مصر: الخبراء يختلفون حول تأثر سوق العقارات بالإجراءات الحكومية الجديدة

توقعات بزيادة التدقيق في منح تراخيص البناء للتحقق من سلامته الهندسية خلال الفترة المقبلة

TT

تباينت آراء الخبراء العقاريين في مصر حول تأثير انهيار عدد من المباني في الفترة الأخيرة على سوق العقارات الذي يمر بحالة من الركود، بدأت قبل 3 سنوات، وقال خبراء ان السوق سيتأثر سلبا، خاصة بعد اعلان الحكومة مراجعة جميع المباني المخالفة لقيود الارتفاع الواردة بالتراخيص الصادرة للمباني والتحقق من سلامتها الانشائية، بالاضاقة الى تكليف لجنة هندسية متخصصة لاجراء فحص لجميع العمارات السكنية على مستوى الجمهورية، موضحين أن هذه القرارات ستصيب شركات المقاولات والاسكان بالقلق من تنفيذ مشروعات جديدة بالمدن الجديدة، خاصة في ظل التشدد المتوقع في منح التراخيص خلال الفترة المقبلة والالتزام بالمواصفات لضمان سلامة المباني ولتفادي حدوث مثل هذه الانهيارات.

وشهد سوق العقارات المصري خلال السنوات الماضية عددا من حالات انهيار المباني، فإلى جانب عمارة شارع عباس العقاد الأخيرة بمدينة نصر كان قد انهار منزل في روض الفرج في مايو (ايار) 2003 وبلغ عدد ضحاياه 7 أشخاص وكان تاريخ بناء العقار يعود الى 1946.

وفي فبراير (شباط) من نفس العام انهار عقار في منشية ناصر مكون من 3 طوابق ويضم 12 شقة، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2002 مات عامل وأصيب 7 آخرون أنهار عليهم جزء من منزل في الجيزة وتم توجيه الاتهامات للملاك بالاهمال وتجاهل الأصول الفنية في البناء.

وفي نوفمبر 2002 انهار عقار في البساتين وأدى الى مصرع اثنين ونجاة 49 شخصا، وفي اكتوبر (تشرين الأول) من نفس العام انهار عقار في الوراق، كما انهارت فيلا بالاسكندرية في يوليو (تموز) 2002 وأدت الى مصرع عاملين.

وكانت لجنة الاسكان والمرافق والتعمير برئاسة محمد أبو العينين قد أعدت تقريرا حول حماية الثروة العقارية وسبل مواجهة انهيار العقارات، وحدد التقرير أسباب المشكلة في خمسة عناصر، الأول عدم تنفيذ قرارات الهدم والازالة والتنكيس والثاني اهمال الصيانة لغياب الوعي بين الملاك والثالث ارتفاع منسوب المياه الجوفية والرابع انعدام التوازن بين العرض والطلب، والخامس تفشي ظاهرة العشوائيات.

وأوصى التقرير وقتها بسرعة اصدار قانون البناء الموحد وتطوير اجراءات استخراج وثائق التأمين على مشروعات البناء والتشييد وانشاء جهاز متخصص في مجال ازالة المخالفات.

وفي استطلاع لمعرفة اراء الخبراء حول تأثير هذه الانهيارات على سوق العقارات المصري استبعد الدكتور ميلاد حنا خبير الاسكان المصري تأثر سوق العقارات المصري بحادث انهيار العمارة، مشيرا الى أن تكرار سقوط العقارات في مصر سببه الأساسي نقص الوعي وعدم الانضباط من أصحاب وملاك العقارات وليس ناتجاً عن سبب هندسي أو تشريعي.

وأوضح ان هناك نوعين من المباني التي انهارت خلال الفترة الماضية، الأول هو المباني القديمة والتي يقترب عمرها من مائة عام أو أكثر والمبنية بالحجر الجيري وهذه المنازل والعقارات كثيرة، ويتمسك السكان بالاقامة بها بسبب انخفاض قيمة الايجار، أما النوع الثاني من هذه العقارات فهو العمارات الكبيرة والحديثة وهذا النوع من العقارات ينهار يسبب اخطاء كثيرة، فالاحياء الجديدة مثل مصر الجديدة ومدينة نصر والمهندسين كانت لها قواعد تنظيمية في الارتفاع والمسطحات، حيث اختلفت الارتفاعات حاليا عما كانت عليه منذ فترة وظهرت مخالفات المباني والتي أدت الى تعدد الطوابق المخالفة ومن ثم تصدع بعضها وانهياره.

وأكد على أن تثبيت قواعد تنظيم المباني مسألة مهمة جدا في الحي الواحد، مشيرا الى ضرورة التفرقة عند تطبيق قانون المباني بين منطقة وأخرى حيث يستغل أصحاب العقارات نقطة السماح بارتفاع العقار مرة ونصف المرة من عرض الشارع لمخالفة هذه القواعد.

وأشار الدكتور ميلاد حنا الى أن أصحاب العقارات يكون لديهم ترخيص لبناء عقار بارتفاع أربعة طوابق، ولكنهم يضعون اساسات لعقار يبلغ ارتفاعه 12 طابقا، ويطلب بعد ذلك تعلية العقار، وبالفعل ينجح في التعلية بعد سلسلة من الاجراءات.

ودعا الى ضرورة انشاء لجنة على أعلى مستوى لوضع برامج لتنظيم بناء العقارات واستغلال المخازن بالشكل الأمثل بالاضافة الى رفع قيمة ايجارات المساكن القديمة حتى لا يتمسك بها السكان وهي متهالكة ومهددة بالانهيار.

من ناحية أخرى، طرح الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم رأيا مختلفا عن رأى الدكتور ميلاد حنا، حيث اكد ان انهيار العقارات المتكرر يعكس ان هناك خللا في نظام تأمين العقارات وخاصة في المناطق والمدن الجديدة والتي تم فيها التجاوز والمخالفات، مشيرا الى أن القرارات الأخيرة ستؤثر على سوق العقارات وستزيد من حالة الركود التي يعانيها، لأن القرارات ستحد من منح التراخيص وسيكون هناك تشدد ودقة في المواصفات والطوابق المسموح بها وهذا سيؤدي الى قلق المقاولين واصحاب العقارات الذين يسعون دائما الى بناء عقارات أعلى مما هو مصرح به.

وأكد ان الحكومة قررت اعادة النظر في كل العقارات المخالفة واتخاذ اجراءات ضدها في كل المحافظات وهذا سيولد نوعا من القلق لدى اصحاب العمارات وملاك الوحدات السكنية وسيؤثر كذلك على ضعف الاقبال على شراء الوحدات إلا بعد التأكد من سلامتها وعدم وجود مخالفات بالعقار وذلك سيولد جدلا بين السكان والملاك.

وأشار الى أن مصر في حاجة الى بناء 400 ألف وحدة سكنية سنويا وبالتالي لن تكون هناك امكانية لبنائها وستظل الفجوة بين العرض والطلب موجودة في ظل ارتفاع اسعار الحديد والاسمنت ومواد البناء الأخرى، الأمر الذي سيجعل تكلفة الاستثمار عالية وقلة الربح.

وأكد انه لا توجد حتى الآن احصائية دقيقة حول عدد العمارات المخالفة الآيلة للسقوط وكل الموجود عبارة عن اجتهادات لذلك لا بد من نظام معلومات جغرافي يحدد العمارات التي حصلت على تراخيص وهل هي مطابقة أم لا وكذلك يرصد العمارات الشاغرة والمسكونة حتى يمكن اعداد خطة عمل لمستقبل الاستثمار العقاري وحل مشكلة الاسكان.