتفاظ كل دولة بخصوصيتها المالية

TT

اشار مدير نظام «سريع» في مؤسسة النقد العربي السعودي أن «ساما» عمدت الى تقديم نظام متطور للتحويلات والتسويات المالية مبني على تقنية التسوية الإجمالية ليكون حجر الأساس لتقديم خدمات ومنتجات مصرفية متطورة مثل نظم التجارة الإلكترونية وخدمات الرواتب الإلكترونية والحسم المباشر علاوة على الحاجة الملحة إلى إيجاد وسيلة فعالة لإدارة المخاطر المالية وتنفيذ التسويات والتحويلات المالية بسرعة تتلاءم مع متطلبات العصر. ويستطرد محمد الحميدان مدير نظام «سريع» في مؤسسة النقد العربي السعودي، عبر ورقة عمل قدمها أخيرا تحت عنوان نظام المدفوعات والتسويات المالية في المملكة العربية السعودية قائلا «ان النظام السعودي للتحويلات المالية السريعة والذي يختصر بـ «سريع» قد تحقق نتيجة لهاجس يبحث عن ضمان زيادة الكفاءة وحجم السيولة في النظام المصرفي وتعزيز الأداء المالي للقطاع التجاري، اضافة إلى أن الأخذ بالنظم التقنية المالية المتقدمة له ما يبرره نظرا لخفض تكاليف الخدمات المالية المصرفية والرقي بها: مثل دفع رواتب القطاع العام والخاص وتسديد فواتير الخدمات العامة وسرعة تنفيذ تحويلات العملاء بتكاليف مقبولة، إضافة الى التخلص من نظم المعاملات الورقية البطيئة ومتلازماتها الروتينية والتوجه نحو بيئة مصرفية إليكترونية نظيفة . وأضاف الحميدان في ورقته التي القاها امام ندوة انظمة المدفوعات والتسوية ـ آفاق التعاون الاقليمي التي نظمت في ابو ظبي اخيرا ، ان دافعه إلى التركيز في كلمته على تجربة «سريع» ينبع من ان هذا النظام يعد ملتقى أنظمة المدفوعات في القطاع المصرفي السعودي، وانه يعد ايضا مدخلا الى سلسلة من أنظمة المدفوعات الأخرى مثل الشبكة السعودية للمدفوعات، ونظام تداول الأسهم «تداول» والمقاصات.

وأشار الى انه قبل طرح «سريع» كانت نشاطات التحويلات المالية التي كانت تتم بالطرق التقليدية في السوق المصرفية المحلية تتم بكل يسر وأمان، لذا فقد كان التساؤل الاستراتيجي هو: هل نحن فعلا في حاجة إلى نظام آني للتحويلات المالية أو ما تعارف عليه بـ RTGS؟، الا ان الدراسات اكدت ان أفضل الأوقات لبناء وتقديم نظم التحويلات المالية RTGS هو حين تكون السوق المصرفية مطمئنة والأعمال البنكية التقليدية منتظمة ومستقرة، وان من الخطأ الانتظار ريثما تحدث هزات أو مخاطر مالية ثم تبدأ المعالجة وبناء نظام مالي للتسويات، مما قد يفقد الثقة في القطاع المصرفي والعاملين فيه محليا ودوليا بما في ذلك تراجع الثقة في قدرات البنك المركزي القيادية والإشرافية. كما بدا لـ«ساما» أنه بعد التطور المزدهر في تقنيات الحاسب ولغات البرمجة أن نظم التسويات المالية الإلكترونية الحديثة وعلى رأسها RTGS إنما هي حل مثالي من سلبيات العمل الروتيني والتي تزداد تعقيدا يوما بعد الآخر.

وأكد الحميدان ان فترة البناء التقني والإداري أخذت ما يقارب العامين (95 ـ 97)، خاضت فيها «ساما» حالة ما يسمى إعادة بناء ومن خلال تجربة إعادة البناء بدأت مراحل التغيير في الهيكلة الإدارية والتقنية في «ساما» والبنوك المحلية، حيث الغيت إدارات ونشأت أخرى. فعلى سبيل المثال ونتيجة لتغير نمط الأعمال كان لدى ساما قبل تقديم «سريع» ما يقارب 120 حسابا للبنوك التجارية موزعة فيما بين «ساما» وفروعها الا انها وحدت جميعها بعد ذلك في حساب واحد فقط لكل بنك يخضع لإشراف ومراقبة (ساما).

ويعتمد «سريع» على مبدأ التسويات الإجمالية المستمرة أو ما يسمى «ريل تايم ستالمينت» والذي يعني آنية التنفيذ مع ضرورة توفر الغطاء النقدي الكامل لأية عملية قبل تنفيذها وهي غير قابلة للاسترجاع، أي العمل بمبدأ(Irrevocability Transfer )، حيث تم إعطاء كل بنك حدا ماليا للسحب على المكشوف بناء على ضمانات مالية مسبقة الترتيب ولها نظام تقني ذكي مرتبط مباشرة بالنظام المحاسبي في «ساما» وعند الإغلاق اليومي يجب على البنوك أن تعمل على تغطية مراكزها المالية المكشوفة حسب التنظيمات الخاصة بالضمانات المالية.

ويرى الحميدان ان «سريع» يمتلك عدة مزايا جعلت منه نظاما متميزا فهو يجمع بين التحويلات ذات القيمة العالية أو المنخفضة القيمة مفردة كانت «سينغل بايمنت» أو مجمعة «بولك بايمنت» والتي قد تصل إلى أكثر من ألفي حوالة مدفوعة في رسالة مدفوعات واحدة. كما انه يوفر للمشاركين إمكانية تنفيذ المدفوعات مسبقا ولفترة تصل إلى أربعة عشر يوما قبل تاريخ الاستحقاق مما يسهل للبنوك جدولة المدفوعات مقدما ومعرفة البنك المستقبل للحوالة قبل وصولها بعدة أيام، وهذا يوفر للمرسل والمستقبل الاستغلال الأمثل للسيولة وحسن إدارتها والتنوع المتميز في فئات التحويلات وخصائصها. كما تضمن تصميم بناء «سريع» أكثر من مائة وخمسين وظيفة تحكمية أولية وثانوية تعطي البنك المركزي والبنوك المشاركة الأدوات اللازمة للتحكم في نشاطات وفعاليات «سريع» وكل حسب اختصاصه ومسؤوليته.

ولقد انهى «سريع» منذ انطلاقته في عام 1997 عصر الشيكات البنكية التي تمر بغرف المقاصة وانتهى العمل بها مع بدء العمل بـ«سريع» ولم يعد يسمح بالتداول بالشيكات البنكية ، وقد كان مجموع مبالغ التسويات لبيوتات المقاصة في عام 1996 ما يقارب 3.5 تريليون ريال (933 مليار دولار) ثم تناقصت هذه المبالغ تدريجيا لتصل إلى أقل من 500 مليار ريال (133 مليار دولار) في عام 2002 والشيء نفسه ينطبق على إعداد الشيكات. كما أصبحت غالبية رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص تنفذ عبر «سريع» ولأكثر من مليون موظف وبهذا انتهت طوابير الموظفين أمام البنوك لتسلم رواتبهم نقدا أو لصرف شيكاتهم وأصبح للموظف حرية اختيار البنك الذي يرغب كما يتم إيداع مرتبه إلكترونيا في حسابه في يوم الاستحقاق ويمكنه ان يسحب مبلغ الراتب من أي جهاز صرف آلي في أي مكان في المملكة.

كما تم طرح ولأول مرة خدمة الخصم المباشر والتي تعنى بخدمات تسديد الفواتير والخدمات العامة والتي أصبحت عمادا لكثير من الخدمات النقدية عبر الإنترنت مثل خدمة «بي. تو. بي» وأصبحت خدمة التحويل المالي سريعة وميسرة وفعالة للعملاء والبنوك على حد سواء وتدنى حمل المبالغ النقدية بين العملاء بغرض التحويل بين البنوك، مما كان له أثر إيجابي على النواحي الأمنية والاجتماعية وأيضا الرفع من القدرة التشغيلية للريال والاستفادة القصوى من السيولة. ومكن «سريع» من امتلاك «ساما» كماً هائلاً من المعلومات المالية وليدة اللحظة من مخرجات النظام وتقاريره وبالتالي مكن من معرفة ـ على مدار الساعةـ المدن أو المناطق الجغرافية ذات الفائض أو النقص النقدي وتوجيهات الأموال ومقابل ماذا، حيث تقرض الحقول المالية الملزمة في «سريع» (Mandatory Field) وطبقا للمواصفات الدولية إكمال كافة المعلومات قبيل إجراء التحويل. كما قفزت أعداد التحويلات المالية من 475 الف حوالة في العام الأول من التشغيل إلى أكثر من 11 مليون حوالة في 2002، كما أن قدرة التنفيذ في أنظمة «سريع» تتمتع بقدرة عالية حيث يتم تنفيذ ما يقارب من مليون عملية (حوالة) في مدة لا تزيد عن 30 دقيقة وذلك يتم مساء الخامس والعشرين من كل شهر حين تنفذ رواتب القطاع العام، وتزايدت قيم المدفوعات المالية إلى 7 تريليونات ريال (1.9 تريليون دولار) في عام 2002 مقارنة بتريليوني ريال (5.2 مليار دولار) في عام 1997.

وأصبح نظام «سريع» البنية الأساسية والبوابة التي عبرها تم تقديم عدد متنوع من الخدمات البنكية عبر الإنترنت (مثل B2C-B2B/ شراء وبيع الأسهم /التحويلات المالية)، خدمات حديثة وعصرية مثل خدمة: Electronic Bill Presentment and Payment وخدمة DvP لسوق الأسهم وهو ما تسعى «ساما» لتقديمه.

وتقدم ورقة الحميدان عدة توصيات اهمها التطلع الى ان تنجح نظم المدفوعات المالية لا سيما ما بني على تقنية الـRTGS في خلق تعاون عربي في مجال ربط نظم المدفوعات والتعاون والاستفادة من القدرات المشتركة وخاصة أن عناصر النجاح لتطبيق نظام مشابه بين دول مجلس التعاون الخليجي أو على مستوى الدول العربية مع احتفاظ كل دولة مشاركة فيه بخصوصيتها فيما يخص نظمها المالية الداخلية.