«هاليبرتون» تواجه سلسلة تحقيقات بدفع حسابات مشبوهة في إيران ونيجيريا والكويت

13 مليار دولار قيمة 70 في المائة من نشاط الشركة التجاري في العالم وموظفان يؤكدان أمام محققين في الكونغرس تبديد أموال في عمليات إنفاق غير ضرورية

TT

تواجه هاليبيرتون، شركة الخدمات النفطية التي تتخذ من هيوستن مقرا لها، والتي أقامت مشاريع في مختلف أنحاء العالم دعما للقوات الأميركية التي تخوض المعارك، تواجه، في الوقت الحالي، معركتها الخاصة.

وبينما تنصرف الشركة، التي يبلغ رأسمالها 13 مليار دولار والتي كان يترأسها نائب الرئيس ديك تشيني ذات يوم، الى انتاج معدات الحفر والتصليح في حقول النفط وتوفير الخدمات للجنود في الكويت والعراق وأفغانستان وكوسوفو، فانها تواجه عددا مهلكا من التحقيقات. وتمتد مجالات التحقيق من ممارساتها الحسابية الى الاشتباه في دفع أموال الى مسؤولين في ايران ونيجيريا والكويت، حتى طلب أثمان مبالغ بها من وزارة الدفاع بشأن البنزين في الكويت، وقاعات الطعام للقوات المسلحة في العراق.

وقال دانيل غور، محلل القضايا الدفاعية في معهد ليكسنغتون في ألكسندريا بولاية فرجينيا «انهم لا يواجهون التدقيق، انما يواجهون الأسى».

والى حد ما تعكس التحقيقات سعة مصالح ونشاطات هاليبيرتون. فعبر ما يزيد على 150 شركة فرعية، تدير الشركة حوالي 100 ألف من العاملين في ما يزيد على 400 مشروع في 100 بلد. ويدار ما لا يقل عن 70 في المائة من نشاطها التجاري السنوي البالغ 13 مليار دولار خارج البلاد.

ولكن الـ 9 مليارات دولار في العمل المرتبط بالعراق هي التي ألقت الأضواء الساطعة على هاليبيرتون. فالعمال هناك يقومون بإصلاح حقول النفط في جنوب العراق، وبناء وصيانة القواعد، وماكينات غسيل الصحون، وتقديم 50 مليون وجبة طعام للقوات الأميركية في منطقة الخليج.

وقال غور «هذه شركة كلاسيكية عالمية عالية التقنية والقدرة على الحركة. ولن تكونوا قادرين على خوض حرب حديثة بدونها». وفي الوقت نفسه فانه «ما من أحد سوى هاليبيرتون يمكن ان يقوم بما قامت به».

وقد أرغم مدققو حسابات وزارة الدفاع (البنتاغون)، أخيرا، هاليبيرتون على اعادة مبلغ 61 مليون دولار في اطار توفيرها كميات من البنزين من الكويت الى العراق. وقالت هاليبيرتون ان السعر الأعلى يبرره الخطر الذي واجهته قوافل شاحنات نقل الوقود والحاجة الى ايقاف الغضب العراقي بشأن شحة الوقود. غير ان وزير الطاقة الكويتي طالب من المدعي العام في بلاده التحقيق في المزاعم.

وفي أمور اخرى ارغمت الحكومة الفيدرالية هاليبيرتون على طرد اثنين من الموظفين قبلا الحصول على رشوة بقيمة 6 ملايين دولار. وتطلب الأمر من الشركة أن تمنح وزارة الدفاع اعتمادا بقيمة 27.4 مليون دولار، بينما يقوم المدققون بتحديد عدد الجنود وعدد الوجبات في قاعات الطعام المخصصة لهم في العام الماضي.

ومن ناحيتها بدأت هاليبيرتون سلسلة من الاعلانات التلفزيونية للدعاية لنفسها تحت شعار «هاليبيرتون هنا». ويقول رئيس الشركة ديفيد ليسار «نحن نقدم خدمات للقوات بسبب ما نعرفه وليس من نعرفه».

لقد رهن ايرل بالمر هاليبيرتون خاتم زفاف زوجته وأسس شركة خدمات النفط في تكساس عام 1919. وكانت هاليبيرتون قد تعززت عبر خدمات مواقع الحفر في لويزيانا وأركانساس وأوكلاهوما.

ولكن في العقود اللاحقة توسعت عبر نشر خدماتها النفطية ونشاطها في البناء على نطاق عالمي مع زيادة مطردة لحجم نشاطها المرتبط بالحكومة الفيدرالية.

ويمكن تتبع تاريخ الشركة في مجال الصلات السياسية الذي يعود الى أواخر ثلاثينات القرن الماضي عندما اعتاد جورج وهيرمان براون، مؤسسا شركة كيلوغ براون أند روت، على ارسال مظاريف مليئة بالنقود الى النائب في ذلك الوقت ليندون جونسون، والذي كان ينقلها الى أعضاء آخرين في الكونغرس باعتبارها مساهمات في الحملة الانتخابية. وجاء رد الدين عبر منح الشركة عام 1941 عقدا من البحرية لبناء قانصات غواصات ومدمرات على الرغم من ان شركة كيلوغ أند براون لم يسبق لها أن شيدت سفينة.

وخلال الحرب العالمية الثانية كان معظم عمل هاليبيرتون الحكومي في اطار الهندسة والبناء. وقامت شركة براون أند روت التابعة ببناء قواعد عسكرية في سايغون على سبيل المثال، وكذلك أجزاء من مركز فضاء ناسا المأهول في هيوستن.

وتميزت فترة رئاسة تشيني لهاليبيرتون من عام 1995 حتى عام 2000 بالاستيلاء على منافستها دريسر اندوستريز. وكان بريسكوت بوش، جد الرئيس الحالي، عضوا في مجلس الادارة لعقود عدة، وكانت أول وظيفة لجورج دبليو بوش في شركة دريسر.

ومنذ ان غادر تشيني دفعت هاليبيرتون ثمنا باهظا للاستيلاء على دريسر. وقد أشير الى عدد من شركات دريسر التابعة، وبينها هاربيسون ووكر، في قضية الأسبستوس، سعيا الى تعويض بمليارات الدولارات. وهبط سعر سهم هاليبيرتون من 55 دولارا عام 2000 الى 9 دولارات عام 2002 بعد أن أعلنت هاليبيرتون عن تسوية بقيمة 4.2 مليار دولار. وكان السهم قد أغلق يوم الاثنين الماضي عند مستوى 30.03 دولار.

واستهدف المحققون الفيدراليون أيضا نشاطات أخرى لهاليبيرتون في عهد تشيني. وتحقق وزارة الخزانة في وضع شركة تابعة لهاليبيرتون تتخذ من كايمان أيلاندز مقرا لها، والتي ربما خرقت العقوبات الأميركية المفروضة على ايران. وتقوم كل من وزارة العدل ولجنة الأسهم والتبادل بالتحقيق في دفعات مالية محتملة بقيمة 180 مليون دولار من قبل الشركة التابعة للحصول على حصة في مشروع للغاز الطبيعي المسال في نيجيريا بقيمة 4 مليارات دولار. كما تقوم لجنة الأسهم والتبادل بالتحقيق في اجراءات هاليبيرتون المتعلقة بتدقيق الحسابات.

ويعتقد تشيني أنه يبقى منارا بالنسبة للشركة التي غادرها عام 2000 ليصبح نائبا للرئيس بوش. وقال في مقابلة أجراها ناشينال بوبليك راديو معه أخيرا «لقد لحقت اضرار بهاليبيرتون ببساطة بسبب ارتباطهم السابق معي».

ومع ذلك يقول نقاد نائب الرئيس، بمن فيهم زعماء في الحزب الديمقراطي، انه جلب بعض التدقيق على نفسه. فقد أخذ 36 مليون دولار بصيغة اسهم وخيارات عندما غادر الشركة واستمر على تلقي تعويضات مختلفة من الشركة. وتوصلت مؤسسة خدمات البحث في الكونغرس العام الماضي الى أن ترتيبات التعويضات المختلفة وخيارات الأسهم تشكل «امكانية في اطار صراع المصالح».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»